qodsna.ir qodsna.ir

محللون سياسيون لـ«قدسنا»: تصنيف حماس بالإرهابية اعتداءٌ على نضال الفلسطينيين/ بريطانيا تجاهلت وجود الشعب الفلسطيني منذ البداية

 

أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل فرض حظر شامل على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بعد قولها إنها شرعت في استصدار قانون من البرلمان بهذا الشأن، وعَزَت اتخاذ القرار لامتلاك "الحركة" ما أسمتها قدرات إرهابية هامة.

 

فيما أثار إعلان وزيرة الداخلية البريطانية حظر حركة (حماس)، ونيتها استصدار قرار من البرلمان يصنف الحركة كمنظمة إرهابية، موجة من ردودِ الفعلِ الداخلية والخارجية. وعلى أثر ذلك التقت وكالة قدسنا بمحللين سياسيين لمعرفة دوافع هذا القرار وتداعياته.

**مصلحة اسرائيلية

يقول صالح النعامي متخصّص في الشأن الإسرائيلي وتقاطعاته العربية والفلسطينية والإسلامية : إن " هدف بريطانيا من تصنيف حماس كتنظيم إرهابي يعود لعدة أهداف أولها لهدف داخلي لحكومة المحافظين برئاسة جونسون التي تتسق مع الرواية الصهيونية وهي مواصلةٌ لجريمة بريطانيا الأولى في منح وعد بلفور الذي أعطى أرض لمن لا أرض له ونزع الحق من أصحابه وهم الشعب الفلسطيني والهدف الثاني من القرار هو تضييق الخِناق على حركة حماس لآنه استند إلى توصية من المخابرات الإسرائيلية حيث أنهم يعتقدون بتجريم "الحركة" واعتبار ها إرهابية لتقليص مظاهر الدعم للقضية الفلسطينية بالمناسبة وليس فقط حماس على اعتبار أنها حركة المقاومة الأولى في فلسطين وبالتالي تصنيفها كتنظيم إرهابي هذا الدعم سواء السياسي والجماهيري والإعلامي وتضيق الخناق على "حماس" هي مصلحةٌ اسرائيلية قبل كل شيء وثالثا وهو الأهم تضييق الخناق على الحركات والجماعات المؤيدة للشعب الفلسطيني داخل بريطانيا وتحديدا المنضوية تحت  إطار حركة المقاطعة الدولية " حركة مقاطعة إسرائيل BDS "حيث أن هذه المنظمات ارتفع صوتها كثيرا مؤخرا. وخير دليل مثال طرد طلاب بريطانيون مناصرون للقضية الفلسطينية سفيرة إسرائيل في بريطانيا تسيبي حوتوبيلي بعد محاولتها إلقاء كلمة في كلية لندن للاقتصاد والاعتراض على مشاركتها وهذا سلوك ترك إحباط للداعمين لإسرائيل في بريطانيا ومن ضمنهم الحكومة على وجه الخصوص وزيرة الداخلية التي أعلنت القرار وهي صاحبة تنسيق مع جماعات اللوبي الإسرائيلي  معقبًا على القرار بـ ( بإمكانها أن تبل هذا القرار وتشرب ميته ) مضيفًا أن حركة حماس تعمل في فلسطين وقرارها لن يكون له أي تأثير عملي.

 

وبالمقابل أكد النعامي, أن هذه القوى الاستعمارية الظالمة لا تكثرت  بالقانون الدولي وهي تدعم اسرائيل التي تقوم بانتهاك القانون كل يوم لحظة بلحظة  وبالتالي هذه القوى "بريطانيا فرنسا الولايات المتحدة" وغيرها تُقدّس مصالحها ولا تكترث بالاحترام أو عدمه  وإن كان هذا مَسٌ بالقانون الدولي  الذي يمنح الشعب الواقع تحت الاحتلال مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ومن ضمن ذلك الكفاح المسلح وبالتالي لا أعتقد أنه هناك تعارض بين عمل المقاومة والقانون الدولي وإن كان هناك ثمة تفسيرات تجعل المقاومة تتناقض مع القانون الدولي فان هذا لا يُقارن بجرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وتصمت عنها بريطانيا ولا تحرك ساكن إزاءها.

 

وأشار النعامي إلى أن "القرار البريطاني تجاهل إرادة الشعب الفلسطيني وانتخاباته الحُرة الديمقراطية في تشكيل حكومته  وبالتالي بريطانيا القوى العظمي تتجاهل كل إرادات الشعوب العربية  وتحتضن وتدعم الطغاة وتأييدها و تدعم الانقلابات العسكرية التي تُصادر حق الشعوب في تقرير مصيرها وهذا ليس أمرًا جديدًا.

ونفى النعامي " أن يكون هناك علاقة مباشرة بين القرار والتطبيع لكن هناك علاقة غير مباشرة بين النُظم المُطَبِعَة  التي تتعاون عمليًا مع اسرائيل ضد المقاومة ومنها حركة حماس وتتجاهر بذلك وتنسق وتتعاون امنيًا وهي لا تختلف كثيرا عن بريطانيا التي أقدمت على الجريمة بل هذه النظم أكثر إجراما اجحافًا من بريطانيا على اعتبار هذه نُظم في دول عربية يُقترض أنها معنية بالشأن الفلسطيني وشعبه وقضيته  لذلك إن كان هناك ثمة روابط  فإن ما ذُكَرَ هو الرابط .

**بريطانيا لم تتخلّ عن إسرائيل

 

من جانبه يُشير استاذ التاريخ الحديث ودراسات الشرق الاوسط في جامعة الازهر الدكتور رياض الأسطل إلى أن حكومة بريطانيا متورطة في المشروع الصهيوني منذ البدء، أي منذ ما قبل إصدار تصريح بلفور بكثير، حيث كانت بمثابة الحاضنة الإمبريالية لهذا المشروع حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حين قدمت الولايات المتحدة واصطفت خلفها في دعم دولة إسرائيل. وهذا الأمر يؤكد أن بريطانيا لم تتخلَ يوماً عن دعمها لإسرائيل، وأنها تتماهى دوماً مع مواقفها السياسية. ومن ثم اتخذت هذا القرار تلبية لطلب إسرائيلي، وبهدف دعم المساعي الإسرائيلية الرامية لتجريم حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة، من جهة، ولمحاصرة مشروع التحرر الفلسطيني على الصعيد الدولي، من جهة أخرى.

 

وبيَن الأسطل أن "القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وسائر الاتفاقات الدولية ذات الصلة، لا تعترف باحتلال دولة لأراضي دولة أخرى، أو أراضي شعب آخر. وقد نص القانون الدولي، وكذلك ميثاق الأمم المتحدة، على حق الشعوب المحتلة في مقاومة الاحتلال بكل وسائل المقاومة المتاحة، بما فيها المقاومة المسلحة، بما لا يؤدي إلى انتهاك حرمة المدنيين وحقهم في العيش الآمن. وهو ما يعني أن القانون الدولي أعطى الحق للشعوب المحتلة لمقاومة الاحتلال على أراضيها، وليس على أراضي الدول الأخرى بما فيها دولة الاحتلال نفسها.

 

ونوه الأسطل خلال حديثه لـ«قدسنا» بأن بريطانيا تجاهلت وجود الشعب الفلسطيني منذ البدء، حين كان يشكل 93% من سكان فلسطين؛ وتجاهلته تاريخاً وحضارة حين تناست وجوده التاريخي على أرضه، دون انقطاع، ومنذ أقدم العصور إلى الآن. وتجاهلت حقوقه السياسية في تصريح بلفور الذي لم تعطِ الفلسطينيين أكثر من الحق في إدارة شؤونهم المدنية والدينية، وفي صك الانتداب الذي تم تصميمه لإقامة دولة إسرائيل.

 

وحول هل القرار دلالة على حجم التفاف الجماهير على خيار المقاومة أجاب " القرار يضرب في دائرة الاستهداف المباشر لخيار المقاومة. ومكمن الخطورة فيه أنه يُجرَّم العمل السياسي والعمل العسكري معاً. وهذا يعني أن بريطانيا تدعم تجريم كل فلسطيني يُعبّر عن موقفٍ رافض للممارسات الاحتلالية، حتى لو كان هذا الموقف في إطار السلمية المطلقة والدفاع عن حقوق الإنسان. وهنا نقول، وبكل ثقة، أن خيار المقاومة مكفولٌ بالقانون الدولي، والفلسطينيين قاوموا المشروع الصهيوني في ظل الاحتلال البريطاني، ثم واصلوا مشروعهم المقاوم بغض النظر عن مواقف كل الدول الإمبريالية الداعمة للاحتلال.

وأكد أن "القرار البريطاني يتماهى مع صفقة القرن التي تقوم على وضع حد للمقاومة الفلسطينية المسلحة، ودمج إسرائيل في المنطقة بالتطبيع مع الدول العربية، وتوظيف الإمكانات الاقتصادية؛ لصرف الفلسطينيين عن المطالبة بحقوقهم السياسية، ومحاصرتهم في عدد من المعازل، للضغط عليهم، حتى يغادروا البلاد طوعاً. وهذا ما نُشاهده على أرض الواقع من تجريم للمقاومة وللمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان من جهة، وتيسير سُبل الدعم الاقتصادي المحدود من جهة أخرى.

 

**عداء بريطاني تاريخي ضد الفلسطينيين
 

من ناحيته قال الكاتب والمحلل السياسي ناصر اليافاوي: " بتقديري قرار بريطانيا يعكس إصرارها واستمرارها  على ممارسة نهجها الاستعماري القديم تجاه الشعوب بشكل عام، ومعاداتها  للشعب الفلسطيني بشكل خاص، رغم الادعاء زورًا بأنها دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحق تقرير المصير، حيث أنه ليس مستهجنًا قرار بريطانيا تصنيف حركة حماس وكافة الحركات الفلسطينية إرهابية، كونها تعتبر كل إنسان فلسطيني يُطالب بحقه المشروع في استرداد أرضه "إرهابيا"، فقد سبق لها أن لعبت نفس الدور مع فصائل منظمة التحرير، وحركات وأحزاب عربية واسلامية منهارة لدولة الكيان الصهيوني.

 

وأضاف اليافاوي خلال تصريحٍ لوكالة قدسنا: " أن المُقزز سياسيًا هو أن هذا التصريح جاء في شهر نوفمبر  الذي وعد فيه بلفور اليهود بإقامة وطن لهم  في فلسطين ، تلك الجريمة  التي أدت إلى نكبة الشعب الفلسطيني منذ عام 1917م،  ولا زال زعماء  بريطانيا مثل تريزا ماي وجونسون، يحتفلون بهذه المناسبة في ذكراها المئوية ، ولا زالت بريطانيا تُصر على عدوانها  وتُساوي بين الضَحية والجَلاد الذي يُمارس كل  الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتستخدم سياسية العقاب الجماعي وحصار قطاع غزة وتوسيع الاستيطان وتهويد المقدسات واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، وتتجاهل كل ذلك وتُصنف حركة حماس إرهابية، في حين أنها تتجاهل كل التقارير الدولية التي تُدين ممارسات دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني حيث تُطبق الظلم بعينه،  ولكن بات من المؤكد أن بريطانيا بعقليتها الاستعمارية لازالت  تلعب دورها كمؤسس وداعم للاحتلال.

 

ورأى أن أخطر ما ورد في تصريحات المتصهينة  باتيل قولها " إنّ حماس تملك قُدرات إرهابيّة واضحة تشمل امتِلاك أسلحة كثيرة ومُتطوّرة فضلًا عن مُنشآتٍ لتدريب إرهابيين لهذا اتّخذت إجراءات بحظرها"، وهذه التّصريحات تُذكّرنا بمثيلاتها حول أُكذوبة أسلحة الدّمار الشّامل العِراقيّة، وتُشَكِّل تحريضًا على مواصلة العدوان على  غزّة ، ومن خلال معرفتنا بالفصائل الفلسطينية نقول أن  حماس ليست حركة إرهابيّة، ولم تُنفّذ أيّ عمليّة إرهابيّة ضدّ بريطانيا أو أيّ دولة أوروبيّة أو أمريكيّة أُخرى، ولم نسمع يومًا أنها اعتَدت على أيّ مُؤسّسة يهوديّة، بل حصرت مُقاومتها للاحتِلال  داخِل الأراضي  المُحتلّة فقط، وخاضت انتخابات فِلسطينيّة 2006 م وفازت فيها، ولم يعترض المجتمع الدولي على هذه المُشاركة، وكان توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، مُمثّل اللجنة الرباعيّة من زوّار مقرّها في قِطاع غزّة واللّقاء مع قِياداتها في القِطاع والدوحة لكن يبدو أن حكام بريطانيا مصرين على إبقاء  سُمعتها في الوحل الأسود بالانحِياز إلى الموقف الصهيوني العُنصري، ودعم جرائم إسرائيليّ في الضفّة  والقِطاع، وقتل مساعد الحلول الدولية  فجميع الفصائل الفِلسطينية أدانت القرار البريطاني ضدّ حركة “حماس”، وتوحّدت في مُعارضته، وبدأت تُصدر دعوات في العالم الإسلامي بمُقاطعة البضائع البريطانيّة ، وانطلقت شعارات  تقول ان السياسية البريطانيّة  باتت تُرسَم في تل أبيب.

ولفت اليافاوي، إلى أنه لولا هرولة دول التطبيع العربية لما تجرأت بريطانيا وأصدرت تلك الهرطقات علما أن الحُكومات التي طبّعت مع إسرائيل لا تُمثّل الشّعوب العربيّة، وليست مُنتخبة منها، وإذا اعتبرت أن أمنها لا يتحقّق إلا بسياج الصهاينة فهي واهية، إضافة إلى أن هذا القرار البريطاني بتجريم حركة “حماس” لن يضر الحركة ولن يُخرج إسرائيل من أزماتها، وقد يُلحِق أضرارًا كبيرةً ببريطانيا وأمنها واستِقرارها.

 

وشدد على أن العملية الفدائية التي القدس تُمثّل رسالةً لبريطانيا و الصهاينة و المطبعين العرب بأن التهديد بوضع الفلسطينيين على قائمة الإرهاب لن يخيفهم و لن يُوقفهم عن النضال المسلح حتى تتحرر فلسطين.

 

**انحياز واضح

 

من ناحيته اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي حاتم العيلة، أن القرار البريطاني هو استمرار للسياسة البريطانية الرسمية المنحازة للكيان الصهيوني وسياساته القائمة على القتل والارهاب والتدمير، ويؤكد القرار على التواطؤ والتآمر البريطاني مع الصهيونية، ويُشكّل انحيازاً بريطانياً واضحاً للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، كما يُمثل القرار جريمة حقيقة وقانونية تُضاف إلى سجل بريطانيا بعد جريمتها الأولى بإصدار وعد بلفور ثم استعمار فلسطين والتمهيد لقيام الكيان الصهيوني في فلسطين.

 

وأردف خلال تصريحاتٍ لوكالة قدسنا، أن "شكّل القرار البريطاني دعماً للكيان الصهيوني ومشروعه الاستعماري بما يُعدْ مخالفةً صريحةً لكل قواعد القانون الدولي، فالمقاومة حقٌ مشروعٌ للشعوب كفلته المواثيق والقرارات الدولية، وما يقوم به الشعب الفلسطيني ومن ضمنه حركة حماس هو ممارسة هذا الحق في الدفاع عن نفسها حتى يتم دحر الاحتلال الصهيوني الذي يُعتبر الإرهاب بكافة صوره، كما أن القرار البريطاني يتناقض مع تلك القوانين والقرارات الدولية، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في التصدي للقرارات البريطانية والأمريكية التي تتنكر لميثاق الأمم المتحدة وقوانينها وحقوق الشعوب في الدفاع عن نفسها.

 

ولفت إلى أن " هذا القرار لاقى رفضاً واستنكاراً فلسطينياً رسمياً وشعبياً، فالقيادة الفلسطينية وكافة جماهير شعبنا الفلسطيني وفصائل العمل الوطني والإسلامي رفضت قرار الحكومة البريطانية بتصنيف حركة حماس منظمة إرهابية، واعتبر الكل الفلسطيني أن هذا القرار يُمثّل إدانة وتجريماً لكل الحركة الوطنية الفلسطينية ولتاريخ شعبنا في الكفاح ضد الاستعمار الصهيوني.

 

وطالب العيلة كافة أحرار العالم الانتصار لفلسطين ودعم المقاومة الفلسطينية بكافة الوسائل المتاحة والممكنة، وتنظيم الحملات الإعلامية والدبلوماسية وتصعيد حركة الاحتجاج الشعبي من خلال الفعاليات المناهضة ضد بريطانيا وسفاراتها وقنصلياتها في العالم أجمع والمؤسسات السياسية داخل بريطانيا لإدانة وإسقاط قرارها بحق حركة حماس وكشف وجه بريطانيا الحقيقي الداعم للكيان الصهيوني.