qodsna.ir qodsna.ir

تاریخ الاعتداءات على المسجد الاقصى

للحرم القدسی تاریخ طویل مع الاعتداءات الصهیونیة منذ احتلال القدس الشرقیة فی عام 1967، وصل إلى ذروته فی عام 1969، عندما أقدم سائح صهیونی على إحراق المسجد الأقصى، ما أدى إلى تدمیر منبر صلاح الدین، الذی تم استبداله أخیراً.

وأول الاعتداءات على الأقصى بدأ قبل الاحتلال، وبالتحدید فی السادس عشر من یولیه عام 1948، عندما قصفت المجموعات الصهیونیة المسجد وساحاته بخمس وخمسین قنبلة، ومن المعروف ان الیهود یهتمون جدا بالتواریخ التی لها ذکرى معینة لدیهم وتاریخ 21/8 یعنی شیئا مهما فی التاریخ الیهودی وهو تاریخ تدمیر الهیکل، ولهذا ارادوا ان یکون نفس التاریخ هو تاریخ حریق المسجد الاقصى المبارک.

وقد شب حریق فی صباح 21/8/1969 بعد ان ادى المصلون صلاة الفجر فی المسجد الاقصى المبارک وفرغ المکان من المصلین ، وکان فی ثلاثة مواضع:

الاول: فی مسجد عمر الواقع فی الزاویة الجنوبیة الرقیة للمسجد الاقصى والذی کان یرمز الى المسجد الاول الذی بناه عمر بن الخطاب رضی الله عنه عندما استلم مفاتیح القدس من بطریک البیزنطیین صفرونیوس الدمشقی، ثم هدمت الزلازل ذلک المسجد قبل عهد الخلیفة عبد الملک بن مروان الذی بنى مکانه مسجداً جدیداً اکتمل سنة 692م.

الثانی: فی منبر صلاح الدین الایوبی والمحراب، بهدف حرق عنوان النصر الذی احرزه القائد صلاح الدین الایوبی عندما حرر القدس من الصلیبیین سنة 1187م.

الثالث: فی النافذة العلویة الواقعة فی الزاویة الجنوبیة الغربیة من المسجد الاقصى وترتفع عن ارضیة المسجد حوالی عشرة امتار ویصعب الوصول الیها من الداخل بدون استعمال سلم عالی، الامر الذی لم یکن متوفرا لدى دنیس روهان. وکان حریق هذه النافذة من الخارج ولیس من الداخل، مما یدل على ان هناک افرادا آخرین ساعدوا روهان من الجهة الغربیة فی الخارج حیث کانت تحت اشراف الاسرائیلیین بعد ان هدموا حارة المغاربة وسیطروا على بوابة المغاربة.

کان الاسرائیلیون یعتقدون ان الحریق فی المواقع الثلاثة سوف یتصل بعضه مع بعض ویدمر الواجهة الجنوبیة للمسجد کلیا، ومن ثم یمتد شمالا لیأتی على جمیع المسجد الا انهم لم یکونوا محظوظین تماما، لان النار فی خارج النافذة العلویة قد انطفأت بذاتها دون ان یطفئها احد ، لسبب بسیط، وهو عدم وجود عامل مساعدة على الحریق بین هذه النافذة ووسط الجدار الجنوبی للمسجد ، لان مادة النفاذة حجریة والجدار الجنوبی من الغرب الى الوسط کله من الحجر. ولذلک لم یحترق وسط الواجهة الجنوبیة والجهة الشرقیة، ثم امتدت النار شمالا وحرقت ما مساحته حوالی 1500 متر مربع من اصل مجموع مساحة مبنى المسجد الاقصى البالغة 4400 متر مربع، أی حوالی ثلث المسجد.

وفی یوم احراق المسجد قطع الاسرائیلیون فی بلدیة القدس الماء عن المسجد الاقصى المبارک لکی لا یستعمله المواطنون فی اطفاء الحریق ، کما ان سیارات الاطفاء الاسرائیلیة من بلدیة القدس حضرت متأخرة بعد ان اطفأ الأهالی المقدسیون جمیع النیران، ولم تفعل شیئا، بل جاءت لکی تصورها وکالات التلفزیون والصحافة العالمیة لایهامهم انها ادت واجبها. وقد ساعد فی اطفاء النار سیارات الاطفاء العربیة التی وصلت من الخلیل ورام الله.

وقد تم تصویر عملیة الاطفاء التی قام بها الشباب المقدسیون الذین استعانوا بالبرامیل ونقلوا المیاه یدویا من الآبار الموجودة فی ساحات الحرم القدسی الشریف واخرجوا السجاد المحترق الى الساحات الخارجیة، وجمع القطع الصغیرة التی بقیت من الحریق من آثار منبر صلاح الدین الایوبی. وهی محفوظة الآن فی المتحف الإسلامی فی الحرم القدسی الشریف.

اما زعیم العصابة التی نفذت الحریق "دنیس روهان" فقد حکمت علیه السلطات الاسرائیلیة بالجنون وبالنفی الى بلاده استرالیا، ولم تسجنه ولم تعاقبه بأی شیء آخر، اما باقی العصابة التی ساعدت روهان من الخارج ، واخرجته بعد الحریق وحافظت علیه من غضب الاهالی المقدسیین، فبقیت مجهولة ولم ینلها أی عقاب.

وعلیه فان هذا الحریق قد تم عن قصد وتعمد وسبق اصرار من الاسرائیلیین وخطط له على النطاق الرسمی الإسرائیلی فی سنتین متتالیتین 1968 ، 1969 واشترک فیه اکثر من شخص واحد. 

وفیما یلی اهم الاجزاء التی احرقت داخل مبنى المسجد الاقصى المبارک:

1- منبر صلاح الدین الایوبی  الذی یعتبر قطعة نادرة مصنوعة من قطع خشبیة معشق بعضها مع بعض دون استعمال مسامیر او براغی او ایة مادة لاصقة. وکان یرمز الى انتصار القائد صلاح الدین ودخوله القدس، وباحراقه اراد الاسرائیلیون احراق هذا الرمز. وکان هذا المنبر قد صنعه نور الدین زنکی وحفظه فی مکان اسمه الحلویة فی حلب الشهباء فی سوریا ونقله صلاح الدین الى القدس فی عام 1187م.

2- مسجد عمر  الذی کان سقفه من الطین والجسور الخشبیة، ویمثل ذکرى دخول عمر بن الخطاب رضی الله عنه وفتح القدس.

3- محراب زکریا  المجاور لمسجد عمر.

4- مقام الاربعین  المجاور لمحراب زکریا.

5- ثلاثة اروقة من اصل سبعة  اروقة ممتدة من الجنوب الى الشمال مع الاعمدة والاقواس والزخرفة وجزء من السقف الذی سقط على الأرض خلال الحریق.

6- عمودان رئیسان  مع القوس الحجری الکبیر بینهما تحت قبة المسجد.

7- القبة الخشبیة الداخلیة  وزخرفتها الجصیة الملونة والمذهبة مع جمع الکتابات والنقوش النباتیة والهندسیة علیها.

8- المحراب  الرخامی الملون.

9- الجدار الجنوبی  وجمیع التصفیح الرخامی الملون علیها.

10- ثمان واربعون نافذة  مصنوعة من الخشب والجص والزجاج الملون والفریدة بصناعتها واسلوب الحفر المائل على الجص لمنع دخول الاشعة المباشر الى داخل المسجد.

11- جمیع السجاد العجمی.

12- مطلع سورة الاسراء المصنوع من الفسیفساء المذهبة فوق المحراب ویمتد بطول ثلاثة وعشرین مترا الى الجهة الشرقیة.

13- الجسور الخشبیة المزخرفة الحاملة للقنادیل والممتدة بین تیجان الاعمدة.

الحفریات أسفل المسجد الاقصى المبارک

بدأ جهاز الاعمار الفنی الإسرائیلی بالحفریات الى ان وصل الطبقة الصخریة على عمق حوالی تسعة امتار تحت ارضیة المسجد الاقصى المبارک. 

وشاهد الاسرائیلیون ان هذه الحفریات لم یظهر فیها أی اثر مزعوم للهیکل، والا کانوا قد أقاموا الدنیا . وتم اعادة انشاء الجزء المحترق والمهدوم من المسجد باستعمال الخرسانة المسلحة فی القواعد والاعمدة والاسقف.

وخلال عملیة الحفریات تم اکتشاف خندق یصل من وسط السور الجنوبی الى داخل المسجد الاقصى. وکان قد حفره الاسرائیلیون سراً قبل احراق المسجد الاقصى من الجهة التی یسیطر علیها الجیش الإسرائیلی بهدف التفتیش على آثار الهیکل.

ویقال فی القانون ان اللص دائما یترک وراءه اثرا صغیراً یدل علیه. وفی هذه الحالة کان الاثر بعض نقاط من الشمع سقطت على الارضیة الترابیة للخندق المحفور، وکانت جدیدة العهد، مما یدل على ان الاسرائیلیین قد دخلوا فی هذا الخندق قبل مدة.

وفی عام 1980، ألقی القبض على مجموعة یهودیة متطرفة وبحوزتها کمیات کبیرة من المتفجرات کانت تنوی نسف المسجد الأقصى.وفی عامی 1982 و1983 اکتشف حراس الأقصى طردین مشبوهین یحتویان على متفجرات موقوتة.وفی عام 1984، حاولت مجموعة من الیهود الدخول إلى المسجد الأقصى، وهی تحمل ثلاث قنابل یدویة وست حقائب من المتفجرات فی محاولة لنسف المسجد.

وتعرض الأقصى أیضاً فی عام 1986 لمحاولة جدیدة لاستهدافه، حیث أقلع طیار فی سلاح الجو الإسرائیلی بطائرته وعلى متنها عدد من الصواریخ مستهدفاً المسجد الأقصى، لکن محاولته باءت بالفشل.

کما تعرض المسجد لمجازر إسرائیلیة عدیدة، کان أبرزها فی اکتوبر عام 1990، عندما قتلت قوات الاحتلال 23 مصلیاً أثناء تصدیهم لمحاولة وضع حجر الأساس لهیکل سلیمان المزعوم. 

وتفجرت الانتفاضة الفلسطینیة الثانیة، عقب قیام رئیس الوزراء الإسرائیلی السابق آرییل شارون بتدنیس المسجد الأقصى فی 28 سبتمبر عام 2000.

وقد باشر الیهود  الحفر تحت المسجد الأقصى المبارک بعد احتلالهم للقدس الشرقیة بما فیها المسجد القدسی الشریف سنة 1967م بعد انتصارهم على الجیوش العربیة فی حرب 5 یونیو من نفس العام، وتسوِّغ بعض الجهات العاملة فی هذا الحقل أعمالها الحفریة هذه بأنها تقوم بأعمال تنقیب عادیة تهدف إلى الاستفادة العلمیة ودراســــة التاریــخ لا أکثر.

وقد تمت الحفریات الإسرائیلیة تحت المسجد الأقصى على عدة مراحل 

المرحلة الأولى:

تم البدء فی هذه المرحلة فی نهایة عام 1967م وبدایة عام 1968م؛ حیث ترکز العمل فی هذه المرحلة فی جنوبی المسجد الأقصى المبارک بطول 70 متراً من أسفل الحائط الجنوبی والمتحف الإسلامی والمئذنة الفخریة وأبنیة جامع النساء. وکان عمق هذه الحفریات 14 متراً. ومن الواضح أن هذه الحفریات قد أحدثت تصدعات وتشققات للأبنیة المذکورة.

المرحلة الثانیة:

 وبدأ العمل بها سنة 1969م وهی استکمال للمرحلة الأولى، ویذکر أنها بدأت من نقطة انتهاء المرحلة الأولى، وقد اتجهت هذه الحفریات شمالاً حتى وصلت باب المغاربة مروراً بأربع عشرة بنایة منها مرکز الإمام الشافعی، ووصل طول هذه الحفریات إلى 80 متراً، وقد أحدثت هذه الحفریات فی هذه المرحلة تصدعات بجمیع الأبنیة التی مرت من تحتها، وقامت إسرائیل بنفس العام بجرفها جمیعاً وإجلاء سکانها. 

المرحلة الثالثة:

وتم بها العمل فی سنوات 1970م - 1974م، وتوقفت عام 1974م، ثم استؤنف العمل بها سنة 1975م، ولا زالت مستمرة حتى کتابة هذه السطور. ویمتد العمل فی هذه المرحلة من مکان تحت المحکمة الشرعیة القدیمة (المدرسة التنکزیة) وتتجه شمالاً مروراً بأسفل 5 أبواب من أبواب الحرم القدسی الشریف وهی:باب السلسلة، باب المطهرة، باب القطانین، باب الحدید، وباب علاء الدین البصری. إضافة إلى مجموعة من الأبنیة الدینیة والأثریة والسکنیة منها 4 مساجد وسوق القطانین ومئذنة قایتبای. 

وتسببت هذه الحفریات فی هذه المرحلة بتصدع الأبنیة المذکورة إضافة إلى المدرسة الجوهریة ورباط الکرد والجامع العثمانی، وبلغ عمق هذه الحفریات من 10 - 14 متراً.

المرحلة الرابعة: 

وبدأ العمل بها سنة 1973م، وانتهى سنة 1974م؛ حیث اقتربت الحفریات فی هذه المرحلة إلى الحائط الغربی للمسجد الأقصى المبارک، ووصل عمق هذه الحفریات إلى ما یقارب 13 متراً. 

المرحلة الخامسة:

وبدأ العمل بها سنة 1974م؛ حیث توسعت الحفریات تحت الحائط الغربی للمسجد الأقصى إضافة إلى ترکزها خلف الحائط الجنوبی الممتد من أسفل القسم الجنوبی للمسجد الأقصى وسور الحرم القدسی، وقد امتدت هذه الحفریات إلى شرق الحرم، وبلغ طولها 80 متراً.

ومن الجدیر ذکره أن المرحلتین الرابعة والخامسة أدتا إلى اختراق الحائط الجنوبی والدخول عبره إلى الأروقة السفلیة للمسجد الأقصى المبارک (وذلک فی یولیو سنة 1974م) فی أربعة مواقع  وهی:

أسفل مسجد عمر والجناح الجنوبی الشرقی للمسجد الأقصى.
أسفل محراب المسجد الأقصى بعمق 20 متراً إلى الداخل.
أسفل الأروقة الجنوبیة الشرقیة للأقصى.

ولا شک أن هذه الحفریات بدأت تهدد السور والمسجد الأقصى المبارک بخطر الانهیار 

المرحلة السادسة:

 شرع العمل فی هذه المرحلة سنة 1975م، وبدأت أعمال الحفریات تترکز فی مکان فی منتصف سور البلدة القدیمة وسور الحرم القدسی الشریف، وهذا المکان یقع بین باب السیدة مریم والزاویة الشمالیة الشرقیة لسور البلدة القدیمة.

ویذکر أن الیهود قد قاموا فی سبیل إتمام عملهم هذا بمصادرة الأراضی الملاصقة لمقبرة إسلامیة هناک، کما أن هذه الحفریات لا زالت تهدد الکثیر من المقابر الإسلامیة التی تعتبر من أقدم المقابر الإسلامیة فی القدس والتی تحوی على رفات الصحابیین: عبادة بن الصامت وشداد بن أوس، والعدید من رجال العلم. 

المرحلة السابعة:

 ویرجح أنها بدأت سنة 1977م، وکانت عبارة عن مشروع تعمیق ساحة البراق الملاصقة للحائط الغربی للأقصى، ووصل عمق الحفریات فی هذه المرحلة إلى 9 أمتار، وقد کانت هذه الساحة حتى عام 1967م تضم 200 عقار، ولکن الدولة العبریة قامت بجرفها خلال عشر سنوات (1967م - 1977م)، ومن الواضح أن هذه الحفریات خطر حقیقی للعدید من الأبنیة مثل: 

عمارة المدرسة التنکزیة، عمارة المکتبة الخالدیة، مسجد وزاویة أبو مدین الغوث، 35 بنایة یقطنها ما لا یقل عن 200 مواطن.

المرحلة الثامنة:

یذکر أن العمل قد بدأ بها سنة 1967م خلف جدران المسجد الأقصى الجنوبیة، وحملت شعار: «کشف مقابر ملوک إسرائیل فی مملکة یهودا»، ولا شک أن أخطاراً عدیدة تحدق بهذه الجدران.

المرحلة التاسعة:

 وفی هذه الفترة أعید فتح نفق وارن (على اسم الإنجلیزی وارن الذی اکتشف النفق سنة 1880م)، ویقع ما بین باب السلسلة وباب القطانین، وقد اقتربت الحفریات الصهیونیة فی هذه المرحلة إلى الحائط الغربی، وتوغلت أسفل الحرم على طول 25 متراً شرقاً وبعرض 6 أمتار ووصلت إلى «سبیل قایتبای».

وقد أدت هذه الحفریات کما أشیر فی تقریر المهندسین سنة 1981م إلى تصدع الأروقة الغربیة الواقعة بین باب السلسلة وباب القطانین.

المرحلة العاشرة:

یشار إلى أن هذه المرحلة قد بدأت بالتوغل تحت أرضیة المسجد الأقصى المبارک والتی لا تزال مستمرة حتى الیوم. ویذکر أن الصهاینة قد رکزوا عملهم فی هذه المرحلة تحت باحات الحرم القدسی الشریف؛ حیث إنهم بدؤوا بتفریغ الأتربة من تحت کل باحات الحرم القدسی الشریف، ولعل هذه الحفریات هی من أخطر المراحل؛ لأنها تقع مباشرة تحت باحات الحرم وخصوصاً تحت الأقصى المبارک وقبة الصخرة المشرفة، وقد بدأ یظهر آثار ذلک؛ حیث أخذت بعض الشقوق تظهر جلیاً للعیان فی قطع الرخام فی قبة الصخرة والمسجد الأقصى.

ن/25 

 


| رمز الموضوع: 142545