qodsna.ir qodsna.ir

تآكل الدولة القومية علي يد التيار الديني الصهيوني(الجزء الأول)

كتاب "تآكل الدولة القومية علي يد التيار الديني الصهيوني" للباحث الإيراني«محمد نوري زاده»، يتطرق إلي كيفية تعزيز قوة التيارات الدينية في مختلف المجالات في إسرائيل مع التركيز علي التيار الديني الصهيوني، في محاولة للاجابة علي بعض الأسئلة أهمها كيفية تأثير التيار الديني الصهيوني علي الدولة القومية في اسرائيل؟

وكالة القدس للأنباء(قدسنا) نشأت الحركة الصهيونية كحركة سياسية في أواخر القرن التاسع عشر بهدف نقل اليهود علي اختلاف ثقافتهم وتوجهاتهم_ سواء من المتدينين أو من العلمانيين_ إلي وطن واحد وإيجاد هوية جماعية لهم. وكان الصهاينة يبحثون عن تشكيل"دولة قومية"(nation ste) كي يعيشوا جنبا إلي جنب بعيدا عن اختلافاتهم وثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية  والإجتماعية الخاصة وان يتمتعوا بامكانات وفرص متكافئة.

 

ان زعماء الحركة الصهيونية الذين كان معظمهم من العلمانيين امسكوا بمقاليد الحكم والسلطة في بداية تأسيس اسرائيل وتأسست الأحزاب القومية والأحزاب الدينية في ظل هذا الحكم، لكن بمرور الزمن، استطاعت التيارات الدينية بان تتحدي هذه الدولة القومية من خلال تعزيز رقعة نفوذها في الهيكلية الاقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية والعسكرية في إسرائيل بصورة متزايدة .

 

كتاب "تآكل الدولة القومية علي يد التيار الديني الصهيوني" للباحث الإيراني«محمد نوري زاده»، يتطرق إلي كيفية تعزيز قوة التيارات الدينية في مختلف المجالات في إسرائيل مع التركيز علي التيار الديني الصهيوني، في محاولة للاجابة علي بعض الأسئلة أهمها كيفية تأثير التيار الديني الصهيوني علي الدولة القومية في اسرائيل؟ وماهي نتائج تعاظم قوة هذا التيار علي طبيعة الدولة القومية التي كان يسعي الصهاينة لاقامتها.

 

ومن أهم النتائج التي توصل اليها هذا الكتاب الذي يقع في ستة فصول، هي أن هيكلية الدولة القومية تتأكل في إسرائيل كلما إزدادت وتيرة الخلافات وايضا الشرخ الداخلي بين الأطياف العلمانية والدينية، ما يعتبر تهديدا حقيقياً علي إسرائيل ومستقبلها.

 

وسنورد فصول هذا الكتاب في عدة أجزاء مرتبينها علي أساس ترتيب الكاتب للفصول وايضا بحسب المواضيع الرئيسية التي اوردها في كتابه.

 

 

 

عنوان الكتاب: «تآكل الدولة القومية علي يد التيار الديني الصهيوني»

 

الكاتب: محمد نوري زاده(باحث في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية)

 

الطبعة الأولي_ عام 1396ش/1438 ق/ 2017

 


الإطار العام

 

 

المقدمة نشأت الحركة الصهيونية كحركة سياسية في أواخر القرن التاسع عشر في ظل التطورات المختلفة في اوروبا خاصة ظهور النزعات القومية. وقد استخدمت هذه الحركة الدين كاداة للمّ شمل اليهود في ارجاء العالم في وطن واحد.


وكان اليهود معزولين في اوروبا إذ كانوا يعيشون في "غيتوهات" بعيدا عن المجتمعات الاوروبية لكنهم تأثروا بالتطورات التي حدثت في اوروبا مع نشاة الدولة القومية الحديثة، الامر الذي شكل فرصة كبرى لاندماج اليهود مع المجتمعات الاوروبيه كي يتخلصوا من القوانين التي كانت تحرمهم من المساواة في المعتقدات والسياسة والاقتصاد.


وهذه التطورات ادت الي تكوين ثلاث فرق يهودية دينية، اي اليهودية الاصلاحية واليهودية الارثوذكسية واليهودية المحافظة، إذ جاءت اليهودية الاصلاحية في منتصف القرن التاسع عشر لمواكبة اليهود للمستجدات والتطورات الحديثة التي حدثت في اوروبا من ناحية نشاة مفاهيم القومية والدولة القومية العلمانية الحديثة، وفي المقابل شكلت اليهودية الارثوذكسية على اساس مقاومة هذه التطورات والتاكيد على التمسك بالدين اليهودي التقليدي والدفاع عن كل المقومات والاساطير الدينية القديمة وهي كانت ردة فعل ضد التيار التنويري والتيار الاصلاحي بين اليهود.


وقدمت اليهودية المحافظة نفسها علي أنها تحتل مركز الوسط بين الارثوذكس والاصلاحية وتعتقد بأن هدفها الاساسي يتمثل في الحفاظ على استمرارية التراث اليهودي. وتمخضت عن هذه التيارات الدينية احزاب دينية خاصة التيار الديني الارثوذكسي قبيل تاسيس إسرائيل وبعدها وساهمت في الحياة السياسية في إسرائيل بغض النظر عن نظرتها الي الحركة الصهيونية التي استخدمت الدين كاداة لتحقيق هدفها في ايجاد دولة قومية لليهود.


وكانت الحركة الصهيونية تهدف الي نقل اليهود على اختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم سواء المتدينين او العلمانيين الي وطن واحد وايجاد هوية جماعية لهم. وكان الصهاينة يبحثون عن تشكيل "دولة قومية" ديمقراطية كما وعدهم بلفور بذلك لكى يعيشوا جنبا الى جنب بمنأى عن اختلافاتهم وثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية والاجتماعية الخاصة وبصورة ديمقراطية وأن يتمتعوا بامكانات وفرص متكافئة.

وشهدنا في بداية تاسيس إسرائيل على ارض فلسطين بأن زعماء الحركة الصهيونية الذين كان معظمهم من العلمانيين امسكوا بمقاليد الحكم والسلطة وتأسست الاحزاب القومية والاحزاب الدينية في ظل هذا الحكم وبدأ التنافس فيما بينها.


واذا ما القينا نظرة على التطورات السياسية والدينية والاجتماعية لإسرائيل منذ تاسيسها والى يومنا هذا سنرى أن تغيرات عميقة طرأت على الهيكلية ونوع التوجهات السياسية والاجتماعية والدينية في المجتمع الإسرائيلي إذ شهدت الاعوام الاخيرة تبوؤ الاحزاب الدينية اليمينية السلطة فيها.


إن الاحزاب الدينية التي تعود جذورها الي ما قبل تاسيس إسرائيل وكذلك في إطار المنظمة العالمية لليهود او خارجها وتقسم الي الاحزاب الدينية الصهيونية وغير الصهيونية، دخلت الساحة السياسة في إسرائيل منذ تاسيسها بحيث أن هذه الاحزاب تحالفت مع الاحزاب الاخرى سواء يسارية او يمينية او وسطية وذلك من أجل كسب القوة والاستفادة من امكانيات الدولة من أجل تعزيز مكانتها. ونشهد أن هذه الاحزاب قد ائتلفت مع الاحزاب اليسارية العلمانية في بداية تاسيس إسرائيل وبعد تشكيل حزب الليكود اليميني العلماني وتعاظم قوتها علي الساحة السياسية. إن هذه الاحزاب الدينية سواء الاحزاب الدينية الصهيونية او غير الصهيونية دخلت في تحالفات مع اليمين الإسرائيلي إذ نشهد قوة هذا الائتلاف في الاعوام الاخيرة علي وجه الخصوص.

واذا نظرنا الي هيكلية التيار الديني الذي دخل السياسة ويشارك في العملية الانتخابية، نري بأن  هذا التيار لا يمتلك القوة الاقتصادية ولكنه يسعى وراء المشاركة في السلطة عن طريق الانتخابات من أجل كسب الامتيازات الاقتصادية.


بينما التيار الديني يسعى لاخراج التيار الاشكنازي العلماني، الامر الذي يشكل تحدياً سياسياً جاداً لإسرائيل ومستقبلها.

إننا في هذه الدراسة بصدد الاجابة على هذا السوال أنه كيف يوثر التيار الديني الصهيوني علي الدولة القومية في إسرائيل؟ وما هي عواقب تعاظم قوته علي طبيعة الدولة القوميه التي كان يسعي الصهاينة دوما لتاسيسها ومستقبلها؟ إن الاجابة على هذا السوال ستضعنا في صورة التغيرات الداخلية الراهنة في إسرائيل وستعطي فكرة عن مستقبلها ومدي استقرارها وحياتها إذ تمكننا من اتخاذ قرارات صائبة ومناسبة ازاء إسرائيل.


لقد قدمت إسرائيل نفسها علي أنها دولة قومية ديمقراطية للمّ شمل جميع اليهود في العالم لكي يتمتع كافة اليهود المشتتين بوطن آمن في ظل التعايش السلمي مع بعضهم البعض، لكن "الدولة القومية" تتآكل من قبل "التيار الديني الصهيوني".


واما "الدولة القومية"، فهي منطقة جغرافية تتميز بإنها تستمد شرعيتها السياسية من تمثيلها أمة أو قومية مستقلة وذات سيادة وهي كيان ثقافي وإثني على اساس الهوية واللغة والوطن.

إن التيار الديني الصهيوني هو تيار يركز على افضلية القوانين الدينية علي القوانين الوضعية وهو قبل الحركة الصهيونية ويعطي النظام السياسي في إسرائيل بعدا ثيوقراطيا ويدفعها نحو تنفيذ احكام الشريعة اليهودية واتخاذها مصدراً لوضع القوانين فيها.


هذا وسنشرح لاحقا في اطار هذه الدراسة مفهوم "الدولة القومية" و"التيار الديني الصهيوني" بالتفصيل.


ومنذ أن تاسست إسرائيل في الشرق الاوسط ودخلت هذه المنطقة في صراعات بين المسلمين والصهاينة فإن ظاهرة إسرائيل لفتت اهتمام العديد من الكتاب والباحثين والخبراء خاصة في العالم الاسلامي إذ تطرق هولاء الكتاب والباحثون الى الجوانب المختلفه لهذه الظاهرة، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية. وفي هذا السياق، فإن عدداً من الكتاب والباحثين قاموا بدراسة التطورات السياسية والاجتماعية الداخلية في إسرائيل منذ تاسيسها حتي الان خاصة بشان حضور التيارات الدينية علي الساحة السياسية وكيفية تكوينها ومكانتها في إسرائيل والمسار الذي تتابعه هذه التيارات وتاثيرها علي المجتمع الإسرائيلي وطبيعته.


ويتداول الباحث عبدالفتاح محمد ماضي في كتابه "الدين والسياسة في إسرائيل "  قضية الاحزاب والجماعات الدينية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية ويقول إن المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع منقسم على نفسه يتصارع فيه العديد من الاحزاب والجماعات المتنافرة وأنه علي شفا الانهيار والانحلال  من خلال ابراز طبيعة نشاته الاستعمارية وتحالفه الاستراتيجي مع القوي الكبري.

ويتطرق الباحث الى نشاة الحركات والجماعات والاحزاب اليهودية التي تعبر عن اليهودية الارثوذكسية في اوروبا في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وكذلك دور الاحزاب والجماعات الدينية في الحياة السياسية في إسرائيل منذ قيامها وحتى نهاية عام 1997م إذ تهدف هذه الدراسة الي معرفة حقيقة إسرائيل في جانب من اهم جوانبها الا وهو علاقة الدولة بالدين، إذ إنها دولة اتخذت من الدين ركيزة رئيسية لما اسمته "تجانسها القومي".


ويعتبر "تطور التيار الديني الصهيوني – القومي"  احدي الدراسات الاخري التي انجزت حول نشاة التيار الديني الصهيوني وتغلغله في الساحة السياسية. ويقول الباحث محمد فراج عيسى مطرية في هذه الدراسة إن التيار الديني القومي يعتبر تكتلا خطيرا في جسم الصهيونية الممتد وهو عملية عنيفة تجاه الفلسطينين، عملية تاريخية مازالت مستمرة ومن المحتمل أن تتحول الي مسار آخر اكثر عنفاً سيما وأن هناك انحياز واضح وملحوظ في المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الديني المتطرف خاصة لدي جيل الشباب.

ويضيف الباحث أن إسرائيل تعيش في ازمة وجود كياني سترافقها للابد، لذلك جاءت الاستراتيجية التي اعتمدها تيار الصهيونية الدينية لتحقيق الحسم في الصراع مع الفلسطينيين قائمة علي تقديس القوة العسكرية وفوبيا الاستيطان ورفض وجود الاخر، وهي منطلقات مركبة على نتاج فكري مثلته المدارس الدينية التي شكلت ولاتزال رافعه السلوك الديني العام ولها الاثر البالغ في سلوك الجيش الإسرائيلي، ما يدلل علي أن إسرائيل لا تخرج عن كونها مجتمعا للمحاربين بل أننا امام جيش يتدين وصراع يتدين.

ومن الباحثين البارزين الاخرين الذين تطرقوا الي التيار الديني في إسرائيل ودورها في المجتمع الإسرائيلي، هو الدكتور صالح محمد النعامي إذ يوكد في كتابه تحت عنوان "في قبضة الحاخامات؛ تعاظم التيار الديني الصهيوني في اسرائيل"  أن إسرائيل تعتبر مثالا صارخا للكيانات السياسية التي يطغي عليها تاثير مكونات البيئة الداخلية علي عملية صنع القرار حيث يلعب الحراك السياسي الداخلي في إسرائيل والقوى الموثرة فيه دوراً مهماً وحاسمًا  في تصميم السياسات العامة لهذا الكيان وتوجيهها.


ويضيف الدكتور النعامي في كتابه أن هنري كيسنجر وزير الخارجية الاميركي الاسبق اوجز عندما قال: "لا توجد في إسرائيل سياسة خارجية، بل سياسة داخلية تمليها حسابات حزبية ضيقة".

ويتطرق هذا الكتاب الذي هو في الاصل بحث قدمه المولف لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية الي العوامل والتحولات التي سمحت بتعاظم تاثير التيار الديني الصهيوني على صنع القرار الإسرائيلي، وكذلك تاثيراته على البيئة الداخلية في إسرائيل وموسساتها وعلي المنطقة والعالم ومستقبل الصراع مع الفلسطينيين في ظل تعاظم قوته.


ومن الكتب الاخرى التي تتطرق الى طبيعة الحياة الداخلية في إسرائيل، كتاب للدكتور عمر عبد العلي علام تحت عنوان "المجتمع الإسرائيلي وثقافة الصراع"  إذ يعكف فيه علي دراسة المفاهيم الدينية اليهودية داخل المجتمع الإسرائيلي ويقول إن مشكلة الهوية تعتبر من اعقد المشكلات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، كونه مجتمعا يختلف اختلافا بينا عن سائر المجتمعات الاخري. وحاولت إسرائيل أن تجد لها حلا من دون جدوي. وواجهت إسرائيل العديد من المشاكل والمتناقضات التي لم تكن الصهيونية ولا قادة إسرائيل يتوقعونها، الامر الذي خلق العديد من التوترات والصراعات الثقافية والاجتماعية والطائفية والدينية والسياسية والامنية داخل اسرائيل.


ويشير الكاتب في جزء آخر من كتابه الي نفوذ المتدينين والحاخامات اليهود داخل المجتمع اليهودي وكذلك قضية استلهام العنف من التراث الديني اليهودي والصراع بين اليهود المتدينين واليهود العلمانيين إذ يقول إن ابعاد هذا الصراع بدأت مع نشاة حركة "الهسكالاه" (التنوير اليهودية) التي هدفت الي تحطيم النفوذ الديني.

ويضيف الكاتب إن هذا الصراع اصبح من اكثر القضايا التي تقلق المجتمع الإسرائيلي، مشيرا الي الصراع بين اليهود الاشكنازيين واليهود السفارديين كجانب اخر من الصراعات في داخل المجتمع الإسرائيلي.


وعكف العديد من الكتاب والباحثين العرب والمسلمين علي دراسة التيار الديني ونشاته وتعاظم قوته وتاثيره على الصراع العربي - الإسرائيلي او جوانب من تاثيراته علي إسرائيل كما اشرنا سابقا، وذلك من دون القاء نظرة عميقة على تاثيره علي المبدأ الرئيسي الذي تاسست علي اساسه إسرائيل اي الدولة القومية وهذا ما نريد أن نتطرق اليه في هذه الدراسة كي نري ما هو تاثير تعاظم قوة التيار الديني خاصة التيار الديني الصهيوني علي مفهوم الدولة القومية الديمقراطية التي تاسست إسرائيل علي اساسها وفقا لوثيقة الاستقلال والقانون الاساس وكذلك مستقبلها ومدي استقرارها في المستقبل في ظل التعارضات والتباينات الشديدة الموجودة في المجتمع الإسرائيلي وذلك بالاعتماد على دراسات الباحثين والكتاب ومواقف المسؤولين الإسرائيلين أنفسهم وتحليلها بصورة معمقة وتفصيلية.


إن اسلوب البحث في هذه الدراسة قائم على جمع المعلومات من خلال الاستفادة من المصادر الخطية سواء الكتب والمقالات والدراسات العلمية وارشيف الوثائق المطبوعة والمرئية والمسموعة إذ يعتبر اسلوبا مكتبيا اجمالا ومن ثم نسعى في هذه الدراسة لتحليل كافة المعلومات ذات المصداقية المقدمة الي القاريء في سياق الإطار العام لهذه الدراسة بصورة موضوعية وكشف الصلة بينها واستنتاجها.


اهم مصطلحات الدراسة


الصهيونية: الصهيونية هي حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي إلي إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كله. واشتقت الصهيونية من اسم (جبل صهيون) في القدس. إن الحركة الصهيونية  استخدمت الدين كاداة لتحقيق هدفها في ايجاد دولة قومية لليهود.

وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي تيودور هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصر والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.


الصهيونية الدينية: وتشير الكلمة الى اليهود كجماعة دينية إذ تعتبر العودة الي "صهيون" فكرة محورية في النسق اليهودي الديني وهي غيرالصهيونية السياسية والتي هي حركة مسؤولة عن الاستعمار الاستيطاني في فلسطين بدعم غربي. وترجع قوة الصهيونية الدينية الي تناغمها مع الفكرة السياسية لتلاقي المصلحة العامة بينهما وتنتمي المدارس الصهيونية كلها بغض النظر عن ارتباطاتها الايديولوجية الي المنظمة الصهيونية العالمية، ما يدل علي أن الخلافات شكلية ولا تمس الجوهر في اية حال.


إسرائيل: إن "إسرائيل" كيان استعماري استيطاني وارهابي وعنصري ومغتصب للارض والحقوق العربية وقام باستخدام القوة العسكرية وارتكاب الحروب العدوانية والمجازر الجماعية وانتقال اليهود الى فلسطين وترحيل العرب منها واقيمت على اراضي وممتلكات واشلاء الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.


اليهودية: ظهر مصطلح اليهودية اثناء العصر الهيليني للاشارة الي ممارسات اليهود الدينية لتميزها عن عبادات جيرانهم، وهو يشير الي العقيدة التي يتبعها اليهود الذين كانوا يعيشون في جنوب الضفة الغربية والتي يطلق عليها بالعبرية "يهودا" نسبة الي يهودا الولد الرابع ليعقوب عليه السلام.


الاشكناز: اليهود الأشكنازيم هم اليهود الذين جاوءوا من أوروبا، وكلمة "أشكناز" هي مرادفة لكلمة ألمانيا حيث اكتسب اليهود الاسم بحكم انتشارهم في ألمانيا قبل قيام الدولة، وامتد مصطلح الأشكناز بعد ذلك ليشمل الفرنسيين ومن هاجر من نسلهم إلى بولندا وليتوانيا والدول الأوروبية. كما إن هذا المصطلح يعنى في اللغة العبرية الأرض الألمانية.

ولعب اليهود الأشكناز دورًا هامًا في إقامة الدولة العبرية على أرض فلسطين كما ساهمت أموالهم ونفوذهم في الدول التي جاوءوا منها في ازدهار الحركة الصهيونية وأخذوا على عاتقهم تشجيع اليهود في شتى أنحاء العالم للوصول إلى فلسطين وإقامة الدولة، فهم من الناحية التاريخية أول من وصلوا إلى فلسطين لإقامة الكيبوتسات التي كانت نواة الاستيطان.


السفارديم: اليهود السفارديم هم اليهود الشرقيون أو يهود الشرق الأوسط الذين جاوءوا من الشرق والدول العربية والعالم الثالث بشكل عام. وأطلق مصطلح "سفارد" على نسل أولئك اليهود الذين اتجهوا عندما غادروا فلسطين قديمًا إلى العراق وإيران وأفغانستان وشبه الجزيرة العربية ومصر وبلدان شمال أفريقيا وعلى يهود القوزاق (يهود جورجيا والجبال).

كما يوصف بها اليهود الذين تعود أصولهم الأولى ليهود أيبيريا وإسبانيا والبرتغال والذين طردوا منها في القرن الخامس عشر وتفرقوا في شمال أفريقيا وآسيا الصغرى والشام وكثير منهم كانوا من رعايا الدولة العثمانية في المناطق التي تخضع لسيطرتها وكانت لهم لغة خاصة هي" لادينو" وهى مزيج من اللغة اللاتينية وكلمات عبرية لكنهم تحدثوا لغات البلاد التي استوطنوها، كالعربية والتركية والإيطالية.


ويعتبر السفارديم الطبقة الدنيا داخل المجتمع الإسرائيلي، وهي الطبقة التي لا تملك سوى الفقر وتوابعه، كما أن أصحابها يعملون في المهن الشاقة، ويتقاضون اجورا أقل بكثير من الأشكيناز.

الديمقراطية: الديمقراطية كلمة يونانية الأصل بمعنى حكومة الشعب، أو سلطة الشعب، فالشعب بالمفهوم الديمقراطي يحكم نفسه بنفسه، وهو مصدر السلطات في الدولة، فهو الذي يختار الحكومة، وشكل الحكم، والنظم السائدة في الدولة؛ السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية؛ بمعنى أن الشعب هو أساس الحكم، وأساس السلطات في الدولة، وهو مصدر القانون الذي تخضع له الدولة .


تقوم الديمقراطية أساساً على مبدأ سيادة الأمة، بمعنى أن الشعب والأمة يشكل في مجموعه كياناً معنوياً مستقلاً عن الأفراد، يمارس السلطات بنفسه، أو عن طريق ممثليه، فيحدد من يحوز السلطة، ومن له الحق في ممارستها، ولا معقب عليه في ذلك؛ لأنه صاحب السيادة.


تقوم الديمقراطية على أساس حكم الأغلبية المقرون بحقوق الفرد والأقليات. فجميع الديمقراطيات، التي تحترم إرادة الأغلبية، تحمي في الآن ذاته وبالحماس ذاته الحقوق الأساسية للفرد وللأقليات

تدرك النظم الديمقراطية أن إحدى مهامها الأساسية هي حماية حقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير وحرية المعتقد وحق المساواة أمام القانون؛ وإتاحة الفرصة للتنظيم والمشاركة بصورة كاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع.  


واذا تبنينا هذا المفهوم فنرى بأن الديمقراطية الإسرائيلية تواجه العديد من الشوائب والعيوب من ناحيه حقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير وحرية المعتقد وحق المساواة أمام القانون؛ وإتاحة الفرصة للتنظيم والمشاركة بصورة كاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع.


وسنتطرق في الفصل الاول من هذه الدراسة الي الإطار النظري وسنقدم النظريات السياسية المعنية بالدراسة في اطار طبيعة إسرائيل ككيان سياسي ذات توجهات دينية في ظل تداول السلطة فيها، كما سنتطرق في الفصل الثاني الي قضية التيارات السياسية قبل وبعد تاسيس إسرائيل علي شكل الاحزاب والائتلافات والمعسكرات الحزبية المختلفة كاليمين العلماني واليسار العلماني واليمين الديني الصهيوني واليمين الديني غيرالصهيوني وتوجهاتها من أجل تقديم انطباعا شاملا للقارئ حول هيكلية الاحزاب السياسية سواء اليمينية واليسارية والوسطية او العلمانية والدينية وائتلافاتها مع بعضها البعض، كما سنشير في ختام هذا الفصل الي الاحزاب التي تلعب الدور حاليا في الكنيست والحكومة الإسرائيلية نظرا الي كثرة تكوين الاحزاب في إسرائيل وسرعان انحلالها.

وسنعكف في الفصل الثالث علي دراسة كيفية تكوين الدولة القومية وتكوين التيار الديني الصهيوني قبل تاسيس إسرائيل، وكذلك كيفية العلاقة بين الحركة الصهيونية والتيار الديني الصهيوني واداء التيار الديني الصهيوني بعد تاسيس اسرائيل.


وسنعرض خلال الفصل الثالث الى اسباب تعاظم قوة التيار الديني في إسرائيل من الناحية الديمغرافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والاعلامية من أجل القاء نظر شاملة على مسيرة هذا التيار على مدي اكثر من خمسين عاما من تاسيس إسرائيل حتى يومنا هذا.
 

وفي الفصل الرابع، سنتطرق الي العواقب الاجتماعية والسياسية والاقتصاديه والديمغرافيه لسيطرة التيار الديني علي السلطة،كما سنتطرق في الفصل الخامس الى كيفية تاثير هذه السيطرة علي مفهوم الدولة القومية الديمقراطية. في نهاية المطاف، سنعرض في فصل السادس الوضع الحالي لمفهوم الدولة القومية في اسرائيل ومستقبلها في ظل استمرار سيطرة التيار الديني وتعاظم قوتها داخل اروقه اسرائيلكنتيجة لهذه الدراسة بالاعتماد علي مواقف المسوولين الإسرائيليين أنفسهم.

 

 

 

يتبع...

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 304484