الجمعه 10 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

القدس ضحية غياب
المرجعية السنية الرشيدة

عبد الرحمن أبوسنينة

 

مما يؤثر عن الإمام الخميني مع انطلاق شرارة الثورة الإسلامية في إيران وقبل اتضاح معالم انتصارها قوله في خطاب له: إن مشروع الاعتراف بإسرائيل هو بمثابة الكارثة على المسلمين والانفجار في وجه الحكومات، معتبرا الإعلان عن معارضة ذلك فريضة إسلامية.

 

في ذلك الوقت كان البعض ينصح الزعيم الإيراني بتخفيف لهجة خطابه الراديكالي ضد "إسرائيل" ليتفادى استعداء العالم، لكنه قبل وبعد انتصار الثورة كان يؤكد دوما على هذا المنطلق؛ التناقض والاشتباك المستمر مع الصهاينة رأس حربة محور الشر الغربي وعلى رأسه أمريكا والانجليز.

 

استذكر موقف الإمام الراحل وهو آنذاك عالم دين ثوري لم يكن منقادا لموقف أي سلطة سياسية قبل أن يصبح على رأسها، ويؤسس الجمهورية الإسلامية. اليوم وبعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحق القدس، واعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني، يهولنا هذا الصمت المريب لعلماء الدين المسلمين وخاصة في الأوساط السنية، مع أن بعض كبارهم كان يطالب من على منبر رسول الله الأمريكيين أن يقفوا وقفة لله!! فيقصفوا سوريا، ومضامين فتاواهم كانت مثار تأجيج الفتن والغرائز في الداخل العربي والإسلامي. ولما وقف الشيطان الأمريكي مزورا لتاريخ القدس، ومانحا ما لا يملك لمن لا يستحق، أصاب علماءنا الخرس. ومن المؤسف هنا أن عامة الناس المحتقنين ما زالوا مترددين في إسقاط هؤلاء الدعاة على أبواب جهنم، لأنهم مأخوذون بالترهيب الكهنوتي، والخوف من دعوى أن لحوم العلماء مسمومة!

 

من منا لا يتذكر وفد اتحاد علماء المسلمين الذي طار إلى أفغانستان إبان حكم طالبان غضبة لتحطيم تمثالي بوذا، لكنهم الساعة لا يحركون ساكنا في وجه الرئيس الأمريكي الذي لا يرى قيمة ولا قدسية لمعبد المسلمين، ومسرى نبيهم، وقبلتهم الأولى، ويدنسه الصهاينة صباح مساء في عاصمة الأرض والسماء؟

 

وفي وجه التكفير، ومجموعات المتأسلمين التلموديين، قاطعي الرؤوس، وآكلي الأكباد لم يتخذوا الموقف العلمي المبدئي المناسب، ولم يتداعوا حتى لمؤتمر إجماع تنويري يتبرأ من الظلاميين، بل كانوا يترددون حتى في وصفهم بالإرهاب، وإخراجهم من دائرة المسلمين! فهل يستيقظون اليوم لإعلان الموقف من تمادي الصهاينة بدعم أمريكي، وتدنيسهم لمقدسات المسلمين والمسيحيين؟ وهل يفعلونها كما كانوا في الفتن الداخلية فيعلنون واجب المقاومة لاقتلاع السرطان الصهيوني؟

 

واقع الإسلام السني مرير، خال يا للأسف من الفقهاء الأمناء الذين يأخذون بيد الجماهير لما فيه مصلحتهم وكرامتهم. مع ذلك ولو نسبيا فإن الجماهير الإسلامية لا زالت تحترم العلماء، وتستمع إليهم بحكم الاعتقاد الديني وتأثير الموروث، ولذلك فإن قيادة حركة الناس من رجال دين عارفين بزمانهم يمكنها أن تغير وجه التاريخ، ونحن نشاهد نموذج السيد حسن نصر الله في لبنان الذي حققت قيادته انتصارات متتالية على إسرائيل وأدواتها، وقيادة السيد الحوثي في اليمن الذي سار على نهج والده وجده في أن نهضة الأمة لا تتم الا بتحطيم أصنام التبعية للأمريكي والصهيوني ووكيلهم السعودي، ورغم فظاعة العدوان إلا أن السيد الحوثي يمكنه بنداء مقتضب وإطلالة سريعة أن يملأ الساحات والجبهات بعشرات آلاف المقاتلين والملبين.

 

بعد قرار ترامب وقفت كل المرجعيات الشيعية في العراق وإيران موقفا واضحا في رفض هذا الإعلان، والدعوة للاستعداد الكامل للمواجهة بكافة السبل، وإعلان البراءة من الشيطان الأكبر الأمريكي. موقف مراجع الشيعة تجلى حتى في المواقف السياسية لكبار المسؤولين في العراق وإيران، كما نظم حزب الله اكبر تجمع بشري اليوم في بيروت ضد الخطوة الأمريكية واهتزت بيروت بشعار (للقدس جايين شهداء بالملايين).

 

سنيا، جاء موقف شيخ الأزهر كأفضل رد لمرجعية سنية، لكنه لم يستثمر في استنهاض الشعب المصري بمخزونه البشري الهائل، مكتفيا بدعوة الفلسطينيين لمقاومة تهويد القدس، في حين صمتت المرجعيات السنية الأخرى صمت القبور، وحظر آل سعود أي تحرك ينتصر للقدس خاصة في الحرمين الشريفين بحجة عدم تسييس الشعائر، بينما كان إمام الحرم المكي السلفي الذي يقرأ القران بصوت جميل لا يجاوز حنجرته يقول للصحفيين قبل مدة وجيزة، بأن ترامب والملك السعودي يقودان العالم والإنسانية إلى السلام والاستقرار!

 


عبد الرحمن أبوسنينة

كاتب فلسطيني


| رمز الموضوع: 306546







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. المتحدث باسم الحرس الثوري يفند مزاعم الحاق اضرار بمفاعل ديمونة جراء الرد العسكري الايراني
  2. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  3. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  4. حماس: الرد الإيراني يؤكد أن وقت عربدة الكيان الصهيوني كما يريد بلا حساب قد انتهى
  5. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  6. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
  7. الكشف عن مقبرة جماعية بغزة / قوات الاحتلال أعدمت الشهداء ودفنتهم في باحة مجمع الشفاء
  8. "الجهاد الإسلامي" تشيد بالرد العسكري الإيراني واستهداف مواقع عسكرية داخل الكيان الصهيوني
  9. في اتصال هاتفي مع وزير خارجية بريطانيا امير عبداللهيان: لو اقدمت "اسرائيل" على أي مغامرة، فإن ردنا سيكون عاجلا وأوسع وأكثر اقتدارا
  10. المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: الكيان الصهيوني سيتلقى ردا أقوى بـ10 أضعاف إذا واصل ممارساته الشريرة
  11. انعقاد ندوة "تداعيات وأبعاد معاقبة الكيان الصهيوني" الرد الإيراني العقابي على الكيان الصهيوني كان تطورا كبيرا ومصيريا وستتضح آثاره مع مرور الوقت / إسرائيل أصبحت عبئاً على الغرب وأمريكا
  12. تفاصيل رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)