ممارسات صهیونیة تجهض أنابولیس

اشتراطات وممارسات صهیونیة تجهض آمال الحالمین بـ"أنابولیس" قبل أن یبدأ (تقریر)

استغرب مراقبون إصرار فریق رئاسة السلطة الفلسطینیة، على التشبث بمؤتمر أنابولیس بشأن الشرق الأوسط والاستمرار فی تسویقه عربیاً، وتعلیق الآمال علیه، فی حین تخفض سلطات الاحتلال من سقف التوقعات المنتظرة منه، وتضع مزیداً من الاشتراطات الخطیرة على رئیس السلطة محمود عباس، لکی توافق على حضور المؤتمر، وتقوم بالعدید من الممارسات، التی تؤکد استحالة إعادتها الحقوق السلیبة للشعب الفلسطینی.
وفی الوقت الذی حمل عباس على حرکة "حماس"، ودعا إلى إسقاطها فی غزة؛ تحدث فی خطاب ألقاه فی الخامس عشر من تشرین الثانی /نوفمبر الجاری عن استمراره فی "بذل أقصى جهد مع الأشقاء العرب، لیحقق المؤتمر القادم للسلام الهدف الذی نجمع علیه کلنا" على حد تعبیره، لتحقیق ما قال إنه "سلام الشجعان".
وکان رئیس السلطة محمود عباس قد زار المملکة العربیة السعودیة قبل عدة أیام، فی محاولة منه لإقناع قادة المملکة بحضور لقاء الخریف المثیر للجدل، وفقاً لما ذکره محلِّلون وإعلامیون سعودیون.
وحذّر المراقبون من الممارسات الصهیونیة التی تسبق عملیاً عقد ما یُعرف بمؤتمر الخریف، وتفرغه من أی محتوى محتمل، ومن مطالبات الاحتلال لفریق عباس، لکی توافق على حضوره وهی:

                       البرلمان الصهیونی یمنع التنازل عن أی جزء من القدس

ـ إقرار البرلمان الصهیونی بالقراءة التمهیدیة الأولى اقتراحاً قُدِّم إلیه من أحزاب صهیونیة وصوّت علیه أعضاء من حزب "کادیما" الذی یقود الحکومة لتعدیل القانون الأساسی لمدینة القدس، بحیث یُمنع أی انسحاب من المدینة من دون مصادقة 80 نائباً من الکنیست علیه بدلا من 61، وهو ما یجعل من عملیة الانسحاب منها أو التنازل للجانب الفلسطینی شبه مستحیلة عملیاً.
وجاء الاقتراح عشیة انعقاد مؤتمر أنابولیس، لیمنع أیّ محاولة للمشارکین الصهاینة ـ إن وُجدت وهی مستبعدة ـ من الموافقة أو حتى بحث بند یتعلق بمصیر القدس.
ویشدد السیاسی الفلسطینی، الدکتور مصطفى البرغوثی، على أنّ رفض الاحتلال للانسحاب من القدس، وتحویل قضیة القدس إلى مجرّد "أحیاء"؛ من ضمن الأمور التی تؤکد أنّ الحکومة الصهیونیة تسعى لإفشال أی أمل بتقدیم تنازلات للجانب الفلسطینی خلال لقاء أنابولیس المرتقب.

                                  اعتراف بیهودیة الکیان الصهیونی

ـ مطالبة رئیس حکومة الاحتلال إیهود أولمرت الفلسطینیین بالاعتراف بالکیان الصهیونی "بوصفه دولة للشعب الیهودی"، کنقطة انطلاق لمفاوضات سلام یُنتظر أن تطلَق إثر الاجتماع الدولی فی أنابولیس. وقد ذکر بیان لمکتب أولمرت بوضوح أنّ هذه المسألة من وجهة النظر الصهیونیة "غیر قابلة للتفاوض أو البحث"، وذلک أثناء مقابلته للممثل الأعلى للسیاسة الخارجیة فی الاتحاد الأوربی خافییر سولانا.
وطبقاً لرأی مراقبین وقیادات فصائل فلسطینیة؛ فإنّ الحدیث عن دولة یهودیة أمر خطیر، لأنه یعنی بکل بساطة جملة أمور، أهمها: طرد ملیون ونصف الملیون من الفلسطینیین الموجودین فی الأراضی المحتلة عام 1948، وعدم إمکانیة دخول أحد من الفلسطینیین للقدس، وشرعنة سیطرة الیهود علیها، وجعلها عاصمة أبدیة لهم، وإسقاط حق العودة لستة ملایین لاجئ فلسطینی فی الشتات، وفقاً لما ذکره القیادی فی حرکة "حماس" النائب الدکتور صلاح البردویل.

                               استمرار الحفریات حول "الأقصى" وتحته

ـ الاستمرار فی عملیة الحفریات والتنقیب الأثری فی محیط المسجد الأقصى وأسفله، وهی التی یقوم بها الاحتلال لإثبات وجود تاریخ زائف له فی الموقع، والزیارات الاستفزازیة من قبل شخصیات یهودیة لهذه الحفریات. فقد نفّذ قادة المغتصبین وممثلون عن أحزاب صهیونیة وأعضاء فی البرلمان الصهیونی فی الرابع عشر من تشرین الثانی /نوفمبر الجاری، جولة استفزازیة شملت أنفاقاً شقتها سلطة الآثار بحکومة أولمرت سرّاً، وبقایا آثار أمویة وعثمانیة فی منطقة سلوان وحائط البراق، مکذبین بذلک تصریحات حکومة الاحتلال التی ادّعت مراراً أنّ الحفریات فی محیط المسجد الأقصى المبارک وأسفله قد توقفت. وقام أعضاء البرلمان الصهیونی خلال تلک الجولة بالدخول فی تلک الأنفاق والشقوق الصخریة التی وسّعتها سلطة الآثار الصهیونیة خلال السنوات والأشهر الأخیرة بصورة سریة، برفقة عدد من المرشدین وموظفی الآثار أولئک الذی شرحوا أبعاد هذه الحفریات، التی حسب ادعائهم تعبِّر عن اکتشاف بقایا ما یسمونه بـ "مدینة داود".
ـ وفی الإطار نفسه؛ یمکن الإشارة لمشاریع حفریات أخرى، وأهمها قیام جمعیة صهیونیة شبه حکومیة بالتخطیط لمشروع سیاحی جدید یتضمن حفر نفق یمر تحت الحی الإسلامی فی البلدة القدیمة بالقدس المحتلة، على بعد مائة متر فقط إلى الغرب من المسجد الأقصى، فی تحد لقرارات الأمم المتحدة وموقف المجتمع الدولی.
ـ ویُضاف إلى ما سبق المخطط الذی کشف الشیخ رائد صلاح، رئیس الحرکة الإسلامیة فی فلسطین 1948 النقاب عنه فی مؤتمر القدس الدولی باسطنبول، الذی التأم خلال الأیام من 15 وحتى 17 من الشهر الجاری. ویهدف ذلک المخطط إلى فتح باب من ساحة البراق یؤدی إلى ساحات المسجد الأقصى، وهو ما یمکِّن الیهود من دخول المسجد المبارک.
وهذا المخطط الذی استقاه الشیخ صلاح من مستندات صهیونیة، مرتبط بإنشاء نفق آخر یصل إلى المنطقة الواقعة بین المسجد القبلی وقبة الصخرة، لتحقیق حلم صهیونی بإیجاد مبنى الهیکل المزعوم بالتوازی مع المسجدین.
وقد حذّر الشیخ صلاح فی هذا السیاق من أنّ من بین المستندات مذکرة جرى توزیعها على یهود العالم للاتفاق على هذه المؤامرة والسیطرة على المسجد الأقصى کلیّاً، مشدداً على أنّ أخطر ما فی المذکرة هو تثبیت الوجود الیهودی فی المسجد الأقصى المبارک.

                                          رفض فلسطینی

التطورات الأخیرة جعلت فصائل الشعب الفلسطینی تعرب عن مخاوفها من التفریط بثوابت الشعب الفلسطینی فی مسارات التسویة القادمة عموماً، وفی مؤتمر أنابولیس خصوصاً. وفی مسیرات جماهیریة حاشدة نظمتها حرکة حماس بمشارکة حرکة الجهاد الإسلامی ولجان المقاومة الشعبیة والجبهة الشعبیة ـ القیادة العامة، وانطلقت عقب صلاة الجمعة (16/11) من مساجد غزة والتقت أمام منزل رئیس السلطة؛ حملت تلک الفصائل على الاحتلال، ونددت باستباحة المغتصبین الصهاینة للمسجد الأقصى المبارک، وفی الوقت نفسه رفضت المفاوضات التی یخوضها عباس ومجموعته مع الاحتلال الصهیونی.
وفی کلمته أمام المسیرة الضخمة حذّر القیادی فی حرکة "حماس" الدکتور خلیل الحیة، عباس قی رسالة مختصرة وجّهها إلیه قائلاً "لا خیر فیک إن فرّطت بالمسجد الأقصى، ولا خیر فیک إن مُسّت ثوابتنا".

 إنها تحذیرات فلسطینیة تتردّد بقوة هذه الأیام، التی تسبق منعطف الخریف المرتقب، والذی تمسک الإدارة الأمریکیة بخیوطه سعیاً إلى خدمة مصالحها ودعم المشروع الصهیونی فی فلسطین.

ن/25