السبت 11 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

إسرائیل وإیران.. الضربة ولیس الصفقة

عدنان أبو عامر 

  

تزایدت فی الأیام الأخیرة التسریبات والتحلیلات الإسرائیلیة حول الفرضیة القائلة بأنّ إبرام إسرائیل لصفقة التبادل مع حرکة حماس، إنما یأتی للتفرغ لشنّ هجوم عسکری على منشآت إیران النوویة، ما یعنی أن إنهاء قضیة الجندی یزیح عائقاً آخر فی الطریق لما یوصف فی تل أبیب بـ"الهدف الأسمى" الذی یسعى إلیه رئیس الحکومة ووزیر الدفاع، بحیث أنهما بعد أن غیرا قادة أذرع الأمن، لا سیما جهازی الشاباک والموساد، و"تخلصا" من جملة القادة الأمنیین والعسکریین الذین عارضوا هذا التوجه، وأثقلوا علیهما فی العمل ضد إیران، وأعادا الجندی، فإنهما متفرغان للانقضاض على البرنامج النووی الإیرانی.

شواهد الاستعدادات

وهو ما دفع بارتفاع حدة التحذیرات المتزایدة فی إسرائیل مما بات یسمى "صفقة شالیط-إیران"، والمطالبة بمنع رئیس الحکومة ووزیر الدفاع من تحویل الفرحة العارمة بإطلاق سراح الجندی إلى مظلة أو شرعیة لشن هجوم على إیران، رابطة بین توقیت إبرام صفقة التبادل، والتأهب الإسرائیلی لتنفیذ ذلک الهجوم على طهران، الذی وصفته بـ"المغامرة المتهورة".

وقد وصف "سباق الزمن" الذی یجریه رئیس الحکومة "بنیامین نتنیاهو" ووزیر الدفاع "إیهود باراک" نحو شن هجوم على إیران فی هذه الآونة بسلوک رؤساء الوزراء ووزراء الدفاع فی قضایا تاریخیة سابقة، حیث تظهر مؤشرات دالة تتراکم لتصبح اتجاهاً واضحاً لهما، فی الطریق نحو مغامرة عسکریة، فی ضوء تقاریر الخبراء الأکثر مصداقیة فی إسرائیل ممن یقدرون أن الخطر الکامن فی النووی الإیرانی سیتحقق فی أقرب وقت عام 2014.

ویذکر هنا ما صرح به قبل أسابیع قائد الجبهة الداخلیة "آیال آیزنبرغ" حین قدر تعاظم الاحتمالات للاشتعال الإقلیمی، لأن "جهاز قیاس الحرارة" یبین أنه قد یشتعل صدام کبیر، متعدد الجبهات، مع صواریخ ومقذوفات صاروخیة من الشمال والجنوب على الجبهة الداخلیة، رداً من حزب الله وحماس على حملة کبیرة للجیش، أو کضربة مسبقة، بتکلیف من إیران.

مع العلم أن السنوات الأخیرة، شهدت تهدیدات إسرائیلیة مراراً بشن هجوم على إیران، فلماذا تمّ إعادة إحیاء هذا الموضوع الیوم؟ وهل تشعر تل أبیب بالقلق بسبب اقتراب طهران من حیازة القدرة على صناعة قنبلة نوویة؟

یُجمع معظم الخبراء الاستخباراتیین الإسرائیلیین على أن إیران لم تتخذ بعد قراراً بشأن صناعة الأسلحة النوویة، لکن الدافع الأرجح لإسرائیل وراء تخوُّفَها یکمن فی موافقة الدول الخمس الدائمة العضویة فی مجلس الأمن وألمانیا، على العرض الإیرانی القاضی بتجدید المحادثات، کما تخشى کثیراً أن تتوصل المجموعة لتسویة معها تسمح لها باستکمال تخصیب الیورانیوم لأهداف مدنیة، ما قد یدفع العالم للموافقة على التعایش مع إیران النوویة، وإن حصل ذلک، ستخسر إسرائیل احتکارها للأسلحة النوویة التی تشکّل مصدر قوة أساسیا للحفاظ على هیمنتها العسکریة الإقلیمیة.

علماً بأن إسرائیل وجهت فی السابق عملیات عسکریة ضد دولتین ذریتین عدوتین، وفی المرتین أفشلت برامجهما النوویة بالقوة، فقد أمر "مناحیم بیغن" بمهاجمة العراق، وأمر "إیهود أولمرت" بمهاجمة سوریا، ما یعنی أنه توجد سوابق وترکة ونجاحات، لکن إیران مشکلة مختلفة تماماً، والأخطار والکلفة کذلک، فکل قرار مقرون بمقامرة على مصیر الدولة، رغم أن المثیر فی النقاشات السائدة، ما قاله الکاتب البریطانی البارز "دیفد هیرست" من أن إسرائیل ترى عدوها الحقیقی إیران، ویمکن فهم اعتذارها لمصر بعد مقتل جنودها، وإتمامها صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بأکثر من طریقة، إحداها تهیئة الأجواء لهجوم علیها.

التنفیذ العسکری واللوجستی

یأخذ النقاش الإسرائیلی حول ضرب إیران أبعاده الجدیة فی ضوء المطالبات المتکررة من المستویات العسکریة والأمنیة بضرورة وضع ملف مهاجمتها على طاولة صناع القرار فی تل أبیب لمنعها من نیل السلاح النووی، وهو ما رفع حالة التأهب لدى جیوش دول عدة فی المنطقة، مقابل حالة الاستنفار فی إیران استعداداً لأی تطورات أو حالات طارئة.

وعلى فرض أن إسرائیل هاجمت المنشآت النوویة فی إیران، وسواء نجح الهجوم أم لا، فإن الأخیرة سترى فی هذا الهجوم خطوة شاذة، حربیة، تستدعی رداً عسکریاً واقتصادیاً وسیاسیاً، وهناک عدة إمکانیات لرد إیرانی فی المجال العسکری، منها:

1- إطلاق صواریخ على إسرائیل، أو مهاجمتها بسلاح الجو، واستخدام سلاح البحریة ضدها.

2- الإیعاز لحلفائها من حزب الله وحماس، والمبادرة لعملیات فی العراق ضد أهداف أمیرکیة.

3- أعمال عدائیة فی أرجاء العالم ضد أهداف یهودیة.

4- إمکانیة متدنیة، تتمثل بإطلاق الصواریخ من الأراضی السوریة.

5- ضرب السفن التی تمر فی مضیق هرمز، أو مکان رسوها، ما قد یقلل حجم تصدیر النفط والغاز، مما سیؤدی لرفع أسعارها فی العالم.

فی هذه الحالة، فإن مراحل عمل الجیش الإسرائیلی، وبالتنسیق مع نظیره الأمیرکی کفیل بأن یکون:

1- مهاجمة الأسطول الإیرانی، القواعد والوسائل التی تستخدم لإغلاق مضیق هرمز.

2- ضرب منظومات مضادات الطائرات، مراکز التحکم والرقابة، وسلاح الجو، ومنظومة الصواریخ، مع التشدید على الصواریخ بعیدة المدى.

3- استهداف المنشآت النوویة، والفرضیة أن هذه المنشآت "لا تهرب".

توریط أمیرکا

تتزاید المزاعم الإسرائیلیة المتکررة من أن إیران النوویة خطر کبیر، لیس فقط على إسرائیل، بل على الکثیر من الأنظمة الغربیة، وهناک مصلحة دولیة بقیادة الولایات المتحدة للقیام بجهود کبیرة طوال الوقت، لمنعها من التوصّل إلى المشروع النووی، بزیادة الضغط علیها.

لکن السؤال المفتاح فی النقاش الإسرائیلی الدائر حول ضرب إیران، یکمن فی کیفیة ضمان مشارکة الولایات المتحدة فی الهجوم، أو أقله وقوفها إلى جانب إسرائیل فی حال أدّى الهجوم الأولی إلى اندلاع حرب أوسع، بعد أن شکّلت التقاریر المتعلقة بهذه النقاشات مصدرَ قلق کبیر فی واشنطن وعدد من العواصم الأوروبیة، ونُقل عن بعض الخبراء العسکریین الغربیین قولهم إنه سیتم إغلاق نافذة الفرصة لشنّ هجوم صهیونی على إیران فی غضون شهرین، بما أن قدوم فصل الشتاء سیجعل هذا الهجوم أکثر صعوبة.

 کما شکّلت الخشیة من أن تقرر تل أبیب شن هجوم دون إعلام الولایات المتحدة مسبقاً، السببَ الرئیس الذی دفع بوزیر الدفاع الأمیرکی "لیون بانیتا" لزیارة تل أبیب مؤخراً، ویکمن هدفها على ما یبدو فی کبح جماح الصقور الإسرائیلیین، وهو ما دفع أوساطاً إسرائیلیة نافذة لتلخیص رسالته على هذا النحو: "تقف أمیرکا بجانب إسرائیل، إلا أن شن الأخیرة هجوماً غیر منسق على إیران قد یتسبب باندلاع حرب إقلیمیة، ورغم أن الولایات المتحدة ستعمل على الدفاع عن إسرائیل، لکن ینبغی علیها التصرف بطریقة مسؤولة".

فی المقابل، فإن ما قد یعزز الرغبة الإسرائیلیة بـ"توریط" واشنطن فی هذه الضربة، التقدیر السائد لدى "نتنیاهو" بأن الوقت قد حان لانتهاز المبادرة، حیث تقوم حساباته على أن شن هجوم مدمر على إیران من شأنه إضعاف سوریا التی تعانی الاضطرابات، وجعل حزب الله یتیماً، وبذلک تصیب إسرائیل ثلاثة عصافیر بحجر واحد.

أکثر من ذلک، فقد ذکرت محافل أمنیة غربیة أنّ الولایات المتحدة وإسرائیل تخططان لإجراء تمارین مشترکة لا سابق لها لقواتهما المیدانیة فی مایو/أیار المقبل، لإرساء قوة تدخّل مشترکة مستعدّة للتدخّل فی حال حصول حرب إقلیمیة کبیرة، وتقوم الخطة على إرساء مقرات قیادة أمیرکیة فی إسرائیل، ومقرات قیادة إسرائیلیة فی أمیرکا، ونادراً ما کان التعاون بین القوتین وثیقاً لهذا الحدّ.

کما نشرت الولایات المتحدة 41 طائرة نقل عسکریة ضخمة من السرب "22" فی الشرق الأوسط، وتجرب قیادة النقل العسکری فی الجیش الأمیرکی حالیاً قدرتها على توفیر استجابة سریعة وفعالة فی حال نشوب أی أزمة فی المنطقة، ومن المقرر انتشار طائرات "سی 5" الضخمة للنقل فی إسرائیل ودول عربیة، تحمل على متنها عناصر قیادة وسیطرة ووحدات قتالیة، زاعمة أن إیران هی المقصودة بتلک التحرکات.

فی ذات السیاق، نقل عن رئیسة لجنة الموازیة فی مجلس الشیوخ الأمیرکی "دیان فاینشتاین" قلقها من إجراءات إیران، وفی الوقت ذاته عن قلق غیر قلیل من إجراءات إسرائیل، والارتیاب الحاصل لدیها من أنها تعد لعملیة عسکریة مغامرة تورط أمیرکا حتى عنقها، مشیرة إلى أن الفروق بین تقدیرات الاستخبارات الأمیرکیة والإسرائیلیة قد رُدمت، من حیث وجود تقدم سریع فی البرنامج الذری الإیرانی، لکن الفرق موجود فی أن أمیرکا باعتبارها القوة العظمى تسمح لنفسها بالانتظار، وتعریفها للحظة التی یکون فیها السیف موضوعاً على عنقها مختلف عن إسرائیل، وربما لا تهاجم البتة، لأنها تعایشت مع کوریا الشمالیة وباکستان والهند، وکلها دول ذریة، وکذلک تستطیع أن تعایش إیران.

وبدون مقدمات، وفجأة، عبرت أوساط إسرائیلیة عن ارتیاحها لتصریحات رئیسة لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشیوخ الأمیرکی، "دیان فاینشتاین"، بأنّ الولایات المتحدة وإیران تسیران نحو الاصطدام، لأنّ الأخیرة تواصل تطویر مشروعها النووی، وتصعد اعتداءاتها، بما فی ذلک مخطط اغتیال السفیر السعودی فی واشنطن، الأمر الذی دفع بکبار المحللین الأمنیین فی تل أبیب للحدیث عن شکوک کثیرة تحیط بالمخطط المزعوم، لأن التفاصیل التی کشفت تشیر بوضوح إلى أنّه یفتقر للتنظیم والخبرة، مما یزید من عدم الثقة به، ویطرح فرضیة أنّ الإدارة الأمیرکیة بدعم أجهزة مخابراتها، فبرکت القصة لتدین إیران فی نطاق تهیئة الرأی العام لضربة عسکریة قادمة توجهها ضدها، رغم أنّ هناک من اتهم جهاز الموساد، بالوقوف وراء المخطط لقرع طبول الحرب ضد إیران، مستذکرین دوره فی بلورة الدلائل التی أدت للحرب الأمیرکیة ضد العراق.

أخیراً، یستذکر الإسرائیلیون جیداً کیف أن الرئیس السابق "جورج بوش"، استعان بمعلومات استخباریة خاطئة حول الخطط المزعومة لصدام حسین، لإنتاج السلاح النووی والکیمیاوی والبیولوجی، لتبریر اجتیاح العراق سنة 2003، وهم یتساءلون ویقولون: إذا کانت الاستخبارات الأمیرکیة مستعدة لملاءمة المعلومات والتقدیرات الاستخباریة لأغراض القیادة السیاسیة، فما الذی یضمن ألا یفعلوا ذلک الیوم؟

ن/25

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 143332







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. المتحدث باسم الحرس الثوري يفند مزاعم الحاق اضرار بمفاعل ديمونة جراء الرد العسكري الايراني
  2. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  3. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  4. حماس: الرد الإيراني يؤكد أن وقت عربدة الكيان الصهيوني كما يريد بلا حساب قد انتهى
  5. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  6. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
  7. الكشف عن مقبرة جماعية بغزة / قوات الاحتلال أعدمت الشهداء ودفنتهم في باحة مجمع الشفاء
  8. "الجهاد الإسلامي" تشيد بالرد العسكري الإيراني واستهداف مواقع عسكرية داخل الكيان الصهيوني
  9. في اتصال هاتفي مع وزير خارجية بريطانيا امير عبداللهيان: لو اقدمت "اسرائيل" على أي مغامرة، فإن ردنا سيكون عاجلا وأوسع وأكثر اقتدارا
  10. المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: الكيان الصهيوني سيتلقى ردا أقوى بـ10 أضعاف إذا واصل ممارساته الشريرة
  11. انعقاد ندوة "تداعيات وأبعاد معاقبة الكيان الصهيوني" الرد الإيراني العقابي على الكيان الصهيوني كان تطورا كبيرا ومصيريا وستتضح آثاره مع مرور الوقت / إسرائيل أصبحت عبئاً على الغرب وأمريكا
  12. تفاصيل رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)