الخميس 16 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

سیناریو "الخوذ البیضاء"
فی سوریة

هادی محمدی

وکالة القدس للانباء(قدسنا) «هادی محمدی»*: کان هناک منذ بدایة الأزمة السوریة قضیتان غیر واضحتین أو لم یکن یتقبل طبیعتهما طیفٌ من المراقبین والمحللین وأصحاب الشأن ووسائل الاعلام، القضیة الاولى، هی ان الازمة السوریة کانت نتیجة مخطط أجنبی ولاسیما أمریکی- صهیونی ورجعی عربی، رکب موجة الاحتجاجات المحدودة أو عمل على التحریض والتشجیع على العصیان والتمرد الاجتماعی وتحویلها الى ظاهرة أمنیة وواسعة.

 

والقضیة الثانیة هی أن توزیع الأعمال والمراحل واللاعبین الصغار والکبار الداخلیین والاجانب فی هذه الأزمة جمیعها تعمل وفق خارطة طریق وتخطیط دقیق، حیث کان الکیان الصهیونی هو غرفة العملیات الرئیسیة لذلک العمل.

 

أهمیة هذا الفهم المتأخر، بعد 8 سنوات من التقلبات والدمار والقتل والمجازر وإثارة الفتن وتشویه صورة الاسلام النورانیة والکثیر من الاحداث المؤلمة والویلات التی لحقت بشعوب المنطقة باتت الیوم فی نقطة لم تبقی سوى للذین رکبوا رؤسهم أدنى شک حیال الطبیعیة الرئیسیة للأزمة السوریة.

 

أخر مشهد کنا قد شاهدناه فی سوریا وخلال الاسبوع الاخیر هو تجمیع "القبعات البیضاء" من جمیع انحاء سوریا ولصقها بالکیان الصهیونی لیتم نقلها الى الأردن ومن هناک الى أماکن أخرى ودول مختلفة، اذ تطرق تلفزیون الکیان الصهیونی بشکل مفصل الى هذه القضیة.

 

یوجد للقبعات البیضاء هیکل تنظیمی فی لندن وتشکلوا فی مناطق تواجد الارهابیین تحت غطاء القیام بمهمة ایصال المساعدات الانسانیة والطبیة وکان أخطر استعراضاتها هو اختلاق الحجج والذرائع بهدف استجلاب التدخل الاجنبی والدولی وکانت تحضر وتنفذ تلک الاستعراضات تحت مسمى الهجمات الکیماویة للحکومة السوریة على السکان فی مناطق تواجد الارهابیین.

 

ورغم تواجد هذه المجموعة المؤلفة من 800 شخص فی غالبیة مناطق سوریا إلا أن تمرکزها الرئیسی کان فی مناطق المجموعات الوهابیة(الغوطة الشرقیة) ومناطق تواجد جبهة النصرة(فی ادلب وماحولها وحول مدینة حلب). ومن احدى مؤشرات نهایة اللعبة فی سوریا والتی ترتبط بإجتماع الشهر الماضی تقریباً فی الأردن واعلان امریکا بشکل صریح للمجموعات الارهابیة بأنها لایمکنها دعمهم ثانیةً وضرورة البدء بالتفاوض مع روسیا وکیفیة الانسحاب من سوریا، هی حالة القبعات البیضاء.

 

وکما اتضح فی حلب وفی لحظة هزیمة الإرهابیین ومفاوضات انسحابهم خرجت مجموعة خاصة من حلب الى ترکیا، هی مجموعة من الکوموندو ورجال الاستخبارات وقادة الحرب، وفی الغوطة الشرقیة ایضاً حدثت مفاوضات لإنسحاب مجموعة مکونة من 200 شخص وتضم مجموعة ضباط استخبارات اسرائیلیة وبریطانیة وسعودیة وترکیة واردنیة وبلدان أخرى تم نقلها الى ادلب عبر حافلات نوافذها داکنة غیر شفافة ومن هناک الى مناطق غیر معروفة.

 

فی بدایة الازمة السوریة عندما سقطت غرفة عملیات الارهابیین المتطورة جداً فی حمص بید قوى المقاومة وحزب الله کان هناک أثر ترکی – اسرائیلی وبریطانی مشترک واضح جداً والان اُدخل هؤلاء القبعات البیضاء الکیان الصهیونی على عجالة وعبر عدة مسارات بهدف عدم وقوعهم فی خطأ استراتیجی اثناء عملیة الانهیار السریع لمناطق الارهابیین، حیث اکد التلفزیون الاسرائیلی ان أجهزة مخابرات العدید من الدول الاوروبیة والغربیة شارکت فی هذه العملیة.

 

احدى هذه المسارات ترکیا ومن ثم الجولان والقنیطرة والحدود الأردنیة، من الممکن ان یکون جزء من هؤلاء الـ800 شخص من القبعات البیضاء الذین یحظون بأهمیة خاصة لدى الکیان الصهیونی والغرب هم مواطنون سوریون ولکن ما هو واضح أن أجهزة الاستخبارات الغربیة والاسرائیلیة لم تقم بمحاولات التنسیق هذه لأنقاذ القبعات البیضاء فقط وما من شک بأن الغالبیة العظمى من تلک المجموعة الخاصة کانت تضم ضباط استخبارات ومغاویر اسرائیلیین وغربیین یتواجدون الان فی اسرائیل.

 

القضیة بالنسبة للأردن المعرض للکثیر من المخاطر والمتهم من قبل الحکومة السوریة بالتعاون معهم تستدعی ان یتولى الأردن دور المنسق مع الدول الغربیة بهدف قبول عدد من المواطنین السوریین الذین کان لهم تعاون مع القبعات البیضاء ولکن الاردن لم یسمح حتى اللحظة لهم بالدخول الى أراضیه، وسیعود ما تبقى من القبعات البیضاء الى بلدانهم فی الغرب بعد تزوید غرفة العملیات الاسرائیلیة بالمعلومات التی حصولوا علیها.

 

هذا هو غیض من فیض تعقیدات المشروع الذی شاهدناه فی سوریا وفی الاعوام الثمانیة الماضیة والذی کان بتخطیط اسرائیلی واشراف امریکی ومشارکة غربیة ودور ترکی واردنی وتمویل سعودی واماراتی وقطری، وبإسم الاسلام وتحت شعارات الاطاحة بالدیکتاتوریة کانوا یتابعون هدف التغییر الجیوسیاسی فی المنطقة وایجاد سایکس بیکو جدید،  والیوم اعترفوا بنهایة اللعبة بعد تلقیهم هزیمة نکراء فی سوریا.
 

* خبیر فی العلاقات الدولیة


| رمز الموضوع: 315449







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. باقري امام اجتماع مجموعة "بريكس": مفتاح الاستقرار واستتباب الهدوء في المنطقة يتمثل في وقف جرائم الكيان الصهيوني
  2. قائد حركة انصار الله: الأمريكي هو شريك للعدو الإسرائيلي في كل جرائمه الفظيعة ضد الشعب الفلسطيني
  3. الفصائل الفلسطينية تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح الاحتلال رفح
  4. ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة إلى 141
  5. قيادي في حماس: عملية طوفان الأقصى حققت أبعادها السياسية والاستراتيجية والإنسانية
  6. القوات المسلحة اليمنية : استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين في خليج عدن وسفينة إسرائيلية في المحيط الهندي
  7. بعد استقالة حاليفا.. "تأثير الدومينو" يلحق قيادات الجيش الصهيوني
  8. بيان إيراني باكستاني مشترك ضد الكيان الصهيوني
  9. خلال استقباله حشدا من العمال في انحاء البلاد.. قائد الثورة الإسلامية: جميع الشعوب تدعم فلسطين / الارهابيون الحقيقيون هم من يقصفون الشعب الاعزل في غزة
  10. قيادي في "حماس" : لدى الحركة نحو 30 أسيرا من الجنرالات وضباط الشاباك
  11. تصاعد الهجرة العكسية في الكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى
  12. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الكليات الأميركية وسط إضرابات جماعية وعشرات الاعتقالات
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)