qodsna.ir qodsna.ir
قلبت الموازين وفتحت ملف الهزيمة الإسرائيلية ..

سلاح المقاومة الفتَّاك في غزَّة... تفاصيل 24 كمينًا كلَّفت الاحتلال ثمنًا باهظًا

بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحتفل بما وصفه بـ"الانتصار الكبير" ضد إيران، جاء الرد من غزة مدوياً: سبعة جنود إسرائيليين لقوا حتفهم في كمين محكم نفذته المقاومة الفلسطينية في خان يونس، ما فجر موجة غضب إسرائيلية عارمة ودفع كثيرين للمطالبة بوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 620 يوماً.

بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحتفل بما وصفه بـ"الانتصار الكبير" ضد إيران، جاء الرد من غزة مدوياً: سبعة جنود إسرائيليين لقوا حتفهم في كمين محكم نفذته المقاومة الفلسطينية في خان يونس، ما فجر موجة غضب إسرائيلية عارمة ودفع كثيرين للمطالبة بوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 620 يوماً.

 

 تفاصيل الكمين

 

 الكمين وقع في منطقة جورت اللوت جنوب غرب خان يونس، حيث اقترب مقاوم فلسطيني من ناقلة جند إسرائيلية قديمة من طراز "بوما" وفجر عبوة ناسفة من نوع "شواظ" داخل قمرة القيادة، مما تسبب في احتراقها بالكامل.

 جميع الجنود السبعة الذين كانوا على متنها لقوا مصرعهم، رغم محاولات الإنقاذ الفاشلة. كشفت الحادثة عن اعتماد الجيش الإسرائيلي على مركبات قديمة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، في ظل عجز عن توفير ناقلات "نمر" الحديثة لجميع القوات.

 

وأكدت أوساط عسكرية أن الكمين يمثل ضربة قاسية، وسط ضعف حماية تلك المركبات في بيئة معقدة مليئة بالعبوات والأنفاق.

 

 الخسائر ودلالة التوقيت

 

 تتواصل الخسائر الفادحة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث كشفت الكمائن التي نفذتها المقاومة الفلسطينية منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 عن سقوط 879 جندياً، مع تدمير أو تعرض ناقلات الجند المدرعة لحروق وأضرار جسيمة.

 وفي غالبية الحالات، تمكن الجنود من الفرار قبل أن يتعرضوا لإصابات خطيرة، إلا أن الهجمات المضادة لا تزال تؤكد هشاشة الآليات العسكرية الإسرائيلية في مواجهة تكتيكات المقاومة. وقد وقع الكمين الأخير خلال هجوم شنّه الجيش الإسرائيلي في خان يونس خلال اليومين الماضيين، بهدف تدمير المباني وكشف أنفاق المقاومة.

 هذا التوقيت تزامن مع انسحاب قوات كبيرة من غزة على مدار الأسبوعين الماضيين، حيث تم نقلها لتعزيز العمليات في مناطق أخرى مثل الضفة الغربية والحدود الشمالية، التي شهدت تصعيداً في الاشتباكات مع المقاومين الفلسطينيين.

آفي أشكنازي، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف"، وصف الوضع بأنه فشل ذريع في إدارة الحرب في غزة بعد أكثر من 620 يوماً من القتال، قائلا: "لا توجد أهداف واضحة، والجيش غير مستعد لحرب طويلة الأمد، وإسرائيل تغرق في مستنقع غزة بدلاً من تحقيق النصر."

في الأشهر الأخيرة، تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، إذ فقد عشرين جندياً خلال شهر واحد في غزة فقط، رغم إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن "النصر الكامل" في يناير 2024، وهو شعار بات اليوم بلا أساس واقعي.

 

 الجيش، الذي فوجئ بهجوم 7 أكتوبر، لم يكن مجهزاً جيداً لخوض حرب استنزاف طويلة أمام قدرات حماس المتطورة وأنفاقها المحصنة، والتي يحظى سكان غزة بدعمها. المعارك الدائرة في غزة شهدت احتلال الجيش لأجزاء من المدينة عدة مرات، لكنه يعاني من تآكل كبير في معداته وقواته. فعلى سبيل المثال، لا يزال القتال مستمراً في جباليا للمرة الرابعة، وخانيونس للمرة الثانية، ورفح للمرة الثانية والثالثة، مع تقليص عدد الفرق العسكرية من خمس إلى أربع بسبب انشغال الجيش في جبهات أخرى.

 

 وفي الأيام المقبلة، سيصل جنود احتياط لمواصلة جولات القتال، وسط نقص حاد في المعدات والكتائب الهندسية، مما يزيد من هشاشة الموقف الميداني. هذا الوضع أدى إلى صدور تقييمات سلبية من هيئة أركان الجيش وتحذيرات من بطء وتيرة القتال، الأمر الذي يصب في مصلحة المقاومة التي تستغل هذا التباطؤ لاستنزاف القوات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، أدى تعدد جبهات القتال بسبب الحرب مع إيران إلى تشتيت جهود الجيش بين عدة ساحات: غزة، لبنان، سوريا، الضفة الغربية، حدود الأردن، اليمن، والعراق، ما أثر سلباً على القدرة القتالية في القطاع، ونقل بعض القوات منه إلى مناطق أخرى. وفي ميدان القتال، اعترف ضباط كبار أن الوضع العسكري يخدم حماس، مع استمرار محاولات المقاومة لاستهداف الجنود من خلال العبوات الناسفة المرتبطة بالمركبات، واستخدام الصواريخ المضادة للدبابات، وعمليات القنص المتكررة.

 

كما يزداد استخدام العبوات الناسفة في غزة، مستغلة البنية التحتية تحت الأرض والمباني المدمرة كغطاء للتحرك والهجوم. تزامن الكمين الأخير مع مناورات الفرقة 36 في خانيونس، ضمن عملية "عربات غدعون"، التي تهدف إلى استنزاف المقاومة وإجبارها على التراجع، لكن كتائب القسام لا تخفي تحديها المستمر للجيش في هذه المنطقة.

 

 ردود الفعل في إسرائيل

 

 جاءت ردود الفعل منقسمة ما بين الحزن والغضب والتساؤل عن جدوى استمرار القتال: وزير الجيش كاتس أقر بصعوبة الأوضاع. عائلات القتلى عبرت عن سخطها الشديد إزاء إرسال أبنائها بمركبات متهالكة. نواب في الكنيست طالبوا بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل لإعادة الأسرى.

 

تحولات في الرأي العام الحادثة دفعت بمجلس "نير عوز"، الذي يقطن فيه بعض الجنود القتلى، إلى دعوة الحكومة لوقف الحرب، وإعادة المختطفين، معتبرين أن استمرار القتال لن يجلب النصر بل مزيداً من الفقدان والصدمة.

 الجيش في مأزق ميداني واستراتيجي

 

الجيش الذي يحتفظ بقدرات تكنولوجية متقدمة فشل في الحسم في غزة، التي باتت تمثل "مستنقعاً دامياً"، كما وصفها محللون عسكريون. ويعاني من تراجع الجهوزية، وتناقص عدد الكتائب، واستهلاك مفرط لقوات الاحتياط، ما يجعله عاجزاً عن السيطرة المستمرة على المناطق التي يقتحمها. الكمين الذي أدى إلى مقتل سبعة جنود أعاد فتح ملف "فشل إسرائيل في غزة"، وسلط الضوء على عمق مأزقها العسكري، وكلفة حرب طويلة الأمد لا أفق لنهايتها. ومع تصاعد الخسائر البشرية، وانخفاض الروح المعنوية، يتزايد الضغط السياسي والاجتماعي لإنهاء الحرب وإعادة تقييم أهدافها.

"كمائن المقاومة في غزة بين 2023-2025: تحوّل تكتيكي في معادلة الحرب"

 

شهدت سنوات العدوان على غزة تصعيداً غير مسبوق في تكتيكات المقاومة، تجلى في سلسلة من الكمائن المعقدة والمنظمة التي كبّدت جيش الاحتلال خسائر كبيرة، وأثّرت على قراراته العسكرية الميدانية. تتنوع هذه الكمائن بين استخدام الأنفاق، التفخيخ، الاستدراج، والكمائن المركبة، مما يعكس تطور الأداء الميداني والتخطيط العسكري للمقاومة الفلسطينية.

 

 أولاً: أبرز سمات الكمائن الكمين المتعدد المراحل: يظهر في عمليات مثل "كمين الأبرار" و"كمين كسر السيف"، حيث تبدأ بتفجير عبوة ثم استهداف الدعم العسكري.

الاستدراج الذكي: كما في كمين جباليا باستخدام أصوات الأطفال والبكاء لجذب الجنود إلى فخاخ. استغلال البيئة الحضرية: تفخيخ المنازل والمدارس وتحويلها إلى "مصائد موت". الاندماج التمويهي: ارتداء زي جنود الاحتلال في بعض الكمائن مثل الشجاعية.

 رصد مسبق وتحكم عن بُعد: تثبيت كاميرات ورصد التحركات وتفجير العبوات لحظة الدخول. ثانياً: تطور الكمائن عبر الزمن 1. ديسمبر 2023 - يناير 2024 كمين بيت لاهيا: استهداف مباشر لقوة راجلة، واشتباك قريب بعد كمين تكتيكي. كمين جحر الديك: عملية نوعية خلف خطوط التوغل. كمين المغازي: أكبر حصيلة بشرية لقوة الهندسة الإسرائيلية.

2. أبريل - يونيو 2024 كمين الأبرار في الزنة:

نقطة تحول أجبرت الاحتلال على الانسحاب من خانيونس. كمين الشابورة في رفح: تفخيخ نفق نوعي من الصفر. كمين مدرسة القرارة: كمين نوعي كشف عن استخدام دمى وأصوات لاستدراج الجنود.

 3. نوفمبر 2024 - يناير 2025 كمين جباليا - "كمين الموت": قنص وحدة خاصة إسرائيلية. كمين بيت حانون: تدمير مبنى بمن فيه. كمين كسر السيف: استخدام نفق بطابق مخفي لرصد القوات وشن هجوم مركب.

4. مايو - يونيو 2025 كمين أسود المنطار: قنص مباشر فوق دبابة. كمين بني سهيلا: عبوة أطاحت بمبنى كامل رغم اتباع الإجراءات الوقائية. كمين الزنة الأخير: محاولة اقتحام ناقلة "نمر" واستهداف قوات الإسناد.

 

 ثالثاً: التحليل العسكري الفعالية التكتيكية: تشير الكمائن إلى قدرة المقاومة على استخدام تكتيكات القوات الخاصة، بعمليات دقيقة من مسافة صفر.

تفوق في الرصد والاستباق: القدرة على مراقبة التحركات واختيار التوقيت الأمثل. فشل الاستخبارات الإسرائيلية: رغم استخدام الطائرات، الكلاب البوليسية، والأجهزة الهندسية، فشلت القوات بالكشف عن معظم العبوات.

رابعاً: التأثيرات النفسية والمعنوية داخل الجيش: اعترافات بالانهيار المعنوي، صراخ الجنود في بيت حانون نموذجاً.

 

في الجبهة الداخلية الإسرائيلية: تصاعد الغضب الشعبي بعد عمليات مثل كمين الشجاعية والشابورة.

في القرارات العسكرية: انسحابات تكتيكية، وتغيير في العقيدة القتالية للجيش.

 

خامساً: دلالات استراتيجية حرب عصابات عالية الاحتراف: لم تعد الكمائن ضربات معزولة، بل جزء من استراتيجية مركبة. الكمين كرسالة سياسية: كل كمين يحمل رسالة مفادها أن الاحتلال لا يستطيع حسم المعركة ميدانياً.

 

تحول غزة إلى بيئة قتالية غير تقليدية: استخدام التضاريس، الأنفاق، والركام كسلاح ميداني. تكشف الكمائن التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بين عامي 2023 و2025 عن تطور كبير في بنيتها القتالية والتخطيط الاستراتيجي.

 

وبات من الواضح أن المقاومة تتعامل مع ساحة المعركة كشبكة ديناميكية معقّدة، تتحدى فيها التكنولوجيا والقدرات الاستخباراتية الإسرائيلية، ما أعاد تعريف توازن الرعب والمعركة على الأرض.

 


| رمز الموضوع: 405640