غزة انتصرت إلکترونیا على إسرائیل

وکالة القدس للانباء(قدسنا) - وکالات- أشار خبراء ومحترفو الانترنت وشبکات التواصل الاجتماعی إلى انتصار المقاومة فی العالم الافتراضی وسددت ضربات موجهة لإعلام العدو الذی خسر معرکة أخرى إلى جانب الخسائر المعنویة التی تکبدها فی عدوانه الأخیر على القطاع، وفقد فی الوقت نفسه احتکاره على مجال الإعلام الذی کان حکرا له یستفید منه فی خدمة أجندته لاستعطاف دول العالم لقضیته.

وأشارت أرقام حدیثة تحصلت «القدس العربی» علیها إلى أن حجم التضامن مع قضیة غزة کان أکبر بکثیر من أی حرب مضت، وأکدت أن إسرائیل وداعمیها یخسرون الحرب الإعلامیة باتساع دائرة المقاومة الإلکترونیة التی اخترقت هذا المجال.

وحسب الأرقام والتحالیل التی بحوزتنا، فقد بلغ عدد المتابعین لوسم «صلوا لغزة» على سبیل المثال نحو 5 ملایین متابع، فی حین نفس الوسم الخاص بإسرائیل لم یتابعه سوى 112 ألف مستخدم.

أما الوسم باللغة الإنکلیزیة «غزة تحت القصف» فحقق رقما تجاوز 7 ملایین متابع فی حین لم یحقق وسم مشابه عن إسرائیل إلا ما یقل عن 100 ألف متابع.

وانتشر فی مواقع التواصل الاجتماعی وسم آخر یحشد الرأی العام الدولی لاعتبار إسرائیل مجرمة حرب وملاحقتها فی محکمة العدل الدولیة والذی حقق ملیونی متابع، کما حقق وسم خاص بغزة باللغة الإنجلیزیة أزید من 10 ملایین متابع بینما نفسه الخاص بإسرائیل لم یحقق ثلث الرقم.

وباللغة العربیة حقق وسم غزة تحت القصف أزید من 6 ملایین متابع. وکانت الملاحظة البارزة أن التفاعل مع قضیة غزة وفلسطین کانت أکثر باللغة الانجلیزیة بکثیر من اللغة العربیة، ما یدل على أن هناک الکثیرین من خارج عالمنا العربی متضامین مع قضیة غزة.

ویؤکد عمار محمد الخبیر والمستشار فی الإعلام الجدید فی تصریح خاص لـ»القدس العربی» ان الانتشار الکبیر لغزة فی شبکات التواصل الاجتماعی یعطینا دلالة ان قضیة غزة لیست قضیة دینیة أو قضیة سیاسیة، بقدر ما هی إنسانیة أولا، لأن انتشار الوسوم التی ارتبطت بغزة کانت أکثر من وسوم إسرائیل.

ویشیر عمار إلى ان الانتصار الذی حققته غزة إعلامیا یحتاج أن یستمر أکثر، خصوصا فی خضم حرب إلکترونیة تدار عن طریق وحدات خاصة للجیش الإسرائیلی وتحتاج لتوحد الجهود والتکاتف لمواجهة الاستثمارات التی یقوم بها بتوظیفه أشخاص یدفع لهم أموال للتواجد فقط على الإنترنت وإبراز الصورة ونقض الحقائق.

ویضیف: «أصبح من الضروری الاهتمام بالنشاط الإلکترونی للحملات الإعلامیة، خصوصاً أننا فی زمن یتوفر فیه الإنترنت على الهواتف الجوالة والأجهزة الوسیطة، بمعنى أن أی قضیة یمکنها الانتشار خارج مجالها الجغرافی، ولذلک نشاهد سرعة تدفق المعلومات وتجمع جماهیری فی مواقع محددة ولتکون وسیلة ضغط وتأثیر على الرأی العام».

وفی تعریفه للمقاومة الإلکترونیة التی حققت تقدما لقضیة غزة فی العالم الافتراضی یشیر الخبیر والباحث محمد إلى أن «جهودا إلکترونیة تقدم من خلال فرق عمل متخصصة مدربة ولها سیاسات واضحة وأجندة معدة مسبقاً فی رصد دعم وعرض الآراء وقیاسها مع الآراء المخالفة ورصد الأخبار لحظة بلحظة عن طریق المحتوى سواء صوت أو صورة أو فیدیو أو نص، ویحاول المقاومون الإلکترونون نشر الحقائق بدون الدخول فی جدال ونقاش لأن الهدف هو التواجد ولیس الإقناع.

وکشف لـ «القدس العربی» بعض الخطوات التی یلجأ إلیها المقاومون الذین یعدون سندا لمن یعمل على أرض المیدان فی معارک ضد الاحتلال.

وقال إنه «یتم إعداد خطة للعمل یتم خلالها طرح الموضوعات وتوحید الوسم الخاص بالقضیة بشکل عام، ویتم تطبیقها بشکل مرحلی وهذا من خلال تدریب فرق عمل متخصصة ومتواجدة طوال الوقت، لإثبات الحقائق فی وقت تنشر فیها معلومات مضللة بلغتنا وبلغات أخرى، لتبقى الحقیقة والمعلومة سلاحا لیس للتأثیر فقط، وإنما أیضا للمقاومة، فی عصر تحولت المعلومة إلى عنصر فعال ومؤثر بل أحیانا مهدد».

ویقول مدرب الاعلام الجدید ان المقاومین لصالح القضیة الفلسطینیة یقومون باستخدام الصور وتحمیل جرائم العدوان على غزة من خلال کلمات بحثیة بلغات مختلفة، مع نشر مقاطع الفیدیو ومحاولة ترجمة المحتوى، والتواجد فی الصفحات الغربیة ونشر التعلیقات للقیام بحملات إعلامیة وتوعویة عن طریق التبرع لغزة على الانترنت.

من جهته تحدث الناشط الإلکترونی طارق نهاد عن أهمیة التدوین الالکترونی فی فترة الحرب حیث أبرز دور الحوار والنقاش مع النشطاء والمهتمین عبر الفضاء الالکترونی لغیر الناطقین باللغة العربیة والذین تنحصر مصادر معلوماتهم فی موارد إعلامیة محدودة، حیث تحدث عن تجربته کمتحدث للغتین العربیة والإسبانیة مع النشطاء فی دول أمریکا اللاتینیة عن اهتمام النشطاء وقادة الحرکات الشبابیة بالتواصل مع شباب فلسطینی یمدهم بالمعلومات بشکل دوری ویوضح لهم ما یستعصی علیهم من معلومات.

وأشار إلى أن هذا یعد بابا من أبواب المقاومة لم تقم – على حد قوله – حرکات المقاومة والحرکات السیاسیة بتغطیته کما یجب، ولم تکن لتتاح له الفرصة على العمل فیه لولا المساحة الحرة وقنوات التواصل التی أتاحها فضاء الإعلام الالکترونی.

وأکد طارق أنه لولا المرونة التی تتمتع بها وسائل المقاومة الالکترونیة لم یکن لها أن تکسر الحصار الإعلامی الذی تحاول الجهات المناوئة له فرضه على المقاومین.

ویختتم قوله بالتأکید على أن حجم المقاطعة والعزلة التی تعیشها إسرائیل مؤخرا تعود أساسا إلى الفضاء الإلکترونی الذی کسر فی فترة وجیزة الادعاءات الصهیونیة التی کانت إلى وقت قریب تستند فقط على وسائل الإعلام الثقیلة التی تسیطر علیها، بینما لیس بوسع اللوبیات التی تسیر فی فلک ان تفرض القبضة نفسها على العالم الإلکترونی الذی بدأ أصحاب القضیة العادلة یتفوقون فیه ویجیدون لعبته بشکل أفضل بکثیر منها.