أبو شريف يرفض الاعتراف بـ"إسرائيل"ويحذر من سرقة كبيرة!
أكد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في طهران، ناصر أبو شريف، إن استقلال فلسطين حق طبيعي وتاريخي للشعب الفلسطيني، مشدداً على ضرورة الربط بين هذا الحق والمقاومة. وأضاف أن القضية الفلسطينية ليست فقط إنسانية بل سياسية، وأن الفلسطينيون يواجهون الاحتلال والحصار والتجزئة، مؤكداً أن المناسبات الوطنية تعتبر منصة لتجديد الهوية والضغط على المجتمع الدولي لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال ممثّل حركة الجهاد الإسلامي في طهران، السيّد ناصر أبو شريف، خلال استضافته في برنامج "صباح جديد"، الذي يبث عبر شاشة قناة العالم الإخبارية: "يجب أن نؤكّد أن استقلال فلسطين هو حقّنا الطبيعي والمشروع والتاريخي. نحن أبناء فلسطين، نحن أبناء الشعب الفلسطيني… نحن التاريخ، ونحن المقاومة. وبالتالي، حقّنا مكفول في الكرامة والاستقلال وحق تقرير المصير".
وتابع: "سبقت إعلان وثيقة استقلال فلسطين عام 1988 عشراتُ قرارات الأمم المتحدة التي أكدت حقّنا في الاستقلال وتقرير المصير، وهو حق مشروع لكل شعبٍ يعيش تحت الاحتلال. وعلى الأقل، هذه المؤسسات الدولية تعترف بأن أراضي عام 1967 أراضٍ محتلة، وبالتالي فإن حقّنا في التحرر ثابت عالمياً."
وأضاف أبو شريف أنه "حديثاً، أشارت معظم المحاكم الدولية إلى هذا الموضوع، وهذا يشكّل أساساً قانونيًا. حتى قرار التقسيم نصّ في النهاية على قيام دولتين: دولة عربية ودولة يهودية، وهذا أساس سياسي يعترف فعليًا بوجود دولة فلسطينية".
وأكد قائلا: "نحن كشعب فلسطيني نؤمن أن كل فلسطين من بحرها إلى نهرها ملكٌ لشعبها، وأن هذا اليهودي أو الصهيوني طارئ على هذه الأرض، مجرد مستعمِر جاء إليها بدعم مشاريع استعمارية كبرى، من خلال الدول الكبرى آنذاك بريطانيا وفرنسا، ثم تحت حماية أمريكا وحتى الاتحاد السوفيتي لاحقاً".
وقال أبو شريف: "حقّنا القانوني موجود، وحقّنا في الواقع ثابت. نحن كشعب ليست مشكلتنا إنسانية فقط في فلسطين المحتلة؛ فنحن لا نعاني فقط من مشكلات إنسانية أو من الأبارتهايد والتمييز العنصري، بل نحن شعبٌ له جذور، ومن حقّنا الاستقلال والتحرر والعيش في دولة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
وأوضح أن "الانتفاضة الأولى شكّلت ثورة كبيرة للشعب الفلسطيني، ووصل صداها إلى العالم كله بلا استثناء. وكما نرى اليوم بعد السابع من أكتوبر كيف عادت القضية الفلسطينية لتتصدر العناوين، كذلك في عام 1988 كانت فلسطين في صدارة الأخبار. لأول مرة التفت العالم إلى أن هناك شعباً تحت الاحتلال، وأن هناك دولة محتلة تمارس كل أشكال القمع والغصب ضد هذا الشعب. وأصبحت كلمة الانتفاضة كلمة عالمية. في هذا الظرف جاء إعلان الاستقلال في الجزائر".
وأشار أبو شريف: "من الناحية السياسية، يُعد إعلان الاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية تثبيتًا لشرعية الشعب الفلسطيني، وفرصةً لتذكير العالم بأننا شعب تحت الاحتلال، ومن حقنا الاستقلال، وأن على العالم أن يقف معنا في هذا الحق. وفي هذا اليوم، يجب الربط بين الاستقلال والمقاومة؛ فلا يمكن أن يكون هناك استقلال بلا مقاومة، وأقصد بالمقاومة كل أشكالها: الشعبية، السياسية، الدعائية، الإعلامية… كل أشكال المقاومة يجب أن تكون حاضرة في ساحة النضال من أجل الاستقلال، وليس الاعتماد على الولايات المتحدة أو غيرها لتحقيق الاستقلال؛ فهذا غير ممكن."
وتابع: "وفي هذا اليوم أيضًا، نشير إلى الكيان الصهيوني، الذي بات العالم يدرك حقيقته، وسرديته باتت مضروبة. فهو في النهاية مجرد مستعمر طارئ على هذه الأرض، وسرديته الأخلاقية أيضًا سقطت، وقد ثبت ذلك في المعركة الأخيرة من خلال الإبادة الجماعية، وممارسات الفصل العنصري، والاعتداءات اليومية، والحصار، وغيرها. نحن أمام موضوع أخلاقي كبير، وفي المقابل، باتت السردية الفلسطينية أكثر قوة وتماسكاً".
وأكد أبو شريف أنه: "لا يمكن أن يكون هناك سلامٌ حقيقي دون تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني. لا يمكن الحديث عن سلامٍ مزعوم بينما نعيش واقعًا يراه العالم بأكمله: نحن تحت احتلال، ونُقتل يوميًا في قطاع غزة. سنتان من الإبادة الجماعية شاهدها العالم كله على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل. وفي الضفة الغربية، نعيش ظروفًا أسوأ بكثير: استيطان، سرقة للمياه، سرقة للآثار، وسرقة لكل ما يخصّ الشعب الفلسطيني. وبالتالي، كما ذكرتُ، هذه فرصة لتوجيه الأنظار إلى هذه الحقيقة. وثيقة الاستقلال هي تنبيه للعالم بأن هناك شعبًا حقيقيًا، وأن قضيته ليست فقط قضية إنسانية، بل قضية سياسية يجب أن يلتفت إليها العالم".
وأشارإلى أنه "اليوم، هناك 157 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، لكن على أرض الواقع، الشعب الفلسطيني ما يزال تحت الاحتلال، تحت الحصار، وتحت تجزئة غير مسبوقة: غزة مقسّمة إلى عدة أقسام، الضفة الغربية مقسّمة إلى ألف الأقسام، القدس مجزّأة، أما الداخل الفلسطيني أيضا، وكذلك الشتات في لبنان وسوريا والأردن وفي أنحاء العالم، فكله يعاني من التشتت والضغوط. ولذلك، يبقى هذا اليوم منصةً للمرافعة الأخلاقية والسياسية والإنسانية عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة عالمٍ ظالم، ليس فقط على مستوى المنظومة الدولية، بل على مستوى الدول أيضًا. فمثلًا، عندما تعترف بريطانيا وفرنسا ودول أخرى بالدولة الفلسطينية، بل حتى الحزب الديمقراطي في أمريكا يعترف بذلك، نسأل في النهاية: أين هي الدولة الفلسطينية فعليًا؟ أين حلّ الدولتين؟ نحن أيضًا نستنكر هذا؛ لأن فيه سرقة لجزء كبير من أرضنا وتاريخنا على يد الكيان الصهيوني".
ولفت أبو شريف إلى أنه "لا يوجد أي وجود فعلي لدولة فلسطينية على أرض الواقع. نحن شعب تحت احتلال. السلطة الفلسطينية، عندما نشأت عام 1993، كانت مجرد سلطة إدارية لإدارة شؤون السكان، لا تمتلك سيادة حقيقية ولا حدودًا ولا مقومات دولة. هناك قضايا كثيرة مرتبطة بحق العودة، واللاجئين، والحدود، وغيرها… وبالتأكيد، حق العودة يعني عمليًا إنهاء وجود هذا الكيان الصهيوني، ولذلك يحاربه الكيان بكل الوسائل والإمكانات. يريدون الضغط على الشعب الفلسطيني لمنعه من التمسك بهذا الحق".
وقال: "نحن لدينا هوية جامعة هيالهوية الفلسطينية. ورغم كل محاولات طمسها وتذويبها، سواء من خلال ما يجري في الداخل أو في بلدان كثيرة، أو عبر العولمة، ظل الشعب الفلسطيني يظهر كشعب موحّد في المواجهة والنضال والمقاومة. رأينا وحدة الشعب الفلسطيني، وحتى تأثر الكثير من شعوب العالم بهذه القضية. هناك تغيّرات حقيقية يشهدها العالم اليوم. في أمريكا مثلًا، في استطلاع رأي أجري في جامعة هارفارد/مؤسسة هاريس في الشهر الماضي، سُئل: "هل تؤيد حماس أم ‘إسرائيل’؟" فأجاب 60% من الفئة العمرية 18–24 عامًا بأنهم يؤيدون حماس ولا يؤيدون كيان الاحتلال الإٍسرائيلي. وهناك الآن من يؤيد الشعب الفلسطيني بشكل كامل داخل أمريكا، أصبح 35% من الأمريكيين يؤيدون الشعب الفلسطيني، مقابل 34% لصالح الكيان الصهيوني (وفي بعض الاستطلاعات 32%). وهذا يعكس تحوّلًا مهمًا في الرأي العام".
وأشار أبو شريف إلى أن "هذه التحوّلات أنتجت ضغوطًا سياسية، وكان من نتائجها اعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية، كما حدث في فرنسا والنرويج وغيرها. هذه نتائج ضغط الشارع وصندوق الاقتراع، لكننا نأمل أن تتحوّل هذه الاعترافات إلى واقع حقيقي، وإلى فرض هذه الدولة على هذا الكيان الغاصب، الذي يعتبر عدوا حقيقيا للسلام، فهو يرفض حلّ الدولتين، ويرفض قيام دولة فلسطينية، ويخلق وقائع على الأرض تمنع أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية".
وأكد أن "الشعب الفلسطيني موحّد تجاه العدو. بالحد الأدنى، نحن نتحدث عن 96% من الشعب الفلسطيني منسجم ومتفق على مواجهة الاحتلال مواجهة شاملة وبكل الوسائل. أما على مستوى الفصائل والآراء السياسية، فبالتأكيد هناك اختلافات. هذه المناسبة يمكن أن تكون جسرًا للوحدة، ويمكن أيضًا أن تكون مرآةً للانقسام القائم، خصوصًا بين الفصائل. وأنا في حركة الجهاد الإسلامي أحمل مسؤولية كبيرة للسلطة الفلسطينية ورئيس السلطة، الذي دمّر المؤسسات الفلسطينية الجامعة الكبرى، وخصوصًا منظمة التحرير، لصالح مشروع السلطة الفلسطينية، ولصالح شخصيات – للأسف الشديد – لا ترقى إلى مثل هذا المستوى".
وتابع أبو شريف قائلا: "كان بالإمكان، وما يزال، أن تكون هذه المناسبة وغيرها فرصةً للجلسات المشتركة، ولبلورة موقفٍ موحد، يقوم على برنامج سياسي ونضالي مشترك، على الأقل في القواسم المشتركة بين الفصائل، وهي: تحقيق الحرية، والاستقلال، والكرامة، وتوحيد الشعب الفلسطيني تحت هوية واحدة. نحن متفقون على هذه المبادئ، وإن اختلفنا في التفاصيل المتعلقة بحدود الدولة الفلسطينية، أو الاعتراف بالكيان الصهيوني".
وأضاف: "نحن في حركات المقاومة الإسلامية لا نعترف بهذا الكيان، ولسنا مضطرين للاعتراف به، خاصة أنه لا يعترف حتى بوجود الشعب الفلسطيني، رغم مواجهته له منذ أكثر من 107 عامًا."