كمائن خانيونس.. صدمات متتالية لوعي الكيان (الإسرائيلي)

في مشهدٍ يختصر ورطة الاحتلال في غزة، بثّت كتائب القسام العديد من المشاهد المصورة، التي فضحت سمعة "الجيش الذي لا يُقهر"، وأشعلت الرأي العام (الإسرائيلي)؛ وكان أبرزها مشهد مقاتل فلسطيني واحد يزرع عبوة في قمرة ناقلة جند وتشتعل المركبة بمن فيها، بينما جنرالات الاحتلال يلهثون لتبرير الفشل!.
الكمين المركّب قرب معن جنوب خانيونس لم يكن عملية عسكرية فحسب، بل فضيحة إعلامية وأمنية هزّت المؤسسة العسكرية من الداخل، وكشفت زيف الرواية الرسمية، حيث لا يزال صدى الكمين يتردد داخل الأوساط السياسية والعسكرية (الإسرائيلية)، خاصة بعد نشر مشاهد توثّق لحظة تفجير ناقلتي الجند، وسط ذهول من دقة العملية وسهولة وصول المقاتل إلى قلب الآلية دون كشفه.
وأسفرت العملية عن مقتل ضابط و6 جنود وإصابة عدد كبير من الجنود بعدما عجز الجيش عن إطفاء النار التي اشتعلت في الناقلة بعدما ألصق بها أحد المقاتلين عبوة ناسفة.
وقعت العملية في منطقة معن الخاضعة لسيطرة قوات الاحتلال، ومثلت صدمة في (إسرائيل) حيث وصف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ما حدث بأنه "يوم صعب"، ووصفه الرئيس إسحاق. هيرتسوغ إنه "يوم مؤلم".
مشاهد مخزية للجيش!
وسائل إعلام عبرية نقلت عن ضابط كبير في الجيش (الإسرائيلي) وصفه الكمين المركب الذي نفذه القسام، بالمشاهد "المخزية"، مشيرًا إلى أنها تُفقد الجيش هيبته ولا تعكس الرواية التي بثها سابقًا حول سير العمليات.
وأضافت نقلا عن ضابط في الجيش، أن التحقيق الذي جرى في هذه العملية أظهر فشلاً أمنياً، مشيرا إلى أن 4 حوادث مماثلة وقعت ضد الفرقة 36 -التي تعرضت للهجوم الأخير- خلال الشهر الماضي.
بدوره، قال رئيس الأركان (الإسرائيلي) إيال زامير، إن "المعركة لم تنتهِ بعد، ونحن أمام تحديات كبيرة"، مضيفاً أن على الجيش مواصلة العمل لتحقيق أهداف الحرب بإعادة الأسرى وتقويض سلطة "حماس".
كمائن القسام التي تضرب بها جيش الاحتلال تأتي في وقت حساس حيث تتصاعد الانتقادات داخل (إسرائيل) حول مستوى الحماية والهندسة القتالية في المناطق المشتعلة، بينما تضرب المقاومة في قلب ما يُفترض أنه عمق ناري آمن.
جنائز الجنود ستصبح حدثاً دائماً!
حديث أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام الذراع العسكري لـ"حماس"، أشعل الخلافات مجددًا داخل أروقة أجهزة أمن الاحتلال، بعد قوله "إن حكومة العدو (الإسرائيلي) تخدع جمهورها وتتجاهل الاعتراف بأنها تلقي بجنودها في وحل قطاع غزة من أجل أهداف سياسية وهمية".
وأكد أبو عبيدة في سلسلة تغريدات، مؤخرا، أن مقاتلي القسام يقدمون نماذج فريدة في البطولة والإقدام، وأن الكمائن الأخيرة "صور حية للتاريخ تثبت أن مجاهدينا أكثر مقاتلي الحرية شجاعة وفدائية في العصر الحديث". وتوعد المتحدث باسم القسام بأن "جنائز وجثث جنود العدو ستصبح حدثا دائما طالما استمر عدوان الاحتلال وحربه المجرمة ضد شعبنا".
وعمقت المشاهد التي بثتها القسام الشرخ في الثقة داخل الشارع (الإسرائيلي)، الذي بات يرى أن جنوده يُساقون للموت في عمليات لا تنجح في القضاء على "عدوٍ يتسلل من تحت الأرض، ويُفجّر من السماء، ويظهر من داخل الآلية نفسها".
ضربة معنوية لـ(الإسرائيليين)!
المختص في الشأن (الإسرائيلي) عادل شديد، يرى أن هذه العملية تمثل تحولًا مهمًا في مجريات الحرب، ليس فقط بسبب عدد القتلى، بل بسبب موقعهم العسكري، مشيرًا إلى أن مقتل 7 جنود دفعة واحدة وبكمين مُصور، كان له وقع مفجع ومؤلم (للإسرائيليين)، يفوق بكثير الأضرار التي خلفتها الصواريخ الإيرانية في "تل أبيب".
ويؤكد المختص شديد في حديث لـ"الرسالة"، أن هذه العملية أعادت فتح الجدل في المجتمع (الإسرائيلي) حول جدوى استمرار الحرب، خاصة في ظل ما يراه الجمهور فشلًا عسكريًا متكررًا، وتحول العملية برمتها إلى عبء من الناحية الاجتماعية والسياسية، بعد أن فقدت شرعيتها ولم تعد تحظى بإجماع داخلي كما كانت في بداياتها.
وبعكس ما تحاول (إسرائيل) تسويقه من تأثرها بمقتل المدنيين، يرى المختص شديد أن مقتل الجنود هو ما يهزّ المجتمع داخل الكيان الغاصب، كون الاحتلال يستغل مقتل المدنيين كأداة في حربها الإعلامية، لكن مقتل الجنود يفضح إخفاقها العسكري ويؤلم العائلات والمؤسسة العسكرية بشكل مباشر، ما يؤدي إلى توسيع فجوة الثقة بين الجيش والجبهة الداخلية.
ويلاحظ مراقبون تصاعدًا في حالة الغضب الإسرائيلي بعد بث مشاهد الكمائن، حيث عبّرت عائلات الجنود القتلى عن سخطها من "الإهمال الجسيم" و"تخلي القيادة عن أبنائهم"، وهو ما يعمّق من أزمة الجيش (الإسرائيلي) في الجبهة الداخلية، ويثير تساؤلات حول الجاهزية والأداء الميداني في غزة.
منذ السابع من أكتوبر، كرّست كتائب القسام نمطًا جديدًا من المواجهة يعتمد على المبادأة والكمائن المركبة والاشتباك من نقطة صفر، وكمائن خانيونس ليست سوى حلقة في سلسلة عمليات نوعية أربكت الاحتلال وكشفت ثغراته.
وبثّ مشاهد الكمائن لم يكن فقط عرضًا عسكريًا، بل رسالة استراتيجية إلى الداخل (الإسرائيلي) بأن المقاومة ما زالت تمتلك زمام المعركة، وأن الجنود الذين يرسَلون إلى غزة ليسوا سوى أهداف سهلة في ساحات قتال باتت المقاومة تسيطر عليها ذهنيًا وميدانيًا.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS