قراءة في شهادة رئيسي
وأمير عبداللهيان وما بعدها
وكالة القدس للأنباء(قدسنا)
رجّح رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسّان بن جدّو، أنّ "خللاً أصاب أحد محركات مروحية الرئيس الإيراني، السيد إبراهيم رئيسي"، بالإضافة إلى أن يكون الحادث "مرتبطاً بحالة الطقس السيئة"، التي أكدتها الصور الواردة من موقع الحادث، ووعورة التضاريس.
وضمن التغطية المباشرة والمتواصلة عبر شاشة الميادين لحادثة سقوط طائرة الرئيس الإيراني ورفاقه، شدّد بن جدو على أن كل المؤشرات تدل على على أنّ ما جرى كان "نتيجة حادث طبيعي"، وأن حسم هذه الترجيحات "يستلزم انتظار نتيجة التحقيق"، الذي أوعز في إجرائه رئيس هيئة الأركان العامة الإيرانية، اللواء محمد باقري.
ولفت رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية إلى أنّ الطائرة، الأميركية الصنع، ليست من مخلفات العهد الملكي، بل هي "حديثة العهد"،ـ وحصلت عليها إيران بعد عام 2015، بموجب أحد بنود الاتفاق النووي، ضمن معدات وتجهيزات أخرى.
ورأى رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية أنّ إيران تفتقد اليوم، مع استشهاد رئيسي، "رمزاً للدولة وللنظام وللمستقبل ولمحبة الجماهير، ومحباً للقضية الفلسطينية"، مذكّراً بأنّ انتخابه كان "انتصاراً للاستقرار، وليس لطرف ضدّ آخر"، في ظل الحديث آنذاك عن احتمال كونه خليفة لقائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي.
وأكد بن جدو ضرورة الحديث، بإنصاف، عن وزير الخارجية الدكتور حسين أمير عبد اللهيان، كاشفاً أن معظم الأطراف في إيران، من محافظين وإصلاحيين، كانوا ضد تعيينه وزيراً للخارجية، كونه "ثورياً ومبدئياً مناصراً للمقاومة والقضية الفلسطينية بامتياز، ورافضاً لسياسة الانفتاح الكبير على الولايات المتحدة الأميركية، وبسبب اعتقادهم أن المنصب يحتاج إلى شخصية من الإصلاحيين".
ولفت رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية إلى أن عبد اللهيان يؤمن بالسياسة الخارجية، التي تقوم على "العزة والمصلحة والحكمة"، وأنه كان يعتقد أنه سيرسخ "مبادئ الثورة بالعمق، وفي الوقت نفسه يدير دبلوماسية منفتحة ومحترفة بالكامل"، مؤكداً أن إيران خسرت دبلوماسياً "ماهراً ونشيطاً، لا تقل خسارته عن خسارة رئيسي".
وقال بن جدو إن الحزن الكبير في إيران، "لم يمنع البدء في تداول أسماء المرشحين للرئاسة"، في دليل على حيوية النظام الإيراني واستمرارية المؤسسات فيه.
وأكد رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية أنه لم تتعرض انتخابات في تاريخ إيران "للتزوير على الإطلاق"، مذكّراً بخسارة رئيسي الانتخابات الرئاسية، في عام 2017، أمام الرئيس السابق الشيخ حسن روحاني، وتقبله النتائج على رغم تأخر إصدارها بعض الوقت.
وقال بن جدو إنّ ما حظي به رئيسي بعد استشهاده من "محبة وإجلال وتكريم، يستحقه كشخص، لكنه لا يعود فقط إلى شخصيته وإلى الحادث الأليم الذي تعرض له، بل لأن الجمهورية الإسلامية في إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت، وثبتت خياراتها الاستراتيجية، وظلت قوية ومهابة ومحترمة، بعد حصارٍ وحربٍ شبه كونية شُنَّت عليها".
كذلك، شدّد بن جدو على أنّ إيران "باقية بوضعها الجيد، إقليمياً ودولياً، مع أي رئيس يُنتخب"، وأنّ النظام فيها "مستقر وقوي، ويتعاطى بلباقة مع الشعب"، مؤكداً أننا أمام ظاهرة "يجب أن تُدرَّس".
مفاوضات غير معلنة بين طهران وواشنطن في مسقط
وأكد رئيس مجلس إدارة الميادين إجراء مفاوضات غير معلنة وغير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في مسقط، الأسبوع الماضي، قادها من الجانب الإيراني القائم بأعمال وزارة الخارجية، علي باقري كني، "الماهر جداً في الدبلوماسية"، مشيراً إلى أنها دليل على إدراك الولايات المتحدة "أنها لا يمكن أن تتجاهل إيران".
وكشف أنّ ما اتُّفق عليه في مسقط هو أن الحرب في غزة "يجب أن تنتهي، وألا تتوسع"، مشيراً إلى أن الإيرانيين لا يصدّقون الوعود الأميركية، لكنهم يدركون أنّ "الولايات المتحدة مضطرة ومجبرة على عدم توسيع المعركة، لأربعة أسباب".
وفي تفصيل الأسباب الأربعة، قال بن جدو إن أولها "صمود غزة الأسطوري، ثم تثبيت المقاومة نفسها طرفاً يُحسَب له ألف حساب، ثم إثبات جبهات الإسناد لغزة في لبنان واليمن والعراق صلابتها وقوتها وإرادتها، وأخيراً إدراك واشنطن بعد الضربة الإيرانية أنها لا يمكن أن تراهن على زلات و"عمل هواة" في مواجهة إيران".
وقال رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية إنّ رئيسي "صديق العرب بامتياز"، مشيراً إلى أنه وجَّه، عندما تولّى الرئاسة، رسائل محبة إلى الدول العربية، ومؤكداً أنه "منصهر في القضية الفلسطينية لأنه ثوري وعقيدته ثورية"، مذكراً بوجود قادة المقاومة في الصف الأمامي، في أثناء أدائه قسَم اليمين في سابقة لم تحدث من قبل، وأن آخر كلماته، في أثناء تدشين السد مع الرئيس الأذربيجاني، كانت بشأن القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أنّ إيران، مع رئيسي، انفتحت على كل دول الجوار، من السعودية، إلى أذربيجان، التي اختتم عهده بمصالحة كبيرة مع رئيسها، وبزيارة لباكستان أيضاً.
وقال إنّ إيران تعيش الحزن الكبير على استشهاد رئيسي، الذي كان "متواضعاً بامتياز"، وإن الشعب يصفه "بشهيد الخدمة والجمهور"، لافتاً إلى أنّ عائلته خسرته اجتماعياً منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، لأنه كان يوجد مع الجماهير أكثر مما يوجد مع عائلته.
بدوره، أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة ويسكنسون في شيكاغو، سيف دعنا، أنّ المصاب ليس فقط إيرانياً "بل هو أيضاً مصاب لمحور المقاومة ولما بعد محور المقاومة، وخصوصاً في هذا التوقيت المتزامن مع معركة طوفان الأقصى".
وأكد دعنا أنّ الموقف تجاه أي رئيس أو حاكم مرتبط بموقفه من فلسطين وموقفه من حركة التحرر الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ موقف رئيسي بشأن فلسطين كمسلم وكرئيس للجمهورية الإسلامية في إيران "كان متميزاً ومغايراً".
وشدّد دعنا على أنّ الجمهورية الاسلامية في إيران دولة مرتبطة بمؤسسات وليس بشخص، وهي دولة مؤسسات، وجوهرها هو المحافظة على القيم والمبادئ، واستطاعت استيعاب رحيل الإمام الخميني وهو حدث جلل في التاريخ الإيراني الحديث، أتى بعد 10 أعوام من انتصار الثورة الإسلامية، وكذلك اغتيال قادة كبار مثل الرئيس محمد علي رجائي في عام 1981.
ولفت دعنا إلى أن الإعلام الغربي تابع، في تغطيات واسعة، تفاصيل العملية المنظمة دستورياً ومؤسساتياً بعد الرحيل المفاجئ للرئيس الإيراني، الأمر الذي يؤكد أنه "ليست هناك أي أوهام بشأن كيفية عملية الانتقال عند من يعرف الدستور في الجمهورية الإسلامية في إيران".
ورأى دعنا أن أمير عبد اللهيان كان ثائراً "طُلِبَ إليه تأدية الدور الدبلوماسي الأساسي للجمهورية الإسلامية في إيران"، مشيراً إلى أن هذا "صعب جداً، لكنه نجح في مهمته إلى حد أنه كان يبدو لأبناء بعض الدول العربية كما لو كان واحداً منهم"، مؤكداً أن خلفيته الثورية هي التي أهلته كي يكون من هذا النوع الدبلوماسي المغاير.
وأكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة ويسكونسن أنّ البنية المؤسساتية الصلبة في الجمهورية الإسلامية في إيران، "ستسمح باستيعاب غياب أي شخصية".
ولفت إلى أن الحديث عن الخريطة السياسية في إيران، "بصفتها منقسمة بين تيارين واضحين، هما المتشددون والليبراليون، هي تظهير كاريكاتوري وساذج، يخدم الاستراتيجيات والسياسات الغربية تجاه إيران، ويتجاهل الحيوية الموجودة".
وأكد دعنا أنّ إيران تشكل مع روسيا والصين "محوراً ثلاثياً يتحدى الهيمنة الغربية"، مذكراً بأنه قبل 40 عاماً، كانت إيران مجرد دولة من دول الجنوب تابعة للغرب، استخدمت كشرطي غربي هدفه حراسة المنطقة العربية نيابةً عن كيان الاحتلال، فجاءات الثورة الإسلامية "لتنقلها من مكان إلى مكان آخر ومن مكانة إلى مكانة أخرى، لتصبح قطباً أساسياً يعمل على التغيير، وثالثة ثلاث دول على مستوى العالم تتحدى الهيمنة الغربية".
ورأى أن إيران لم تصل إلى ذلك إلا بعد مواجهة حصار وعقوبات، وبعد تشكيل دائرة نار حول كيان الاحتلال.
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS