qodsna.ir qodsna.ir

مؤتمر سوتشي.. لمَن نجح

ابراهيم المصطفي

 

وكالة القدس للانباء(قدسنا) ابراهيم المصطفي*: إنه لمن  الغريب  أن نتمكن من قراءة نتائج مؤتمر سوتشي من خلال تعليقات أتت من فم أعداء الدولة الوطنية السورية، والتي تترجم في أن ثمار هذا المؤتمر لن يحصدها إلا من نجح وليس من عارض وحضر ، أو من عارض ولم يحضر.. نجح في حل عقده وتجاوز عراقيل وعصى وضعت في دواليب انطلاقه .

 

 

فحين يكتب من تم وصفه  كأحد "ناشطي " المعارضة السورية (نابغ سرور) على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك من مقر إقامته في كندا مبررا عدم مشاركته بالمؤتمر ؛ بأن الممثلين عن الحكومة السورية الحاضرين للحوار مع المعارضة " نجحوا في الحفاظ على الدولة " تدرك أهمية انعقاد هذا المؤتمر متجاوزا عشرات العثرات التي زُجت بطريقه، وتوقن أن مثل هذه "المعارضة"  كان هدفها  منذ إدعاء الثورة  " السلمية" على "النظام " رغم تسلحها بأحدث الأسلحة بيد مرتزقة ينتمون لأكثر من ثمانين دولة وجنسية بعضها "عربية"  هو تدمير كيان الدولة وليس الحفاظ عليها كما ادعت المعارضة. كما يكشف تصريح نابغ بهزيمة بنيوية لحلف الحرب على سورية حين يشير نابغ سرور لكونهم " رعاع" حضورهم مثل عدمه.
 

وما المعارضات وارتفاع الأصوات التي استهدفت المؤتمر وحاولت وأده منذ لحظة التفكير فيه ، إلى آخر لحظة ،وتزامنا مع انعقاده بالفعل ؛ لدليل على (نجاح) الحكومة السورية وحلفائها في روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وقوى المقاومة في لبنان بفرض كلمتهم معززة بنتائج انتصارات الجيش العربي السوري وحلفاؤه على الأرض وتحرير وتطهير مواقع مهمة من يد الإرهاب والمرتزقة الأجنبية  المسلحة .
 

وقد بدأت تلك العراقيل والسعي لإفشال عقد المؤتمر منذ  أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن فكرة تأسيس «مؤتمر الشعوب السورية» في سوتشي خلال أعمال الدورة الـ14 لمنتدى فالداي الدولي للحوار في مدينة سوتشي في يوم  19 أكتوبر / تشرين الأول 2017 ، مضيفا حينها "إن لديه كل الأسباب للاعتقاد أن موسكو، إلى جانب دمشق، ستهزمان الإرهابيين في سورية قريبا"..   إلا انه ونزولا على طلب الحكومة السورية ، كذلك قطعا للطريق على من ادعى سعي واعتراف روسيا بتقسيم الجغرافيا السورية فيما بعد انتهاء الحرب ؛ تم استبدال  مصطلح الشعوب السورية الذي يصح استخدامه لوصف المكون الشعبي  في روسيا الاتحادية إلى (مؤتمر الحوار السوري - السوري ).
 

كذلك نجحت روسيا  في ترويض أبرز القوى الإقليمية الفاعلة في رسم المشهد السوري خلال سنوات الأزمة  ، وتخطي عقباتها من خلال تحويل بعضها، لدول شريكة أو بالأحرى وكيلة لتبادل الأدوار معها في عملية الحل، كإيران وتركيا ، وبالتالي إحداث تمزق واضح المعالم في صفوف فصائل المعارضة، والجماعات المسلحة لا سيما المدعومة من تركيا. وقد سبق وتم تأجيل عقد مؤتمر سوتشي، بسبب مطالبة تركيا عدم مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي، غير أن روسيا لم تتجاهل "المعارضة" الكردية، بل أبقت عليها، مخافة أن تسير في سياق منفصل، ودعته في إطار أحزاب بدون الاعتراف بما يسمى "الإدارة الذاتية" المدعاة  كردياً. كما لم تتجاهل روسيا دعوة أطراف كردية معارضة للاتحاد الديمقراطي أيضا.
 

وتمكنت من إقصاء أو تقليص دور دول أخرى، كدور قطر ، ودور المملكة العربية السعودية الذي تقارب، نوعاً ما ،مع الرؤية الروسية في الحل؛ لإخفاق المملكة في بلوغ طموحها في تحقيق نفوذ عسكري على الأرض السورية أو سياسي يُقزّم الدور الإيراني في تحالفها مع الدولة  السورية، واحتكامها للتوافق الاقتصادي مع روسيا حول الإبقاء على ثبات أسعار النفط في ظل التدهور الاقتصادي الملموس الذي تمر به المملكة.
 

كما أن تجاهل دعوة بعض الشخصيات التي ترفض عملية التسوية الجارية في سوتشي، ما اضطر 8 من هذه الشخصيات "المعارضة " إلى تقديم استقالاتهم.
 

كما كان لافتا أن وفد "المعارضة السورية الإخواني" المقيم في تركيا رفض مغادرة مطار سوتشي والوصول إلى  قاعة مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، احتجاجا على رفع العلم السوري في شعار المؤتمر الذي تم إطلاقه من قبل ودعوتهم لحضوره من خلاله ، واشترط إنزال العلم السوري ليشارك في المؤتمر، وإلا العودة إلى اسطنبول، فجرى إعادته إلى اسطنبول بعد رفض السلطات الروسية السماح بأعلام يرفعها أي وفد معارض غير علم الجمهورية العربية السورية المعترف به والمعتمد دوليا . وهو ذات المنهج الذي سبق واعتمدته استراليا حين منعت مشجعي المعارضة السورية من حمل أي أعلام مخالفة لعلم الجمهورية العربية السورية أثناء إقامة مباراة الإياب ضمن الملحق الأسيوي لكأس العالم 2018 بإستاد سيدني بتاريخ 10 / 10/ 2018م.
 

وتبلور الحصاد والنجاح للمؤتمر الذي أقيم على مدار يومي 29 و 30 يناير 2018 بمشاركة حوالي 1600 شخصية سورية تتضمن  33 منظمة وتيار سياسي بمدينة سوتشي الروسية ؛ بصدور وثيقة وبيان متوازن يؤكد على الالتزام الكامل بسيادة (دولة سورية/ الجمهورية العربية السورية) واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها أرضا وشعباً. وحقها باستعادة الجولان المحتل بكافة الوسائل القانونية وفقا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي. كما الاحترام والالتزام الكامل بالسيادة الوطنية لسورية على قدم المساواة مع غيرها وبما لها من حقوق في عدم التدخل في شؤونها. وممارستها دورها كاملاً في إطار المجتمع الدولي وفي المنطقة٬ بما في ذلك دورها كجزء من العالم العربي٬ وذلك وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وأهدافه ومبادئه.  ويقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديموقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع، ويكون له الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون أي ضغط أو تدخل خارجي ووفقاً لواجبات سورية وحقوقها الدولية.
 

و تم تأليف لجنة دستورية تتشكل من وفد حكومة الجمهورية العربية السورية ووفد مُعارض واسع التمثيل؛ وذلك بغرض صياغة إصلاح دستوري على نص الدستور السوري الحالي يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن( رقم ٢٢٥٤) على أن تضم هذه اللجنة ممثلين للحكومة وممثلي المعارضة المشاركة في المحادثات السورية السورية، وخبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وقيادات قبلية ونسائية. مع إيلاء العناية الواجبة لضمان التمثيل الدقيق والواقعي للمكونات العرقية والدينية في سورية. على أن يكون الاتفاق النهائي على ولاية ومراجع إسناد وصلاحيات ولائحة إجراءات ومعايير اختيار أعضاء هذه اللجنة الدستورية عبر العملية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف. وناشد المجتمعون في سوتشي  أمين عام الأمم المتحدة أن يكلف المبعوث الخاص لسورية بالمساعدة في إنجاز أعمال هذه اللجنة الدستورية في جنيف.

الأمر الذي جعل النائب البرلماني السوري المشارك بالمؤتمر ( خالد العبود)  ينشر على صفحته بالفيسبوك تصريحا مفاده :
 

 "مؤتمر سوتشي"سيضع "لجنيف" صيغة أخرى، وسيضعها في مكان آخر!!!!..
 

في إشارة لانعقاد المؤتمر بعيدًا عن الضجيج والتهويل الأميركي وإسقاطه لما سُمّي بوثيقة واشنطن، المحرضة باتجاه تقسيم سورية وتحقيق انتصار سياسي عجزت عنه أميركا وحلفاؤها.
 

كذلك كتب (العبود)  في منشور لاحق : ليس مهمّاً من حضر "سوتشي"، المهم أنّ الحكومة قد حضرت.

 

 

*كاتب سوري

 

 


| رمز الموضوع: 308329