قرار ترامب بشأن القدس
وعلاقته بـ«صفقة القرن»

ان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ماهو إلا بداية لتنفيذ مبادرته المسماة بصفقة القرن، وهي الخطة التي يتم التخطيط لها منذ زمن طويل. 

ان صفقة القرن هي ذاتها  الخطة التي علي أساسها أن تصل مبادرة السلام العربية إلي نتيجة نهائية. ومن الواضح أن هذه المبادرة ستكون دون حضور الطرف الفلسطيني لأنه وكما جاء في تلك المبادرة، ستكون المفاوضات القائمة علي اساس مبادرة السلام هذه، بين إسرائيل و الدول العربية فقط.

لاشك أن قرار ترامب يأتي بدوافع كثيرة وهي أبعد بكثير من مجرد نقل السفارة الامريكية إلي مدينة القدس المحتلة، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لحزب الله اللبناني حيث قال أن هذا القرار ماهو إلا نسخه أمريكية لوعد بلفور المشؤوم.

وهنا لابد من الاشارة إلي ما كشف عنه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان عن خطة السعودية لتصفية القضية الفلسطينية، وذلك خلال لقائه بمراسل صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، «توماس فريدمان».

محمد بن سلمان وخلال تلك المقابلة عن فحوى ما يُسمى “المبادرة” السعودية للتسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وقالت وسائل اعلام الاسرائيلية نقلا عن الصحيفة الاميركية ان هذه المبادرة من إعداد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، مشيرة الى ان المبادرة تشمل اقامة دولة فلسطينية على مناطق غير مترابطة إقليمياً، في الضفة الغربية، مع بقاء المستوطنات الإسرائيلية فيها.

ووفقا للمبادرة السعودية، لن يتم اعادة اللاجئين الفلسطينيين للعيش بهذه الدولة، ولن تكون القدس عاصمة لهذه الدولة، بل ستكون قرية ابو ديس بالقدس هي عاصمتها.

توماس فريدمان يعتبر شخصا معروفا بالنسبة للأشخاص الذين يتابعون القضية الفلسطينية، وهم يعرفونه أكثر من وسيلة إعلامية. ان هذا الصحفي الامريكي هو نفس الشخص الذي نشر فحوي مبادرة السلام العربية منذ سنوات عديدة في مقابلة مع الملك السعودي عبد الله عندما كان وليا للعهد آنذاك .

بالاضافة إلي بعض المؤشرات و ايضا من خلال هذا الاشارة يمكن للمرء أن يحلل الدوافع وراء السلوكيات السياسية السعودية في المنطقة .

و بطبيعة الحال يعتبر هذا جزءا من القضية، ذلك لان الخطط الأمريكية و الدول العربية المتحالفة معها، تهدف للقضاء علي القضية الفلسطينية وجعلها طي النسيان.

بعبارة أخري ، ان الأمريكيين أنفسهم يعرفون بأن الظروف الحالية للمنطقة و محور المقاومة اختلفت كثيراٌ عن السنوات السابقة. في الظروف الراهنة يتغيرت موازين القوي لصالح هذا المحور حيث اصبح بامكانه أن يعيق تنفيذ المخططات الامريكية في المنطقة، فالمقاومة لم تعد في مرحلة رد الفعل إنما أصبحت  توجد في موقع بامكانها تغيير الاحداث بشكل كامل .

وهذا يعني أنه  عدم القدرة علي مواجهة مخططات الاعداء أصبحت من الماضي ، ودخلت الدول الإسلامية مرحلة جديدة دفعت العدو علي اتخاذ خطوات جديدة.

و تعتبر إنجازات المقاومة الميدانية و السياسية في سوريا و العراق و كذلك عودة الاستقرار و الهدوء في لبنان المترافقة مع العقلانية السياسية و الميدانية لحزب الله و أيضاٌ التقارب بين الجماعات الفلسطينية و الايمان العام بها و الإيمان العام بأن الإنتفاضة  هي الحل بدلاٌ من التفاوض ، لهي من أهم العقبات التي تقف في وجه تنفيذ هذه الخططات.  

لاشك أننا سنشاهد مرحلة جديدة من المقاومة والانتفاضة في الأراضي المحتلة، وستصبح هندسة المقاومة أكثرشمولا، لذا علينا أن ننتظر الانتفاضة الرابعة في فلسطين، الإنتفاضة التي ستكون ذات نطاق أوسع.

ولايبقي لنا إلا ان نقول بان العودة إلي الخلف و التخلي عن القضية الفلسطينية لن يكون له أي حجة و فقط خيار واحد سيبقي و هو فلسطين من النهر إلي البحر.

سيكون هناك خيار واحد فقط ألا وهو المقاومة ذات اللهوية الإسلامية و المستمرة.