الخميس 16 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

«قدسنا»على حدود فلسطين المحتلة؛ إنتصار تموز غيّر مفاهيم النصر والهزيمة

لم يكن الثالث عشر من تموز 2006 يوماً عادياً في يوميات لبنان، بل أدخل هذا التاريخ المقاومة الإسلامية وشعبها في سجلّ الإنتصارات الكبيرة مرة جديدة بعد حرب عبثية شكّلت مفصلاً تاريخياً في لبنان والمنطقة، بعدما اسقطت المقاومة الباسلة وشعبها الصامد اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

وكالة القدس للانباء(قدسنا) أمل شبيب/ لبنان

 


لم يكن الثالث عشر من تموز 2006 يوماً عادياً في يوميات لبنان، بل أدخل هذا التاريخ المقاومة الإسلامية وشعبها في سجلّ الإنتصارات الكبيرة مرة جديدة بعد حرب عبثية شكّلت مفصلاً تاريخياً في لبنان والمنطقة، بعدما اسقطت المقاومة الباسلة وشعبها الصامد اسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وغيرت المقاومة وجه التاريخ، وصنعت للنصر العربي بداية، وأنهت تلك الاسطورة بصمودها وبالعزيمة، بفتية آمنوا بربهم فزادهم انتصاراً.
 

وفي الذكرى الثانية عشر للإنتصار الإلهي في لبنان في تموز 2006 زار مدير عام وكالة القدس للأنباء(قدسنا) ونائب الأمين العام لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني مهدي شكيبايي، ورئيس تحرير وكالة القدس للأنباء(قدسنا) والصحافي الإيراني مهدي عزيزي دستجردي و وفد المرافق الجنوب اللبناني ضمن جولة خاصة على مختلف المواقع العسكرية والجهادية في مختلف مناطق الجنوب.

 

الوجهة الأولى كانت الى معلم مليتا الذي يؤرخ لذاكرة مهمة من تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان. مليتا ( حكاية الأرض للسماء) معلم سياحي جهادي يهدف الى الحفاظ على الأماكن التي عاش فيها المجاهدون بغية أن يتعرّف الناس على نمط من التجربة الفريدة للمقاومة الإسلاميّة ضد العدو الإسرائيلي، منذ احتلاله لبيروت في العام 1982 حتى إنتصار تموز عام 2006.

 

 

 

 

 

على جميع أقسام معلم مليتا جال وفد وكالة قدسنا يرافقهم دليل سياحي جهادي كان ينتظرهم لحظة وصولهم، شارحاً لهم حكاية مليتا مع المربع والجهات الأربع، حيث شروق المقاومين وغروب المحتلين، بدءاً من مشهدية الهاوية التي يجسد هزيمة الكيان الصهيوني في استعراض خاص للمدرعات وآليات وأسلحة جيش العدو والعملاء التي غنمتها المقاومة الإسلامية منذ بداية الإحتلال عام 1982 وحتى إنتصار تموز 2006، ثم المسار وهي منطقة حرجية وعرة تموضع فيها آلاف المجاهدين خلال سنوات الإحتلال وإنطقلوا منها لتنفيذ العمليات الجهادية ضد مواقع العدو المقابلة، ليكمل الوفد الجولة داخل المغارة وهي أحدى النقاط التي أنشأتها المقاومة للتحصن فيها قبالة المواقع الإسرائيلية المعادية، تناوب على حفرها وتدعيمها على مدى 3 سنوات أكثر من 1000 مقاوم، يبلغ عمقها حوالي 200 متر، وتضم غرفا عدة وتجهيزات مختلفة. من المغارة كان الوصول الى ميدان التحرير ثم الى التلة والبئر وما حوته هذه الأماكن من رموز ومحطات مختلفة تحكي قصص البطولة للمقاومة.

 


عند بوابة فاطمة في بلدة كفركلا عند الحدود مع مستوطنة المطلة في فلسطين المحتلة كانت المحطة الثانية لفريق وكالة قدسنا، وقفوا يسترجعون إندحار الجيش الإسرائيلي ليل الخامس والعشرين من ايار عام 2000  مذلولاً مقهوراً بعد إحتلال دام أكثر من 22 عاماً لجنوب لبنان، تأملوا فلسطين وأرضها، لامسوا الأرض وحملوا حفنة من التراب بأيديهم، ورفعوا علم فلسطين أمام موقع للعدو الإسرائلي وكلهم ثقة أن التحرير القادم والنصر الآتي هو تحرير القدس وفلسطين من يد العدو الإسرائيلي.

 

 

الى بلدة الخيام كانت الوجهة الثالثة حيث المعتقل لا يزال الذاكرة الحية لعذابات الأسرى وظلم السجّان..."سقط كل شيء تقريباً، ولم يبق إلا عامود التعذيب والقن وهذا الهواء اللطيف الذي يمتزج بهواء فلسطين..." 

 

 

 

بهذه الكلمات استقبل المحرر أحمد الأمين الوفد الإعلامي من وكالة قدسنا، وجال معهم على انقاض المعتقل (بعد أن دمرته طائرات العدو الإسرائيلي في حرب تموز ظناً منها أنها تمحو آثار ظلمها وعذاباتها للأسرى) شارحاً مراحل تعذيب الأسرى النفسي والجسدي، مستذكراً  كيف عاش الآلاف من الأسرى كل هذه السنوات داخل غرف لا تتسع لطفل صغير، وتذكر معهم لحظات التحرير الأولى يوم خرجت فيها القبضات من النوافذ الصغيرة طلباً للحرية.
 

المحطة الكبرى والأهم كانت في مدينة بنت جبيل، قاهرة الغزاة، المدينة التي لعنها وما زال جنود العدو الإسرائيلي، والمعركة الشرسة التي أرعبتهم وأفقدتهم صوابهم.

 

بإستقبالهم كان الحاج ابو حوراء، والحاج كرار، والحاج ساجد، اسم عسكري لقائد جهادي في المقاومة. "لبنت جبيل كانت حصتها من الدمار، ولكن كان لها الحصة الأكبر من الإنتصار والإستبسال وقهر العدو" بهذه الكلمات يبدأ الحاج ساجد قصة معركة مدينة بنت جبيل، مستعرضاً مراحل التحضير لعملية أسر الجنديين بعد محاولات عدة لتحرير الأسير سمير القنطار ورفض العدو الإسرائيلي بإطلاق سراحه.

 

يضيف الحاج ساجد، كانت خلّة وردة هي المكان الأنسب لعملية نوعية للمقاومة الإسلامية، فبعد رصد المنطقة لمدة ثلاثة اشهر واستنفار من قبل جيش العدو الإسرائيلي تحسّباً لأي عمل عسكري من قبل المقاومة، تحركت قوّة عسكرية اسرائيلية مؤلفة من ثمانية جنود في الثاني عشر من تموز 2006، على الطريق الداخلي الرابط بين مستعمرتي زرعيت وشتولا، وكان بإنتظارهم مجموعة من مجاهدي المقاومة الإسلامية في في خلّة وردة الواقعة في خراج بلدة عيتا الشعب، على الحدود مع  فلسطين المحتلة، وبدأت المقاومة الإسلامية تنفيذ عملية الأسر بتوجيه واشراف من الحاج رضوان، وكانت النتيجة اسر الجنديين الإسرائيليين.
 

لم تستوعب اسرائيل الضربة، فقامت بشن حرب شرسة على لبنان خلال ساعات من عملية الأسر، وكانت جنوب لبنان والضاحية الجنوبية وبعلبك عرضة للنيران الإسرائيلي الشرس، يضيف الحاج ساجد، كان لبنت جبيل النصيب الوافر من الدمار، اذ جرت على ارضها واحدة من أكبر المعارك وأعنفها، فبعد الإخفاق العسكري الإسرائيلي في مارون الراس، بدا جيش الاحتلال منهكاً، خلافات القيادات العسكرية الداخلية تفاقمت، وعدم الثقة بين قيادات الجيش تعزّز، ما دفع برئيس الأركان السابق دان حالوتس إلى تقرير خوض حرب على الرموز، والسيطرة على بنت جبيل، التي اعتبرها رمزاً لحزب الله، لكن بدل أن تكون بنت جبيل رمزاً للإنتصار الإسرائيلي باتت رمزاً للفشل الإسرائيلي في حرب لبنان الثانية.

 

شهيد خالد بزي (فرمانده عمليات بنت جبيل در جنگ 33 روزه)

 

إختار الجنود الإسرائيليون كروم الزيتون حول بنت جبيل مواقع عسكرية لهم، كما اختاروا المنازل حول المدينة للتمركز فيها، لكن المنازل والكروم تحولت إلى كمائن لهم. يروي الحاج ساجد مراحل الهجوم التي تعرضت لها مدينة بنت جبيل قائلاً: المرحلة الأولى بدأت بعد عملية الأسر مباشرة واستمرت من الثالث عشر من تموز حتى الرابع والعشرين منه، وقد جرى خلال تلك المرحلة قصف المدينة من دون القيام بهجوم بري، المرحلة الثانية استمرت من الرابع والعشرين من تموز حتى التاسع والعشرين منه، وجرت خلالها محاولات التقدم لاحتلال بنت جبيل، عبر تلة مارون وبلدة عيناتا وتلة مسعود، المرحلة الثالثة استمرت من التاسع والعشرين من تموز حتى الثامن من آب، وتعرضت خلالها بنت جبيل للقصف التدميري الانتقامي بسبب عجزهم عن دخولهم مدينة بنت جبيل.

 

 

يضيف الحاج ابو حوراء، كان عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في معارك بنت جبيل، أكثر من خمسة  وثلاثين جندياً، بالاضافة إلى تدمير ما يقارب العشرين دبابة، بينما قدرت القوات التي شاركت في المعركة بلواء 7 وكتيبة غولاني  في المقابل كانت نسبة المقاومين هي ما بين خمسة إلى عشرة بالمئة من عدد الجنود الإسرائيليين في تلك المعركة، استشهد منهم ثمانية عشر مقاوماً، بينهم القائد قاسم بزي والقائد خالد بزي.
 

إذاً، أمام هزيمة العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006، يضيف الحاج ساجد، أفشلت المقاومة الإسلامية بقيادتها المؤمنة بعدالة قضيتها المخطط الأميركي الصهيوني في لبنان، وغيّر هذا الإنتصار مفاهيم النصر والهزيمة ومقولة الجيش الذي لا يقهر، ونجحت معادلة الجيش والشعب والمقاومة في مواجهة الحرب النفسية والإعلامية التي شنها العدو الإسرائيلي الى جانب الحرب العسكرية.
 

 

وختم الحاج كرار  أن حرب تموز وإنتصار المقاومة الإسلامية فيها اسقطت نظرية الأمن الإسرائيلية التي لطالما كانت تشكل عامل قوة للكيان الإسرائيلي، يوم حوّلت صواريخ المقاومة المستوطنات والمدن والبلدات في العمق الإسرائيلي إلى ساحة حرب، فبات النزف والتدمير بين لبنان وإسرائيل متبادلاً.
 

وفي مارون الراس كان للوفد الإعلامي وقفة خاصة، ذلك أن لمارون الراس أهمية كبيرة، فهي الحد الأول مع فلسطين المحتلة شأنها شأن الكثير من القرى الممتدة على الخط الأزرق. بين شوارعها وأحياءها تنقلوا مع أحد المجاهدين وصولاً الى الحديقة الإيرانية في مارون الراس والتي تطل على مستوطنة أفيفيم على أراضي فلسطين المحتلة، شارحاً عن المعركة التي أبكت جنود العدو الإسرائيلي في مارون الراس.

 

 

ولبلدة محيبيب الجنوبية مساحة من هذه الجولة ايضاً، إذ توجه الوفد الى روضة الشهداء الذين استشهدوا في حرب تموز 2006 ومشوا بين طرقاتها الضيقة والقديمة، ثم كانت زيارة لمقام النبي بنيامين.
 

وفي وادي الحجير حطّ الوفد الإعلامي رحله، حيث سقطت اسطورة الدبابات واشتعلت واحترقت، عاينوا مظاهر الإنتصار في تموز وآب عن قرب، شاهدوا الوديان والتلال تشمخ بالمقاومة إرتفاعاً الى أعلى درجات التضحية وينحدر الجيش الاسرائيلي الى الإنتحار بعدما وضعت الحرب أوزارها وخرج المحتل تاركاً خلفه خيبة الهزيمة.
 

ثمانية وأربعون ساعة من الجولات المتنقلة في جنوب لبنان ختمها الوفد الإعلامي في بلدة جبشيت، حيث زار روضة شهداء بلدة جبشيت وتوقفوا عند ضريح شيخ شهداء المقاومة الإسلامية الشيخ راغب حرب، مؤكدين أن صمود المقاومة وعنفوانها وإنتصاراتها إمتدت ونشأت واستمرت مع البذرة الأساس مع دماء الشهيد الشيخ راغب حرب ودماء الشهيد السيد عباس الموسوي ودماء القائد الحاج عماد مغنية ومع دماء كل شهداء المقاومة الإسلامية التي روت أرض الجنوب المقاوم وأنببت العزة والكرامة لأهلها الصامد.

 

 

 

مشاهد الإنتصارات الكبيرة في جنوب لبنان عايشها وفد وكالة قدسنا عن قرب بين رجال المقاومة و أهلها، فحرب ال33 يوماً وقبلها سنوات من الإحتلال كما اشار وفد قدسنا لم تسقط المقاومة أبداً ولن تسقط، ولا جيشها ولا شعبها....


إذاً، هي المقاومة برجالها وشبابها، ونسائها وأطفالها، حاصرها العدو الإسرائيلي بالطائرات والدبابات ولم تخضع، زجوّا بالمشاة والمظليين ونخبة النخبة والوحدات الخاصة وكل الالوية المدربة على القتل ولم تنكسر، ظنوّا أن التكنولوجيا تصنع الرجال، فقالت لهم المقاومة أن الرجال يصنعون التاريخ، ويمزقون خرائط الشرق الأوسط الجديد، ويكتبون مع كل عدوان لئيم فجر إنتصار جديد.

 

انتهي/
 


| رمز الموضوع: 314896







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. قيادي في حماس: عملية طوفان الأقصى حققت أبعادها السياسية والاستراتيجية والإنسانية
  2. القوات المسلحة اليمنية : استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين في خليج عدن وسفينة إسرائيلية في المحيط الهندي
  3. بعد استقالة حاليفا.. "تأثير الدومينو" يلحق قيادات الجيش الصهيوني
  4. بيان إيراني باكستاني مشترك ضد الكيان الصهيوني
  5. خلال استقباله حشدا من العمال في انحاء البلاد.. قائد الثورة الإسلامية: جميع الشعوب تدعم فلسطين / الارهابيون الحقيقيون هم من يقصفون الشعب الاعزل في غزة
  6. قيادي في "حماس" : لدى الحركة نحو 30 أسيرا من الجنرالات وضباط الشاباك
  7. تصاعد الهجرة العكسية في الكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى
  8. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الكليات الأميركية وسط إضرابات جماعية وعشرات الاعتقالات
  9. أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته وضع قواعد جديدة وأربك حسابات العدو الصهيوني
  10. خلال زيارته لجامعة كراتشي.. رئيس الجمهورية: الكيان الصهيوني مني بالفشل الذريع في غزة رغم جرائمه غير المسبوقة
  11. صواريخ المقاومة الفلسطينية تدك بشدة مستوطنات غلاف غزّة
  12. الصحة بغزة : 34183 شهيدا و77143 إصابة منذ بدء العدوان
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)