qodsna.ir qodsna.ir

السلطة تلاحق سلاح
المقاومة

محمود فودة

وكالة القدس للانباء(قدسنا) بينما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تعيد اعتقال الأسرى الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع، كانت عشرات البنادق تتجول في مدينة الخليل في وضح النهار، ضمن استعراض عائلي، للرد على مقتل أحد أفرادها.

 

فلو كانت السلطة تتعامل مع سلاح المقاومة بنفس سلاح العائلات أو أقل، لما تُرك الأسرى المحررون يلاقون مصيرهم لوحدهم في شوارع الناصرة، وأحراش جبل الطور، تعلم السلطة هذا جيدًا كما (إسرائيل)، وكل المتابعين للمشهد في الضفة الغربية المحتلة.

 

في جنين لا يجرؤ جندي (إسرائيلي) على الاقتراب من مركزها ومخيمها، فهناك سلاح مقاومة نشأ مجددًا، رغم أنف السلطة، فرجال المخيم كسروا الطوق الأمني الذي تفرضه السلطة على كل رصاصة تزغرد باسم المقاومة، بينما سلاح الفوضى ورصاصه يغطي سماء الضفة دون حسيب أو رقيب.

 

(إسرائيل) من جهتها سعت على مدار السنوات الماضية في ظل حكم محمود عباس إلى تسريب سلاح للعائلات والعشائر في الضفة، وكذلك لمجموعات الزعران التي تتبع كل واحدة منها لمسؤول متنفذ في السلطة أو حركة فتح، في ظل حالة التنافس الداخلية في التنظيم على المكاسب والامتيازات.

 

وفي تفاصيل الوضع الميداني في الضفة، أفاد أحد وجهاء مدينة الخليل لـ"الرسالة" أن سلاح العائلات خارج إطار ملاحقة السلطة بشكل عام، وقد تتجه لمصادرة بعض قطع السلاح في حال وقوع اشتباكات بين عائلتين، وغالباً لا تتمكن من القبض على أي قطعة، في ظل انتهاء المشاكل العائلية بصلح عشائري يكون موقف السلطة فيه كشاهد فقط.

 

وأوضح أن العائلات اضطرت لشراء السلاح واستخدامه في المشاكل نتيجة عدم ثقتها بقدرة السلطة على السيطرة الأمنية في مدن الضفة، وهو ما قد يؤدي إلى ضياع حقوق المواطنين المالية والاجتماعية، وتعرضها للظلم، خصوصاً في ظل وجود مجموعات مسلحة تابعة للسلطة، ولكن بالثوب المدني، يمكنها تنفيذ أجندات بعض العائلات.

 

وطالما حذرت الفصائل الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان، والجهات المتابعة للشأن الأمني في الضفة، من خطورة تفشي سلاح العائلات والفوضى في مدن الضفة، وانعكاسه على الوضع العام فيها، إلا أن السلطة لم تعر هذه الأصوات أي اهتمام، بل واصلت تجاهلها لهذه الظاهرة، حتى أصبحت جزءاً من الواقع.

 

ففي كل جنازة أو حفلة عرس أو مشكلة عائلية مهما صغرت في الضفة تتصدر مشاهد إطلاق النار على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى باتت العائلات الكبرى تتفاخر بما لديها من أسلحة، وتعرضه في دواوينها، وعبر الصفحات الرسمية التابعة لها، دون أي مراجعة من الجهات الأمنية في الضفة.

 

وفي المقابل، فإن جهازي المخابرات والأمن الوقائي سجلا إنجازات هائلة على صعيد كشف المجموعات المسلحة التابعة للمقاومة ومصادرة آلاف قطع السلاح والمتفجرات والأموال اللازمة لتنفيذ العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وشمل ذلك تسليم ملفات هذه المجموعات إلى الاحتلال ليتم اعتقالها في وقت لاحق، ما أدى لوأد كل محاولات إيقاظ شعلة المقاومة بالضفة.

 

وفي التعقيب على ذلك، يقول المحلل العسكري يوسف الشرقاوي، إن سلاح الفوضى في الضفة بات ظاهرة لا يمكن السيطرة عليها، أو انهاؤها في هذه المرحلة.

 

وأضاف الشرقاوي في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن طبيعة تعامل السلطة مع السلاح المنتشر في الضفة، والتمييز بينهما على صعيد سلاح العائلات والسلاح المستخدم ضد الاحتلال، أدى إلى إيجاد حالة غير مسبوقة من فوضى السلاح الذي تملكه العائلات والعشائر وبعض الجهات المتنفذة، بينما السلاح الآخر الذي لا يلبث أن يسجل على اسم المقاومة حتى يتم مصادرته واعتقال صاحبه.

 

وأشار إلى أن هذه المفارقة العجيبة، لا يستفيد منها أحد سوى الاحتلال الإسرائيلي والمستفيدين من وجوده، بينما يعود بالوبال على المجتمع الفلسطيني بأكمله، ومخاطره تتجاوز مدى الرصاص الذي يطلق من سلاح الفوضى، إلى أبعاد اجتماعية وسياسية وأمنية خطيرة للغاية، لا يمكن لأحد تصورها إلا بعد فوات الأوان.