qodsna.ir qodsna.ir

سعدي الشيرازي واجب الحضور إسلامياً في مواجهة التترية المعاصرة المتمثلة بالوجه البشع للثقافة الامريكية- الصهيونية

وكالة القدس للانباء(قدسنا) اعلنت  المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان  عن إطلاق السلسلة الجديدة من "مجلة الدراسات الأدبية " وذلك خلال تنظيمها  أمسيةً أدبيةً بمناسبة يوم الشاعر الفارسي الكبير سعدي الشيرازي  بعنوان "في محفل الشيخ الأجل، سعدي الشيرازي"، جمعت بين الحضور والافتراض حيث انضمّ إليها متحدثون عبر تطبيق زوم, و تخللها إفطارٌ رمضانيّ دُعيت إليه شخصياتٌ ونخبٌ ثقافيةٌ من إيران ولبنان والدول العربية مع مراعاة محدودية العدد والالتزام بقوانين التباعد والوقاية زمن كورونا , تقدم الحضور وزير الثقافة الدكتور عباس مرتضى والسفير الايراني في بيروت الدكتور  محمد جلال فيروزنيا

والمستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية الدكتور عباس خامه يار  .


يُذكر ان مجلة  "الدراسات الادبية" هي وليدة منبر اللغة الفارسيّة وآدابها في الجامعة اللبنانيّة، الذي تأسّس في بداية العام الجامعيّ 1956-1957م، من ضمن برامج التعاون العلميّ بين جامعة طهران والجامعة اللبنانيّة. وكان الهدف من إنشاء هذه المجلّة باللغتَين العربيّة والفارسيّة أن تكون واسطةً للتعارف ولتبادل المعلومات بين علماء اللغتَين, كما  وبنتِ المجلّةُ جسرَ تواصلٍ بين العرب والإيرانيّين وفتحتِ الأبواب وشرّعتها لدراسة التأثّر والتأثير المتبادلَين بين اللغة العربيّة وآدابها واللغةِ الفارسيّة وآدابها، وحدود تعاونهما وتلاقحهما قديمًا وحديثًا. وقد توقفت لمدة عقود بسبب سوء العلاقات السياسية بين البلدين، حتى عادت من جديد إلى الصدور بجهود المرحوم الدكتور فيكتور الكك ودعم المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان.


علما ان العدد الذي اعلنت المستشارية الثقافية عن إطلاقه ، صدر لضيق الوقت باللغتَين العربيّة والفارسيّة،  على ان تُنشر  الابحاث في الأعداد اللاحقة باللغات الثلاث الفرنسيّة والإنجليزيّة والألمانيّة، كما ذكرت رئيسة تحرير المجلة بعددها الجديد، أستاذة الأدب المقارن واللغة الفارسية في الجامعة اللبنانية الدكتورة دلال عباس.


أُفتتحت  الندوة بكلماتٌ لسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد محمدجلال فيروزنيا وللمستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية الدكتور عباس خامه يار وبعض الأساتذة من أعضاء الهيئة العلمية للمجلة، إلى جانب وقفات شعرية لأدباء وشعراء تطرّقوا إلى سعدي وقصائده.


الكلمة الاولى  للمستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية الدكتور عباس خامه يار

والذي رحب  بالحضور وتلا أبياتا من  أشعار   الشاعر سعدي ,

بني آدم اعضاي يكديگرند              كه در آفرينش ز يك گوهرند

چو عضوي به درد آورد روزگار     دگر عضوها را نماند قرار

*****************************************************

الناس كالأعضاء في التساند             لخلقهم كنه من طين واحد

إذا اشتكى عضو تداعى للسهر   بقية الأعضاء حتى يستقر

 اضاف الدكتور عباس خامه يار لقد استحقّ سعدي بهذه الأبيات أن ينال لقب الشيخ الأجل العارف والواعظ، حيث قدمَ قيمةً إنسانيةً سامية على شكلِ بيتٍ شعري، وهي التكاتف والتعاطف بين الناس، وما أحوجنا اليوم إلى مصداق هذا البيت في حياتنا السياسية، الاجتماعية وحتى حياتنا الأسرية الخاصة.


وشدد الدكتور عباس خامه يار  على ان سعدي الشيرازي  مزج في أعماله بين الفائدة والمتعة، وبين البلاغة والبساطة، وأضحى بذلك مدرسةً أدبيةً قائمةً بذاتها، إذ اعتبر أب النثر الفارسي، استطاع كذلك أن يمزج بين تجاربه، بعد ثلاثة عقود تنقل فيها بين الكثير من البلدان والثقافات والصحاري والقفار، وأصبح رمزًا للمحبة والإنسانية.

كانت اللغة العربية دائمًا حاضرةً في آثار سعدي ومؤلفاته، لا سيما زمن سقوط بغداد التي أحبها وأحب شعبها، بيد هولاكو المغولي، حيث فاضت مدامعه ورثاها قائلاً:

حبَستُ بجَفنَيَ المدامِعَ لا تجري          فَلَمّا طَغى الماءُ استطالَ على السكرِ

نسيمُ صبا بغدادَ بعد خرابها                      تمَنَّيتُ لو كانت تَمُرُّ على قبري

وأشار الدكتور عباس خامه يار  الى الى ان  صيتُ سعدي قد ذاع كثيرًا في الغرب بفضل الترجمات الفرنسية واللاتينية، ولاحظ العالم من نقّاد وأدباء تأثره الكبير بالقرآن الكريم وبالحديث النبوي.

نصوصه الشعرية والنثرية التي أبدعها بلسان عربي جميل،   قال الدكتور عباس خامه يار :

 

تؤكد الانتماء الحضاري المنفتح والممتد لشاعر قضى أكثر عمره في السير والحكمة.

 

هذه بعضُ الزفرات العربية لسعدي الفارسي، موعظةً ورثاءً وغزل، نستطيع أن نسميها عربية القلب والوجدان، وهذا هو سعدي في جلبابه العربي، يؤكد انسجام الشعوب الإسلامية في إحدى مراحلها التاريخية، على أمل أن يبقى الانسجامُ ويتعزز بين بلادنا ومنطقتنا. فما أحوجَ بلادنا اليوم إلى سعدي وأمثاله، للوقوف في وجه الطغيان بكافة أشكاله. فلقد خطونا، نحن أبناء سعدي الذين كبرنا على أبياته، خطونا نحو النهضة منذ أربعة عقودٍ يدًا بيد مع قائدنا نحو مرحلةٍ تحكمها القيم الإنسانية وتنتشلها من مستنقع العبودية، فهل من نصيرٍ ومعينٍ ورفيق؟


وختم الدكتور عباس خامه يار كلمته   بالقول  أننا استغلينا هذه المناسبة للإعلان عن إطلاق العدد الأول من مجلة الدراسات الأدبية بحلّتها الجديدة وهيئتها العلمية والاستشارية الجديدة برئاسة الدكتورة دلال عباس العزيزة وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية. وهنا أشير إلى تفاني المرحوم الدكتور فيكتور الكك في رئاسته للمجلة على مدى سنواتٍ وعلى سعيه الدؤوب لبقاءها وتألقها حرصاً منه على استمرار التبادل الثقافي والأدبي بين إيران ولبنان.


أتركُ الكلام لأصحاب الكلام، الأساتذة من أدباء وشعراء وأعضاء لجان مجلة الدراسات الأدبية. دمتم بخير وعسى أن يكونَ شهر رمضان نهايةً لظروف التباعد والقلق، ويحملَ إلينا رحمةً بفضلِ العبادات والطاعات. تقبّلها الله منكم.


ثم تحدث سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور  محمدجلال فيروزنيا ,

فقال :

يسرُّني ويسعدُني أن نجتمعَ اليوم في هذا المحفل الثقافي بامتياز، وفي هذه المناسبة، لنحتفي في يوم الشاعر الكبير سعدي الشيرازي، بإطلاق السلسلة الجديدة من أعداد مجلة الدراسات الأدبية، التي لطالما كانت الرابط الثقافي وجسر التواصل بين الثقافتين العربية والفارسية؛ ذلك الرابط الذي ذلّلَ الاختلافات في اللغة والفكر، فأصبحت الثقافة بذلك هي الغاية وأصبح الفكرُ هو الهدف المشترك بين الطرفين.

 

وأيُّ مناسبةٍ للاحتفال بهذه الخطوة التاريخية على الصعيد الثقافي والأدبي، أفضلُ من يوم الشاعر الكبير سعدي الشيرازي؟ ومن أفضلُ من الشيخ الأجلّ سعدي ليكونَ عنوانًا للأدب والشعر والثقافة؟

 

أضاف السفير   محمدجلال فيروزنيا يشكّلُ سعدي صرحًا أدبياً أساسياً إلى جانب حافظ الشيرازي وشعراء آخرين في إيران، فهو قامةٌ كبيرةٌ في سماء الشعر والأدب، وقلّما تجدونَ إيرانياً لا يحفظُ أبيات سعدي وحافظ وگنجوي والأنصاري والسنائي والخيام وكثيرين ممن كانت لهم مؤلفاتٌ خالدة في تاريخ الأدب والشعر.

 

ونحن اليوم نحتفلُ بأحدِ هؤلاء الشعراء والقامات التي برزت على صعيد العالم أجمع، فتُرجِمَت آثارُهم إلى لغات العالم، وكان لقصائدهم جميلُ الأثر في كل مكان.

أرحّبُ بكم، وأوجزُ الكلامَ لإتاحة الفرصة للأساتذة بإبداء مداخلاتهم القيّمة حول مناسبة اجتماعنا العزيز اليوم. وأثني على هذا

 

المجلس وكل القيمين عليه والمنظمين . ولا يسعني إلا أن أشد على أياديكم حيال هذه المساعي الحثيثة التي بذلتموها على طريق الثقافة وتقريب الأفكار.

 

وختم السفير   محمدجلال فيروزنيا كلمته  بالقول يسعدُني في هذه المناسبة أن أبارك لكم بهذا الشهر الفضيل، راجيا المولى عز و جل أن يتقبلَ طاعاتكم وصيامكم، ويخلّصَ البشريةَ من هذا الوباء الذي ألم بالعالم منذ أكثر من عام، وترك أُثرًأ واضحًا على العلاقات الرسمية و الشعبية ، الثقافية و الإجتماعية . وبذلك تأثرت الفعاليات والأنشطة واللقاءات ، ومازلنا نشعرُ بوطأة هذا الوباء علينا حتى الآن .

 

رغم كل شيء، لطالما كانت الروابط الثقافية قائمةً بين إيران ولبنان، ولطالما كنا نشهد تبادلا فكريا و ثقافيا و لغويا بين الحضارتين، لا سيما في زمن الأزمات ، حيث تلعب الثقافةُ الدور الأرقى و الأسمى في مواجهة الظلم والتفرقة والجهل.

من جهته   , الدكتور  حداد عادل رئيس مؤسسة سعدي  وفي كلمة  له في الندوة قال :

 

بمناسبة الأول من شهر أرديبهشت (21 نيسان) الذي أسمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية بيوم سعدي، وبهمّة وجهود المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، تقام هذه الندوة الافتراضية عن سعدي وأشعاره العربية وتلاقح الثقافات، حيث تمت دعوتي من جانب الأعزاء في المستشارية لتكون لي فرصة الحديث عن أشعار سعدي العربية.

اللغة العربية التي استقت قوتها وانتشارها ببركة القرآن الكريم، منذ صدر الإسلام وحتى اليوم كانت اللغة العالمية بين الدول الإسلامية، وعلى امتداد التاريخ، كان كل العلماء من فقهاء وفلاسفة، أدباء ومؤرخين وكبار، شعراء وكل المثقفين كانوا يتقنون اللغة العربية. اللغة العربية كانت علامة الثقافة في العالم الإسلامي. لغة التواصل المشترك لدى كل المسلمين. وسعدي شاعر إيران الكبير الذي عاش في القرن السابع الهجري، لم يكن مستثنى من هذه القاعدة. لقد درسَ لسنواتٍ في المدرسة النظامية في بغداد. وطوال سنواتٍ كان سائحًا في البلدان العربية وكان ضليعاً بهذه اللغة ورموزها وظرائفها. كان على ارتباطٍ بكبار شعراء العرب. وهذا ما نراه حيث نجد عدداً من القصائد العربية في ديوانه.

 

واشار الدكتور  حداد عادل  الى إن نظم الأشعار العربية في قصيدةٍ فارسية اللغة، هو أحد فنون ذلك الشاعر. حيث كان يدرج بيتاً أو ثلاثةَ أبياتٍ من الغزل أو قصيدة كاملة من الغزل باللغة العربية في كتابه، فيجعل قصائده أجمل وفنّه أوضح. حتى أن كبار الشعراء مثل مولانا في المثنوي ديوان شمس وحافظ، سعدي وآخرين قبل مولانا وبعد حافظ، التزموا بهذه القاعدة. و سعدي لديه عددٌ من القصائد العربية التي نشرت له وقد تم التحقق من أشعار سعدي العربية وكتب الكثير من المقالات عنها. هذه الأشعار خلال العقود الأخيرة ترجمت مرتين إلى اللغة الفارسية، المرة الأولى قبل أربعين عاماً وكانت للدكتور مؤيد الشيرازي، والمرة الثانية قبل عشر سنوات على يد الأستاذ موسى أسوار عضو المركز الثقافي للغة الفارسية وآدابها. كبار الأساتذة من أمثال المرحوم الدكتور حسين علي محفوظ أستاذ جامعة بغداد أستاذ اللغة الفارسية في جامعة بغداد الذي كانت أطروحته حول مقارنة أشعار سعدي والمتبني. ولقد كان اختيار موضوع أشعار سعدي العربية في لبنان الذي يعدّ مركز الثقافة في العالم العربي، كان خياراً موفقاً ورسالة هذا الخيار هي القول إن اللغة العربية هي حلقة الترابط الأساسية في سائر الشعوب الإسلامية وإن الإيرانيين لم ينسوا يوماً عشقهم للغة العربية وهذا الإرث الثقافي مثل قصائد سعدي وسائر الأعمال العربية التي تركها الإيرانيون لا سيما الشعر، يمكنه أن يكون صلة الوصل الوثيقة بين شعب إيران والشعوب العربية ليعرفوا هذا التلاقح الثقافي الذي كان لنا طوال التاريخ مع بعضنا البعض وحتى اليوم علينا أن نحافظ على هذا التلاقح ونعمل على تعزيزه.

 

وختم الدكتور  حداد عادل ا كلمته بقراءة  مختاراتٍ من  إحدى غزليات سعدي العربية .

 

أما أستاذة الأدب المقارن واللغة الفارسية في الجامعة اللبنانية الدكتورة دلال عباس فتحدثت في مناسبة صدور  مجلة الدراسات الأدبيّة" بحلة جديدة  فقالت :

          جاء يوم  سعدي  مناسَبةً  مناسِبَةً لإطلاق مجلّة "الدراسات الأدبيّة" ، هذه المجلّةُ هي وليدة مِنبرِ اللغة الفارسيّة وآدابها في الجامعة اللبنانيّة، الذي تأسّس في بداية العام الجامعيّ 1956-1957م، من ضمن برنامج التعاون العلميّ بين جامعة طهران والجامعة اللبنانيّة، وتولّى الدكتور محمّد محمّدي أستاذُ الأدب العربيّ في جامعة طهران رئاسةَ هذا القسم، فضلًا عن تدريس اللغة الفارسيّة لطلّاب الأدب العربيّ والتاريخ فيها. بعد ثلاث سنوات، أصدرَ منبرُ اللغة الفارسيّة مجلّةَ "الدراسات الأدبيّة"، وجاء في افتتاحيّة العدد الأوّل بقلم رئيس التحرير الأستاذ الدكتور محمّد محمّدي، أنّ الهدف من إنشاء هذه المجلّة باللغتَين العربيّة والفارسيّة أن تكون واسطةً للتعارف ولتبادل المعلومات بين علماء اللغتَين.

 

في نهاية العام 1967م، ساءت العلاقاتُ بين إيران ولبنان، وعاد الدكتور محمّدي إلى إيران، وتوقّفتِ المجلّة عن الصدور.

اضافت الدكتورة دلال عباس حين بدأ الدكتور محمّدي تدريسَ اللغة الفارسيّة في الجامعة اللبنانيّة، كان من بين تلاميذه طالبان في قسم اللغة العربيّة هما أحمد لواساني الإيرانيّ الذي انتقل إلى لبنان وهو في العاشرة مع والده العلّامة السيّد حسن لواساني، وفيكتور الكك، الذي أوفده  قسمُ اللغة الفارسيّة في الجامعة اللبنانيّة  في العام 1960م  للتخصّص في اللغة الفارسيّة وآدابها في جامعة طهران...

 

في العام 1968م، كان الأستاذان الدكتور أحمد لواساني والدكتور فيكتور الكك، يدرّسان اللغةَ الفارسيّة في الجامعة اللبنانيّة لطلّاب الأدب العربيّ والتاريخ والآثار، وكنتُ أنا الطالبةُ في قسم اللغة العربيّة وآدابها من بين تلاميذ الدكتور أحمد لواساني، الذي تولّى إدارة قسم اللغة الفارسيّة بعد سفر الدكتور محمّدي، لكنّه لم يتمكّن من إصدار  المجلّة  بسبب توقّف الدعم المالي بعد قطع العلاقات بين البلدين، ثمّ بسبب اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان…

 

وتابعت الدكتورة دلال عباس "بعد  انتصار الثورة في إيران وقيام الجمهوريّة الإسلاميّة،  سعى الدكتور لواساني والدكتور الكك جاهدَين لإعادة إحياء مجلّة الدراسات الأدبيّة. وفي العام 2000م، عادت المجلّة إلى الصدور برئاسة الدكتور فيكتور الكك، ودعم المستشاريّة الثقافيّة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة".

 

كما اشارت الدكتورة دلال عباس الى انه في العام 2004م، أُنشئ قسم اللغة الفارسيّة وآدابها في الجامعة اللبنانيّة، في الفرع الأوّل في بيروت، بناءً على وثيقة تعاون بين الجامعة اللبنانيّة ممثّلةً بالعميد الأستاذ الدكتور خليل أبو جهجة، وجامعة مشهد ممثّلةً بالدكتور إحسان قبول، واستمرّ صدور المجلّة بدعم من الجامعتَين والمستشاريّة الثقافيّة الإيرانيّة إلى منتصف العام 2016م، وبعد وفاة رئيس التحرير الأستاذ الدكتور فيكتور الكك في آذار من العام 2017م أصدرتها جامعة مشهد إلكترونيًّا حتّى العدد مئة، وها نحن اليوم بدعم من الجامعتَين ومن المستشاريّة الثقافيّة للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ممثّلةً بالدكتور عبّاس خامه يار، نُصدرُ العددَ الأوّل بعد المئة، لتعودَ مجلّة "الدراسات الأدبيّة" إلى الساحة الثقافيّة مرجِعًا أدبيًّا وفكريًّا للباحثين المعنيّين بدراسة التأثّر والتأثير المتبادلَين بين اللغة الفارسيّة وآدابها واللغة العربيّة وآدابها، من خلال دراسات تدور على محاور الأدب المقارن، تتناول التفاعل بين الثقافتَين العربيّة والفارسيّة وبينهما وبين الآداب العالميّة...

 

وختمت الدكتورة دلال عباس كلمته  قائلة:

 

يصدر هذا العدد من الدورة الثالثة ـ لضيق الوقت ـ باللغتَين العربيّة والفارسيّة، وفي الأعداد اللاحقة سننشر المقالات التي تتناول المواضيع المذكورة أعلاه باللغات الثلاث الفرنسيّة والإنجليزيّة والألمانيّة…

من محاسن الصدف أن العدد الأوّل من الدورة الثانية  الذي صدر في العام ٢٠٠٠، والذي حمل الرقم المتسلسل ٣٥ ـ ٣٦، كان عددًا خاصًّا عن سعدي الشيرازيّ ، تناول الباحثون فيه

مختلثف المباحث المتعلّقة بحياة سعدي وخصائص شعرِه ونثرِه.

 

استاذ اللغة الفارسية في الجامعة اللبنانية  ومدير كلية الاداب سابقا  الدكتور طوني الحاج ,اعتبر ان الشيخ الحكيم سعدي الشيرازي ، امضى سنوات من عمره في اكتساب العلم العميق واستمرت والدته في تلقينه المعرفه وذلك بعد وفات والده. وبعد اكماله تحصيله العلمي بدا السفر الي بلاد الشام والحجاز وغيرها من البلدان،كما جاء في گلستان ان سعدي قام بزياره تبريز وخلال زياراته المتعدده قام بسرد قصص كثره حول شخصيات التقاها وكانت معروفه في ذلك العهد، اقام سعدي سنوات طويله من بعد ترحاله في مدينه شيراز التي احبها كثيرا وصرف كل اهتمامه بالكتابه وتقديم النصائح والارشاد الى الرعايا والحكام والمريدين.اهد سعدي البشريه مجموعه كبيره من الاثار القيمه ومنها ماخصه بادب الرحله، هذا ماجعل اليوم العالم والامم المتحده تخصص يوما لتكريم سعدي وهو اليوم.

 

اضاف الدكتور طوني الحاج بالاضافه الى انه ابو النثر الفارسي و انه من ارباب الحكمه ومن شأنه الغزل العذري لا بل اعتبره المستشرقون معلما انسانيا رفيع المستوي في الحكمه والعرفان.

 

وقد حدثت اختلافات حول رحلاته ،يعني صار في العديد من الكتبات حول الامر، لان سعدي رحل الى بلاد الله الواسعة وذكر عن بعض البلاد ما رأة ببصره. اود ان اذكر ان الرحاله عادتا يكونون من اصدق كتاب التاريخ لانهم يقومون بنقل الواقع حسب ما هو موجود وحسب ما يرونه امامهم.الرحله في مضمونها العام عمل يزيد من ثقافه الانسان. ولهذا نعتبر سعدي من اوائل المعلمين في ادب الرحله، حيث انه اعتمد الترحال و الرحلة سبيل لزياده المعرفه والعلم وهذا ما بدي واضح جليا في كل مؤلفاته التي ذخرت بالمعاني والصور الشعريه التي تعبر عن ثقافته صاحبها واطلاعه على الكثير من المعارف والعلوم ويبدو ان اديبنا الكبير قد شدهَ الي مفهوم الترحال امور ثلاثه؛ المعرفه والعلم، ثانيا المغامره والاكتشاف، ثالثاً استنباط الحكم من مختلف اسقاع الارض. ولابد من الاشاره في هذا السياق انه على الرغم من ان سعدي لم يترك لنا كتابا يعتبر ككتاب رحله  او (سفرنامه) شأنه بذلك كشان رحّاله كبار كانوا قبله او جاؤا بعده ، كناصر خسرو او الرحّاله المتاخرين، فكتب الرحله تعتمد نمطً وسلوكاً معينين، اي تتحدث عن الوضع الجغرافي والطبيعي او التاريخي، رغم ذلك الا ان ماتركه اديبنا الكبير في مجال الرحله يظهر عبر حكايات رمزيتهً او عضات ونصائح استدعي ذكرها والحديث عنها وصف البلد او المكان التي حصلت فيه.اذن , فالواضح ان رحلات سعدي كانت في سبيل العلم والمعرفه وزياره الاماكن المقدسه.

 

وختم الدكتور طوني الحاج كلامه في النهايه ساستشهد بدراسه للاستاذ علي دشتي ،ترجمها استاذي المرحوم والحبيب دكتور احمد لوساني، ان سعدي اوجد مفاهيم للمعاني لم تكن مستعملتاً قبله وذكر هنا الكثير من الكلمات،على سبيل المثال كلمة صحراء فهي تعني معني جديد غير المعروف في بلاد الشام والعراق،انها كبساط من الحرير المزين المنقوش لكثرت خضرتها.

البروفسورة مها خيربك ناصر ,الأستاذة الجامعيّة واللغوية والناقدة والباحثة والروائية والشاعرة

 

قدمت كلمة بعنوان "جمالية اللغة الصوفيّة في شعر سعدي الشيرازي ورشحها الدلاليّ" فقالت :

سعدي الشيرازي شاعر إيراني إنسانيّ عظيم أثبت في خلال منطوقه  الشعريّ عمق علاقات التفاعل بين الأدبين العربيّ والفارسيّ، فجاء نتاجه الشعريّ انعكاسًا صادقًا ومعبرًا عن عظمة إنسان أنطقه الشعر فنطق بلذة ذات صهرتها تجاربُ البحث عن لذة روحيّة سعى إليها، ولذلك منحه شعره هويّة أدبيّة ومعرفيّة وإنسانيّة تقوله شاعرًا صوفيًّا.

 

كتب الشاعر سعدي الشيرازي في معظم أغراض الشعر باللغتبن الفارسيّة والعربيّة، وبنى بعض قصائده على لغة صوفيّة ترشح بالدلالات والقيم الأخلاقيّة والإيمانيّة والفكريّة والإنسانيّة، فتمايزت نصوصه الصوفيّة الشعريّة بلغة جماليّة ترشح بأبعاد ومقاصد

يمكن القبض على بعضها من خلال الرموز والإشارات التي تزخر بها قصائده الصوفيةّ.

 

اضافت البروفسورة مها خيربك ناصر تظهر قراءة بعض النصوص التي كتبها سعدي باللغة العربيّة أنّه وظّف انزياحاتٍ لغويّةً، قوامها قوانين توليديّة تحويليّة تبتكر معانيَ ودلالاتٍ غير متناهيّة، بوصفها رشح لغة صوفيّة تتمايز بطاقة توليد وقوة تأثير، فمنحت طاقة التوليد لغته الشعريّة جماليّة إبداعيّة تمركزت حول منظومة من الدوال اللغوبّة المرتبطة، حكمًا، بمرجعياته  المعرفيّة والدينيّة والثقافيّة والفكريّة واللغويّة، ومنحتها قوة التأثير كثافة تأويليّة، لأنّ لغته جاءت خارجة على المعنى الوضعي للمفردات، ولأنّه وظّف المفردات المعجميّة رموزًا وإشارات وايحاءات تغرق المتلقي في تأويلات لا حصر لها.

 

وظّف سعدي الإشاراتِ والرموزَ بجماليّة فنيّة حرّضت على التعرّف إلى الفضاءات الجماليّة والعرفانيّة التي رسمها  في نصوص صوفيّة تنبئ عن جوهر ذاته وعن  لطافة روحه في خلال مساراتها الباطنيّة فتجاوز بقوتي التوليد والتأثير المستويات المباشرة، بفضل لغة إشاريّة وترميزيّة ساعدته على التلميح إلى المحبوب من دون الإفصاح باسمه، ومن هذه الإشارات ما ورد في قصيدة  تقول:

أصبحت مفتونًا بأعينِ أهيفَا     لا أستطيع الصبر عنه تعففا

والستر في دين المحبّة بدعة   أهوى وإن غضب الرقيب وإن عفا

وطريق مسلوب الفؤاد تحمل    من قال أوه من جفاء فقد جفا

دع ترمني بسهام لحظ قاتل    من رام قوس الحاجبين تهدفا

صياد قلب فوق حبة خاله ( حاله)   شرك يصيب الزاهد المتقشفا

 

ايضا قالت البروفسورة مها خيربك ناصر ان سعدي  اشار إلى علاقته بمعشوق أزلي من خلال الطاقة التوليديّة للمفردات السياقيّة، ومن هذه المفردات ( التعفف والزاهد والتقشف) التي أحالت مفردات ( أهيف – الستر- الرقيب –سهام لحظك- صياد) على وظيفة إشاريّة تنطق بالتجليّ و بالحبّ الإلهيّ وبالخوطر والمشاهدات والمكاشفات التي توصّل إليها بالتجارب، وبالتنقل بين المراتب والدرجات، فجاءت لغته الشعريّة إبداعيّة صوفيّة  تتغيّا توسيع مدارات الرؤية والانتساب إلى المطلق، فتجاوز الزمكانية، واخترق الحجب ليرسم ملامح تجربته الصوفيّة بإشارات ورموز كان لها دور رئيس في التكثيف الدلاليّ.

كان للرموز الصوفيّة حضور بارز في شعر سعدي، لما لها من معانٍ باطنيّة أدركها بالكشف والتأمل الوجدانيّ، فجاءت صادقة معبرة عن شوق روحه إلى معرفة الله وإلى كشف الحجب، بعد نضوج تجربته الروحيّة، ولقاء المحبوب ودخوله مرحلة الانعتاق من قيود الجسد، وتذوق خمر العشق الإلهيّ، فقال في إحدى قصائده: 

تعذّر صمت الواجدين فصاحوا     ومن صاح وجدًا ما عليه جناح

أسرّو حديث العشق ما أمكن التقى    وإن غلب الشوق الشديد أباحوا

سرى طيفُ من يجلو بطلته الدجى    وسائر ليل المقبلين صباح

يُطاف عليهم، والخليون نوّم           ويُسقون من كأس المدامع راح

 

تكشف هذه الأبيات عن تجربة باطنية فاضت دلالات روحيّة، لحظة غلبة الشوق والبوح والمكاشفة، فوصل إلى أحوال المشاهدة والمعاينة الروحيّة التي لم يبلغ بها درجة الاتحاد بمعشوقه، بل بلغ حالاً معنويّة إيحائيّة تلميحيّة تمظهرت بكلمة" سرى" فلأنّ سريان طيف المحبوب يولّد سعادة ورضى ويخفّف من القلق والتوتر الظاهر، فسلك برحلته العرفانيّة المراتب وخرق الحجب ليحقّق المشاهدة الروحيّة.

 

وشددت البروفسورة مها خيربك ناصرعلى ان  قصائد سعدي الصوفيّة  تُظهر حالات الوجد، ورغبته في الاتحاد بمعشوقه بعد بلغت روحه درجة الصفاء المعرفيّ والأخلاقيّ  والمسلكيّ، فهو لا يجرؤ على البوح بلحظة الوصال إلا بعد الوقوف بباب المحب ليأذن له بعد أن انعتق من مادية الجسد وارتقى بسلوكه العرفانيّ، فصاغ تجربته الصوفيّة حوارًا بينه وبين المحبوب بلغة جزلة غنيّة بالإشارات والرموز والدلالات، فقال:

قال لي المحبوبُ لما زرته    من ببابي، قلت بالباب أنا

قال لي أخطأت تعريفَ الهوى  حينما فرّقت فيه بيننا

ومضى عامٌ فلّما جئته         أطرُقُ البابَ عليه موهنا

قال لي من أنت ، قلتُ انظُر فما    ثمّ إلاّ أنت بالباب هنا

قال أحسنت تعريف الهوى         وعرفت الحبّ فادخل يا أنا

 

تكشف هذه اللوحة اللغويّة الحواريّة عن مرتكزات نفسيّة وأخلاقيّة وإيمانيّة يستند إليه المتصوف ليكون عارفًا ذاته بذاته، وبهذه المعرفة يمكنه التدرج في منازل عرفانيّة يبلغ معها غايته القصوى، ومن هذه المرتكزات وجوب الزيارة والتسليم والصبر والانتظار والعزيمة والصدق واليقين، وبهذه المرتكزات بلغ سعدي حال الكشف  والوصال والاتحاد،  فصارت نفسه التواقة إلى معشوقها مرآة ذاته الساعية نحو كمالها ببلوغ منازل العرفان.

وختمت البروفسورة مها خيربك ناصركلمته قائلة :

 

تتمايزت قصائد  سعدي الشيرازي الصوفيّة بوحدة عضويّة وبجمالية الشكل والصور وبجزالة لغويّة وقيم أخلاقيّة، فكتبته قصائده الصوفيّة رمز فرادة لتجارب روحيّة صاغ أحوالها ومقاماتها ونتائجها بلغة تمايزت بأنساق عرفانيّة لها معانٍ ظاهره، ودلالات باطنيّة مستترة  ولطائف وإشارات معارف خفية.

 

الدكتورة رنا جوني الاستاذة الجامعية في جامعة تشرين في اللاذقية اعتبرت ان  الفكر الإنساني حقيقة لا يمكن حصرها في شعب دون آخر، والثقافة البشرية لاتخضع لمعايير الحدود المفروضة على الإنسان بسبب الأنظمة السياسية، وبحكم البيئة والجغرافيا فاللغة والفكر يتجاوزان الحدود والشعوب، ويسريان في عروق مايسمى اليوم بالقرية العالمية في ظل العولمة الحديثة. هذه الحقيقة في حركةدائمة للخروج من حدود لغتها والاتصال بالآخر لتؤثر فيه، أو لتستفيد من ثمراته.

 

من بوابة عصرنا الحاضر  اضافت الدكتورة رنا جوني أريد الدخول إلى عالم سعدي الشيرازي، من الإنسان الجديد الغريب الذي استنسخته العولمة عن قزم، وآذته الحضارة أكثر مما أفادته ، من إنسان يتفنن في إلغاء وجود اخيه الإنسان باستغلاله أو ذبحه أو حرقه أو قتله إلى إنسان مسلم من الشرق القديم جسد نزوع الإنسان نحو الكمال من خلال تكامل شخصيته بين زرع المعرفة الإنسانية لتعلن الأساس الذي يتبنى عليه معتقداته وهو اقتران العلم بالأخلاق للتوصل إلى معرفة كيفية تنظيم الكون لابل الغوص فيه ، والحفاظ على الإنسان عبر طموحاته الأكثر حريّة وخلاصاً ونبلاً.

 وسعدي شاعرنا   العظيم خير مثال عن الأديب والمفكر الإنساني الذي كان له تأثيراً واضحاً من الناحيتين الأدبية، والأخلاقية ، بعيداً، عميقاُ، ليس في إيران وحدها فحسب، بل في العالم أجمع، وقد نقلت آثاره -نظماً ونثراً- إلى جميع اللغات الحية، فكانت محل إعجاب الأمم وتقديرها.

 

إنّه صورة مشرّفة للعمل الإنساني الشامل والنازع إلى الكمال  اشارت الدكتورة رنا جوني مما يشعرنا بعوزنا الحقيقي الأكيد الحاضر إلى شعراء وعلماء وفنانين علّهم يقودون بأفكارهم البشرية إلى خيرها وصلاحها.

 

وما أحوجنا اليوم في هذا الوقت التاريخي -في هذه الأيام- لاستعادة اشعاره على امتداد اللغات الحية ، حيث فك العولمة، يطحن عظام الاسلام والمسلمين بحجة الإرهاب هنا إذن، مباشرة وبدون أي مواربة، يجب أن نتسلح بأشعار سعدي الشرازي. الشاعر الإسلامي العظيم، والتي لا تزال تفعل فعلها من حوالي ستمائة عام خلت حتى اليوم، لقد كتب الشاعر أشعاره الرقيقة في زمن وحشية التتار والمغول فكان ترجمان الضمير الإسلامي اللطيف العميق الشمولي الذي لا يميز بين الشعوب والأعراق والالوان والقبائل إلا بالتقوى، والتقوى حب وإيمان.

 

وكما بالأمس، كذلك اليوم  ختمت كلمتها الدكتورة رنا جوني ، فسعدي الشيرازي حاضر بل واجب الحضور إسلامياً في مواجهة التترية المعاصرة المتمثلة بالوجه البشع للثقافة الامريكية- الصهيونية وما تمارسه على الإسلام والمسلمين في العالم بأكمله، من قهر واحتلال وإرهاب فالإسلام اليوم متهم بالإرهاب في حين أنه ومن خلال أشعار سعدي الشيرازي ، حافظ الشيرازي ، وجلال الدين الرومي ، والعطار النيسابوري ، والمتنبي .... وجبران خليل جبران هو الحب الإنساني الشامل والحرية.

 

الكلمة التالية كانت  للكاتب والباحث والروائي والمدير السابق  لكلية الاداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية  للدكتور علي حجازي فقال :

 

جميلة هذه الساعة التي نجتمع فيها في حديقة الزيتون المباركة لتكريم قامة ادبية استثنائية عالية. لايزال عبير ورود روضتها و أزاهيرها يتضوع من شيراز. مدينة الورد والبلابل وللاحتفاء باحياء مجلة الدراسات الادبية واطلاق عددها الاول بعد المئة. مباركة هذه الاصوات الادبية المرتفعة تخترق اصوات المدافع والبارود في هذا الزمن الصعب.

 

اجل في محفل الشيخ الجليل سعدي الشيزاري تشرع الدراسات الادبية ابوابها امام طلاب العشق الصوفي، بغية الغوص في نتاج هذا الشاعر العالمي الذي حمل ورود ايران و ازاهيرها ونثرها حكما و مواعظ، قصصا و حكايات تربوية هادفة في بقاع الارض فنمت حيث حلت، بعدما تعرف فرادة رائحة عبيرها الادباء و الشعراء والمترجمون الذين نقلوها الي لغاتهم، فسرت في ابداعاتهم العالمية، ثم عادت الينا معربة فسرت. وهذا ما فعله الدكتور طه حسين عندما نقل رواية صادق لفيكتور هيغو الى العربية بعدما كان صاحبها متاثرًا بشاعرنا الكبير. والرواية تحمل اسم زادج اي صادق، وهي تتحدث عن القضاء والقدر.

 

وتابع الدكتور علي حجازي غادر الشاعر سعدي شيرازي مسقط راسه للدراسة في بغداد وجاب بعدها مشارق الارض ومغاربها، فعاد بعد ثلاثة عقود محملا بقطوف من الحكم والاخبار والافكار والمواعظ من مختلف البلدان مقدم كتابه " البستان" و"روضة الورد". الاول عمل شعري والثاني للادب وعشاقه عمل نثر تتخلله اشعار.

 

في هذين الكتابين نجد خلاصه ما جمعه الشيخ خلال رحلاته المتعدده التي جاب فيها اغلب بلدان العالم الاسلامي التي جال في ارجائها وتزود بعلومها، واستوعب ادابها، استدعاها بوعي ومقدر في نتاجه، واخصبها بعباراته واسالبيه، كما اطلع علي ميراث امته وثقافه عصره ، فكان وعاء طيبا لثقافته واسعه جمعها واتقن اخراجها باسلوبه البليغ الذي صاغ فيه اشعاره وقصصه بالغتين العربية والفارسية. (يراجع كتاب د.امل ابراهيم ص9)

 

تأثر الشيخ سعدي بالقران الكريم اكد الدكتور علي حجازي ، وبقصصه،وبالامثال التي ضربها الله للناس. كما تأثر بالحديث النبوي الشريف. وافاد كثيرا من كتاب نهج البلاغه، وتوقف مليا عند رساله الامام علي (علية السلام) التي وجهها الي عامله على مصر مالك الاشتر النخعي.

 

تقول الدكتوره امل ابراهيم محمد في كتابها: الاثر العربي في ادب سعدي الشيرازي، فقد توصلت الي ان اجزاء من مقدمه "البستان" والباب الاول منه بالكامل ترجمه حرفيه، واتباع دقيق لخطوات الامام علي من رسالته تلك...واوضحت مدي تاثر بالامام من حيث تأثره بقاموسه اللغوي، وافكاره الفذه، ووصاياه الحكيمه، وعبره التي استوحاها من عمق تجاربه(ص11).

وقبل البدء بعرض تاثره بالادب العالمي ، ذكر الدكتور علي حجازي  مدحه للرسول الاكرم محمد (صل الله علية واله وسلم) الذي قال فيه:

بلغ العلا بكماله       كشف الدجي بجماله

حسنت جميع خصاله       صلوا عليه وآله

 

تاثير الشيخ سعدي في الادب العالمية واضح، ويعد من اوائل الشعراء الفرس الذين وصلت شهرتهم الي اوروبا، فاثروا في كتابات أدباء عصر التنوير، والعصر الرومانسي في فرنسا وخارجها ومنهم؛ فولتير ودونيس ووديدرو، وبرهان غوته، وفيكتور هوغو الذي اقتبس بعض الفقرات من روضة الورد في ديوانه الشرقيات.

 

كتب الشاعر رولف والدو اسمبرسون في الولايات المتحدة قصيدة ثناء في سعدي الشيرازي، واطلق عليها اسم" باعث البهجة في نفوس الرجال"، وعلق على الجاذبيه العالمية لحكمه التي تدعو الي الخير والاحسان قائلا:

 

ان سعدي يتحدث بلسان جميع الامم، شانه شان هومير و شكسبير وسرفانتيس، لافونتين، ديمونتين فان كتاباته تصلح لجميع العصور. ولاتزال ادبيات شعره عن وحدة البشر من كتاب روضة الورد تزين السجادة الفارسية في مركز الامم المتحدة في نيويورك.

 

روضة الورد في الغرب بسبب ترجمتها الي لغات عديده منها: الفرنسية للمستشرق دي ريير، باريس سنه 1634م.

الالمانية لأولياريوس سنة 1651م.والى الهولندية سنه 1688 م. والانكليزية وغيرها.

 

اما تأثره في الادبين الهندي والتركي فكبير، فقد ترجم كتاب روضة الورد الي الهندوستانية مرات عديدة، وهذا القول ينطبق على اللغة التركية التي ضمت اثاره المترجمه باكرا. حيث ترجم القفقزاني "البستان"الى التركية، وتاثر واضح في فترة الادب الحديث في تركيا.

 

اما تأثره في الادب العربي فبين من خلال نقل اعماله من قبل مجموعة من المهتمين منهم: جبرائيل بن يوسف المخلع، الشاعر محمد الفراتي، محمد موسي هنداوي، محمد موسى التونسي وغيرهم.

 

وبعد اقول: لا يمكن لعاشق الورد ان يشم اطباق حديقته كاملة في دقائق معدودات. لان كل وردة او زهرة تحتاج وقتا للتعرف الى الايحاء الذي قدمته الى الشيخ الشاعر.

ومن المفيد ذكره هنا: انسانية الرجل و عشقه الصوفي او غزله الصوفي، وودت لو كانت الدعوة موجهة لي ابكر لبحثت في موضوع من هذين الموضوعين.

 

كتب الشيخ سعدي في واحدة من اكثر قصائده انتشارا يقول:

آدميون نحن، ولنفس الاصل ننتمي، فكيف نهنا بالعيش والغير يتالم؟

ما استحق الحياة من يرى اخاه يشقى وهو بالملذات والخيرات ينعم؟

 

وختم   الدكتور علي حجازي  كلمته بالقول :لانكم لم تنسون شاعرا عبر عالمنا منذ ثمانيه قرون ويزيد، بل لانكم تكرمون شاعرا انسانيا عابرا حدود البلاد، والوان جلود العباد و لغاتهم. شغلته القيم الاخلاقية والتربوية والعرفانية والصوفية المتفتحة، فراح يغرسها في نفوس قرائه وارواحهم. وبهذا تمنحون الأدب والأدباء العناية الفائقة في أصعب الظروف وأقساها، ايمانا منكم بأن صوت الادب هو صوت الإنسانية الذي يعلو فوق اصوات ناهبي العالم ونحيبهم.

 

الدكتور حسن حيدر مدير مركز اللغة الفارسية في الجامعة اللبنانية  قال في كلمته  "كنا نتمنى لوان هذا في المستقبل سعادة السفير يكون هذا اللقاء في مدينه بعلبك، لست لاني ابن مدينه بعلبك ولكن لان في كتاب سعدي " گلستان سعدي" الباب الثاني في الحكايه 11 ورد اسم جامع بعلبك في كتاب سعدي و في سفراته و ترحاله مكث في هذه المدينة و حاضر فيها وكان من الواعظين المؤثرين في مدينه بعلبك وبالتالي نحن ما نشهده، من خاصة لسعدي الشيرازي من التي كنا نقيمها في الجامعة من غير الملمعات الكتب الادبيه التي كنا نقوم بتدريسها ، هناك شي مميز في أدب سعدي خارج إطار، نركز كثيرا علي جانب العرفاني والصوفي، لكن هنالك الجانب التعليمي فهو شيء أساسي وواضح في أدب سعدي نحن كنا نعرف انه في قرن الرابع والخامس والسادس للهجرة ، يعني أيام السامانيين والغزناويين كان هناك الأدب المدحي رائج جدا في رودكي و منوچهري خاص عندما بدا معهم هذا الشعر وبالتالي وصولا الى سعدي ان تصل في المدح الى مكان ما الى سعدي الشيرازي قد سبقه هذا الكم الهائل من الشعراء ومن المدح ومن الوصف فيقوم بابتكار أشياء جديدة، ما ابتكره و خاص في مجال الأدب التعليمي وهو الوصف التعليمي عندما كنا نشاهد الوصف عند رودكي كان هذا الوصف بشكل عام هو وصف لأشياء طبيعيه ان كان للحبيب، ان كان لشعر الخمريات، ان كان لأشعار أخرى موجودة، لكن عند سعدي شيرازي تنمي الوصف ووصل الى مرحلة أساسية في التعليم وبالتالي اصبح هذا الوصف وخاص في وصف الربيع او "در وصف بهار" عندما كان يصف الربيع وكافه مكونات هذا الربيع من الطبيعة والليل والنهار وحتى أزهار الرمان الموجودة كان هذا الوصف ليس للوصف فقط، كان يريد ان يقول ان هذا الجمال كله نتيجة للخالق ، وكان هذا هو الوصف التعليمي الديني الذي أضافه سعدي شيرازي .

 

ثم تمنى الدكتور حسن حيدر  لمجله الدراسات الادبية النجاح ونحن حاضرون لنكون في خدمتها وفي خدمت هذا الادب الفارسي وبالتالي ما ذكره في يوم سعدي نود ان يكون يوم لحافظ الشيرازي و كثير من الشعراء وخاصةً الشعر الملمع والأشعار العربية الموجودة في الأدب الفارسي اغنت اللغة العربية مع انها اخذت هويةً إيرانيةً هذا الكلمات العربية و هذا الاتحاد بيت هاتين اللغتين اوجد ما نراه اليوم من الاشعار الملمعة كالشعر الاتي:

 

الا يا ايها الساقي ادر كاسا وناولها 000 كه عشق اسان نمود اول ولي افتاد مشكلها
 

وفي ختام ألقى الشاعر الاستاذ محمد جواد يونس قصيدة شعرية من وحي المناسبة .

بعدها توجه الجميع لتناول الافطار الرمضاني مع الالتزام بقوانين التباعد والوقاية، زمن كورونا  .