qodsna.ir qodsna.ir

القيام بالواجب أمام تنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته(تحليل)

إن خطوة الإمام الخميني(رض) لتعيين الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس كان ضرورة وردة فعل علي تنصل المجتمع الدولي من تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

 

 

وكالة القدس للانباء(قدسنا) احمدرضا روح الله زاد: أزمة فلسطين والتي تعتبر أزمة الشرق الأوسط ايضا، هي أقدم ازمة عرفتها المجتمعات البشرية. ان بداية هذه الأزمة تعود إلي القرن الـ19 حيث حاولت كل من بريطانيا وفرنسا و روسيا القيصرية إسقاط الامبراطورية العثمانية وانشاء دولة صهيونية في الشرق الأوسط لتصبح قاعدة تابعة للغرب. ( لقد كان وزير الخارجية البريطاني آنذاك "لويد جورج" المؤيد الأول والمدافع الأكبر والمخطط الأخطر للطموحات الصهيونية. أما جيمز بلفور الذي اصدر وعده المشؤوم فقد كتب في عام 1922: سواء كانت الصهيونية صوابا أو خطأ جيدة أم سيئة فإنها ضاربة الجذور في تقاليد تعود لأزمنة بعيدة، وهي تحمل آمالًا في المستقبل أكثر أهمية من رغبات وتحيزات 700 ألف عربي يعيشون حاليًا في هذه الأرض العتيقة.)

 

إن استمرار الأزمة الفلسطينية حتي يومنا هذه تثبت عجز المجتمع الدولي في معالجة الأزمة، كما وتعكس عدم رغبته في انهائها. إن تجربة مجلس الأمن الدولي أثبتت بأن هذه المجلس لم يكن ناجحا في التعامل مع الكثير من القضايا بالرغم من انه المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

 

إن مجلس الأمن الدولي يعاني من إشكاليات في الهيكلية الأساسية، وهذا ما اعترف به غالبية رؤسائه. إن هيكلية مجلس الأمن تتيح الفرصة لبعض القوي اتخاذ القرارات بصورة تخدم مصالحها ومشاريعها، وبذلك تحول مجلس الأمن لأداة لتمرير المخططات والمشاريع بدلا من العمل علي حفظ السلام والأمن الدوليين. بعبارة أخري ان المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة ليست خاضعة لارادة الشعوب بل هي اداوات بيد قوي الهيمنة والاستكبار.

 

ارادة القوي المهيمنة علي مجلس الأمن والمؤسسات التابعة له تقوم باتخاذ اجراءات والصدار قارات تعزز الصراعات بهدف منع إرساء أسس السلام والتنمية المستدامة، ومن خلال ذلك تسعي لتحقيق أهداف في كافة انحاء العالم.

 

إن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولي وبعد ان قامت بتشكيل منظمة الأم المتحدة، قامت بالاعتراف بالانتداب البريطاني علي فلسطين والزمت الحكومة البريطانية بالعمل علي تشكيل دولة يهودية متجاهلة حقوق الشعب الفلسطيني.

 

مجلس الأمن وبعد القرار الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، والتي تضمن تقسيماً سياسياً لفلسطين البريطانية لتصبح دولتان (عربية ويهودية) مع إقامة منطقة دولية (القدس)؛ تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني بشكل كامل. في عام 1948 وفي خطوة مغايرة لميثاق الأم المتحدة قام مجلس الأمن بالاعتراف بإسرائيل.

 

في القرارات الأخري كالقرار رقم 194 و 242 و 338، ايضا تم تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني بالكامل. من جهته، قام الكيان الصهيوني بتفسير هذه القرارات بصورة تخدم مشاريعه الاستعمارية، لذلك نري الاحتلال مستمر بسياساته العدوانية ويضرب بعرض الحائط القرارات ولا يلتزم بما يطلب من التزامات وفق القوانين الدولية والإنسانية. اما المضحك المبكي الذي يرتبط بالقرارات الدولية هو ان القرارات الجديدة الصادرة عن مجلس الأمن تصدر وفقا للحقائق المزيفية التي فرضها

الاحتلال الإسرائيلي، وبذلك تضفي الشرعية علي ممارسات الاحتلال وانتهاكاته في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

 

في الظروف التي أصبحت فيه منظمة الأم المتحدة اداة بيد قوي الهيمنة، أصبحت الضرورة للعودة إلي الرأي العام ملحة ولابد منها. الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعبر اعلان يوم القدس العالمي سعت إلي انهاء الأزمة الفلسطينية عبر مجري العدالة والشرعية الدولة والاهتمام بالرأي العام العالمي.

 

إن يوم القدس في الحقيقة هو دعوة عالمية لكافة الشعوب الحرة للانتفاض لتحقيق العدالة في فلسطين.
 

وفقا لاتفاقيات، ان دولة اسرائيل هي قوة محتلة، كما ولايجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.

 

وعليه لايجوز لاسرائيل تضييع حقوق الفلسطينيين حق التعلم وحق الحصول علي الخدمات الصحية والعلاجية والرعاية الطبية كالضمان الصحي والتمتع بحرية التنقل والعمل ولا حق تقرير المصير.

 

لايوجد أدني شك ان اسرائيل وخلال سنوات احتلالها للاراضي الفلسطينية لقد انتهكت القانون الدولي الانساني والقانوني كما انتهكت أبسط حقوقهم الانسانية العادلة والتي كفلها لهم القانون الدولي. بالإضافة إلي ذلك قامت اسرائيل باتخاذ اجراءات بهدف تغيير الواقع الديمغرافي في الاراضي الفلسطينية، وذلك عبر تدمير وتغيير المعالم التاريخية والثقافية والدينية هناك. هذا فضلا عن ظروف الاحتلال والحصار والمصادرة وعمليات التهويد الجارية في فلسطين المحتلة.

 

ربما يمكن اعتبار المشاريع التهويدية في القدس والمسجد الاقصي أكبر مشاريع اسرائيل الاستعمارية واوسعها. الإحتلال الإسرائيلي ومنذ أن قام باحتلال مدينة القدس عام 1967، عمل للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وانهاء الوجود الإسلامي فيها. إن القيام بحفر شبكة من الأنفاق أسفل القدس والمسجد الأقصى بهدف البحث عن بقايا الهيكل المزعوم، وتشكيل 15 مجموعة يهودية للقيام باقتحامات يومية للاقصي تمهيدا لتنفيذ فكرة التقسيم الزّماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، ومنع المصلين من الدخول إلي المسجد الاقصي وساحاته، وعزل الأحياء الفلسطينية في القدس عن بعضها، ووضع حواجز ونقاط تفتيش في المدينة، ومنع الفلسطينيين من البناء او القيام بعمليات اعمار؛ كلها تعد جانبا صغيرا من الاجراءات الاسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، وهي اجراءات مغايرة للقوانين والأعراف الدولية.

 

إن هذه الاجراءات اللاشرعية تتم في ظروف قامت اسرائيل فيها بفرض حقائق مزيفة خدمة لمشاريعها. ان الاجراءات الاسرائيلية في القدس غير شرعية حتي لو اردنا ان نقيسها بميزان القرار رقم 181 ( قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة الصادر عام 1947)، لأن هذا القرار يعتبر القدس مدينة تحت وصاية دولية لمدة عشر سنوات، وبعد انتهاء هذه الفترة يتم التصويت علي تحديد مصيرها. لكن اسرائيل لم تسمح بذلك فقد قامت بالعديد من الاجراءات التهويدية، وانها لم تتوان لحظة في مواصلة العمل لاكمال مشاريعها الاستعمارية. ان الاجراءات التهويدية الاسرائيلية في الاقصي تأتي في ظل الاعتراف الدولي بكون الأقصى تراث إسلامي خالص؛ فقرار اليونسكو الأخير بشأن المسجد الأقصي أكد أن المسجد الأقصى من "المقدسات الإسلامية الخالصة" وأنه لا علاقة لليهود به.

 

في عام 2018 صادق الكنيست الإسرائيلي علي قانون الدولة القومية اليهودية؛ القانون الذي يكرس يهودية الدولة ويمنح اليهود وحدهم حق تقرير المصير في إسرائيل، ويتضمن القانون الإسرائيلي الجديد المثير للجدل 11 بندا وردت تحت العناوين الآتية: المبادئ الأساسية، رموز الدولة، عاصمة الدولة، اللغة، لمّ الشتات، العلاقة مع الشعب اليهودي، الاستيطان اليهودي، يوم الاستقلال ويوم الذكرى، أيام الراحة والعطل، نفاذ القانون. وينص على أن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على اليهود. كما تتابع الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، في حين تعتبر الضفة منطقة محتلقة وذلك وفقا للقرار رقم 242 والقرار رقم 338.

 

بالرغم من كافة هذه الاجراءات العدوانية ظل مجلس الأمن الدولي والمؤسسات التابعة له عاجزا عن التصدي لسياسات الاحتلال التي تتخذ بدعم وموافقة اميركية.

 

لقد حاول ابناء الشعب الفلسطيني تحرير اراضيهم من براثن العدو الصهيوني عبر تبني خيار المقاومة وهو الخيار الذي يعد حقا شرعيا لكل شعب يخضع للاحتلال أو الاستعمار أو الفصل العنصري كما تؤكد ذلك دساتير الدول وقرارات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية. وبما ان إسرائيل لا تحترم القانون الدولي ولا تنفذ قرارات مجلس الأمن، وبعدما ظهر المجتمع الدولي عاجزا عن ردع اسرائيل وسياساتها العدوانية، أصبح موضوع العودة إلي القوانين الدولية للدفاع عن الشعب الفلسطيني واثبات أحقية هذا الشعب في الدفاع عن حقوقه؛ أصبح ضرورة ملحة. إن خطوة الإمام الخميني(رض) لتعيين الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس كان ضرورة وردة فعل علي تنصل المجتمع الدولي من تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.

 

وعليه قال الإمام الخميني في البيان الذي اعلن خلاله يوم القدس العالمي، مؤكدا: إنني أتمنى أن يتشكل حزب، باسم حزب المستضعفين في جميع أنحاء الدنيا، وان ينضم إليه جميع المستضعفين في العالم، لتزول المشاكل والعقبات التي تقف في طريق تقدمهم، وينتفض عبره المستضعفون لمواجهة المستكبرين والغزاة الشرقيين والغربيين، وبذلك سوف لن يسمحوا باستمرار ظلم المستكبرين لهم، و ينطلقوا ليحققوا نداء الإسلام والوعد الذي قطعه لهم، بوراثتهم للأرض وتحكيمهم فيها.
 

إضافة إلي ما تقدم ذكره، هناك عدة نقاط أساسية مرتبطة بالموضوع:

 

-الكيان الصهيوني قام باحتلال الأراضي الفلسطيني بناء علي ادعاءات تاريخية، والادعاءات التاريخية ليست لها أي قيمة قانونية. لو أرادت المنظمات الدولية قبول الادعاءات التاريخية، لابد لها الاعتراف بأحقيقة إيران للسيطرة علي اراضي تمتد من اليونان وتشمل مصر حتي شبه القارة الهندية. اليهود في حقبة تاريخية(قبل الفين عام) دخلوا الاراضي الفلسطينية وقطنوا فيها 70 عاما كما ذكر في التوراة. فهل يمكن الاعتراف بأحقية اليهود في فلسطين وفي المقابل نتجاهل الشعب الفلسطيني وثقافته وجذوره التي تعود إلي عشرة آلاف عام؟ هل يمكن اعتبار مرور اليهود علي الأراضي الفلسطينية دليلا مقنعا لإثبات احقيتهم في فلسطين؟!


-بريطانيا في عام 1917 تعهدت بتشكيل دولة لليهود في فلسطين. إن هذا الوعد ليس له أي قيمة قانونية ولايحق لبريطانيا ولا لغيرها التصرف في اراضي الاخرين. ان ما قامت به بريطانيا مرفوض جملة وتفصيلا.
 

-الاعلان عن تأسيس إسرائيل عبر التهديد واستعمال القوة والعنف ضد السكان الأصليين(ابناء الشعب الفلسطيني) والاعتراف بها من قبل الأمم المحتدة؛ ليس له أي شرعية قانونية لأن الأم المتحدة  وافقت علي الاعتراف باسرائيل بصورة مشروطة أي وفقا للقرار رقم 181(القرار تبني خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي: دولة فلسطينية على42% من فلسطين. ودولة يهودية على 55% من فلسطين. وماتبقي(حوالي 3%) أن تقع منطقة القدس تحت الوصاية الدولية) لكن اسرائيل ترفض حتي هذه القرارات التي كانت بداية الاعتراف بها.


-منذ عام 1948 حتي يومنا هذا، اصدر مجلس الأمن أكثر من 60 قرارا كلها اعتبرت الضفة الغربية وقطاع غزة مناطق محتلة، بينما تسعي اسرائيل لضم القدس، واجزاء من الضفة الغربية وغور الاردن إلي اراضيها(وهي في الأساس مناطق محتلة) وذلك وفقا لبنود صفقة القرن التي طرحتها الادارة الاميركية.


- إن إسرائيل وخلال سبعة عقود، انتهكت جميع الالتزامات الدولية، فالاحتلال الإسرائيلي انتهك القرارات المرتبطة بحق تقرير المصير وعودة اللاجئين، بالإضافة إلي انتهاكه كافة بنود اتفاقيات جنيف.


-معاهدة روما ادانت اسرائيل وجرائمها لخرقها القوانين والأعراف الدولية، وعليه توعدت المحكمة الجنائية الدولية، بمحاكمة إسرائيل بموجب اتفاقية روما، على خلفية "العنف المستمر" ضد المدنيين في قطاع غزة.


- إن فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الجدار العازل أدانت اسرائيل واعتبرت إقامة الجدار في الضفة الغربية خطوة مغايرة للقوانين الدولية.


- تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الخاص بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة عام 2008، أشار إلى أنه تحقق من أربع حالات استخدم فيها الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية، منبها إلى أن مثل هذا السلوك يعد انتهاكا للقانون الإنساني الدولي ويشكل جريمة حرب.


-حصار قطاع غزة بدأ عام 2005 وهو متستمر حتي يومنا هذا، في حين انه وفقا لاتفاقيات جنيف وقرارات مجلس الأمن، يعد حصار المدنيين ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺇﺑﺎﺩﺓ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺟﺮﻳﻤﺔ ﺿﺪ الإنسانية وجريمة حرب.


-لجنة حقوق الإنسان ومنظمة اليونسكو أدانتا الكيان الصهيوني وسياساته مرارا وتكرارا مؤكدة علي ان اسرائيل لا تعير اهتماماً بالمعايير والقواعد الدولية، ولا تلتزم بأي إطار قانوني.