الاحد 23 جمادي الثانية 1447 
qodsna.ir qodsna.ir

“عملية تدمر” بداية
فشل المشروع الأمريكي

عبدالباري عطوان

كتب عبد الباري عطوان:

ان يقتل ثلاثة أمريكيين اثنان منهم من الجنود والثالث مترجم واصابة 3 آخرين، في مدينة تدمر الأثرية، فهذا فأل سيء جدا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وادارته ومبعوثه “العبقري” توم برّال، ناهيك عن الرئيس السوري المؤقت احمد الشرع وسلطته الذي كان يحتفل في الأيام القليلة الماضية في مناسبتين، الأولى مرور عام على سقوط النظام السابق، و”تحرير” سورية، والثانية رفع الكونغرس العقوبات الاقتصادية عن البلد (قانون قيصر).

من المفارقة ان هذا الوفد الأمريكي كان يشارك في لقاء “سري” في مدينة تدمر (محافظة حمص) ينعقد تحت عنوان “مكافحة الإرهاب” ولكن السبب الحقيقي هو إقامة العديد من القواعد العسكرية الامريكية في البادية السورية، وجاء هذا الهجوم بمثابة رسالة تحذير تقول مفرداتها ان هذا المخطط لن يمر، والقواعد لا مكان لها، سواء تلك القريبة على الأراضي العراقية، او الجديدة في سورية، وان أقيمت لن تكون آمنة.

اللافت ان منفذ الهجوم الذي أوقع هذا الرقم القياسي من الجنود الأمريكيين بين قتلى وجرحى، علاوة على رجل أمن سوري، كان رجلا واحدا فقط، وتم قتله.

الأمر المستبعد ان عملية الهجوم هذه التي جرى الاعداد لها بطريقة احترافية في الرصد والتخطيط ومن ثم التنفيذ ان تكون فردية، وتشير معظم الاحتمالات ان جهة او تنظيم يقف خلفها، الامر الذي يطرح سؤالا على درجة كبيرة من الأهمية حول هذه الجهة، ولماذا في هذا التوقيت.

***

أصابع الاتهام تتوجه في الوقت الحالي الى عدة جهات:

 

    الأولى: ان تكون الدولة الإسلامية تقف خلف هذا الهجوم باعتبارها متواجدة في هذه المنطقة، وسيطرت على مدينة تدمر اكثر من عامين قبل ان ينهي النظام السابق وجودها فيها، ويبعدها منها، وهو ما أعلنته القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط (سنتكوم) في وقت لاحق.

    الثانية: ان تكون المقاومة السورية الإسلامية الوطنية، او تلك التي تتكون من جنود ورجال أمن يتبعون للنظام السابق ويدينون بالولاء له، هي التي دشنت تحركاتها العسكرية الجديدة باستهداف رأس الافعى، أي القوات الامريكية، جنبا الى جنب مع نظيرتها الإسرائيلية التي هاجمتها في بيت جن، وسفوح جبل الشيخ، وقتلت العديد منها، لكن أمريكا لا تريد الاعتراف بوجودها.

    الثالثة: من غير المستبعد ان يكون أحد الفصائل التي كانت حليفة لهيئة تحرير الشام التي تزعمها ابو محمد الجولاني وانشقت عنه، هي التي نفذت العملية، وهناك تسريبات عديدة تشير الى هذا الاحتمال، ويقال ان المنفذ كان قريبا من الرئيس الشرع، وجرى نشر صورة له مشاركا في احد الاجتماعات التي ترأسها، ولكن هذه النظرية لم يتم تأكديها من أي مصدر موثوق رسمي او غير رسمي.

 

هجوم تدمر، وضخامة الخسائر الامريكية البشرية ومن ثم المعنوية فيه، تؤكد ان العام الثاني في سورية الجديدة، لن يكون مثل العام الأول على الاطلاق، وقد تقود هذه التطورات المتلاحقة، وتعدد الجبهات، والتنظيمات، والمقاومات، والتحالفات الى “سورية ثالثة” ولكن بهوية عربية إسلامية لا تكون جزءا من محور المقاومة فقط، وربما زعيمة له.

المخطط الأمريكي الداعم للمجازر وحروب الإبادة الإسرائيلية تلقى ضربة قوية لها معاني عديدة، أبرزها ان المشروع الأمريكي بات يخرج من فشل ليقع في آخر، بسبب جهل المستشارين والخبراء الذين يعتمد عليهم الرئيس ترامب، فلا تنحصر خبرتهم في السمسرة العقارية، او جاءوا الى السلطة بصلات عائلية صرفة، وانما لانهم لا يعرفون المنطقة العربية ولا تاريخها الممتد لعشرات الآلاف من السنوات، ونحمد الله على هذا الجهل.

***

أمريكا انهزمت في أفغانستان بسبب تعاظم خسائرها البشرية رغم تفوقها العسكري، وولاء معظم الجيوش التي أسستها وانفقت المليارات على تسليحها، لانه غير مرحب فيها في أي بقعة في العالم الإسلامي، ولهذا لم نفاجأ مطلقا عندما هتف بعض عناصر الجيش السوري “الجديد” بالنصر لقطاع غزة، و”طوفان الأقصى”، ولن نفاجأ اذا ما كان منفذ هذه العملية ضد الامريكان أحد الشباب السوريين الذين افاقوا من غيبوبتهم الناجمة عن الدعايات الامريكية الكاذبة التي تسوق لها بعض الفضائيات العربية.

هذه العملية، وايا كانت الجهة التي تقف خلفها تؤرخ لمرحلة جديدة ليس في سوريا فقط، وانما المنطقة بأسرها عنوانها الأبرز لا مكان لأمريكا وإسرائيل وكل عملائهم في المنطقة.. والأيام بيننا.


| رمز الموضوع: 411740







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)