الاحد 26 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

رؤيةُ مستوطني غلافِ غزةَ للحلِ الدائمِ

د. مصطفى يوسف اللداوي

وكالة القدس للأنباء(قدسنا) د. مصطفى يوسف اللداوي:

 

أزمة مستوطنات غلاف قطاع غزة أزمةٌ مزمنةٌ مستعصية، متصاعدةٌ مستفعلةٌ، قديمةٌ لا تنتهي، وجديدةٌ لا تتوقف، عميقةٌ غير سطحية، وحقيقية غير وهمية، جذورها متشعبة وفروعها كثيرة، تلقي بظلالها الثقيلة على المستوطنين كلهم، وتربك حياتهم، وتعطل برامجهم وتجمد أنشطتهم، وتنعكس تداعياتها على مختلف جوانب الحياة العامة لتجمعاتهم الاستيطانية، الأمنية والاجتماعية والنفسية والتعليمية والاقتصادية وغيرها، وقد عجزت مختلف الحكومات السابقة عن حلها، وأعياها كثيراً التوصل إلى اتفاقٍ يرضي المستوطنين وقادتهم، ورؤساء البلديات ومجالسهم، رغم الحلول العسكرية والمحاولات الأمنية، وجهود الوسطاء ومساعي الأصدقاء.

 

فقد أحالت المقاومة الفلسطينية بصواريخها، ورجال الأنفاق بأعمالهم، ومجموعات الإرباك الليلي بفعالياتها المختلفة وابداعاتها الكثيرة، حياتهم إلى جحيمٍ لا يطاق، وتوترٍ لا ينتهي، وتشنجٍ عصبيٍ لا يهدأ ولا يتوقف، حتى غدت شكواهم دائمة، وصراخهم عالي، وعويلهم كبير، واستغاثتهم متواصلة، وطلبهم المساعدة لا يتوقف، وإصرارهم على الحل الدائم والأمن الحقيقي يحرج حكومتهم، ويربك وزير حربهم وقائد أركان جيشهم، وكبار ضباط المنطقة الجنوبية وفق تصنيفاتهم.

 

يجأر مستوطنو غلاف قطاع غزة بعالي صوتهم، ويضجون بالصراخ في كل مناسباتهم، ويستعرضون أمام زوارهم وقادة جيشهم معاناتهم، ويشكون إلى رئيس حكومتهم بؤس حالهم وسوء أوضاعهم، ويستغلون وسائل الإعلام لإثارة قضيتهم وتسليط الضوء على محنتهم، في محاولةٍ منهم لكسب الرأي العام المحلي والدولي لصالحهم، إذ يعتبرون أنفسهم مظلومين، ويتعرضون للأذى والعدوان، ويرون أنفسهم أنهم أصحاب قضيةٍ عادلةٍ، ومسألةٍ إنسانيةٍ واضحةٍ، وأن من حقهم العيش الكريم الآمن، والاستمتاع بالحياة الهانئة الرغيدة دون خوفٍ وقلقٍ، أو توترٍ وإرباكٍ، ولهذا فهم يحملون حكومتهم مسؤولية ما يواجهون ويعانون، ويطالبونهم بسرعة التحرك ووجوب البحث عن حلٍ سريعٍ ناجعٍ ينقذهم، وعلاجٍ فاعلٍ يحفظ حياتهم ويضمن مستقبلهم، وإلا فإنهم سيبقون تحت رحمة سلاح المقاومة الفلسطينية الذي يتجدد ويتنوع.

 

 يرفض المستوطنون الحلول المؤقتة والإغراءات المالية، والتسهيلات الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية، المقدمة من قبل الجيش إلى قطاع غزة، ويرون أنها مكافأة وتقدير تقدمها الحكومة إلى غزة، ويعتقدون أن المقاومة الفلسطينية باتت تحسن استغلال الأوراق الرابحة التي بين يديها للمساومة والابتزاز، فتهدد حيناً وتنفذ أحياناً، وباتت الحكومة الإسرائيلية وكل وزراء الحرب السابقين والحالي، يخضعون لابتزاز المقاومة، ويقبلون برسائلها ويردون عليها عبر صندوق البريد القطري بما تريد وترغب، وهو الصندوق الحصري الذي لا يتوفر فيه سوى بارا سيتامول، وهو ليس إلا مسكن مؤقت، لا يشفي ولا يعالج، ولا يستأصل المرض ولا يقضي على العلة، ويكاد ينتهي مفعوله عند نهاية كل شهر، ولا يستطيع الصمود أكثر إلا بالمزيد منه.

 

 يطالب المستوطنون في غلاف قطاع غزة وقادتهم، حكومتهم وجيشهم بسرعة التحرك لإنقاذهم، ووجوب العمل الجاد لإنهاء معاناتهم، وتغيير الشروط التي تتحكم في حياتهم، ويضغطون عليهم لضمان تحقيق أهدافهم القيام بعمليةٍ عسكريةٍ واسعةٍ، تطال مراكز القوة كلها لدى قوى المقاومة الفلسطينية، ولو أدت العملية العسكرية الواسعة إلى نشوبٍ حربٍ كبيرة، فعلى الجيش أن يخوضها بكل قوةٍ، وأن يتهيأ لها ولو كانت طويلة الأمد، إذ أن حرباً قصيرة لن تؤدي الغرض، ولن تحقق الأهداف، بل ربما تنعكس نتائجها لصالح المقاومة، فتزيدها قوةً وإصراراً، وثباتاً وعناداً.

يصر المستوطنون الإسرائيليون على تجريد المقاومة الفلسطينية من سلاحها، وتدمير معسكراتها، ونسف أنفاقها، وهدم مقراتها، وقتل قادتها وملاحقة عناصرها، وإعادة فرض الحصار البري والبحري على سكان قطاع غزة بطريقةٍ أخرى، تمنع تهريب الأسلحة، وتحول دون نقل القدرات القتالية إليه، ويدعون حكومتهم إلى الاستفادة من متانة العلاقة مع النظام المصري، وتفعيل التنسيق الأمني مع القاهرة لضبط الحدود وإغلاق الأنفاق، ومحاربة المجموعات العسكرية، لما لمصر من يدٍ طويلة في القطاع، وثقل كبيرٍ فيه، وخبرة واسعة في التعامل مع سكانه بكل أطيافهم وانتماءاتهم السياسية، وذلك بالنظر إلى حاجتهم الماسة إلى معبر رفح، الذي يمثل بالنسبة لهم شريان الحياة، فضلاً عن دور القاهرة السياسي والتاريخي مع القضية الفلسطينية، الأمر الذي يجعل من نفوذها في غزة نفوذاً كبيراً، وقدرة غير محدودة على فرض شروطها، وضبط الأوضاع وإلزام القوى بسياساتها.

 

 أما إذا قررت الحكومة البحث عن حلٍ سياسي، والاكتفاء باتفاقٍ مع المقاومة عبر وسطاء، فإنهم يطالبون حكومتهم بعدم القبول بأي صفقةٍ معها قبل التزامها بإعادة الجنود الإسرائيليين ورفاتهم، والالتزام التام بضبط الحدود، ووقف العنف ونبذ الإرهاب، وتسليم أسلحتها طوعاً أو كرهاً، أو تفكيكها وإتلافها بضمانة الوسطاء وإشراف مراقبين دوليين، حينها يمكن للحكومة الإسرائيلية القبول بتغيير الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، وخلق دعائم اقتصادية حقيقية، وتسهيل دخول الرساميل العربية والأجنبية، وربط مرافق القطاع بغيرها في الخارج، والسماح بحرية التبادل التجاري بين القطاع وأسواق المجتمع الدولي العربية والأوروبية.

 

يعتقد المستوطنون الإسرائيليون الخائفون الوجلون، القلقون المهزوزون، الهاربون المختفون، أن قطاع غزة أرضٌ رخوةٌ، وأن اجتياحها سهلٌ، والسيطرة عليها ممكنةٌ، وفرض الشروط عليها ميسورٌ، وما علموا أن المقاومة الفلسطينية قد اشتد ساعدها وقست شوكتها، وانبرى سهمها واشتد قوسها، وقوي رجالها، وتدربت عناصرها، وتنوعت أسلحتها، وتعددت وسائلها، وأبدع أبناؤها بالجديد والغريب والمفاجئ، وأن الشعب بات كله مقاومة، يحتضنها ويرفدها، ويحفظها ويمدها، ويعرف كيف يصد وكيف يرد، فالنزوح لم يعد في قاموسه، والاستسلام ليس في وارده، والتسليم بعودة الاحتلال في عرفه مستحيل، فأنَّى لجيشهم العاجز عن الرد، ولحكومتهم المرتعشة القرار، أن يحققوا أحلامهم، وينفذوا مشاريعهم، ضد غزة العصية، ومقاومتها الفتية، وشعبها الحر الأبي.

 




محتوى ذات صلة

خلال كلمته في الاجتماع الخامس عشر لمنظمة التعاون الإسلامي

وزير الخارجية الإيراني: قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الاحتلال يساهم في وقف الإبادة في غزة
خلال كلمته في الاجتماع الخامس عشر لمنظمة التعاون الإسلامي

وزير الخارجية الإيراني: قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الاحتلال يساهم في وقف الإبادة في غزة

قال وزير الخارجية الإيراني" حسين امير عبداللهيان" أن تاريخ سيسجل أسلوب ونوعية الدور الذي لعبته الحكومات الإسلامية في التعامل مع حرب غزة واعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والحظر العملي في مجال الأسلحة والتجارة أداة مهمة في وقف الإبادة الإسرائيلية في غزة وجرائمها ...

|

حماس تصدر بيانا بشأن إعلان صنعاء المرحلة الرابعة من التصعيد

حماس تصدر بيانا بشأن إعلان صنعاء المرحلة الرابعة من التصعيد

اصدرت حركة المقاومة الاسلامية حماس بيانا ثمنت فيه إعلان صنعاء بدء تنفيذ المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف السفن المتجهة لموانئ فلسطين المحتلة، داعية الأمة العربية والإسلامية لتوحيد جهودها في محاصرة الاحتلال، والتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وفي مقدمتها ...

|

خلال استقباله حشدا من المعلمين..

قائد الثورة:  غزة اليوم قضية العالم الأولى / يجب ان تعود فلسطين إلى أصحابها الأصليين
خلال استقباله حشدا من المعلمين..

قائد الثورة: غزة اليوم قضية العالم الأولى / يجب ان تعود فلسطين إلى أصحابها الأصليين

اكد قائد الثورة الاسلامية ان غزة اليوم اصبحت قضية العالم الأولى و ليس بإمكان الصهاينة وداعميهم إزالة قضية غزة من جدول أعمال الرأي العام العالمي.

|

المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. الأسد: موقف سوريا من المقاومة يزداد رسوخاً / سنقدم كل ما يمكننا لأي مقاوم ضد الكيان الصهيوني دون تردد
  2. مصادر قيادية في المقاومة الفلسطينية: المفاوضات تواجه عقبةً كبيرة لرفض الاحتلال الالتزام بوقف إطلاق النار
  3. إيران والعراق يبحثان آليات تشكيل لجان مشتركة لمكافحة الأخبار الكاذبة
  4. وفد اعلامي إيراني يلتقي رئيس شبكة الإعلام العراقي ويبحث معه التعاون المشترك
  5. اجتماع عراقي - إيراني في ملف التعاون الثنائي بمجال الإعلام
  6. الأمم المتحدة: الدمار في غزة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية
  7. طوفان مليوني متجدد في صنعاء نصرة لغزة تحت شعار "وفاء يمن الأنصار لغزة الأحرار"
  8. حركة النجباء : لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري في غزة
  9. الخارجية الإيرانية تندد بالصمت الغربي المطبق ازاء ااغتيال الصحفيين: المتشدقون بحرية الرأي والتعبير يواصلون دعمهم لقتلة الصحفيين
  10. القوات اليمنية تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف السفن الإسرائيلية
  11. المقاومة الاسلامية في العراق تستهدف اهدافا حيوية في الاراضي المحتلة
  12. السيد الحوثي: نحضّر لجولة جديدة من التصعيد في حال استمرار العدوان على غزة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)