الثلثاء 14 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir
كيف غيرت الثورة الإسلامية في إيران طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني؟

المقاومة في فلسطين.. النشأة والتطوّر والنقطة الفارقة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني

مرَّ الصراع مع العدو الصهيوني خلال تاريخه الطويل بمرحلتين مهمتين؛ بدأت الأولى منذ حرب فلسطين عام 1948، عندما قادت الجيوش العربية حروبا انتهت بهزائم عسكرية للعرب، أما المرحلة الثانية من هذا الصراع فقد قادته حركات المقاومة الإسلامية ضدَّ هذا الكيان، حيث تمكّن حزب الله اللبناني وحركات المقاومة الفلسطينية من تغيير معادلة الصراع.

وكالة القدس للأنباء(قدسنا) جوان محمود صالح – فلسطين المحتلة

 

يؤمن الشعب الفلسطيني بالمقاومة على اختلاف أشكالها وعلى اختلاف الخلفية السياسية أو الدينية لها، فالتاريخ الفلسطيني لم يشهد أي صراع مذهبي أو طائفي بين حركات المقاومة، ومنذ اللحظات الأولى لهجرة الشعب الفلسطيني عن أرض الوطن، ونزوحه إلى البلاد العربية بعد النكبة، انبرى يدافع عن وجوده مستخدماً كافة الطرق والوسائل.
 

لقد أسهم الكفاح المسلح بدورٍ رئيسي وحاسم، في انبعاث الحركة الوطنية المستقلة للشعب الفلسطيني، وإحياء شخصيته الوطنية، واقترنت اليقظة المتجددة للوعي الوطني الفلسطيني، والنهضة المعاصرة للثورة الفلسطينية، بانطلاق حركة المقاومة المسلحة، التي سرعان ما رسخت جذورها في أعماق الجماهير الشعبية الفلسطينية، واضطلعت بدور مهم في تنظيمها وتعبئتها وتسليحها، وتمكينها من حمْل قضيتها الوطنية بأيديها، والمشاركة في المعركة مشاركة مستقلة، وأصبح الفدائي رمزاً، تلتف حوله جماهير الشعب الفلسطيني، في كلِّ مكان، وترى فيه تعبيراً عن خصوصيتها وانتمائها الوطني وهويتها المستقلة، ومرت المقاومة الفلسطينية بمساراتٍ متعددة من التيارات اليسارية والقومية وأفول نجمها وحتى صعود نجم الحركات الاسلامية كحركة المقاومة الاسلامية  وحركة الجهاد الاسلامي اللتان تتصدران الأن مشهد المقاومة ضد الاحتلال.
 

مرَّ الصراع مع العدو الصهيوني خلال تاريخه الطويل بمرحلتين مهمتين؛ بدأت الأولى منذ حرب فلسطين عام 1948، عندما قادت الجيوش العربية حروبا انتهت بهزائم عسكرية للعرب، أما المرحلة الثانية من هذا الصراع فقد قادته حركات المقاومة الإسلامية ضدَّ هذا الكيان، حيث تمكّن حزب الله اللبناني وحركات المقاومة الفلسطينية من تغيير معادلة الصراع. وبهذا الخصوص أجرينا حوارا مع عدد من الخبراء والأكادميين الفلسطينية لتبيين الأسباب التي أثرت علي تغيير طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني وتغيير موازين القوي لصاح المقاومة.


الدعم الإيراني نقطة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط

قال البرفسور الدكتور أسامة أبو نحل المتخصص في التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الأزهر: "من المعلوم، أن بداية الكفاح الفلسطيني ضد الاستعمار الصهيوني بدأ في عام 1955، عندما أسّس البكباشي (المقدِّم) المصري مصطفى حافظ، كتيبة مقاتلة من فلسطينيّ قطاع غزة اسمها الكتيبة (141)، وأبلى فدائيو هذه الكتيبة بلاءً حسنًا ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، واستمرت هذه الكتيبة في عملها، حتى تاريخ استشهاد مؤسّسها في العام التالي، ومع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، تأسّس جيش التحرير الفلسطيني الذي بات جيشًا وطنيًّا، لكنه كان محكومًا وإرادة الدول العربية التي تواجدت قواعده فيها؛ لذا لم يكن فاعلًا كما أراد مؤسّسه أحمد الشقيري مؤسّس منظمة التحرير".

 

وأضاف، "مع إعلان انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مطلع عام 1965، أخذت العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي بُعدًا أكثر تنظيمًا ودقة، وبعد الهزيمة العربية في حرب عام 1967، ونشأة عددًا من التنظيمات اليسارية وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وما انشقَّ عنها من فصائلٍ مقاتلة، قامت بعملياتٍ عسكرية نوعية، سواء في داخل الأراضي المحتلة، أو خارجها أرّقت الكيان الإسرائيلي؛ فكانت شخصية محمد الأسود (جيفارا غزة) المنتسب للجبهة الشعبية الذي تمكّن مع رفاقه نهاية الستينيّات وبداية السبعينيّات من القرن الماضي، من إحداث قلقٍ دائمٍ لجيش الاحتلال، الأمر الذي دعا وزير حرب الاحتلال آنذاك "موشيه ديان" لأن يقول: "نحن نحكم غزة في النهار، وجيفارا غزة يحكمها في الليل"، وقد أخذ لقبه هذا من الثائر الأرجنتيني الشهير "أرنستو تشي جيفارا"، حيث نفّذ الأسود مع مجموعته عدّة عمليّات جريئة خلال بدايات العمل المسلّح، فقاد رفاقه الثوّار تحت أجواء المطاردة والخنق التي مارستها السياسة العسكريّة الإسرائيليّة.
 

وأوضح أبو نحل خلال حديث لوكالة القدس للأدنباء(قدسنا)، أن "أهم استراتيجيّات الأسود التي اتّبعها في النضال، ابتكاره العديد من وسائل التخفّي التي كانت تُسهّل عليه الإفلات من قبضة العدو مرارًا، فأربع سنوات من المطاردة في مكانٍ صغير مثل غزة لن يكون ممكنًا دون عقليّةٍ عسكريّةٍ فذة، فكان صاحب تكتيك "اضرب عدوّك ضربات سريعة متلاحقة، وفي أماكن عدّة متباعدة وفى نفس الوقت حتى يفقد صوابه، وحتى لا يترك له مجالًا للبطش بمنطقةٍ منفردة". وظلَّ الأسود في مقاومته حتى تمكّنت قوات الاحتلال من معرفة مكان وجوده، فحاصرت البيت الذي كان موجودًا فيه، مستعينة بمئات الجنود والدبّابات وبغطاءٍ جوّي، ورغم هذا المشهد لم يستسلم الأسود ورفيقيه، واشتبكوا مع قوات الاحتلال إلى أن استشهد ثلاثتهم. وقد حضر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي "موشيه ديان" إلى غزة بنفسه للتأكّد من استشهاده، كما وأدّى الضابط المسؤول عن الهجوم التحيّة العسكريّة لجثمانه وجثمان رفاقه، وذلك تقديرًا منه لقدرتهم على مقارعة الاحتلال ببسالة؛ فالقاعدة العامة تقول: إن العدو يحترم عدوّه إذا كان ندًّا له".
 

ولفت إلى أن الفصائل اليسارية، اتبعت أساليب عدّة للنضال، كان أهمها العمليات في الخارج وأهمها خطف الطائرات، الأمر الذي دعا العالم للوقوف على معاناة الشعب الفلسطيني؛ فبدأت الكثير من الدول في حقبة السبعينيات تعترف بالحق الفلسطيني المشروع، وتعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثلٍ للشعب الفلسطيني.
 

لكن مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، واحتلال العاصمة (بيروت) تمَّ القضاء على ما تمتلكه منظمة التحرير من قوةٍ عسكرية في آخر بقعةٍ جغرافيةٍ مواجهة لفلسطين المحتلة عام 1948، الأمر الذي ترتّب عليه توقًّف النضال الفلسطيني مؤقتًا، وحتى تاريخ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر عام 1987، لتنتقل جذوة النضال من الخارج إلى الداخل المحتل مع نشأة تنظيمات فلسطينية جديدة تعتنق العقيدة الدينية في النضال؛ كحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وهنا؛ بدأ فصلٌ جديد في حلقات المقاومة الفلسطينية.
 

وردًا على سبب فشل الخطاب اليساري والقومي، والإشكاليات التي كان يعاني منها؛ أجاب: "الانتماء الأيديولوجي للتنظيمات اليسارية والمبني على الفِكر الشيوعي، واختلاف هذه الأيديولوجية وهذا الفِكر عن الدين الإسلامي الحنيف، جعل من الصعب بمكان إمكانية قبول الجمهور الفلسطيني بالأطروحات اليسارية؛ وبالتالي: كان من الصعب جدًّا تقبل هذا الجمهور الأطروحات اليسارية المُتعارضة مع طبيعة معظم الفلسطينيين الدينية، حتى ولو كانوا غير منتمين للتيارات الإسلامية.
 

وفيما يتعلق بأثر الثورة الإسلامية في إيران وانتصارها عام 1979، على طبيعة المقاومة، وظهور الحركات الإسلامية قال أبو نحل: " لا شكَّ بأن الثورة الإسلامية في إيران، كانت نقطة فارقة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط عمومًا، والتاريخ الفلسطيني خصوصًا، فهذه الثورة كانت نبراسًا لكافة القوى المؤمنة بالنضال الوطني، كلٍّ حسب طبيعته وظروفه الموضوعية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن نشأة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قد تأثّرت بمفاهيم الثورة الإيرانية، وبفِكر الإمام آية الله الخميني، وهذا ما أكدّه مؤسّس الحركة الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، فوجدت هذه الحركة كل الدعم من الحكومات الإيرانية بعد انتصار الثورة، لكن في المقابل، لا نستطيع التأكيد على أن تأسيس حركة حماس قد تأثّر كثيرًا بنجاح الثورة الإيرانية، وذلك لأسبابٍ جوهرية وموضوعية عدّة، أهمها: انتماء حركة حماس لفٍكر أيديولوجي ومذهبي مختلف عمّا تتبناه الثورة الإيرانية بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت تتفق معها على العداء المشترك لعدو الأمة الإسلامية (إسرائيل)، كما أن حركة حماس حركة براغماتية لا تضع بيضها في سلةٍ واحدة؛ لذا نجدها -وحسب ما تمليه عليها مصالحها -تقيم علاقاتٍ وطيدة مع دولٍ لها علاقات بـ (إسرائيل)؛ كتركيا وقطر".
 

وأضاف، "مرَّ الصراع العربي الإسرائيلي خلال تاريخه الطويل بمرحلتين مهمتين؛ بدأت الأولى منه -فعليًّا -منذ حرب فلسطين عام 1948، عندما قادت جيوش بعض الدول العربية الصراع مع العصابات الصهيونية، ومرورًا بالحروب التالية التي فرضها الكيان الإسرائيلي على العرب عمومًا، والفلسطينيين خصوصًا، وهي حروب أعوام (1956، 1967، 1982). فخلال هذه الحروب، استطاع الكيان إلحاق الهزائم العسكرية بالعرب، بينما حرب عام 1973، فيمكن القول: إن العرب قد حقّقوا فيها نصرًا جزئيًّا غير حاسمًا، أما المرحلة الثانية من هذا الصراع فقد قادته حركات المقاومة الإسلامية ضدَّ هذا الكيان، حيث تمكّن حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية من تغيير معادلة الصراع، بدءًا بالانتصار الذي حققه حزب الله عام 2000، بإجبار الجيش الإسرائيلي الانسحاب من الجنوب اللبناني، ومن ثمَّ قدرة حركة حماس والجهاد الإسلامي وقوى المقاومة على اخراج اليهود من قطاع غزة عام 2005م، واستطاعت حماس بعد نجاحها في انتخابات عام 2006 وتولي الحكم في غزة من وصمودها في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على قطاع غزة ما بين عامي (2008-2021)".
 

وأكد أبو نحل، على أن "انتقال جذوة المقاومة العربية في لبنان وفلسطين لم يأتِ من فراغ؛ فهناك قوة إقليمية كان لها دورٌ فاعل ومهم في دعمها ماديّا ولوجستيًّا، ورفدها بالسلاح والعتاد المتطور، ألَا وهي الجمهورية الإسلامية في إيران، ومن المعلوم، أن إيران كانت -ولا زالت- تمدَّ حركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالسلاح، عبر حزب الله اللبناني، أو سوريا.
 

ونوه إلى أن للإمام الخميني، والإمام علي خامنئي الذي تولى منصب المرشد الأعلى للثورة بعده، دورٌ بارز في نهضة المقاومة العربية، وتطورها عسكريًّا على كافة الأصعدة، ووصولها لمرحلة كي وعي العدو، وإقامة توازن قوى معه، بعد أن كان العدو هو من يقوم بكي وعي الأنظمة العربية، ودفعها للاعتراف بعجزها عن مجابهته.
 

وشدد على أن الدعم اللا محدود الذي تلقته حركات المقاومة من إيران منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، كان له أثرٌ مباشر على تغيير طبيعة الصراع مع العدو، حيث أُجبرت (إسرائيل) على تلّقي الضربات في عقر دارها، بعدما كانت هي من تفرض الهجوم على أعدائها خارج أراضيها.


قضية عقائدية ودعم أصيل

أما المحاضر في الأكاديمي في الجامعة الإسلامية د. زكريا عدوان، فيرى أن قضية فلسطين أصبحت قضية عقائدية لازياد معرفة الجمهور الفلسطيني بمكان هذه الأرض وقداستها، مع ظهور التنظيمات الإسلامية التي وضحت هذا الجانب، بالإضافة إلى ذلك أخذ أصحاب هذا المنهج سياسة ضرورة تحرير كل الأرض التي تم احتلالها من قبل الإسرائيل، والحفاظ على الثوابت الفلسطينية، في حين أنه وبعد عام واحد من قيام الانتفاضة الأولى وإعلان استقال دولة فلسطين عام 1988م والاعتراف بالقرار الدولي 242 الذي يُـعطي الحق لليهود بالعيش في أرض فلسطين وحقهم في الأمن والأمان، وقيام دولة على حدود عام 1967م، من هنا بدء الانهيار لهذه الأنظمة التي بدأت بالاتجاه نحو السلام وترك الجهاد والمقاومة والكفاح المسلح".

وأضاف عدوان خلال حديثٍ لوكالة قدسنا، "جاء اتفاق أوسلو عام 1993م، التي تم فيه تغيير الميثاق الوطني من أجل محاربة كل أوجه المقاومة، فأصبحت التنظيمات اليسارية والقومية تهتم بالجانب السلمي دون إبقاء قوة تمكنها من حماية هذه المسير، بل على العكس تماماً فقد أصبحت هذه التنظيمات اليوم تحارب المقاومة من خلال التنسيق الأمني، والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي".

وتابع: "لو نظرنا اليوم لبعض الأحزاب اليسارية المُحافظة على وجود المقاومة كالجبهة الشعبية، فإن رأيها يُؤخذ به كون أنها تقدم الجانب المقاوم مع الجانب السياسي، وإن ما يحدث اليوم في غزة من غرفة العمليات المشتركة لهو خير دليل على أن أي توجه سياسي لن يكون له كيان ما لم تكن هناك قوة تحميه، لذلك تجد الجمهور اليوم يتأثر وبشكل كبير بما تُـقدمه المقاومة على أرض الواقع، وما تقدمه عمليه السلام الفاشلة، ومن هنا نستطيع القول بأن الخطاب المقاوم هو الأقوى والأصدق والأكثر تحقيق لرغبات الجمهور، من الجانب السياسي الهزيل الذي يحارب المقاومة ويطبع مع الاحتلال".

 

وفيما يتعلق بدور الإمام الخميني في توجيه البوصلة نحو فلسطين وإحياء القضية الفلسطينية، بوصفها قضية مركزية للعالم الإسلامي، أشار عدوان إلى أن "الدولة الإسلامية الإيرانية عانت طويلًا من التدخل الإسرائيلي، في شأنها الداخلي من الناحية السياسية والاقتصادية، الأمر الذي دعا الثورة في حينا بأن تكن كل العَـداء لهذه الدولة الدخيلة، على الأمة الإسلامية والعربية، ولقد اعتبرت القضية الفلسطينية قضية مركزية، وأن المسجد الأقصى ليس لأهل فلسطين وحدهم بل هي شأنٌ إسلامي، ومع انتهاء الثورة كان هناك علاقة قوية مع الرئيس الراحل ياسر عرفات في بداية الأمر، الذي كان يوجهون هذا المحتل من أجل إخراجه من أرض فلسطين، ولكن عندما شعر الإمام الخميني، بأن هذه الأحزاب بدأت تأخذ منحى التفاوض، قطع علاقته معهم".

شكّلت رأس حربة المشروع الإسلامي

يقول الأكاديمي والمحلل السياسي حاتم العيلة: إن "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي حركة جهادية ثورية تحمل الإسلام كدين ودولة، وهي طليعة الحركة الثورية الإسلامية في فلسطين، فهي فلسطينية المنشأ، عربية الوجه، إسلامية العمق، تتخذ من الإسلام فكراً لها، ومن فلسطين مركزاً لإدارة صراعها".

 

وأضاف خلال حديثٍ لوكالة قدسنا: "في منتصف سبعينيات القرن العشرين، وفي سياق الصحوة الإسلامية المتنامية في الوطن العربي، وخاصة بعد هزيمة العام 1967م، حدث نوع من التناقض بين العمل الديني والعمل الوطني؛ ودار حراك فكري على الساحة الفلسطينية في أوساط بعض الشباب الفلسطيني المسلم المثقف حول ضرورة إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس إسلامية؛ نتيجة التراجع عن ثوابت وبرامج وسياسات منظمة التحرير الفلسطينية، حيث حملت حركة الجهاد الإسلامي رؤية تجديدية داخل الفكر الإسلامي، وداخل الحركة الإسلامية، ودعت الأمة إلى الخروج من جمودها التقليدي وتتسلح بالوعي والمعرفة، والاقتداء الطلائعيين، وفي مقدمتهم "جمال الدين الأفغاني"، و"عزالدين القسام"، و"سيد قطب"، و"الإمام الخميني"، وبذلك مزجت بين البُـعد الديني والبُـعدين الوطني والسياسي، ضمن واقع اجتماعي غير مستقر، يخوض مرحلة تحرر وطني".
 

وأشار إلى أن "حركة الجهاد الإسلامي مثلت طليعة المجاهدين، وشكَّلت رأس حربة المشروع الإسلامي في مواجهة "إسرائيل"، وبذلك تميزت عن غيرها من الحركات العاملة على الساحة الفلسطينية الإسلامية منها والوطنية، بنمط جمع بين الوطني والإسلامي، حيث كانت عاملاً مهماً لتجسيد الوحدة الإسلامية والوطنية، وأكسب الساحة الفلسطينية مزيداً من التلاحم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي سياسياً وعسكرياً، وبذلك مثَّلت انطلاقة حركة الجهاد قوة تجديدية وتنويرية داخل أروقة الثورة الفلسطينية والحركة الإسلامية ‏المعاصرة، سواء على مستوى الفكر أو الممارسة.
 

وعقب نجاح الثورة الإيرانية تميزت حركة الجهاد الإسلامي ببناء علاقات وطيدة مع إيران، من خلال التعاون والدعم اللامحدود الذي تلقته الحركة من إيران على المستوي المالي والعسكري، بوصفها دولة داعمة للقضية الفلسطينية والتي مازالت تحتاج إلى مناصرة ودعم الكثيرين على كافة المستويات، فالدعم الإيراني للفلسطينيين نابع من الرؤية الأيديولوجية لإيران، واتباعها مبدأ دعم وحماية المستضعفين وفق الفكر الثوري للإمام الخميني، كما أن اعتبار إيران بأن إسرائيل كيان غير مشروع، ورفضها للسياسة الأميركية تجاه فلسطين، كلها انعكست ايجاباً على عمق العلاقة بين حركات المقاومة الفلسطينية لاسيما حركة الجهاد الإسلامي مع الجمهورية الإيرانية.

 

 




محتوى ذات صلة

الشيخ نعيم قاسم: اسرائيل لا يوقفها الا السلاح و المقاومة

الشيخ نعيم قاسم: اسرائيل لا يوقفها الا السلاح و المقاومة

لفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أنَّ "المقاومة النبيلة العزيزة في لبنان التي حررت الأرض مرات ومرات - حررت الأرض في مواجهة "إسرائيل" وحررت الأرض بمواجهة التكفيريين - وشكلت حالة ردع، هي التي تساعد على أن يكون لبنان قويًا وعزيزًا".

|

تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية 

إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية

إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله

كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية أنّ جيش الاحتلال يواجه ارتباكاً في التعامل مع طائرات حزب الله المسيّرة، ويحاول إيجاد طريقة للتعامل معها.

|

قائد بحرية الجيش الإيراني: عملية" الوعد الصادق" كانت في الحقيقة مواجهة القوة الحقيقية والقوة المزيفة

قائد بحرية الجيش الإيراني: عملية" الوعد الصادق" كانت في الحقيقة مواجهة القوة الحقيقية والقوة المزيفة

أشار قائد القوة البحرية للجمهورية الاسلامية الايرانية "الادميرال شهرام ايراني" إلى أن موازين القوى في المنطقة تغيرت بوجود قوى المقاومة، قائلا: عملية الوعد الصادق أثبتت للعالم أجمع كيف تعمل القوة الحقيقية مع القوة المزيفة على الأرض.

|

المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صواريخ المقاومة الفلسطينية تدك بشدة مستوطنات غلاف غزّة
  2. الصحة بغزة : 34183 شهيدا و77143 إصابة منذ بدء العدوان
  3. الشيخ نعيم قاسم: اسرائيل لا يوقفها الا السلاح و المقاومة
  4. أمير عبد اللهيان: يجب على الاتحاد الأوروبي ان يفرض عقوبات على الكيان الاسرائيلي
  5. حماس تندد بتصريحات وزير الخارجية الامريكي وتصفها بانها تتناقض مع الحقيقة
  6. أنصار الله تدعو القوات المسلحة اليمنية الى تصعيد عملياتها ضد الملاحة الصهيونية
  7. الرئيس الإيراني: الصهاينة يستغلون الخلافات بين الدول الإسلامية
  8. الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان إلى 34,151 شهيدا و 77,084 إصابة منذ السابع من اكتوبر
  9. الجبهة الشعبية: الرد الايراني يعد حدث مفصلي وهام سيؤسس لقواعد اشتباك جديدة في المنطقة
  10. السيد صفي الدين: المقاومة في غزة رغم المعاناة ما زالت قوية ومقتدرة
  11. قيادي في الجهاد الإسلامي: المقاومة لن تتنازل عن مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة
  12. ضابط سابق بالجيش الأمريكي يصف الهجوم الانتقامي الايراني بانه عملية عبقرية واستعراضا للذكاء التكتيكي والاستراتيجي
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)