لتزحف باتجاه الموت
أو تنتصر: غزة تنتصر
لؤي صوالحة
على مدار العقود السبعة الماضية، في ظل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في طليعة القضايا العالمية. غزة ، الشريط الضيق الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تحولت إلى رمز للمعاناة والمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
على الرغم من الهجمات العسكرية المتكررة التي تعرضت لها غزة خلال السنوات الأخيرة، والتي تمثلت في حصار خانق وغارات جوية شرسة، إلا أنها دائمًا ما تخرج من تحت الأنقاض بروح صمود وعزم على تحقيق النصر.
منذ عام 2007، فرضت إسرائيل حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على غزة، مما أدى إلى أزمة إنسانية خانقة. معبر رفح، الذي يُعتبر الشريان الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي، يشهد إغلاقات متكررة، مما يزيد من حدة الأزمة. ويتسبب الحصار في نقص حاد في المواد الغذائية، والأدوية، والوقود، مما يضع أكثر من مليوني فلسطيني تحت ضغط دائم.
وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، لم تستسلم غزة. الأمل بالنصر يظل يُضيء قلوب أبنائها، الذين يؤمنون بأن إرادتهم لن تُنكسر مهما اشتدت وطأة الظروف. فالمقاومة بالنسبة لهم ليست خيارًا، بل ضرورة للبقاء وسبيل لتحرير الأرض.
ما يجعل غزة متميزة هو روح المقاومة المتأصلة في قلوب أبنائها. ففي كل مرة تُشَن فيها غارة، يظهر جيل جديد من الشباب الفلسطينيين الذين ينضمون إلى صفوف المقاومة. وفي كل مرة يتعرض فيها الفلسطينيون للقصف، يزداد تصميمًهم على الدفاع عن أرضهم وكرامتهم.
لقد كشفت الحروب على غزة عن حقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يعد قادرًا على تحقيق أهدافه العسكرية بسهولة. فالمقاومة الفلسطينية، رغم تواضع إمكانياتها مقارنة بآلة الحرب الإسرائيلية، تمكنت من إيقاع الخسائر في صفوف العدو وإجباره على إعادة حساباته. هذا الصمود البطولي يعكس عمق الجذور الوطنية والإيمان العميق بالحق الفلسطيني في التحرير.
فان أحد أسرار قوة غزة هو الوحدة الوطنية التي تتحقق وقت الأزمات. ففي ظل القصف، تنحي الفصائل السياسية خلافاتها جانبًا وتتحد في مواجهة العدو المشترك. هذا التضامن يرسل رسالة واضحة للعالم أن الفلسطينيين، رغم التحديات، لن يتخلوا عن قضيتهم العادلة.
فان الشعب الفلسطيني في غزة يدرك جيدًا أن النصر لا يأتي بسهولة، وأنه يتطلب تضحيات جسيمة. ومع ذلك، فإنهم على استعداد لدفع الثمن، مدركين أن تحرير فلسطين لن يتم إلا بتكاتف الجميع وبذل الجهود المشتركة.
فان تحقيق النصر في غزة ليس مجرد تحقيق إنجازات عسكرية على الأرض، بل هو نصر لإرادة الشعب الفلسطيني. فالمقاومة، رغم كل الصعوبات، أثبتت أن الشعب الفلسطيني قادر على الدفاع عن حقوقه وإجبار الاحتلال على التراجع.
وقد أثبتت غزة أن النصر لا يُقاس بحجم القوة العسكرية، بل بالإرادة والصمود. فالمقاومة نجحت في إظهار أن الحق الفلسطيني أقوى من القوة المادية، وأن النضال المستمر سيؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف الوطنية.
وبرغم كل التحديات، يظل المستقبل بالنسبة لغزة مليئًا بالأمل. الأجيال الجديدة التي نشأت تحت الحصار والقصف باتت تدرك أن المقاومة هي السبيل الوحيد للتحرر. هذه الأجيال ستواصل النضال حتى يتحقق النصر الكامل وتتحرر فلسطين من نير الاحتلال.
ومن هنا يمكننا القول ان غزة، بتضحياتها وصمودها، تمثل رمزًا للنضال الفلسطيني. الشعب الذي يقف متحدًا في وجه العدو، و يواجه الموت يوميًا، يختار النصر كخيار وحيد. هذا هو خيار غزة: النضال حتى التحرير أو الشهاده ، وفي كلتا الحالتين، يكون النصر الحقيقي هو إرادة الشعب الذي لا يقبل بالظلم ولا يرضى بالاستسلام.
إن كانت غزة تنتصر اليوم، فذلك بفضل عزيمة اهلها الذين آمنو بأن الطريق نحو النصر لا يأتي إلا عبر التضحية والصمود. إنهم يسيرون نحو النصر، حاملين أرواحهم على أكفهم، مؤمنين بأن النصر في النهاية هو حليف من يتمسك بحقه ولا يتراجع عنه.
الصحفي: لؤي صوالحة / نابلس- فلسطين
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS