الجمعه 10 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

القدس إن حَكَت!!

رفعت سيد أحمد

القدس (إن حَكَت)، فستروي تفاصيل جريمة لاتزال أحداثها تقع، رغم أن بداياتها قد تجاوز عمرها السبعين عاماً إن لم يكن المائة، ولأنها جريمة مستمرّة، ولا تسقط أركانها ووقائعها بالتقادُم، ولأنها تعمّدت بالدم وبه وحده ستنتصر، فإن الانتباه لضرورة بناء استراتيجية غير ظرفيّة، دائمة، بات أمراً ضرورياً على المُثقّف والسياسي والداعية أن ينتبهوا جميعاً إليه!!.

 

مع الانتفاضات والانتصارات المُتتالية للمقدسيين، ولعموم أهل فلسطين، ينبغي للمُراقب أن يتوقّف، ويتأمّل، فالمؤامرة على القدس طويلة، وفصولها مُعقّدة، ومستقبلها يحتاج إلى استراتيجية للمقاومة اليقِظَة، تلك التي لا تتوقّف بمجرّد إحراز نصر هنا أو هناك، فالعدو يُخطّط للبقاء، ولابتلاع كل فلسطين، ولولا صمود وعَظَمَة هذا الشعب الفلسطيني المُقاوِم لتم ذلك منذ أمد طويل.

 

بداية إن أخطر ما تتعرّض له القدس (وبالطبع فلسطين) هو القضْم المستمر للأرض والهدْم الدائم للآثار والمعاِلم المقدسية، إنه الاستيطان بمعناه الأشمل وليس بمعناه المباشر المُتمثّل في بناء المستوطنات والوحدات الاستيطانية، والتي تُمثّل خطراً أيضاً على المدينة المقدّسة؛ إننا أمام جريمة مستمرة لا يصحّ أن نتوقّف عن مواجهتها، وألاّ نطرب فقط لانتصارات جزئية، هنا أو هناك، رغم أهميتها، وعلى سبيل التذكير بخطر الاستيطان المُتجدّد ومنذ أيام وقبل تركيب البوابات الالكترونية في الأقصى ثم الانتفاضة ضدّها إلى أن تمت إزالتها، قبل ذلك بساعات كان رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني قد أعطى الضوء الأخضر للجنة التخطيط والبناء الاحتلالية في القدس لبناء ما يقرُب من 7000 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات جيلو وبيسغات زئيف ورامات شلومو.  

 

وطبقاً للنشرة الإخبارية في"إسرائيل اليوم"، هناك حوالى 3500 وحدة سكنية في جيلو المبنيّة على أراضٍ مغتصبة من الولجة وشرفات وبيت جالا، وحوالى 2200 وحدة في هار حوما المبنية على أرض تم الاستيلاء عليها من جبل أبو غنيم، و 900 في بيسغات زئيف، و 500 في رامات شلومو، و 100 أخرى في راموت. وجميعها مستوطنات مُقامَة على أراض تم الاستيلاء عليها بعد حرب1967. وقال نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس، الذي يشغل أيضاً  منصب رئيس لجنة التخطيط والبناء المحلية، إن هذه الخطوة هامة. وأعرب عن أمله في أن يوافق نتنياهو على المشروعات التي تهدف إلى بناء آلاف الوحدات السكنية للمستوطنين في حيّ جفعات هاماتوس الاستيطاني.

 

وذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر (3/7/2017) إن من ضمن المُخطّطات إقامة وحدات سكنية للمستوطنين اليهود داخل الأحياء الفلسطينية، لاسيما " الشيخ جرّاح " في البلدة القديمة في القدس.

 

وقالت إن الحديث يدور عن مخطّطات بناء تم تجميدها لفترة طويلة، من بينها مُخطّط لإنشاء حوالى 2000 وحدة استيطانية في الأحياء اليهودية الكبيرة، وأربعة مُخطّطات لتوطين اليهود في حيّ الشيخ جرّاح الفلسطيني.

 

إن الاستيطان الصهيوني لهذه الأماكن في القدس، وكما يؤكّد الخُبراء الاستراتيجيّون، يستدعي إخلاء مبانٍ في حيّ الشيخ جرّاح، تقطنها عشرات العائلات الفلسطينية بهدف بناء عدّة عمارات ذات طوابق عالية مع الاقتلاع الكامل لأيّ وجود سكَني فلسطيني هناك !!.

 

وفي المعلومات الحديثة بعد نزْع البوابات الإلكترونية في الأقصى، وفي أداء سياسي واستيطاني خبيث ، بدأت سلطات الاحتلال إعداد مُخطّط لإقامة مدرسة دينية تلمودية في منطقة (مفتوحة في حيّ الشيخ جرّاح شمالي البلدة القديمة في القدس) مع توسيع للأحياء اليهودية، خارج الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي المُحتلّة عام 1948 وتلك التي احتُلّت عام 1967 .

 

ورجّحت صحافة العدو الصهيوني وبخاصة "هآرتس" أن توافق الحكومة الصهيونية خلال أيام على إيداع مُخطّط لبناء 944 وحدة استيطانية في مستوطنة بيسغات زئيف (شمالي القدس)، عِلماً أن المُخطّط سيقوم على أرض تمّت مصادرتها من قِبَل سلطات الاحتلال عام 1980 ، وأضافت أن هناك مُخطّطات أخرى لبناء 800 وحدة سكنية في مستوطنة جيلو (جنوبى غرب القدس)، 200 وحدة سكنية في راموت (شرقى المدينة المحتلة)، 214 وحدة سكنية في نافيه يعكوف (شمالاً)، و116 وحدة سكنية في "بيسغات زئيف" أخرى ستتم مُناقشتها بعد أسبوعين.

 

ما دلالة هذه الأرقام والمعلومات؟ الإجابة هي أن المحتل الصهيوني قرّر أن يُكمِل وبشكل قاطِع تهويد المدينة المُقدّسة تمهيداً لهدْم مسجدها الأقصى تدريجاً بعد نزْع الهوية العربية والإسلامية عمّن تبقّى من فلسطينيي 1948 الأبطال الصامدين في أرضهم، ويُضاف إلى هذه السياسات عمليات الحفْر والتنقيب تحت وإلى جوار كل المُقدّسات الإسلامية وفي مُقدّمها المسجد الأقصى بحثاً عن (الهيكل المزعوم) الذي يؤكّد المؤرّخون إنه حتى لو وجدوه فهو هيكل للمسلمين ومسجد لأتباع الدين الحق وليس لهم.

 

إن القدس تتألّم وهى إن حَكَت، لقالت الكثير عن استيطان وقتْل وحِصار وتشويه للهوية والدين واعتداء على حرمة وكرامة البشر والمُقدّسات. وهى إن حَكَت ستحكي وبألم إنه ما كان لهؤلاء الغُزاة (اليهود) أن يهوّدونها ويدّمرونها هكذا، لولا صمْت العرب وتواطئهم، وهى إن حَكَت لقالت أن بالإمكان بالفعل الانتصار على هؤلاء الغُزاة وعلى خططهم الاستيطانية والتهويدية، إن امتلك المسلمون والعرب (حكاماً وشعوباً) بعضاً من عزّة وجرأة وكرامة (المقدسيين) الذين استطاعوا أن ينتصروا في واحدة من أروع معاركهم المُمتدة مع العدو الصهيوني ويجبرونه على رفْع (البوابات الالكترونية) وأن يدفعوا بالدم ثمن هذا الجهاد.

 

إن هذه الحقائق على الأرض تؤكّد أنه بالإمكان هزيمة هذا المشروع الصهيوني، بدءاً بالقدس، فقط يحتاج الأمر أولاً الوحدة الوطنية الفلسطينية الواسعة القائمة على خيار المقاومة، بعد ذلك يحتاج إلى دعم صادِق – وليس بالبيانات واللغة الناعِمة كما هي حال الجامعة العربية وحكّامها، يحتاج إلى مُساندة جادّة وإلى إسلام حقيقى وعروبة صافية المعنى، لا تشوبها داعشيّة ورائحة نفط شيوخ الخليج؛ ونحسب أن ذلك بات ممكناً ومؤكّداً ليس فحسب بحُكم منطق الحقائق والتحوّلات الكبرى التي تجري في القدس وفلسطين وحولهما، ولكن وبالأساس انطلاقاً من الوعد القرآني من الله سبحانه وتعالى الذي لا يخلف وعده أبداً حين قال في سورة الإسراء : (فَإذَا جَاءَ وعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وكَانَ وعْداً مَّفْعُولاً) ونحسبه سبحانه وتعالى، يقصد بهؤلاء العِباد المقدسيين المُجاهدين، ومّن ماثلَهم من العرب والمسلمين الذين يعرفون أن فلسطين وقدسها هي البوصلة الصحيحة وما عداها باطل!! والله أعلم .


| رمز الموضوع: 302897







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  2. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  3. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  4. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
  5. الكشف عن مقبرة جماعية بغزة / قوات الاحتلال أعدمت الشهداء ودفنتهم في باحة مجمع الشفاء
  6. "الجهاد الإسلامي" تشيد بالرد العسكري الإيراني واستهداف مواقع عسكرية داخل الكيان الصهيوني
  7. في اتصال هاتفي مع وزير خارجية بريطانيا امير عبداللهيان: لو اقدمت "اسرائيل" على أي مغامرة، فإن ردنا سيكون عاجلا وأوسع وأكثر اقتدارا
  8. المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: الكيان الصهيوني سيتلقى ردا أقوى بـ10 أضعاف إذا واصل ممارساته الشريرة
  9. انعقاد ندوة "تداعيات وأبعاد معاقبة الكيان الصهيوني" الرد الإيراني العقابي على الكيان الصهيوني كان تطورا كبيرا ومصيريا وستتضح آثاره مع مرور الوقت / إسرائيل أصبحت عبئاً على الغرب وأمريكا
  10. تفاصيل رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
  11. تقریر.. تداعیات الرد الإیرانی تلقی بظلالها على إعلام العدو الصهیونی
  12. حزب الله: الرد الإيراني حقق أهدافه العسكرية المحددة بدقة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)