ولايتي: الإمام الخميني (رض) حول القضية الفلسطينية إلى حركة عالمية

أكّد علي أكبر ولايتي، الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية، في رسالة إلى المؤتمر الدولي "الإمام الخميني (رض) وقضية فلسطين"، من خلال تفريقه بين اليهودية والصهيونية، أن العدو الحقيقي هو الصهيونية الغاصبة.
و في رسالة وجهها لمؤتمر«الإمام الخميني (رض) وقضية فلسطين» الدولي، أكد ولايتي أن الإمام الخميني (رض) ميّز بوضوح بين اليهود كأقلية دينية محترمة، وبين الصهيونية كتيار عنصري وعدواني.
وفيمايلي نص رسالة ولايتي إلى المؤتمر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي رفع راية المقاومة في قلب الأمة الإسلامية، وصلّى الله على النبي الأكرم محمد (ص) وآله الأطهار، وخصوصاً سيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، الذي علّم التاريخ كيف يقف بوجه الظلم.
أيها الحضور الكرام، الإخوة والأخوات الأعزاء،
اجتمعنا اليوم لنتناول واحدة من أهم قضايا العالم الإسلامي، وهي قضية فلسطين من منظور الإمام الخميني (رض). فقد كان الإمام يرى فلسطين ليس كقضية إقليمية فقط، بل كقضية إنسانية وعالمية تتطلب اهتماماً وتحركاً جاداً من جميع المسلمين والأحرار في العالم.
لقد ميّز الإمام الخميني (رض) بوضوح بين اليهود كأقلية دينية محترمة، وبين الصهيونية كتيار عنصري وعدواني. وكان يقول: "اليهود الحقيقيون منفصلون عن الصهاينة... فهم أمة مثل سائر الأمم." هذا التمييز أغلق الباب أمام كل اتهام بمعاداة اليهود، وأوضح أن العدو الحقيقي هو الصهيونية الغاصبة، لا أتباع ديانة سماوية.
كان الإمام (رض) يؤكد دائماً أن احتلال فلسطين ليس نهاية المشروع الصهيوني. وقال بوضوح: "إن هدف القوى الكبرى من إنشاء إسرائيل لا يتوقف عند احتلال فلسطين. إنهم يريدون تعميم مصير فلسطين على سائر الدول العربية." والاعتداءات المتكررة التي يقوم بها الكيان الصهيوني على لبنان وسوريا وسائر الدول، هي اليوم دليل واضح على صحة هذا التحذير التاريخي.
في عام 1968أصدر الإمام الخميني (رض) فتواه التاريخية: "من الواجب تخصيص جزء من الأموال الشرعية، مثل الزكاة، للمجاهدين الفلسطينيين." وقد أثمرت هذه الفتوى دعماً مالياً واسعاً، وساهمت في جذب آلاف الشباب المسلمين إلى ساحات النضال. وكان يؤكد: "لا يوجد واجب أعظم على المسلمين من الجهاد بالنفس والمال من أجل فلسطين." من خلال تسمية آخر جمعة من شهر رمضان المبارك بـ "يوم القدس"، حوّل الإمام الخميني (رض) القضية الفلسطينية إلى حركة عالمية. وكان يرى أن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً لتحديد مصير الشعوب المستضعفة.
كان الإمام (رض) يعارض بشدة كل محاولات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وكان يعتبر اتفاقات مثل "كامب ديفيد" خيانة للإسلام، وقال: "كامب ديفيد مؤامرة لإضفاء الشرعية على اعتداءات إسرائيل." وفور توقيع هذه الاتفاقية المخزية، أصدر الإمام الأمر بقطع العلاقات مع مصر.
احتلال هذه الأرض المقدسة من قبل الكيان الصهيوني هو مؤامرة من الاستكبار العالمي لإضعاف الأمة الإسلامية. وكان الإمام يؤكد مراراً أن قضية فلسطين لا تخص أهلها فقط، بل تخص جميع المسلمين والبشرية جمعاء. فقال الإمام: "فلسطين جزء من جسد الإسلام، ومن واجب كل مسلم السعي لتحرير القدس الشريف."
يرى الإمام أن واجب المسلمين لا يقتصر على الشجب بالكلام فقط، بل يتطلب فعلاً عملياً. وكان يقول: "لو أن كل مسلم ألقى دلواً من الماء، لجرفت إسرائيل السيول." ودعا الإمام الحكومات الإسلامية إلى قطع الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري عن الكيان الصهيوني، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم. وكان يدعو أيضاً أحرار العالم، بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم، إلى الوقوف ضد هذا الظلم السافر، معتبراً القضية الفلسطينية قضية إنسانية.
لقد تجاوزت رؤية الإمام الخميني (رض) لفلسطين حدود التحليل السياسي، فكانت منظومة فكرية ثورية مستمدة من تعاليم الإسلام. ومن خلال فصل اليهودية عن الصهيونية، وفضح الأهداف التوسعية لهذا الكيان، والدعم الشامل للمقاومة، وتحويل المناسبات الدينية كالحج ويوم القدس إلى أدوات توعية، ورفض التطبيع، رسم الإمام نهجاً واضحاً وثابتاً للأمة الإسلامية.
هذا النهج جعل من فلسطين قضية الأمة الإسلامية الكبرى، وأبقى روح الجهاد والأمل حيّة في قلوب المقاومين. إن تأكيد الإمام على وحدة المسلمين، والجهاد، والاعتماد على القوة الداخلية للأمة، لا يزال نبراس الطريق نحو تحرير القدس الشريف.
إن انتصارات المقاومة في السنوات الأخيرة ما هي إلا ثمرة هذا المسار، ونتاج الالتزام بوصية الإمام الراحل. وفي الختام، فإن رؤية الإمام الخميني (رض) لفلسطين تمثل استراتيجية شاملة وإنسانية، تقوم على الوحدة والوعي والعمل. لقد أكّد أن تحرير القدس لا يكون إلا بالمقاومة والتضامن العالمي، فليكن التزامنا بوصاياه دافعاً لرؤية يوم تحرير فلسطين وعودة السلام إلى هذه الأرض المباركة.