الاربعاء 29 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

القيادة هي العنصر
الأساس للمقاومة

ميثم حاتم

 

تميّز العراق منذ القدم بأنه مادة التفاعلات التغييرية فلذا يشهد المؤرخون لهذه البقعة من الأرض كثرة الثورات والانتفاضات والحروب والانقلابات ومعارضة السلطات الحاكمة على مر تاريخه العريق، حيث يُذكر أن معاوية بن أبي سفيان ـ مثلا ـ رفض استقرار العراقيين في بلاد الشام خوفا من إثارة روح التمرد والثورة بين الشاميين والمجاورين لهم وهكذا نلاحظ امتداد شهرتهم في هذا الشأن إلى تلك الفترة الزمنية أيضا. ويجمع علماء التاريخ أن من أهم ميزات الإنسان العراقي هي إعلان المعارضة للسلطات الحاكمة، والظلم والجور بشكل عام، ومن خلال استعراض سريع للتاريخ تبرز أمثلة عديدة، ففي فترة الحكم الأموي ـ مثلا ـ نجد حركة التوابين وحركة المختار الثقفي وثورة زيد بن علي وغيرها من الثورات والحركات المضادة للسلطات، فكان العراق مسرحا للمعارضة والثورة طيلة الحكم الأموي ولم يتغير سلوكه تجاه الحكم العباسي أيضا واستمر في ثوراته ضد المغول ولم يتوقف طرفة عين من معارضة السلطة العثمانية.

 
وفي العصر الحديث كانت ثورة العشرين على رأس قائمة الثورات حيث شهد العراق قبل عام 1920 عدة ثورات ضد المحتل البريطاني الذي كان يسيطر على حكم العراق ولكن لم ترى أي منها النور لأسباب مختلفة، حتى جاء 30 من حزيران/ يونيو 1920 واشتعلت الشرارة الأولى التي انطلقت منها ثورة العراق الكبرى، تلك الثورة الشعبية المسلحة بقيادة الإمام الشيخ الحائري الشيرازي والتي هدفت إلى الاستقلال وطَرْدِ المحتل وإقامة حكومة إسلامية وطنية، فتلاحمت قوى الثورة الخيّرة في ساحات الشرف وانفجرت حركة التحرير في العراق كله من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه لتبرهن للعالم أن الشعوب أقوى من الطغاة.


  ولم يشهد العراق بعد هذه الثورة أي هدوء أيضا حيث كان الملك فيصل بن حسين عميلا بريطانيا وعُيّن بشكل أو بآخر من قِبَلهم ليكون العين البريطانية بلسان عربي وهذا ما كان يرفضه الشعب العراقي، فلذلك استمر في معارضته للحكم الملكي أيضا. فالمقاومة بشتى أنواعها هي من أهم ميزات الشعب العراقي.


ثار العراق ضد المحتل والقوى الأجنبية، وقام وانتفض لإزاحة الحكومات الفاسدة، وضحّى للوقوف ضد الإرهاب وهذا ما شاهدناه في ساحات القتال ضد العصابات الداعشية.

 
 ومن المؤكد أن الشعب العراقي لم يكن الشعب الوحيد الذي قاوم وانتفض وثار، فهذه السمة نجدها عند الكثيرين من الشعوب، ولكن وجود القيادات الواعية هي التي تعطي بُعدا إيجابيا لأي حركة نضالية، ولهذا لم نشهد في مصر أو تونس أو ليبيا أي إنجاز يستحق البحث والدراسة، فأطيح بطاغية ليبقى البلد متأرجحا بين إرهاب وقمع وحكومات فاسدة جديدة، وربما لهذا السبب نلاحظ أن كل العرب بقياداتها وجيوشها وأسلحتها لم تصمد أمام الكيان الصهيوني سوى بضعة أيام، ولكن المقاومة الإسلامية في لبنان المتمثلة بحزب الله وبقيادة حسن نصر الله استطاعت أن تهز الكيان الصهيوني بكل جبروته وأسلحته وأجهزته الأمنية.

 
فخطابات نصر الله تدوي في أرجاء لبنان والمنطقة وترهب الأعداء وتنشر الأمل عند المجاهدين، وبعد كل خطاب له يبقى الإعلام بكل اتجاهاته وسياساته يحلل ويفسر كل كلمة قيلت في الخطاب، ولا عجب لأنه تلميذ مدرسة الإمام الخميني الذي استطاع بكلماته الرنانه وقلمه النافذ وحكمته ودرايته أن يؤسس _متوكلا على الله_ حكومة إسلامية هي الأولى في التاريخ من حيث الإمكانات والقدرة والمكانة، لتأخذ أصولها من الفكر الإسلامي العلوي.

 
 فإيران اليوم أصبحت كقائد عام ورمز للمقاومة والصمود، فرغم العلاقات السياسية والاقتصادية الجيدة مع كثير من دول العالم، ولكنها لن تركع أمام أي ظالم، حتى وإذا خسرت كل ما تملك، فوقفت ببطولة أمام الغرب وأمريكا وغذّت جميع محاور المقاومة في العالم، وساهمت بالأموال حينا وبالتخطيط حينا آخر، داعمةً الحق وأهله، لا لشيء سوى لمبادئ ورثها النظام الإيراني من الإئمة الهداة.

 
فلم يمض وقت طويل من وقوف العالم ضد النظام السوري لتمزيق سوريا وهدمه بهدف تضعيف محاور المقاومة في المنطقة، ولكن دخول إيران إلى هذه المعارك، غيّر مجرى الأحداث حيث شاهدنا كيف ازداد النظام السوري قوة يوما بعد يوم، والعصابات التكفيرية والإرهابية ازدادت ضعفا ووهنا، مما أدى إلى تغيير السياسات الغربية تجاه سوريا ونظامها.

 
فوجود القيادة القوية والمطّلعة والمتحدة تعطي للمقامة دورا واقعيا، كي لا تصب الجهود في الفراغ، ولا تُهدر الدماء الزاكية، وخير مثال على ذلك هي القيادة الحوثية في اليمن، حيث صمدت أمام الإرهاب السعودي، وأبكت العيون الوهابية في أرجاء العالم، فهذه الشخصية التي تستمد قدرتها من الثورة الحسينية _والتي هي الملهمة الحقيقة لأغلب الثورات ضد الباطل في العالم، حيث يقول غاندي تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما كي أنتصر_ لم ترضخ أمام التهديدات والقصف العشوائي بل بقيت تعلّم اليمن والعالم العربي سبل الحرية.

 

وبالتأكيد لم تكن المقاومة دائما مسلحة بل تعتمد أحيانا على الحوار والنشاطات السياسية والمَقدرة الفكرية، وكشاهد على هذا النوع من المقاومة يكمننا أن نشير إلى المفاوضات الإيرانية مع الغرب حيث استطاع الجانب الإيراني أن يثبت قوته وينتصر عبر حلبة الحوار، وكذلك نرى الإتفاق الأمني الذي وقّعه السيد المالكي إبان رئاسته للوزراء، حيث استطاع أن يزرع البذور الرئيسة لقطع اليد الأمريكية من العراق وربما هذا الأمر هو أحد الأسباب الذي دعى أغلب قادة الحشد الشعبي أن يعتبروه قائدا لهم ورمزا للمقاومة في العراق، بل وتعتبره بعض الدول _كإيران_ أحد رموز المقاومة في العالم العربي والإسلامي أيضا حيث صُنّف مع كل من نصر الله والحوثي.

 
 فما يميز المقاومة ويعطيه جانبا إيجابيا ويساعد في تحقيق أهدافه لتُنضج ثمارها، هو وجود هذه القيادات الواعية التي لولاها لما استطاع الحشد الشعبي أن يهزم الأعداء بتلك المعدات الضئيلة، فأبناء الحشد الشعبي يمتلكون قوة إيمان نادرة وآذانا صاغية وعيونا بصيرة وعقولا مطيعة للقيادة، حيث لبّوا فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرتها المرجعية الرشيدة، وسارعوا إلى جبهات القتال لينصروا الحق ويُزهقوا الباطل، ونرى انتصاراتهم تحت لواء الإسلام الحقيقي ضد قوى الشرك والنفاق من الخوارج والأمويين.


| رمز الموضوع: 306719







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. الفصائل الفلسطينية: نرفض أي وصاية على معبر رفح ونعتبرها احتلالا
  2. مؤتمر الوحدة الاسلامية في بغداد: نؤكد تأييدنا المطلق لعمليات "الوعد الصادق" ردا على اعتداءات الكيان الصهيوني
  3. تظاهرات حاشدة امام مقر الحكومة البريطانية تندد بالعدوان الصهيوني على رفح
  4. الرئيس الإيراني: المنتصر في الميدان هو الشعب الفلسطيني المقاوم
  5. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفا حيويا في مدينة أم الرشراش
  6. حمدان: الكرة باتت في ملعب إسرائيل والإدارة الأميركية / العملية العسكرية في رفح لن تكون نزهة لجيش الاحتلال
  7. ايران تدعو الى تشكيل تحالف عالمي من النخب الجامعية للمساعدة في احقاق حقوق الشعب الفلسطيني
  8. هنية والنّخالة يستعرضان الإجراءات المطلوبة لضمان تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار
  9. الخارجية الإيرانية: الهجوم الصهيوني على رفح يكشف الطبيعة الوحشية لكيان مارق لا يلتزم بالاعراف الدولية
  10. الصحة بغزة: آلاف الضحايا ما يزالون تحت الركام
  11. تفاصيل النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  12. المقاومة الاسلامية في العراق تستهدف قاعدتي "يوهنتن" و"ياردن" في الأراضي المحتلة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)