بمبيو والسعي وراء
زعزعة الامن الإيراني

وكالة القدس للأنباء(قدسنا) : ألقى وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" الذي يتولى مهمة حشد اجماع عالمي ضد ايران، الاسبوع الفائت خطاباً أمام عدد من الجالية الإيرانية في كاليفورنيا، حيث حظي هذا الاجتماع الذي أقيم تحت عنوان "دعم الاصوات الايرانية" بدعم من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في أمريكا والمدعومة مالياً من قبل عدد من الصهاينة المعروفين في امريكا.

وبالتزامن مع ذلك تحاول الادارة الامريكية ايضاً اشراك الدول المعارضة للعقوبات على ايران وجعلها تمضي في مسارها وركوب موجتها وتوسيع دائرة الاجماع ضد ايران.

يقيم في امريكا أكثر من مليوني أمريكي من أصول إيرانية يعيش معظمهم غرب الولايات المتحدة الامريكية لاسيما في مدينة لوس انجلس، اذ يرى الكثير من المحليين السياسيين انه تمت دعوة المجموعات المطالبة بعودة الملكية والمجموعات التابعة لزمرة منافقي خلق الارهابية للمشاركة في هذا الاجتماع لكن الايرانيين المحبين لوطنهم لم ولن يشاركوا في أي خطوة هدفها الضغط على ابناء وطنهم.

وهنا من الضروري تقييم اجتماع كاليفورنيا في اطار مهمة زيادة الضغوط الى اعلى مستوى على ايران، حيث استعرض وزير الخارجية الامريكي "مايك بومبيو" في تاريخ 22 مايو الماضي سياسة امريكا التي تتضمن 12 بنداً ضد ايران والتي كان هدفها الرئيسي والعلني هو تغيير نظام الجمهورية الاسلامية عبر رفع سقف الضغوط الى أعلى مستوى في النواحي الاقتصادية.

وبالنظر الى مواقف الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاخيرة ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وبعض مسؤولي الدول العربية الرجعية الذين ظهروا بمظهر المشفق على الشعب الايراني ويصرون على اقناع الشعب الايراني بأن الحكومة الايرانية تنفق الكثير في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين وأن الازمة الاقتصادية الايرانية والمشاكل المعيشية سببها هذه السياسة ذاتها، يبدو ان اجتماع كاليفورنيا هو لبدء حرب نفسية جديدة على ايران يكون اهم اهدافها زيادة الفوضى الاجتماعية داخل ايران عبر هذه المجموعات المعادية للثورة والمجموعات الارهابية وعلى راسها منافقي خلق الارهابية والمطالبين بعودة الملكية وعناصرهم المندسين.

كما سيتم التصعيد من هذه الحرب النفسية من خلال ارسال مجموعات ارهابية، اذ ان زيادة الانشطة الارهابية على الحدود الشرقية والغربية لايران وكان اخرها الهجوم على قاعدة عسكرية في قرية دري مريوان يوم الثلاثاء الماضي والتي استشهد خلالها 10 عسكريين ايرانيين، والقاء القبض على عدد من عناصر المجموعات الارهابية من قبل وزارة الامن الايرانية، يمكن النظر لها في هذا السياق.

تأمل امريكا من خلال هذه الحرب الجديدة التي يصفونها بأنها"معركة ممارسة الضغوط الى اقصى حد" وعبر زيادة الضغوط الاقتصادية التي يسمونها بالعقوبات القاسية، ان تجبر ايران في النهاية على الاستسلام ومن ثم تغيير النظام.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ هو أليست هذه الاجراءات تأتي تمهيداً للهجوم على ايران؟ لاسيما وأننا يمكننا مشاهدة السلوك ذاته من قبل امريكا قبل غزو العراق عام 2003، ففي الاجابة ينبغي القول انه بالرغم من استعراض امريكا لحالة الحرب ومحاولة البعض تلقي هذه الحالة بجدية كبيرة لكن المحللين يرون ان امريكا لاتملك الارادة وقدرة الحرب مع ايران بل هذه الحالة تقيم في سياق الحرب النفسية وزيادة الضغوط، لأن ايران ليست أفغانستان في عهد طالبان وليست العراق في عهد صدام حسين البائد، كما ان ايران اثبتت أنه على الرغم من محاولتها لعدم الدخول في صدام عسكري لكنها ل اتأبى عند الضرورة الدخول في صدام عسكري.

لذلك ان بعض المحليين يرون أيضاً ان أمريكا تدير الضغوطات من الخارج وستتبع سياسة "الشد والرخي" ولكن سيتم هدر الكثير من الوقت والنفقات في ما يخص ادارة الاضطرابات في الداخل وزعزعة الداخل عبر الاعمال الارهابية والاشتباكات الحدودية مع الارهابيين، وخطاب " بومبيو" في مكتبة دونالد ريغان في كاليفورنيا تأتي في هذا الاطار.

ماذا قال وزير الخارجية الامريكي في مكتبة ريغان؟

أطلق وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو يوم الثلاثاء 23 يوليو في مكتبة رونالد ريغان الرئاسية سلسلة تصريحات أخرى من تصريحاته المعادية لايران، حيث جاء تصريحاته قبل يوم واحد من ما أعلنته وكالة "رويترز" عن تنشيط مشروع في الحكومة الامريكية هدفه نشر معلومات مزيفة عن الجمهورية الاسلامية الايرانية بغية خلق فوضى في ايران.

 رويترز نوهت في تقرير لها الى أن حملة الضغط هذه من المقرر ان تقوم من خلال تقديم معلومات تم تضخيمها والمبالغة فيها، برسم صورة قاتمة ومشوهة لمسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية.

وقبل بدء خطاب وزير الخارجية الامريكي تحدث السيناتور الامريكي المعادي لايران "توم كاتن" للمشاركين في اجتماع مكتبة ريغان قائلا، "عندما يكون بومبيو معكم لن تبقوا وحيدين ابداً".

وزعم "توم كاتن" انه وبومبيو هما من كشف في الكونغرس الامريكي عن "الاتفاقيات الثنائية" الايرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلا، ان الكونغرس يدعم برامج بومبيو ضد ايران.

وعقب انتهاء كلمة "كاتن" بدأ وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو خطابه وحاول رسم صورة داكنة ومغايرة عن الوضع في ايران، حيث زعم بومبيو ان هناك الكثير من الامريكيين اعتقلوا او فقدوا في ايران، وان ادارة ترامب تسعى بجدية لإعادة الامريكان المعتقلين في ايران لوطنهم.

وأشار وزير الخارجية الامريكي الى العقوبات على كبار المسؤولين الايرانيين، قائلا، نحن لانخشى من المواجهة مع الحكومة الايرانية في أعلى المستويات.

وزعم قائلاً، "في السياسة الخارجية، ادت مهمة الحكومة في تصدير الايديولوجية الثورية الى انتاج العنف والفوضى خارج هذا البلد لمدة عقود".

كما زعم بومبيو ان شركاء امريكا في الشرق الاوسط ضاقوا ذرعاً من هجمات ايران السايبرية وتصرفاتها المهددة في مياه الخليج الفارسي وان حلفاء امريكا الاوروبيين ليسوا بمأمن من الارهاب المدعوم من قبل الحكومة الايرانية.

وادعى وزير الخارجية الامريكي بأن أكثر من ألف عسكري أمريكي قد قتل على اثر انفجار قنابل موضوعة على اطراف الطرق الايرانية.

وأشار بومبيو في جانب آخر من تصريحاته الى اعدام "محمد رضا ثلاث"( احد أعضاء دراويش غناباد المتهم بقتل ثلاثة من رجال الشرطة في احداث الشغب في شارع باسداران شمال طهران) من دون التطرق الى ان هذا الشخص كان سائقاً للحافلة دهست 3 من قوى الامن الداخلي وأدى الى استشهادهم واصفاً إياه بالرجل البسيط ومجرد سائق وأب لولدين.

وأضاف، "بعض الاحيان يبدو ان العالم قد فقد مشاعره تجاه استبداد الحكومة في الداخل ومعركة العنف في الخارج، لكن الايرانيين لايلتزموا الصمت حيال أخطاء حكومتهم وامريكا في عهد الرئيس ترامب لن تبقى صامتة".

 وتابع، في الوقت الراهن ان الولايات المتحدة أقبلت نحو حملة ضغط مالية ودبلوماسية لقطع المصادر المالية التي تستخدمها الحكومة الايرانية لدعم الدمار والموت.

كما قال وزير الخارجية الامريكي، نتعهد بفرض الكثير من الضغوط على الحكومة لمنع انتاج الثروة ونقلها وسنقوم بهذا العمل ايضاً، وتشكل عملية اعادة فرض عقوبات ضد قطاع الطاقة والمصارف الايرانية نواة هذه الحملة، وان تركيزنا سيكون بالتعاون مع الدول المستوردة للنفط الخام الايراني لايصال هذه الواردات الى ادنى مستوى لتقترب من الصفر حتى 4 نوفمبر المقبل.

وأضاف، نحن نطالب جميع الدول- جميع الدول التي تتأثر من التصرفات الايرانية المخربة- بالانضمام الى هذه الحملة.

ومن ثم تطرق بومبيو الى برامج ادارة ترامب لاطلاق حرب ناعمة ضد ايران مؤكدا ان الادارة الامريكية تعمل الان على اطلاق قناة ناطقة باللغة الفارسية على مدار الساعة لبث برامج تلفزيونية واذاعية وأنشطة في وسائل التواصل الاجتماعي.

ورفض وزير الخارجية الامريكي التقسيم في ايران لوسطيين ومتشددين، قائلاً، "ان البعض قلق من ان تؤدي المواجهة مع الجمهورية الاسلامية الى توجيه ضربة للوسطيين، وان الوسطيين في ايران لايزالون ثوريون اسلاميون يتابعون اهداف معادية لامريكا والغرب"، زاعماً ان الاتفاق النووي لم يتمكن من جعل المسؤولين الايرانيين وسطيين".

ونوه بومبيو الى ان ادارة ترامب ستستخدم جميع الفرص للحديث عن "مخالفات حقوق الانسان في ايران".

وقال في جانب آخر من تصريحاته، "كما قال ترامب نحن نرغب بالحوار مع النظام الايراني لكن التخلص من الضغوطات الامريكية سيحدث فقط عندما نشاهد تغييرات ملموسة يمكن برهنتها واستمرارها في سياسات طهران".

وفي رده على سؤال حول ماهية الظروف التي سيتحقق فيها السلام مع ايران، قائلا، "ان هذا الامر ممكن دائماً، ان الرئيس(ترامب) اوضح هذا الامر وانه يرغب بالحوار مع ايران ويرحب بذلك".

وأضاف، قمت بثلاث زيارات الى بيونغ يانغ-النظام الذي كان تصرفه مع شعبه قد سلب الحريات منهم- ان الرئيس قال اذا استطعنا احداث هذا التغيير والقيام بعمل يفضي الى ان تتخذ الحكومة القرارات الاستراتيجية بشأن ضمان تحسين أوضاعها وأوضاع شعبها، نحن مستعدون للحوار.

وأكد وزير الخارجية الامريكي أن "الرئيس قال اكثر من مرة انه مستعد ليقع هذا الامر مع المسؤولين الايرانيين، لكن هذا الحدث لن يحدث طالما لا نشهد تغييرات ملموسة ومشهودة في الحكومة الايرانية، وانا اليوم لازلت لا أشاهد هكذا تغييرات ، لكنني أعيش على أمل".