تجاهل جرائم إسرائیل.. مصلحة وطنیة

 إذا کان من الممکن للفلسطینیین، أن یذهبوا للحوار مع الصهاینة ثم یدافعون عن هذا الاتجاه، فلماذا لا یستطیعون التحاور مع بعضهم بعضا؟

لا یتحاور الإسرائیلیون بالکلام وحسب، وإنما یضعون فى حساباتهم استمرار الحوار بالقتل وشن حرب الإبادة المتواصلة، مستخدمین التوقیت المناسب عادة، والذى یسبق توجههم إلى أى لقاء مع الفلسطینیین، لیشعروهم بأن العصا جاهزة دوما.

مناسبة الکلام، أن أحد المذیعین فى فضائیة عربیة، وجه سؤالا إلى مسؤول فى سلطة رام الله الفلسطینیة یقول التالی: بالله علیک، کیف ستذهبون إلى المفاوضات غدا، والإسرائیلیون الیوم، یجتاحون جزءا من قطاع غزة، ویقصفون الفلسطینیین عن بعد، ترتفع حصیلة الشهداء تزامنا مع السؤال لتصل إلى سبعة شهداء وعشرات الجرحى، غالبیتهم من الأطفال والنساء؟

یعتدل المسؤول الفلسطینى فى جلسته لیرد على السائل بالقول: إن ما نمر به الآن، یشکل فرصة حقیقیة لبدء المفاوضات، إننا نرید أن نکشف للعالم أن إسرائیل هى التى تعرقل المفاوضات، ولطالما قلنا إنه حتى لو قامت إسرائیل باعتداءاتها، فإنه یجب أن لا نرد علیها بالمثل، وتلک مصلحة وطنیة علیا.

بصیغة أخرى یقول المذیع: ولکن کیف ستجلسون مع من ما زالت الدماء تلطخ أیدیهم ولم تجف بعد؟، فیرد المسؤول، نحن لا نحتاج إلى من یعلمنا مع من نجلس ، علما أن الأیادى الإسرائیلیة ملطخة دوما بدماء الفلسطینیین، فى جلسة المفاوضات السابقة، طرحنا معهم مسألة الاستیطان، کان ذلک عندما التقى قریع مع وزیرة الخارجیة الأمریکیة، والان، سنطرح معهم خلال الحوار، التصعید الذى یحدث الآن.

ما معنى کل هذا؟ ، وهل تجاهل الجرائم الإسرائیلیة المتواصلة مصلحة وطنیة حقا؟

التعامل مع إسرائیل بالحوار، والتعامل مع الفلسطینیین الذین یختلفون مع سلطة رام الله بالتصلب وإغلاق الطریق أمام أى حلول یمکن أن تعید للتاریخ الفلسطینى وحدته وإشراقة المقاومة فیه.

ینقل موقع البوابة، " أکد مسؤول فى فتح، أن الرئیس الفلسطینى محمود عباس شدد مؤخرا تعلیماته للحرکة بـ"إغلاق أى بوابة" للحوار مع حماس قبل أن تعتذر هذه الأخیرة عن انقلابها" فى قطاع غزة وتتعهد بإعادة الوضع فى القطاع الى ما کان علیه قبل حزیران/یونیو، مضیفا: إن تعلیمات عباس فى هذا الشأن "حازمة وواضحة" وإن هذه التعلیمات أو تجدیدها، تأتى بعد أن کثرت الأحادیث عن امکاتنیة قیام وساطات بین الحرکتین، ولإغلاق الباب تماما فى هذه المسألة.

ولیس هذا فقط، إذ یبدو أن القیادة الفلسطینیة فى رام الله، أسقطت من حساباتها أى علاقة لها مع فلسطینیى القطاع، إذ فى خطتها الاقتصادیة التى ستقدمها إلى مؤتمر باریس الاقتصادى خلال الأیام القادمة لتطویر الاقتصاد الفلسطینى بین عامى 2008-2010، تجاهلت الخطة القطاع، إضافة إلى وصف سکانه بـ"الغزیین"، مع التأکید على فصل 39 ألف موظف بینهم 20 ألف عسکرى فلسطینى من أجهزة السلطة خلال النصف الأول من عام 2008.

الخطة الاقتصادیة " الوثیقة " تم إعدادها فى ظل الانقسام السیاسى القائم بین حرکتى حماس وفتح، وفى ظل توقف أجهزة السلطة الثلاث عن العمل وبشکل خاص المجلس التشریعی، الأمر الذى التى یمکن أن تترتب على نتائجه مزید من الانحدار نحو الکارثة بسبب عدم مشارکة من القوى الأساسیة ومنظمات المجتمع المدنی، خاصة فى القطاع الذى یتم تجاهله فى أجندة تحرکات رموز السلطة فى رام الله.

فى قطاع غزة أکثر من ملیون ونصف ملیون مواطن یعیشون فى ظل أوضاع کارثیة نتیجة للحصار المفروض من الاحتلال الإسرائیلی، لکن هذا الأمر، یمکن أن یکون أمرا طبیعیا ینسجم مع طبیعة الاحتلال، أما ما هو غیر طبیعی، فهو أن یساهم بعض الفلسطینیین فى مساعدة الاحتلال على تحقیق أهدافه.

( المقال لزکریا شاهین )

ن/25