الاربعاء 29 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

وعد بلفور.. خلاف حول أسبابه وتحمل مسؤولیة نتائجه

وعد بلفور.. خلاف حول أسبابه وتحمل مسؤولیة نتائجه

أصدر وزیر الخارجبة البریطانی جیمس آرثر بلفور یوم 2 نوفمبر/ تشرین الثانی 1917 تصریحا مکتوبا وجهه باسم الحکومة البریطانیة إلى اللورد لیونیل والتر روتشیلد (1868-1937)، یتعهد فیه بإنشاء "وطن قومی للشعب الیهودی فی فلسطین"، واشتهر التصریح باسم وعد بلفور.
وقد اختلفت التفسیرات والدوافع وراء هذا الوعد، فبلفور نفسه برره بأنه بدافع إنسانی، فی حین رأت فیه مصادر إسرائیلیة تاریخیة مکافأة للباحث حاییم وایزمان لخدمته بریطانیا باکتشافات علمیة أثناء الحرب العالمیة الأولى.
ویرفض باحثون عرب هذه التفسیرات استنادا إلى أحداث وقراءات تاریخیة مفادها أن بلفور "لم یکن یفکر فی مأساة الیهود الإنسانیة"، بل على العکس من ذلک فقد رفض التدخل لدى الروس لمنعهم من "اضطهاد الیهود". کما أن مساهمة الیهود فی دعم بریطانیا فی الحرب "کانت محدودة ومقتصرة على بعض الیهود غیر الصهاینة".
أما لوید جورج الذی أصدرت حکومته الوعد فقد برر القرار فی کتابه "الحقیقة حول معاهدات الصلح" بعدة عوامل منها ما یفید بأنه کان هناک سباق مع ألمانیا حول کسب الیهود إلى جانبهم.
ورأت بعض الصحف البریطانیة حینها فی وعد بلفور إیجادا لقاعدة صهیونیة فی فلسطین لحمایة مصالح بریطانیا فی المنطقة، فضلا عن مد نفوذها الإمبراطوری إلى هناک.
اما الرؤیة العربیة والإسلامیة فترى أنه کان هناک سعی صهیونی حثیث جعل الوعد جزءا من الحرکة الاستعماریة التی ربطت "الصهیونیة" بها لتحقیق أهدافها فی المنطقة، خاصة أنه أعقب الوعد بفترة قلیلة بدایة الاستعمار الفعلی لفلسطین، حیث أتم البریطانیون إخضاعهم لفلسطین ما بین عامی 1917 و1918، ورافق الوعد سیاستهم فی فلسطین منذ صدوره وحتى خروجهم منها.
فالوعد کان حاضرا فی مؤتمر سان ریمو (1920) الذی منح فیه الحلفاء بریطانیا حق الانتداب على فلسطین، وکان حاضرا فی عصبة الأمم التی صادقت فی یولیو/ تموز 1922 على صک إقرار الانتداب البریطانی، فالصک کان یتضمن فی مقدمته نص تصریح وعد بلفور مع تخویل لبریطانیا بتنفیذ الوعد.
کما کان الوعد حاضرا فی دستور فلسطین الذی أصدرته بریطانیا بعد أسبوعین من إقرار انتدابها أممیا، حیث ضمنت مقدمته نص تصریح وعد بلفور أیضا.
هذا کله أعطى الوعد قیمة قانونیة دولیة بغض النظر عن صحتها، وأصبح مرجعا فعالا للاعتراضات الیهودیة والصهیونیة لکل ما یعتقدون أنه یخالف نص هذا الوعد أو تفسیراته.
خاصة أن ردود فعل الدول الکبرى -المؤثرة- على الوعد حین صدوره کانت مفعمة بتأیید واضح لاستبدال الید العلیا العربیة فی فلسطین بالید العلیا للیهود، فوقتها أیدت الوعد فرنسا وإیطالیا وأمیرکا بطریقة تسمح للبعض بالقول إن وعد بلفور کان وعدا غربیا ولیس بریطانیا فحسب، أو أنه تأیید یرقى إلى منزلة "الوعد"، خاصة من أمیرکا التی تشارکت النفوذ البریطانی فی فلسطین فی مراحل لاحقة قبل أن ترثه.
فالکونغرس الأمیرکی أصدر عام 1922 قرارا أید فیه وعد بلفور بإقامة وطن قومی للشعب الیهودی فی فلسطین، وقد تقدمت هذه السیاسة مع تزاید النفوذ الأمیرکی فی المنطقة حتى أصبح تعهدا إستراتیجیا أمیرکیا برعایة إسرائیل وحمایتها.
وقد مرت تسعون عاما على وعد بلفور ولا تزال له أهمیته، لأن ما سمی "بالوطن الیهودی" فی هذا "الوعد" لا یزال یتمدد ویأکل من وطن کان للفلسطینیین -وفیه مقدسات للمسلمین- وتسبب فی تشرید الملایین فضلا عمن قتل.
وعند کل ذکرى سنویة لوعد بلفور أصبح من العادة أن یطالب کتاب ومثقفون عرب من بریطانیا الاعتذار عن هذا الوعد جراء ما تسببه لشعوب المنطقة، خاصة بعد وضوح أسبابه الاستعماریة غیر النبیلة کما یرون.
ویبقى التساؤل عما إذا کانت الدول العربیة أو الإسلامیة ستتبنى هذا الطرح مع مرور الذکرى التسعین للوعد، وعما إذا کانت المطالبة ستشمل کل من أیده أم بعضهم؟
ن/25


| رمز الموضوع: 142723







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. الفصائل الفلسطينية: نرفض أي وصاية على معبر رفح ونعتبرها احتلالا
  2. مؤتمر الوحدة الاسلامية في بغداد: نؤكد تأييدنا المطلق لعمليات "الوعد الصادق" ردا على اعتداءات الكيان الصهيوني
  3. تظاهرات حاشدة امام مقر الحكومة البريطانية تندد بالعدوان الصهيوني على رفح
  4. الرئيس الإيراني: المنتصر في الميدان هو الشعب الفلسطيني المقاوم
  5. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفا حيويا في مدينة أم الرشراش
  6. حمدان: الكرة باتت في ملعب إسرائيل والإدارة الأميركية / العملية العسكرية في رفح لن تكون نزهة لجيش الاحتلال
  7. ايران تدعو الى تشكيل تحالف عالمي من النخب الجامعية للمساعدة في احقاق حقوق الشعب الفلسطيني
  8. هنية والنّخالة يستعرضان الإجراءات المطلوبة لضمان تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار
  9. الخارجية الإيرانية: الهجوم الصهيوني على رفح يكشف الطبيعة الوحشية لكيان مارق لا يلتزم بالاعراف الدولية
  10. الصحة بغزة: آلاف الضحايا ما يزالون تحت الركام
  11. تفاصيل النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  12. المقاومة الاسلامية في العراق تستهدف قاعدتي "يوهنتن" و"ياردن" في الأراضي المحتلة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)