مخططات "إسرائيلية" تعيد هندسة الضفة وتحولها إلى أكثر من 200 منطقة معزولة
حذّر الخبير في الشأن الفلسطيني فراس القواسمي من تسارع غير مسبوق في المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى إعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا في الضفة الغربية، مؤكدًا أن تنفيذها الكامل سيحوّل التجمعات الفلسطينية إلى أكثر من 200 منطقة معزولة بلا أي تواصل جغرافي، ما ينسف عمليًا إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
تفاصيل: https://shehabnews.com/p/147846
وأوضح القواسمي أن هذه السياسات تقوم على مشروع مزدوج يتمثل في فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، إلى جانب عزل القدس الشرقية بالكامل عن محيطها الفلسطيني، عبر حزمة متكاملة من التوسعات الاستيطانية وشق الطرق الالتفافية وفرض وقائع ميدانية جديدة. وتأتي هذه التحذيرات في أعقاب إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بدء تنفيذ مشروع استيطاني جديد يشمل بناء 1200 وحدة استيطانية في مستوطنة بيت إيل شمالي مدينة رام الله، في خطوة وصفها مراقبون بأنها امتداد مباشر لمخططات توسعية متسارعة في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء الإعلان خلال زيارة ميدانية لكاتس إلى المستوطنة، حيث أكد استمرار البناء الاستيطاني بوتيرة متصاعدة، إلى جانب العمل على إقامة بؤر استيطانية إضافية ضمن ما يُعرف بمشروع “نحال”، بالتوازي مع خطط لإعادة إنشاء مستوطنات ومعسكرات عسكرية في شمال الضفة.
وبيّن القواسمي أن مشروعي “E1” و“القدس الكبرى” يمثلان الركيزة الأهم في هذه الاستراتيجية، إذ لا يقتصران على السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، بل يهدفان إلى إنشاء ممر استيطاني يربط الساحل الفلسطيني بالأغوار والبحر الميت، بما يعزز السيطرة الإسرائيلية الكاملة على وسط الضفة. وبحسب المعطيات، تتضمن هذه الخطط بناء نحو 4 آلاف وحدة استيطانية و10 منشآت فندقية، في إطار مسعى لإحداث تغيير ديمغرافي واسع، عبر ضم نحو 150 ألف مستوطن إلى حدود القدس، مقابل عزل ما يقارب 160 ألف فلسطيني خلف الجدار الفاصل، إضافة إلى تعريض آلاف الفلسطينيين من التجمعات البدوية لخطر التهجير القسري وهدم المنازل.
وأشار إلى أن الاستيطان في الضفة الغربية لم يعد مقتصرًا على بؤر صغيرة، بل بات يتمركز داخل كتل استيطانية كبرى تعمل كمدن متكاملة إداريًا وبنيويًا، أبرزها: أريئيل، موديعين عيليت، جفعات زئيف، ومعاليه أدوميم، وهي كتل تستحوذ على نحو ربع عدد المستوطنين في الضفة. وأضاف أن كتلًا مثل “غوش عتصيون” التي تمتد حتى الخليل وتضم نحو 80 ألف مستوطن، و“معاليه أدوميم” التي يقطنها قرابة 50 ألفًا، و“أريئيل” التي تضم أكثر من 22 ألف مستوطن، تخلق واقعًا ميدانيًا يقطع أوصال الضفة الغربية ويقوض أي حل سياسي مستقبلي. وعلى المستوى الميداني، أظهرت الخرائط شبكة طرق التفافية يصل طولها إلى نحو ألف كيلومتر، تُستخدم لربط المستوطنات ببعضها، وفي المقابل تعمل على تمزيق الامتداد الجغرافي الفلسطيني، ما أدى إلى تحويل الضفة الغربية إلى ما يقارب 235 كانتونًا معزولًا يفتقر إلى أي تواصل جغرافي أو ديمغرافي. وأكد القواسمي أن هذا الواقع يفرض منظومة سياسية وأمنية جديدة يصعب تغييرها عبر المفاوضات التقليدية، في ظل تسارع فرض الوقائع على الأرض.
المصدر: الجزيرة