مزارع فلسطینی یقاوم تهوید الأرض المتسارع فی القدس

یحافظ المزارع الفلسطینی محمد عابدة، على أرضه التی تقع جنوب مدینة القدس، ویحیطها مجمع مستوطنات غوش عتصیون ومدینة افرات الاستیطانیة، ومستوطنات یهودیة أخرى. وتبلغ مساحة الأرض 108 دونمات، وهی جزء من ارض تعتبر الأکثر خصوبة فی المنطقة والمزروعة بأشجار الفواکه والخضراوات. وتتعرض المنطقة التی تقع فیها الأرض، إلى حملة استیطان مکثفة، باعتبارها، فی المنظور الإسرائیلی، تشکل حدود مدینة القدس الکبرى من الناحیة الجنوبیة.

وفی هذه المنطقة، انطلقت بدایات حرکة الاستیطان الإسرائیلیة بعد حرب حزیران /یونیو 1967، بتأسیس مجمع " غوش عتصیون " الاسیتطانی الذی یضم عدة مستوطنات. وارض عابدة المزروعة، التی تشبه الجنة الخضراء، محاطة الان بعدة بمستوطنات مثل: مجدل عوز وافرات وبمستوطنة عصیون من کافة الجهات، حیث تقع حدود المستوطنات على حدود الأرض وهی مطوقة بسیاج کهربائی تقع خلفه المساکن الاستیطانیة الزاحفة إلى الأراضی الفلسطینیة بسبب سیاسة الحکومة الإسرائیلیة بتوسیع الاستیطان وبناء الوحدات الاستیطانیة الجدیدة.

ویبدی محمد عابدة قلقه الشدید على أرضه، حیث أصبح وحیدا بین المستوطنین، ویحتاج إلى دعم ومساعدة من کافة الجهات الحکومیة والمجتمعیة الفلسطینیة، لتعزیز صموده وبقائه خاصة أن الأرض هی مصدر رزقه الوحید. وقال النائب عیسى قراقع، مقرر لجنة الأسرى فی المجلس التشریعی الفلسطینی بان ارض عابدة "قاومت سیاسة الاستیطان والجدار وقرارات الاستیلاء والهدم منذ أکثر من عشرین عاما، بفضل إرادة وتصمیم أصحاب الأرض الذین رفضوا کل المغریات وکل أشکال الاستیلاء على الأرض مصرین على البقاء فی أرضهم کحق شرعی لهم".

وکانت الإدارة العسکریة الإسرائیلیة أصدرت قرارا بهدم غرفتین صغیرتین بناها عابدة، فی أرضه، ویتعرض بشکل دائم لمداهمات واعتداءات ومراقبة الجیش الإسرائیلی والمستوطنین. وقال محمد عابدة بأنه غیر قلق على حیاته بقدر ما هو قلق على أرضه التی ورثها عن أجداده وآبائه وناشد الحکومة الفلسطینیة دعم المزارعین فی مواجهة "غول الاستیطان والمصادرة" وتمکینهم من الصمود وتوفیر الحد الأدنى من مستلزمات البقاء.

وکان عابدة فقد والدته، وشقیقه، فی مجزرة ارتکبها جیش الاحتلال خلال اقتحامه لمدینة بیت لحم فی شهر نیسان /أبریل 2002، ولم یتمکن المواطنون من دفن جثمانیهما إلا بعد عدة أیام. ویصف عابدة أرضه بنها "أرض سجینة"، بعد أن أصبحت محاصرة بالمستوطنات من کل جانب، ولا یصلها أی شارع، والطریق المؤدیة إلى الأرض هی طریق ترابیة وفرعیة یجد المرء صعوبة فی المرور فیها، فی حین أن ما یجری بجانبها أمر مختلف تماما، حیث تستمر سلطات الاحتلال، فی فرض ما یصفها الفلسطینیون إجراءات للفصل العنصری، وتشق الشوارع الضخمة لخدمة المستوطنین الیهود، وتحظر على الفلسطینیین المرور منها.

ویعتبر الإسرائیلیون نجاحهم فی الاستیطان فی تلک المنطقة قصة نجاح کبیرة، فالمستوطنات التی بنوها تعتبر جزءا من القدس، وفی الوقت ذاته، متصلة مع الأراضی الفلسطینیة التی احتلت عام 1948، مما یحقق الهدف الإسرائیلی بجعل مدینة القدس فی قلب فلسطین الانتدابیة، ما بین نهر الأردن، والبحر الأبیض المتوسط.

وفی حین تتوسع سلطات الاحتلال فی الاستیطان، تنفذ مخططا، لعزل أراض الفلسطینیین، من خلال بناء جدار الفصل، الذی یعزل فی تلک المنطقة 73 کیلومترًا مربعًا، مما یحول دون وصول أصحاب الأراضی إلى أراضهم.

وقال النائب قراقع بان ما یجری من محاصرة ارض المزارع عابدة هو جزء من مخطط إسرائیلی، یستهدف المزارعین الفلسطینیین واشار بأنه على سبیل المثال تم عزل 26494 دونما من الأراضی الزراعیة فی محافظة بیت لحم، وشق طرق استیطانیة التفافیة فی هذه المحافظة بطول 108 کیلو مترا، واقامة 20 مستوطنة.

ودعا قراقع الحکومة الفلسطینیة إلى إعطاء الأولویة والاهتمام لدعم المزارعین وخاصة فی القرى والمناطق المعرضة للمصادرة معتبرا أن جوهر الصراع، مع الإسرائیلیین، هو على الأرض.

م/ن/25