الاثنين 12 جمادي الاولي 1447 
qodsna.ir qodsna.ir

مسرحية ترمب واتفاق غزة.. عندما يكون ترامب ضامناً ونتنياهو طرفاً

في مقابلة مع صحيفة "آي بيبر" البريطانية وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، خطة السلام الخاصة بقطاع غزة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها اسوأ إهانة رأتها في حياتها.

وصف البانيزي هذا لم يأتِ من فراغ، لأنها ترى أنه "لا يمكن بناء اتفاق سلام على انتهاك القانون الدولي"، فهي لا تثق "بالأشخاص المسؤولين عن هذه العملية". فالكيان الإسرائيلي ببساطة يريد طرد الفلسطينيين في غزة، وهذا الموقف كان واضحًا منذ سنوات.

 

واعتبرت أن وصف الاتفاق بأنه "وقف لإطلاق النار" مضلل، لأن ما يجري في غزة ليس حربًا بين دولتين أو جيشين، بل اعتداء مستمرًا على شعب محتَل يعيش في عزلة منذ عام 1948، مؤكدة أن ما يحدث في القطاع يندرج في إطار منظومة استعمارية قائمة على القمع والتمييز.

 

وأضافت المقررة الأممية أن "من غير المعقول أن تُمنح دولة متهمة أمام محكمتين دوليتين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية صلاحية تقرير مستقبل الفلسطينيين"، معتبرة أن ذلك يمثل تجاوزًا خطيرًا لكل القواعد القانونية والإنسانية.

 

المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ العاشر من أكتوبر الحالي، اليوم الذي أعلن فيه ترامب وقف إطلاق النار في غزة، وخاصة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أكدت بشكل لا لبس فيه صوابية تحليل وموقف البانيزي من اتفاق ترامب لوقف إطلاق النار في غزة. فمن سخرية الأقدار أن يكون ترامب، الشخص الذي تفوح منه رائحة البارود عند الحديث عن أي قضية دولية حساسة – بدءًا من إيران ولبنان والعراق وسوريا، مرورًا بغزة والصين وفنزويلا، وانتهاء بكندا والدنمارك وروسيا – رجل سلام في غزة، بينما يكون نتنياهو، مجرم الحرب والمطلوب للعدالة الدولية، طرفًا في اتفاق السلام الذي يسهر على تطبيقه ترامب!

 

خلال الساعات الماضية فقط، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بأمر مباشر من نتنياهو، 104 شهداء، أكثر من 40 منهم من الأطفال، بذريعة أن حماس لم تسلم باقي جثث المستوطنين التي دفنت تحت أنقاض البيوت التي هدمها جيش الاحتلال في غزة، أو بذريعة تعرض قوات الاحتلال في رفح جنوب غزة لإطلاق نار، وهو ما لم تعترف به المقاومة.

إقرأ أيضاً..استشهاد صحفي وزوجته بقصف الاحتلال وسط غزة

 

اللافت بعد هذه المجزرة المروعة، ومن جانب واحد أيضًا، أن نتنياهو أعلن وقف إطلاق النار مرة أخرى! وكان من المفترض أن يكون ترامب هو حارس الاتفاق الذي لم يحترمه نتنياهو منذ توقيعه، حيث خرق الكيان الإسرائيلي الاتفاق أكثر من 125 مرة، بما في ذلك تسجيل 52 عملية إطلاق نار استهدفت المدنيين مباشرة، و9 عمليات توغل داخل الأحياء السكنية متجاوزًا ما يُعرف بالخط الأصفر، وهو خط الانسحاب الأول المنصوص عليه في خطة ترامب ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق.

 

الفلسطينيون، كالمستجير من الرمضاء بالنار، طالبت حماس الوسطاء، وفي مقدمتهم أمريكا، بالتدخل لوقف المجازر وانتهاك الاتفاق، فجاء الرد سريعًا، وهو أن إسرائيل نسقت مع أمريكا أثناء ارتكاب مجازرها. بل إن عراب الاتفاق نفسه، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برر اليوم مجزرة نتنياهو قائلاً إنه كان يجب على إسرائيل الرد، وكرر وزير الخارجية الأمريكي هذا الموقف مؤكدًا حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها.

 

يتفق أغلب المراقبين على أن الموقف الأميركي هو الذي يحدد خطوات الكيان الإسرائيلي، رغم أن أمريكا تعلم جيدًا أن جميع الأطراف في الكيان لا تريد الالتزام بالاتفاق، وتبحث عن ذرائع لاستئناف الحرب، وكل ما يقال عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها ليس سوى ذر للرماد في العيون.

 

كما يتفق الخبراء على أنه لم يعد منطقيًا التعويل على أمريكا لوقف الحرب، لأنها منحازة لإسرائيل ودعمت الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال، ولا تتخذ موقفًا من هذه الخروقات الكبيرة، بل تبررها. ويبدو أنها ستواصل تبرير كل ما ستقوم به إسرائيل من خروقات وقتل وتدمير في ظل سريان الاتفاق، فهي لم تلجأ إلى الاتفاق لوقف الحرب، بل لتحسين صورة الكيان الإسرائيلي وتخفيف عزلته الدولية، ومنحه الحق في مواصلة العدوان بطريقة مختلفة.

 

نقول كما قالت البانيزي: إن اتفاق سلام ترامب ونتنياهو هو أسوأ إهانة رأيناها، فليس هناك من يثق بالرجلين مطلقًا، والاتفاق فضفاض ولم يدرج فيه أي خطوط حمراء لإسرائيل سوى إطلاق سراح الأسرى، وكان ذلك ضرورة ملحة لإنقاذ الكيان من ورطته، فلا هو قادر على استعادة الأسرى بالقوة، ولا أمريكا قادرة على وقف الغضب الذي ساد العالم ضد الحليفين المنبوذين، ترامب ونتنياهو. فكان لابد من تخريجة تنقذ الرجلين أمام الرأي العام العالمي. وإلا ماذا نسمي هذا الاتفاق الذي يعطي صلاحية وقف إطلاق النار بيد طرف في صراع يمكنه في أي لحظة انتهاكه ثم العودة إليه، ولا يوجد طرف ثالث يضع حدودًا له أو ينتقده؟ بل على العكس، نرى الطرف الضامن، أمريكا، يبرر انتهاكات هذا الطرف بكل وقاحة وعنجهية، ويعتبرها دفاعًا عن النفس، ولا يعلم أحد – كما لا يعلم غيرنا – الدفاع أمام من؟ إذا كانت حماس فقد التزمت بالاتفاق، وبشهادة حتى الأمريكيين أنفسهم، ولكن هذا هو ما يحدث عادة عندما يكون ترامب ضامنًا للاتفاق ونتنياهو طرفًا فيه.


| رمز الموضوع: 410216







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. دراسة تحذر: "إسرائيل" قد تجد نفسها بلا كهرباء في مواقع حيوية خلال الحروب
  2. في ذكرى "وعد بلفور".. الفصائل الفلسطينية تؤكد تمسكها بالمقاومة حتى تحرير الأرض
  3. السفير اليمني في طهرا لـ«قدسنا»: يد اليمن على الزناد دائمًا وجاهزون لخوض معركة جديدة ضد الكيان الصهيوني
  4. لاريجاني: لا نقول إننا لن نتفاوض لكن يجب أن تكون المفاوضات حقيقية
  5. مقررة اممية: هجوم إسرائيل واميركا على إيران انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة
  6. ولايتي: ترامب لا يسعى للسلام في غزة بل يطارد أموال الدول الإسلامية
  7. الشيخ قاسم: على الحكومة دعم الجيش في التصدي.. وأي اتفاق جديد يعني تبرئة الاحتلال
  8. لبنان: شهيد في غارة اسرائيلية استهدفت دراجة نارية في النبطية جنوبيّ البلاد
  9. الإعلام الحكومي : ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين لـ 256 بعد ارتقاء الصحفي المنيراوي
  10. ألبانيزي تهاجم خطة ترامب لغزة.. أسوأ إهانة رأيتها في حياتي
  11. عشرات الشهداء بتواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة
  12. بعد حصار واشتباكات وقصف جوي.. استشهاد 3 فلسطينيين بنيران الاحتلال في جنين
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)