في الذكري الـ25 لاستشهاده.. «فتحي الشقاقي» كان أمة

وكالة القدس للأنباء(قدسنا) حسين كربلايي: لقد حدد القرآن الكريم أساسين لدراسة وتبيين تأثير نشاطات الأفراد والجماعات في المجتمعات المختلفة؛ الأول: الجهود الفردية التي تجعل من الفرد يقوم بتأدية الأدوار وكأنه أمة. إن الله سبحانه وتعالي وصف ابراهيم عليه السلام بأنه أمة؛ أي انه وبعلمه كان يستطيع أن يؤثر علي جماعة كثيرة من الناس وينقذها من الخرافة والأفكار المزيفة الخادعة. قال تعالي: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}. الثاني: هو الاهتمام بالمنعطفات التاريخية التي عبر عنها القرآن الكريم بأنها أيام الله؛ قال تعالي: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ }؛ أي الأيام التي تحدد مصير المجتمعات وتسير بها نحو الكمال.

إن دراسة الجانب الفردي لشخصية مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، الشهيد الدكتور فتحي ابراهيم الشقاقي، وفقاً للمعايير والأسس التي حددها القرآن الكريم، تكشف لنا الدور البارز الذي لعبه الشهيد في الصراع ضد أعداء الأمة؛ انه رسم خارطة طريق لمواجهة ما جري ويجري في المنطقة وفلسطين.

هو الدكتور فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي ، من قرية زرنوقة القريبة من يافـا بفلسطيـن المحتلة والتي هاجرت منها عائلته بعد النكبة عام 1948. الدكتور فتحي من مواليد مخيم رفح بمدينة غزة 4-1-1951م حيث هجرت الاسرة الي غزة عام 1948. درس في جامعة بير زيت بالضفة وتخرج من دائرة الرياضيات، وعمل لاحقا في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية ثم في مدرسة الأيتام. وفي أثناء عمله درس مرة أخرى الشهادة الثانوية لرغبته الشديدة في دراسة الطب، حيث التحق بكلية الطب- جامعة الزقازيق 1974. وبعد تخرجه عمل طبيبا بمستشفى فيكتوريا بالقدس وبعد ذلك عمل طبيبا للأطفال في قطاع غزة.  قاد كفاحا مريرا ضد الاحتلال، اعتقل في فلسطين أكثر مـن مرة عام 1983 و 1986 ثم أبعد في أغسطس 1988 إلى لبنان بعد اندلاع الانتفاضة في فلسطين واتهامه بدورٍ رئيس فيها.. وفي مصر تأثر بفكر الإخوان المسلمين.. في تلك الأثناء، شهدت المنطقة حدثاً كبيراً شكل منعطفا تاريخيا في المنطقة وأثر بشكل كبيرة في فتحي الشقاقي وفكره وتوجهاته؛ الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني(رض). كان أبرز الفلسطينيين الذين دعوا إلى تبنيها كنموذج، حيث ألف كتاباً أسماه " الخميني.. الحل الإسلامي والبديل ". اعتقل في عام 1979 فـي مصر بسبب تأليفه لهذا الكتاب.

في هذه الأثناء، شهدت المنطقة حدثاً كبيراً شكل منعطفا تاريخيا في المنطقة وأثر بشكل كبيرة في فتحي الشقاقي وفكره وتوجهاته؛ الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني(رض).  ثم أعيد اعتقاله في وسجن لبضعة شهور.. ثم غادر إلى فلسطين بعد أن كان مطلوباً لقوى الأمن المصرية.

في تلك الفترة كانت الحركات النضالية الفلسطينية والداعمة للقضية الفلسطينية؛ كانت حركات يسارية. كل الشقاقي يتساءل عن دور المناضل المسلم في مسيرة الصراع ضد العدو الصهيوني؟ ومن هنا بدأت فكرة تأسيس حركة الجهاد الإسلامي بناء علي نموذج الثورة الإسلامية في إيران وفكر الإمام الخميني ونهجه في مقارعة الظلم والاستكبار.، حيث اعتبر الجهاد المسلح طريقنا للتحرير.

في العام 1986 - 1987، وهو العام الذي سبق انطلاقة الانتفاضة، قامت حركة الجهاد الإسلامي بعمليات عسكرية نوعية مهَّدت لها بشكل مباشر. سارع العدو الصهيوني إلي اعتقال فتحي الشقاقي بهدف احتواء الانتفاضة لكن الاوان كان قد فات لأن المواجهات تطورت وامتدت الى معظم المناطق الفلسطينية، التي شهدت نهوضا وطنيا شاملا..

لاشك ان المقامة الإسلامية التي تعمل علي مواجهة غطرسة العدو الصهيوني وانتهاكاته هي ثمرة البذور التي زرعها الشهيد فتحي الشقاقي. المقاومة الإسلامية في قطاع غزة أصبحت تمتلك القدرة علي استهداف العمق الصهيوني بصواريخ مطورة.. إن محور المقاومة اليوم أصبح طرفا مؤثرا في موازين القوي إلي جانب قدرته علي ردع العدو الصهيوني ومواجهة اجراءاته ومخططاته العدوانية.. إنها ثمرة للجهود التي بذلها الشهيد فتحي الشقاقي في صياغة برنامج العمل الإسلامي للتعبئة والمواجهة.