qodsna.ir qodsna.ir

الثورة الإسلامية؛ تغيير
المعطيات السياسية

مهدي عزيزي

 

وكالة القدس للانباء(قدسنا) «مهدي عزيزي»*: اعتقد عدد قليل من السياسيين الغربيين بأن الثورة الإيرانية لن تحدث أي تغييرات في سياسة  منطقة الشرق الأوسط  قبل مرور ثلاثة عقود على انتصارها. و على الرغم من هذه الآراء فإن الثورة الإسلامية كانت منذ بدايتها عاملاً مؤثراً في أحداث الشرق الأوسط و الحركات الشعبية و يمكننا رؤية هذه الأهمية من خلال تحليل الظروف التي نجحت في ظلها الثورة الإيرانية الإسلامية عام 1970م بقيادة الإمام الخميني(رض).
 

نجحت الثورة الإيرانية بهزيمة المعسكرين الشرقي و الغربي  كمحطتين للنزاع المسلح و احداث الفوضى في المنطقة و هو النموذج الذي يتحتم على العرب الإقتداء به من أجل مجابهة طغيان أمريكا و اسرائيل حيث كان النضال العربي سابقاً يعتمد على مشاعر الإنتماء العرقي و القومي و لكن هذا النموذج من النضال  أصبح مخيباً للآمال  بعد هزيمة العرب في حرب الأيام الستة مع اسرائيل و عجزهم فيما بعد عن التعامل مع التحديات التي يواجهونها .
 

و قد كانت هذه الخيبة كبيرة لدرجة أفقدت المفاهيم الوطنية و القومية معناها و أهميتها،  فضلا عن استمرار تسييس المنطقة لتطبيع العلاقات مع تل أبيب في ظل عدم وجود نموذج واضح لاستمرار النضال في سبيل الحرية.
 

و يعتبر وجود نموذج موحد للنهوض بأهداف النضال مع عدم وجود استراتيجية واضحة للوصول لذلك من أهم التحديات التي كانت تواجه التحركات النضالية الشعبية في ذلك الوقت و لاسيما في فلسطين.
 

و في الوقت الذي اعتبرت فيه اسرائيل الأسطورة التي لاتقهر في المنطقة، نجحت حركة الإمام الخميني بإحداث الصحوة الإسلامية، في ظروف  كان  فيها الحكم الملكي الإيراني عميلاً و حريصاً على تنفيذ أوامر أمريكا في المنطقة بينما اتبع العرب الذين يأسوا من تحقيق العروبة طريق المصالحة  مع اسرائيل و أمريكا.
 

إن مصطلح حرب الستة أيام في الأدبيات السياسية هو مفهوم يظهر العجز العربي في ايجاد توازن سياسي و عسكري في المنطقة في حين تمكنت حركة حماس خلال 22 يوم و لبنان خلال 33 يوم من محاربة اسرائيل و الإنتصار عليها.

 

 

ثورة شاملة و بلاحدود

إن التعريف الذي قدمه الإمام الخميني عن الثورة الإسلامية يختلف عن التعريف الذي يوجد في الأدبيات السياسية بأنها ثورة داخلية تبحث عن الإصلاحات الإقتصادية. و هو ما أوجد مخاوف لدى الغرب و جعلهم يختلقون كل تلك الإشاعات عن خطورة ايران و تهديدها للمجتمع الدولي.

 

لقد عمد الغرب الى احلال مصطلح ( المخاوف الإيرانية) بدل مصطلح ( الثورة الإيرانية). فلو كانت الثورة الإيرانية ستبقى داخل حدود إيران لما كان لها أي تهديد بل ربما كان الغرب سيساعد في نجاحها، إلا أن أفكار الإمام الخميني و تأكيده على النضال ليس فقط ضد الشاه و الغطرسة و إنما ضد اسرائيل جعل المحللون(في الدول الغربية) يدركون مسبقاً بأن هذه الثورة لن  تكون داخلية فقط بل ستستمر إلى كافة بلدان المنطقة.

 

تأسيس الحركات الإسلامية في المنطقة

 

بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية على يد الإمام الخميني حلّت التحركات الشعبية الإسلامية محل التحركات القومية و العرقية و نشأت بالمقابل التحركات المعادية للتمدد الإسلامي. و من المسلم به بأن الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني كانت نموذجاً فريداً و هاماً للمستقبل السياسي للدول التي أصبحت ،نتيجة لعدم وجود نموذج نضالي، مستعدة للتطبيع مع اسرائيل بسبب اعتماد بعض القادة العرب المساعدات العسكرية و المدنية التي تقدمها الولايات المتحدة.

 

في ذلك الوقت، كان النموذج الوحيد للنضال  يعتمد على مشاعر الإنتماء العرقي للهوية العربية الذي انهار كلياً خلال حرب الستة أيام. الى أن جاءت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني و خلقت آفاق جديدة أعادت الثقة للنفوس في الدول العربية. في هذا الوقت اغتيل عميل النظام الصهيوني الرئيس المصري( أنور السادات) و نشأت حركات الجهاد الإسلامي و حركة المقاومة الإسلامية حماس و أعادت بعض الحركات القومية مثل الحركة الديمقراطية لتحرير فلسطين النظر في سياساتها لتلتقي مع حركات النضال الإسلامي.

 

تحقق رؤية الإمام الخميني و توقعاته

 

إن مايحدث اليوم في المنطقة هو نتيجة العقود اربع للثورة الإيرانية و تجلّي للمثل و المبادئ التي وضعها الإمام الخميني ليس فقط للأمة الإيرانية و إنما لجميع المسلمين في العالم. الأمر الذي قضى على  الحكومات العربية الديكتاتورية و الحليفة للنظام الصهيوني في المنطقة. و اليوم تتخذ الدول الإسلامية في الشرق الأوسط و شمال افريقيا الخطوات النهائية للثورة في سبيل اقامة نظام سياسي ديمقراطي قائم على المعتقدات الدينية و الإسلامية و يرفض المبادئ العلمانية و الليبرالية في الممارسات الديمقراطية الإسلامية.


| رمز الموضوع: 308455