السبت 11 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

ما هي مخاطر التدخل
الصهيوني في السودان؟

منذ الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير في 11 نيسان/ أبريل 2019 بحركة احتجاجات شعبية تبناها الجيش بعد عدة شهور انتظر المراقبون حوالي السنة تقريباً حتى يتبين لهم من هو الرجل الأول في السودان وما هي التركيبة الحاكمة في واحد من أكبر البلدان الأفريقية مساحة.

منذ الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير في 11 نيسان/ أبريل 2019 بحركة احتجاجات شعبية تبناها الجيش بعد عدة شهور انتظر المراقبون حوالي السنة تقريباً حتى يتبين لهم من هو الرجل الأول في السودان وما هي التركيبة الحاكمة في واحد من أكبر البلدان الأفريقية مساحة.

 

وما أن ظهر اسم عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي" في بداية صيف 2021 كحاكم عسكري أعلى للسودان ونائبه توقع الخبراء والمختصون أن هذا الحلف "مصلحي". وأن حيثية الرجلين ستأخذان بالسودان عاجلاً أم آجلاً إلى صدام مسلح كبير.

فالراجلن كانا ذراعي البشير رئيس النظام السابق اللتين بطش بهما وقدم من خلالهما خدمات إقليمية ودولية في ليبيا ومالي واليمن بعدما وزعهما في مؤسستين عسكريتين (نظامية وشبه نظامية) بنيتا لهدفين محدديين وهما حماية المصالح الاقتصادية للنخبة الحاكمة في البلاد وخدمة المصالح الأجنبية في محيط السودان. فبعدما أجرى الرئيس المخلوع عام 2013 تعديلاً على النظام العسكري السوداني قضى بتحويل ميليشيات "الجنجويد" إلى قوات شبه نظامية تتمتع بحقوق وواجبات القوات النظامية بدأ مرحلة رفع أحد أهم رجاله في الجيش من رتبة قائد لواء إلى رتبة المفتش العام للجيش وصولاً إلى رتبة نائب قائد الجيش المكلف بشؤون العمليات والاستخبارات العسكرية عام 2018 وعلى أثر التراجع الكبير في الوضع الاقتصادي في أحد أغنى البلدان في أفريقيا بالموارد ونتيجة لقرارات اقتصادية قاسية ومجحفة بحق الجمهور السوداني الذي يتكون ثلثاه من الشباب تحت ال- 38 عاماً، اندلعت ثورة شعبية عارمة على نظام البشير استمرت لعدة أشهر حسمها لصالح الحراك الشعبي ذراعي البشير العسكريتين البرهان ودقلو) الذين انقلبا على صانعهما واطاحا به بانقلاب مدني – عسكري.
وبعد أشهر من التجاذب بين المؤسستين العسكريتين والأحزاب التي صعدت على ظهر الحراك الشعبي تراجع العسكر خطوة وسمح للحكم المدني أن يمارس سلطات الحكم ولكن بحضور ونفوذ عسكري. لم تلبث هذه الصيغة أن انهارت بفعل انقلاب عسكري قاده البرهان ودقلو سوياً فأطيح بالحكم المدني بعد عدة شهور، وأسس الجيش مجلساً انتقالياً يغلب عليه الطابع العسكري برئاسة البرهان. إلا أن الجمهور السوداني الأبي لم يقبل هذا الحل فعاد وانتفض مجدداً ضد الحكم العسكري هنا جاء دور "دقلو" الذي تولى قمع الاحتجاجات المدنية بالحديد والنار بواسطة قواته سيئة الصيت "قوات الدعم السريع"، وخلال أيام بلغت فاتورة الدم مئة قتيل ومئات الجرحى والمعتقلين توجت بمجزرة كبيرة في محيط القيادة العسكرية السودانية في الخرطوم راح ضحيتها 60 سودانياً وأكثر من 200 جريح . صمت البرهان عن أفعال دقلو أظهر أنه كان صمت قبول لأعماله حيث جرى تعيين "دقلو" نائباً للبرهان بعد إجهاض الحراك في حزيران/يونيو 2021 .
ومنذ ذلك الحين يعيش السودان أزمة كل عدة أشهر بسبب الوعود التي يقدمها المجلس العسكري للأحزاب بإعادة الحكم المدني فيما كان الحليفان (البرهان ودقلو) يمارسان ما يشبه التقية، بينهما ففي حين يمدح البرهان بدقلو يقوم الاخير بإعلان ولائه لبرهان. إلى أن جاءت الترتيبات الأخيرة التي كانت ستبدأ بإعطاء الاحزاب والمجموعات السياسية المختلفة مفتاح عودة الحكم المدني ضمن شروط يبدو أن البرهان وافق عليها وهي دمج قوات الدعم السريع التابعة لدقلو بالجيش.
ويبدو أن هذه الخطوة التي تعني تهميشه وإزاحته جعلت دقلو ينفذ خطوة استباقية بالسيطرة على مراكز الجيش المهمة والسهلة في آن في كل من أم درمان ودارفور والعاصمة الخرطوم لاستدراج الجيش إلى حرب أهلية يبدو أن الجيش السوداني انزلق إليها.

 

 

مميزات السودان

يمتلك السودان مجموعة من الخصائص الجغرافية والاقتصادية والأمنية التي تجعل منه ساحة تنافس واهتمام للعديد من القوى الاقليمية والدولية:

-ـ السودان دولة تقع على البحر الأحمر وتمتلك ساحلاً طويلاً مناسباً للملاحة وعليه ثلاث موانئ ضخمة يمكنها نقل كم هائل من البضائع والمواد الأولية من أفريقيا وإليها ومن يملك التسهيلات في السودان يمكنه أن يغزو أفريقيا اقتصادياً.
-ـ الحدود السودانية مع 7 بلدان أفريقية تمنحه أو تمنح أي قوة شريكة ميزة التأثير على أي دولة محيطة في حال قررت التدخل فيها.
-ـ الحدود المصرية -ـ السودانية الكبيرة (1200) كيلومتر يجعل اتجاه السودان للتحالف مع أي قوة معادية لمصر مشكلة كبيرة للامن القومي المصري.
-ـ يمكن للسودان أن يؤثر بسهولة على الملاحة في البحر الاحمر إذا امتلك أو تحالف مع القوة البحرية اللازمة أو امتلك الصواريخ والالغام البحرية المناسبة لتعطيل الملاحة في البحر الأحمر.
-ـ السودان يعتبر بوابة القرن الافريقي يشترك مع دولة جنوب السودان بأخطر مسطح بري في الشرق الاوسط.
السودان يعتبر بوابة لأي قوة أجنبية إلى قلب أفريقيا ما بعد الصحراء ووجود قواعد أجنبية فيه يعني امكانية التدخل السريع في أفريقيا.
-ـ وجود الساحل السوداني الطويل على البحر الأحمر يسمح بتحويل الموانئ الثلاثة الضخمة المبنية عليه مورداً للصيد البحري.
-ـ السودان يمتلك أكبر حوض مائي نهري في العالم يمكنه من أن يسقي الأرض السودانية الشاسعة وعالية الخصوبة مما يجعله سلة أفريقيا وآسيا الغذائية.
-ـ في حال وجود تمويل كاف يمكن للسودان أن يؤثر على مسطح النيل المائي المصري بشكل مواز لأثيوبيا ويهدد الزراعة والري في مصر.

 

المخاطر

تحمل هذه الحرب بين "الأخوة" مخاطر جمة للاقليم بسبب الأهمية الاستراتيجية للسودان كموقع ودور وامكانات وعلاقات، ويمكننا تحديد أهمها بالتالي:
- يمتلك الكيان الصهيوني علاقات مباشرة مع كل من البرهان ودقلو ويقود وساطة بغطاء أميركي بين الطرفين، ويسمح له ذلك بالتدخل في البيئة السودانية بطرق مختلفة حالياً ومستقبلاً.
- امتلاك اليمن للصواريخ والمسيرات التي يمكن أن تصل إلى الكيان الصهيوني، مع فقدان الكيان للعمق الاستراتيجي، وعدم استعداد السعودية للعمل كمنصة أو منطلق أو عمق استراتيجي بديل، يدفع الكيان إلى البحث عن عمق استراتيجي يخوله الدفاع عن النفس ومواجهة العمق اليمني.
- السودان يشكل منصة استراتيجية لتأسيس بنيـة تحتية دفاعية صهيونية على اراضيه وسواحله. قد يبني قاعدة بحرية ومطارات عسكرية ومخازن تسليح ومنظومات رصد وإنذار مبكر ودفاع صاروخي وضد المسيرات وميليشيات وتشكيلات للانزال البحري السريع.
- في حال وجود تسهيلات عسكرية لأي قوة بحرية أجنبية كالكيان المؤقت في سواحل السودان وموانئه الثلاثة فإنه يهدد اليمن وأي ملاحة بحرية منهما كما يهدد حرية الملاحة الايرانية عبر البحر الاحمر باتجاه الخليج أو باتجاه البحر المتوسط.
- توجد في السودان مجموعة هائلة من المواد الأولية كالذهب والكوارتز التي تستغلها روسيا والامارات فضلاً عن النحاس والالومينيوم والكوبالت والالماس وغيرها من المعادن والمواد الاولية المهمة، ويمكن للتدخل الصهيوني في السودان أن يشكل فرصة اقتصادية هامة للكيان.
- التسهيلات التي يمكن أن تقدمها المطارات السودانية للصهاينة تسمح لسلاح جوهم باستهداف مصر واليمن وليبيا. كما يمكنها في حال وجود المعدات اللازمة أن تستطلع بوسطة طائراتها التجسسية معظم دول شمال أفريقيا.
- العلاقات الصهيونية - السودانية تفتح المجال للصهاينة بتهديد مصر وليبيا وتونس ومالي و6 دول أخرى.
- العلاقات الصهيونية - السودانية تفتح الباب للكيان المؤقت للدخول إلى قلب أفريقيا.

 

| رمز الموضوع: 376333







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. لجنة حماية الصحافيين: الحرب على غزة أخطر صراع للصحافيين منذ عام 1992
  2. وزارة الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34049
  3. قيادي في حزب الله: الرد الإيراني قرار إستراتيجي تاريخي غيّر المعادلات والحسابات في المنطقة
  4. خلال لقائه منسق الأمم المتحدة .. وزير الخارجية الإيراني: نتنياهو خرج عن نطاق السيطرة ويجب لجمه
  5. 7 إصابات جديدة- الاحتلال يواصل حصار مخيم نور شمس
  6. حماس تُدين العدوان "الغاشم" على مقر للحشد الشّعبي في العراق
  7. المتحدث باسم الحرس الثوري يفند مزاعم الحاق اضرار بمفاعل ديمونة جراء الرد العسكري الايراني
  8. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  9. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  10. حماس: الرد الإيراني يؤكد أن وقت عربدة الكيان الصهيوني كما يريد بلا حساب قد انتهى
  11. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  12. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)