تسونامي أوروبا.. تحوّل كبير في الموقف الأوروبي بشأن حرب غزة وإدانات متواصلة لـ "إسرائيل"

شهد الموقف الأوروبي تحوّلاً جذريًا ومفاجئًا إزاء حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها "إسرائيل" على قطاع غزة، في ما بات يُعرف إعلاميًا وسياسيًا بـ"تسونامي أوروبا".
شهد الموقف الأوروبي تحوّلاً جذريًا ومفاجئًا إزاء حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها "إسرائيل" على قطاع غزة، في ما بات يُعرف إعلاميًا وسياسيًا بـ"تسونامي أوروبا".
ففي ظل التصعيد غير المسبوق من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" منذ أكتوبر 2023، وما تلاه من كوارث إنسانية ودمار واسع النطاق في القطاع المحاصر، بدأت العديد من الدول الأوروبية تعيد النظر في مواقفها التقليدية الداعمة لـ "إسرائيل"، متأثرةً بضغط الرأي العام، وتقارير منظمات حقوق الإنسان، والاحتجاجات الشعبية المتواصلة.
اتّخذ هذا التحوّل أشكالًا عدة، من التصريحات السياسية التي باتت تنتقد بشكل واضح الانتهاكات "الإسرائيلية"، إلى دعوات لفرض عقوبات، وصولًا إلى خطوات دبلوماسية ملموسة كإعادة تقييم العلاقات مع "تل أبيب" والاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي كان آخرها موقف بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى.
قرارات لاستعادة المصداقية
الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة، قال إن "إسرائيل" فشلت في تحقيق حسم عسكري في عدوانها المستمر على قطاع غزة، الأمر الذي دفعها نحو تطوير أهدافها باتجاه تهجير الفلسطينيين، ما يشكل تهديدًا خطيرًا على استقرار المنطقة، ويثير قلقًا متزايدًا لدى الأوروبيين بوصفهم الأقرب جغرافيًا وتأثرًا بالأحداث.
وأشار الحيلة في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، إلى أن العدوان "الإسرائيلي" تحوّل إلى حالة من "الجنون والعبث"، وسط استهداف مكثف للمدنيين والأطفال من خلال القتل والتجويع، ما أدى إلى إحراج متزايد للحكومات الغربية أمام شعوبها التي تواصل احتجاجاتها الرافضة للإبادة الجماعية والكارثة الإنسانية في غزة.
وأضاف أن "التوحش الإسرائيلي أسقط السلطة الأخلاقية للمنظومة الغربية"، التي لطالما تباهت بقيم حقوق الإنسان واستخدمتها في الضغط على بعض الأنظمة، مشيرًا إلى أن محاولات بعض العواصم الغربية لتعديل مواقفها قد تكون جزءًا من مسعى لاستعادة مصداقيتها المتآكلة.
وفي السياق ذاته، لفت الحيلة إلى تقاطع الموقف الأوروبي مع التوجه الأمريكي لوقف إطلاق النار، رغم أن واشنطن لم تمارس حتى الآن ضغوطًا حاسمة على إسرائيل لفرض هذا المسار.
اختبار أخلاقي ومن جانبه، علّق الكاتب السياسي معتصم الشهباني على التحولات الأخيرة في مواقف عدد من الدول الأوروبية تجاه العدوان "الإسرائيلي" على غزة، معتبرًا أن ما تشهده العواصم الغربية من حراك شعبي متصاعد ومواقف سياسية متبدلة لم يعد مجرد حدث عابر، بل يمثل "صوتًا صاخبًا يعلو في وجه آلة الحرب الإسرائيلية".
وأشار الشهباني إلى أن التظاهرات الحاشدة التي خرجت في باريس، لندن، برلين، وغيرها من العواصم الأوروبية، إلى جانب بعض المواقف الرسمية التي خالفت التوجه التقليدي لدعم "الكيان"، تطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كان العالم يشهد تحولًا حقيقيًا في الموقف الأوروبي.
وأضاف: "هل الأوروبيون اليوم في مواجهة اختبار أخلاقي وسياسي قد يغيّر مجرى الأحداث؟ أم أن كل هذا الصخب سيتوقف عند عتبات القرار الأميركي، ليعود الصمت والتواطؤ إلى الواجهة؟".
وقال الشهباني: "الدم في غزة لا ينتظر التصريحات ولا المواكب الرمزية، بل يحتاج إلى مواقف حقيقية تُوقف الإبادة وتكسر دائرة الصمت الدولي".
استثمرار الحراك
كما دعا الإعلامي والكاتب السياسي علي أبو رزق، إلى استثمار الحراك الدولي المتصاعد، خاصة في أوروبا وبريطانيا، عبر تشكيل وفد شعبي فلسطيني ينقل الرواية الفلسطينية إلى العالم. وأكد أبو رزق خلال تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الوفد يجب أن يضم شخصيات تحظى بإجماع وطني وقبول دولي، مثل الأسير مروان البرغوثي والطبيب غسان أبو ستة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تمثل فرصة سياسية لا يجب تفويتها.
وشدّد على أن التضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب الفلسطيني لا بد أن تُترجم إلى منجز سياسي ملموس، كما حدث في تجربة جنوب أفريقيا، مؤمنًا بقدرة الدبلوماسية الشعبية على تحقيق اختراقات تعجز عنها الحكومات والتنظيمات الرسمية.
في ضوء التطورات الأخيرة، يتضح أن الموقف الأوروبي يشهد تحولاً تدريجياً تجاه مزيد من الدعم والتفهم للقضية الفلسطينية، ولا سيما في ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
هذا التغير يعكس تزايد الوعي الشعبي والرسمي الأوروبي بضرورة إنهاء معاناة المدنيين، والدفع نحو حل عادل وشامل يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وبينما لا تزال بعض المواقف متباينة بين دول الاتحاد، فإن الاتجاه العام يشير إلى انفتاح أكبر على الضغط الدبلوماسي لإنهاء العدوان، وتعزيز جهود السلام، ودعم المبادرات الدولية التي تنادي بوقف إطلاق النار ورفع الحصار.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS