الجمعه 17 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

القدس بین "مشاریع السلام" وحتمیة التحریر*

یحاول هذا البحث الإجابة على الأسئلة والتساؤلات التی تتعلق فی مشاریع السلام العربیة ودورها  السلبی او الایجابی ان وجد فی  الحفاظ على هویة  القدس ومعالمها وحمل قضیتها الى المحافل الدولیة بالشکل والمضمون الذی تستحقه  لإعادتها الى الأمة التی لن یطول سباتها بأذن الله حتى تنتفض بقوة وعزم وإرادة تعید الحق لأهله دون تفریط .

ـــ فهل وضعت هذه المشاریع آلیة حاسمة وحازمة للحفاظ على القدس واسترجاعها ؟

ـــ وهل تشبثت هذه المشاریع بالقدس عاصمة لفلسطین أم کانت محل تراجع ومساومة وتسویف

ـــ هل أعطت هذه المشاریع أولویة للقدس باعتبارها القلب من القضیة أم ترکتها للتأجیل ؟

ـــ هل حشدت هذه المشاریع المحافل الدولیة والجهود الرسمیة والشعبیة لنصرة القدس والحفاظ عل مکانتها؟

ـــ هل حافظت هذا المشاریع على شعلة القدس وهیبة قداستها متقدة فی القلوب ؟

ـــ هل وضعت هذه المشاریع نصوصا قانونیة او بذلت جهودا کافیة للحفاظ على القدس وعدم تهویدها ؟

ـــ أم أهملت ذلک وأوجدت مظلة لتهویدها وطمس معالمها ودثر هویتها ؟

ــــ ما هی الحقیقة الکبرى التی تتعلق بالقدس وقضیتها والتی غفلت عنها مشاریع السلام العربیة؟

ولهذه الغایة  سوف استخدم فی هذا البحث المنهج التحلیلی النقدی الموضوعی الهادف الذی یخدم الغایة والهدف النبیل الذی نسعى له وهو خدمة القدس والحفاظ على شعلتها متقدة فی قلوب المؤمنین والأحرار بعیدا عن السرد التاریخی الفضفاض والمبالغات والمصطلحات الإعلامیة وبعیدا کل البعد عن التجریح الذی یدخلنا فی متاهة الخلاف وجدلیة الاختلاف  حیث سیتم  تناول الموضوع فی خلفیاته وحیثیاته التی تقف خلف تناول قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة وما آلت إلیه هذه الکیفیة وهذه المعالجات من آثار مختلفة على القدس وإعادتها  وقداستها فی النفوس ومکانتها العربیة والإسلامیة والدولیة.

 

  خلفیة "القدس" فی مشاریع السلام العربیة

 کل إناء بما فیه ینضح فمن أی إناء نضحت مشاریع السلام العربیة لمعالجة قضیة القدس :

ـــ فهل جاءت هذه المشاریع من نبض الشارع  الفلسطینی  وقواه الشعبیة؟     

ـــ  وهل جاءت هذه المشاریع من العمق العربی والإسلامی وتراثه العظیم ؟

ـــ  أم جاءت من المؤسسة الرسمیة الفلسطینیة والمعادلات المؤثرة فیها ؟

ـــ أم هی من وحی  المواقف الرسمیة العربیة والإسلامیة واستجابة لها ؟

ـــ أم کانت خضوعا للضغوط الدولیة والإقلیمیة الرسمیة المؤثرة والفاعلة ؟

ـــ هل کانت استرضاء  للرأی العام الإسرائیلی وأحزابه المؤثرة ؟

ـــ وهل خدمت إسرائیل والمؤسسة الصهیونیة فی تهوید القدس وطمس معالمها؟

ولتوضیح ذلک لا بد من عرض للمواقف المختلفة التی تبین بجلاء من أین جاءت خلفیة والیة معالجة قضیة القدس فی مشاریع السلام  العربیة وما ترتب على ذلک لاحقا من تهوید للمدینة المقدسة :

أولا : المواقف الشعبیة : ان معالجة قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة جاءت خلافا للمواقف الشعبیة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة .

 حیث الموقف الشعبی الفلسطینی الذی یؤکد على ان  فلسطین کانت عبر العصور وطنا لشعب فلسطین  وان القدس کاملة ( لا شرقیة ولا غربیة ) بکل اکنافها عاصمة لفلسطین وقلبها النابض کیف لا وهی أولى القبلتین ومعراج صاحب الرسالة نبی الأمة صلى الله علیه وسلم وکل المخلصین الذین لا تخلو بیاناتهم من التأکید على رفض المساومات والتنازلات فی قضیة القدس حیث طالب تحالف الفصائل الفلسطینیة  المقیمة فی دمشق فی آذار 2001 مؤتمر القمة العربی المنعقد فی عمان " توفیر کل ما یمکن الشعب الفلسطینی من تحقیق هدفه الوطنی ألا وهو طرد وکنس الاحتلال من الضفة وقطاع غزة وان القدس عاصمة فلسطین دون قید او شرط " والذی على أساسه أیضا تنادى الشعب الفلسطینی وانتخب حماس بأغلبیة برلمانیة أوصلها للسلطة .

وقد وقفت الشعوب العربیة والإسلامیة وقواها الشعبیة بقوة وصلابة وما زالت خلف الموقف الشعبی الفلسطینی وقواه الشعبیة وأکدت "على ان القدس عاصمة فلسطین ولها أهمیة إسلامیة خاصة وان فلسطین ارض إسلامیة لا یحق لأحد ان یتنازل عنها".

واذکر هنا على سبیل المثال لا الحصر بعض القوى والمؤتمرات والروابط التی أکدت على خصوصیة القدس وعدم المساومة علیها :

ـــ فتوى مؤتمر علماء فلسطین الأول المنعقد فی القدس عام 1935

ـــ فتوى علماء العراق عام 1937

ـــ فتوى علماء نجد عام 1937

ـــ فتاوی علماء الأزهر الشریف فی الأعوام 1947، 1956 ، 1979

ـــ فتوى المؤتمر الدولی الإسلامی المنعقد فی باکستان عام 1968

ـــ فتوى علماء المسلمین فی أیلول 1988 والتی أکدت " عدم التفریط فی أی ذرة من ارض فلسطین ، مع التأکید على خصوصیة مدینة القدس فی الصراع لان لها وقع وتأثیر وأهمیة فی قلوب المسلمین کما لکدت على حرمة التنازل عن القدس کلها او جزء منها کما یحرم قطعیا الإقرار للدولة الیهودیة الغاصبة بالسیادة علیها "

ـــ تشکیل المؤتمر الإسلامی العام لبیت المقدس الذی تأسس عام 1953 فی مدینة القدس من علماء ومفکرین من مختلف أنحاء العلم وأصبح مقره فی عمان فی أعقاب الاحتلال الصهیونی للقدس وهو یرفض أی مشروع لتدویل القدس او إلغاء هویتها الإسلامیة "

 ـــ المؤتمر القومی الإسلامی ، عقد فی بیروت فی 10/10/1994 ، رفض " التسویات المطروحة لإنهاء الصراع العربی الصهیونی وإغلاق ملف القضیة على نحو یهدر حقوق شعب فلسطین وضرورة متابعة تحریر فلسطین والجولان وجنوب لبنان "

ـــ المؤتمر الشعبی للدفاع عن القدس الذی تأسس فی عمان عام 1996 حیث دعا فی البیان الختامی للمؤتمر الثانی إلی عقد فی عمان فی 22/11/2001 الحکومات العربیة والإسلامیة الى " إعادة القدس وفلسطین الى الموقع الذی تحتله فی عقیدة الأمة باعتبارها الأرض المقدسة والمبارکة ، أولى القبلتین ومسرى النبی صلى الله علیه وسلم ومعراجه وموطن الرسالات السماویة والحضارات الإنسانیة "

ـــ المؤتمر العام للأحزاب العربیة ، تأسس فی عمان 1996 ویضم (76 ) حزبا عربیا ، والذی أکد فی بیانه فی مؤتمره الثانی فی بیروت عام 1999  " ان الإجراءات التی یقدم علیها العدو الصهیونی فی القدس هی إجراءات باطلة وغیر شرعیة " وأکد " حق الشعب الفلسطینی التاریخی فی العودة الى وطنه وإقامة دولته على تراب الوطن وعاصمتها القدس "

وهکذا نرى القوى الشعبیة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة الفاعلة تقف وترفض بإصرار أی  تنازل او مساومات على قضیة القدس.

 

ثانیا : المواقف الرسمیة  

حیث نرى بواکیر الموقف الرسمی الفلسطینی الذی أعطى الضوء الأخضر لکیفیة معالجة قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة جاء عام 1974 حیث اقر المجلس الوطنی الفلسطینی فی دورته الثانیة عشرة المنعقدة فی القاهرة برنامج النقاط العشرة ، کبرنامج سیاسی مرحلی لمنظمة التحریر الفلسطینیة  والذی لم یحدد مفهومه للأرض الفلسطینیة المحتلة ، ولا الوسائل الممکنة لتحریر هذه الأرض  والذی تم التأکید علیه فی بیان المجلس الوطنی  فی دورة التاسعة عشرة فی  الجزائر فی 15/11/1988 الذی نص " ضرورة تحقیق تسویة عادلة للقضیة الفلسطینیة على قاعدة قراری مجلس الأمن 242 ، 338 ، وقیام دولة فلسطینیة فوق أرضنا الفلسطینیة وعاصمتها القدس الشریف "  وهو ما تم التأکید علیه بوضوح اکثر فی بیان المجلس الوطنی الفلسطینی فی دورته العشرین فی الجزائر فی 22/9/1991 " ان من أسس ومنطلقات السلام الانسحاب الإسرائیلی التام من الأراضی الفلسطینیة  المحتلة عام 1967 بما فیها القدس الشریف " وهو ما اعتبر تراجعا متدرجا منهجیا مبرمجا متدحرج من قبل منظمة التحریر الفلسطینیة  عن مواقفها السابقة التی کانت تؤکد  کما فی المیثاق الوطنی الفلسطینی  الذی اقره المجلس الوطنی الفلسطینی  فی دورته الرابعة فی القاهرة فی 17/7/1968 إذ نص البند السابع عشر منه " ان تقسیم فلسطین الذی جرى عام 1947 ،وقیام إسرائیل باطل من أساسه ، مهما طال الزمن ، لمغایرته لإرادة الشعب الفلسطینی ، وحقه الطبیعی فی العیش فی وطنه ".

وهو ما اتفق علیه الباحثین والمراقبین ان هذا الموقف المتدرج والمتراجع من قضیة القدس اضعف مکانتها وبدى باهتا رغم تمسکه بالحقوق العامة للشعب الفلسطینی سیما ما جاء لاحقا من موافقة على مشارکة سکان القدس فی الانتخابات التشریعیة لسلطة الحکم الذاتی عبر صنادیق البرید ولیس میدانیا فی دوائر انتخابیة فی القدس الشریف  ( القدس الشرقیة ) اعتبر طعنة من قبل البعض وثغرة من قبل آخرین یمس عودة القدس الشریف وحقوق السیادة الفلسطینیة سیاسیا ودینیا وجغرافیا وسکانیا فیها ، وما تلا ذلک من تنازلات من خلال أفکار قدمت من قبل البعض المحسوبین على السلطة تتضمن مشاریع تقاسم وظیفی وسلطوی وسیاسی مقابل المطالبة بتنازلات من الطرف الإسرائیلی علیها وهذ مثل خطوة  تنازلیة منحدرة لم یقابلها أی نوع مهما قل او صغر من التنازل السیاسی او حتى الإداری من قبل الجانب الإسرائیلی سواء من المستوى الرسمی او الحزبی او القوى الشعبیة الفاعلة فی إسرائیل ؟!

المواقف الرسمیة العربیة جاءت داعمة للموقف الرسمی الفلسطینی  فی هذا التدرج  المتراجع لقضیة القدس من خلال قرارت القمم العربیة التی صدرت  بعد الاحتلال الاسرائیل عام 1967 حیث وافقت هذه الدول على قرار ( 242 )وبدأت تطالب بانسحاب القوات الإسرائیلیة من الأراضی العربیة المحتلة ومنها القدس الشرقیة وقیام دولة فلسطینیة مستقلة عاصمتها القدس الشریف ، وهنا اثبت نص البیان الختامی بهذا الخصوص الذی صدر عن القمة العربیة غیر العادیة فی القاهرة بتاریخ 21/11/2000 والذی جاء فیه " دعم موقف دولة فلسطین ، الذی ستند الى التمسک بالسیادة على القدس الشرقیة بما فیها الحرم القدسی الشریف وجمیع ألاماکن المقدسة الإسلامیة والمسیحیة التی تشکل جزءا من الأراضی الفلسطینیة المحتلة وبالقدس الشریف  عاصمة لدولة فلسطین المستقلة "

أما الموقف الرسمی الإسلامی فلم یکن إلا صدى للموقف العربی  الرسمی إذ عقد مجلس الجامعة العربیة اجتماعا طارئا فی 25/8/1969 فی  أعقاب  قیام الکیان الغاصب على إحراق المسجد الأقصى فی 21/8/1969 واتخذ قرار بأهمیة  عقد مؤتمر قمة إسلامی حیث عقد أول مؤتمر له على مستوى وزراء الخارجیة فی جدة عام 1972 حیث اقر میثاق منظمة المؤتمر الإسلامی بمشارکة (30 ) دولة إسلامیة .

ورغم ان قیام هذه المنظمة من اجل القدس وحریق المسجد الأقصى إلا إنها أصبحت امتدادا للمواقف الرسمیة العربیة التی تصدر عن مؤتمرات القمة العربیة وأصبحت تطالب تماما کما الموقف الرسمی " بتطبیق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولیة الاخرى ، والتی تطالب بعودة القدس  الشریف الى السیادة العربیة الإسلامیة "

من هنا نرى تفاعل وتطابق  المواقف الرسمیة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة تجاة کیفیة معالجة قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة  وهناک من یؤکد وهی تقاریر إعلامیة غیر موثقة ان المواقف الرسمیة الفلسطینیة المتراجعة والمتدرجة تجاه قضیة القدس جاءت بإیحاء  من الزعماء العرب ویذهب البعض الأخر القول بطلب من المؤسسة الرسمیة العربیة فی سبیل إیجاد حل سلمی للقضیة الفلسطینیة تقبل به إسرائیل .

 وای کانت الملابسات فی هذا المجال فان تفاعل الموقف الرسمی (الفلسطینی والعربی والإسلامی) مع الضغوط الدولیة جاءت بما یرضی إسرائیل وتقبل به  قد اخرج معالجة سیاسیة ظالمة ومجحفة لقضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة  خدمت إسرائیل فی  تثبیت قناعاتها وتهویدها للقدس وطمس هویتها بما یتلاءم ویخدم المخططات الصهیونیة فی هذا المجال .

 

ثالثا  : المواقف الدولیة

یمکن تصنیف المواقف الدولیة الى ثلاثة مواقف رئیسة :

الأولى  : مواقف منسجمة مع الموقف الرسمی العربی کموقف منظمة الوحدة الأفریقیة والموقف الروسی الذین یؤکدان على حق الفلسطینیین فی إقامة دولتهم فی الأراضی المحتلة عام 1967  بما فیها القدس الشرقیة .

والثانیة :  مواقف خاصة کالموقف الأوربی الذی أعلنته الدول التسعة الأعضاء فی المجموعة الأوربیة عام 1980 ( إعلان البندقیة ) الذی  نص " تعترف الدول الموقعة بالأهمیة الخاصة التی تکتسبها قضیة القدس بالنسبة لکل الإطراف المعنیة وأنها لا تقبل أی مبادرة تتخذ من جانب واحد وتستهدف تغییر وضعیة القدس وان أی اتفاق یخص وضعیة المدینة ینبغی ان یضمن للجمیع حق حریة الدخول الى ألاماکن المقدسة "(22) ، هذا الى حانب تبنیه القرارات الدولیة الصادرة فی هذا الشأن . وکذلک موقف الفاتیکان الذی لم یعترف بإسرائیل إلا فی کانون أول 1993 وذلک بعد توقیع اتفاقیات اوسلو فی أیلول 1993 وقد جاء فی الاتفاق بین إسرائیل والفاتیکان ما نصه " یرى الفاتیکان وإسرائیل فی مدینة القدس أهمیة خاصة "(22) ، وعلیه فلم تتضمن الاتفاقیة أی تأکیدات على حق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره فی مدینة القدس ولا أی اعتراف بالسادة العربیة على ألاماکن المقدسة الإسلامیة . وما یجدر ذکره ان الفاتیکان یتبنى المطالبة بتدویل المدینة مع وجود إدارة عربیة على القسم الشرقی  منها وإدارة إسرائیلیة على الجانب الغربی منها ، على ان یتم وضع دستور خاص للمدینة من قبل الأمم المتحدة وان تؤلف هیئة دولیة للإشراف على التطبیق هذا.

والثالثة : مواقف ضاغطة ومنحازة للموقف الإسرائیلی  الذی تمثلة الولایات المتحدة الأمریکیة واللوبی الصهیونی فیها حین صوت أعضاء الکونغرس الأمریکی فی تشرین الأول عام 1995 على قرار نقل السفارة الأمریکیة فی إسرائیل الى القدس باعتبارها عاصمة الدولة العبریة الذی یجب ان  تتواجد فیه السفارات والهیئات الدبلوماسیة وذلک  فی مدة لا تتعدى عام 1999 على نحو غیر مسبوق فی التوافق إذ وافق نحو ( 374 ) صوتا مقابل  (27 )  فقط رفضوا ذلک ، وحصل هذا القرار نفسه فی مجلس الشیوخ الامریکی على موافقة مشابهة إذ وافق نحو ( 93 ) صوتا مقابل ( 5 ) أصوات فقط رفضوا القرار، علما ان امریکا تطرح فکرة التدویل کحل ملائم لقضیة القدس على ان یتم ذلک من خلا ل مفاوضات الحل النهائی لتحدید مستقبل مدینة القدس. ومن هنا نجد ان الضغوط الأمریکیة التی تسترضی إسرائیل وتقدم  حلولا تخدمها تمارس على النظام الرسمی العربی والفلسطینی  ضغوطا  فی مشاریع السلام العربیة لمعالجة قضیة القدس والتنازل على الحقوق فیها على النحو الذی سوف نراه .

 

رابعا : المواقف الإسرائیلیة

ومع کل المرونة  وقبول الضغوطات والتنازلات التی  قبلت بها او تقدمها المواقف الرسمیة العربیة والفلسطینیة  لمعالجة قضیة القدس من خلال مشاریع السلام العربیة  إلا ان تجاوبا واحدا او بصیص أمل او احتمالیة تجاوب ضعیفة لم تصدر من إسرائیل شعبیا ورسمیا وأحزابا وهذا ما یتبدى رسمیا من خطاب رفیق السلام  رئیس وزراء إسرائیل اسحق رابین وفی احتفالیة توقیع اتفاق اوسلو فی واشنطن فی 13 /9/1993 ما نصه حرفیا " ان إبقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائیل تحت سیادتها من القضایا الرئیسة لإسرائیل "

 والى ما قال "أیهود اولمرت"  عندما کان رئیسا لبلدیة القدس  " ان المجلس البلدی وضع نفسه فی سباق مع الزمن السیاسی وذلک على قاعدة قطع الشک بالیقین على ان وحدة القدس والسیادة أبدیة لدولة إسرائیل علیها "وهکذا جرى من تهوید للمدینة وطمس لمعالمها ودثر لتاریخها فی منهجیة مبرمجة تحدث عنها اولمرت نفسه .

أما الأحزاب التی تمثل البعد الشعبی  الإسرائیلی فی المعادلة فهی متطابقة مع الموقف الرسمی حتى فی أحزاب الیسار العمل ومیرتس وحدا ش التی ترفض أی نوع من التهاون فی موضوع القدس وأکدت وتؤکد باستمرار على ان القدس هی العاصمة الأبدیة والموحدة  لإسرائیل وتحت السیادة الإسرائیلیة ،وها هو رئیس وزراء إسرائیل السابق واحد رفقاء السلام أیهود براک یؤکد فی انتخابات الکنیست عام 1999 ما نصه " ان الحزب سیحافظ على القدس موحدة الى الأبد وانه لن یوافق أبدا على العودة الى حدود عام 1967 ".

وهذا الموقف من الیسار الإسرائیلی  لیس بعیدا عن الموقف من الیمین الإسرائیلی او المتدینین إذ تنص أدبیات اللیکود الیمینی  "ان القدس هی العاصمة الخالدة للشعب الیهودی وغیر قابلة للتقسیم " ، کما تنص أدبیات  غوش امونیم وکاخ ومیماد الدینیة على رفض أی نقاش حول القدس التی شیدها داوود لشعب الیهود المختار ".

ان تأملا ت معمقة فی تصریحات وزیر الزراعة الأسبق یعقوب تسور تدل على ان ما یقدم من تنازلان فی موضوع القدس فی مشاریع السلام العربیة إنما هو ضرب من الضحک على النفس ( او على الذقون ) إذ یقول ما نصه " سیسمح للفلسطینیین بإبداء زایهم فی موضوع القدس ولکن إسرائیل لن تسمح لهم بخطوات ولو رمزیة تعبر عن رغبتهم فی ان تکون القدس عاصمة الحکم الذاتی ".

 

معالجة "القدس "فی مشاریع السلام العربیة

لقد جاءت معالجة قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة من خلفیة الموقف الرسمی الفلسطینی الذی تفاعل مع المواقف الرسمیة العربیة  التی قبلت بالضغوط الدولیة سیما الأمریکیة سعیا  وراء موافقة إسرائیلیة مستحیلة وقد حظیت بتشجیع رسمی إسلامی ودولی تبنى المواقف الرسمیة العربیة ، وهذه المشاریع جاءت خلافا لکل المواقف الشعبیة والحزبیة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة والعالمیة الحرة وقواها الحیة التی تعتبر القدس أولى القبلتین ومعراج النبی محمد  صلى الله علیه وسلم ومهبط الرسالات حیث ترفض المساومة علیها والتنازل عنها وتطالب بالمحافظة علیها من التهوید والتدنیس والطمس بالمهج والأرواح حتى تحریرها .

والحدیث هنا عن مشاریع السلام العربیة المعلنة التی تم إشهارها وتم التوقیع علیها او تم  تقدیمها کمبادرة بین أطراف رسمیة عربیة وإسرائیلیة وتناولها الإعلام وأخذت حیزا من التطبیق او التداول وهی  :

اولا :ـــ اتفاقیات کامب دیفید المصریة ــ الإسرائیلیة  التی جاءت بعد حرب رمضان ( اوکتوبر ) 1973 وتحدیدا فی  أعقاب زیارة الرئیس المصری محمد السادات الى الکنیست الإسرائیلی فی القدس فی 19/11/1977، حیث أعلنت الولایات المتحدة الأمریکیة عن  توصل الجانبین المصری والإسرائیلی الى هذا الاتفاق بعد اسبوعین من المفاوضات فی 17/9/1978؟!

ثانیا :ــ  اتفاقیة اوسلو  ومذکرة وای ریفر الفلسطینیة ــ الإسرائیلیة حیث تم لتوقیع على إعلان المبادئ بین الکیان الإسرائیلی ومنظمة التحریر الفلسطینیة فی 13/9/1993 على إقامة سلطة حکم ذاتی لمدة لا تتجاوز خمس سنوات تؤدی بعدها الى تسویة دائمة طبقا لقراری مجلس الأمن ( 242 ، 338 ) وکان من المفروض ان تنتهی الفترة فی 13/9/1998 إلا أنها ما زالت مستمرة لغایة ألان  رغم تأکید ذلک فی مذکرة ( وای ریفر ) التی وقعت أیضا بینهما فی واشنطن فی 23/10/1998 ؟!

 

ثالثا :ــ إعلان واشنطن واتفاقیة وادی عربة الارد نیة ـــ الإسرائیلیة ، حیث وقع الاعلان فی 14/9/1993 (بعد یوم واحد من توقیع إعلان اوسلو ) وبعد نحو سنة واحدة تم توقیع اتفاقیة وادی عربة فی 26/10/1994.

رابعا :ـــ مبادرة السلام العربیة ( مبادرة خادم الحرمین الشریفین ) التی تم إقرارها فی مؤتمر القمة العربی فی بیروت عام 2002 والتی  تم التأکید علیها فی  مؤتمر القمة  العربی فی الریاض مؤخرا (2007 ) وشکلت لها لجنة لمتابعتها تم تفویض کل من الأردن ومصر لإجراء الاتصالات اللازمة مع الجانب الإسرائیلی وهی عبارة عن أفکار عامة وخطوط عریضة تحتاج الى آلیة  ومفاوضات لمتابعتها .

وعلى خلفیة قضیة القدس فی  مشاریع السلام العربیة وما سنراه من مضامین قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة یمکن  تحلیل وتصنیف وتوصیف کیفیة تناولها ومعالجتها فی  هذه المشاریع المعلنة  على النحو التالی :

اولا : تجاهل وترقیع :تجاهلت اتفاقیات کامب دیفید مدینة القدس تماما ولم تأتی على ذکرها قطعیا علما بان الاتفاقیات قد جاءت على ذکر حکم ذاتی فی الضفة وغزة بما نصه " یمکن ان تتفق مصر وإسرائیل والأردن على وسائل إقامة سلطة حکم ذاتی منتخبة فی الضفة الغربیة وقطاع غزة ".

وهذا التجاهل قد سبب إحراجا للرئیس المصری محمد السادات مما اضطره الى الترقیع فی معالجة الموقف بإرسال رسالة الى الرئیس الأمریکی جیمی کارتر فی 17/9/1978 تضمنت خلفیة المواقف الرسمیة العربیة من قضیة القدس التی  کانت حصیلة تنازلات متدحرجة ومتدرجة أفضت الى ما یسمى بالقدس العربیة او او الشرقیة او الشریف وبإشراف دولی  للاماکن المقدسة والتی تناولتها بالشرح سابقا وجاءت الرسالة بما نصه " تعتبر مصر ان القدس العربیة هی جزء لا یتجزأ من الضفة الغربیة ویجب إعادة الحقوق العربیة والتاریخیة والشرعیة على المدینة وذلک بتطبیق قرارات مجلس الأمن (242 ، 267 ) فیما یتعلق بالقدس بما یکفل لجمیع الشعوب حریة الوصول الى المدینة وممارسة شعائرهم ، وان إدارة ألاماکن المقدسة لکل دیانة یمکن ان توضع تحت إدارة ممثلیها وسلطتهم ".

ورغم إنها رسالة "ترقیع" ولیست جزءا من الاتفاقیات ولیس لها أی قیمة سیاسیة تطبیقیة او عملیة سوى تسجیل المواقف  وتدارک الإحراج  إلا ان الجانب الإسرائیلی لم یفوت الفرصة لتأکید موقفه من القدس وتوجیه صفعة صهیونیة مباشرة لاتفاقیات کامب دیفید حیث أرسل رئیس الوزراء الإسرائیلی مناحیم بیغن رسالة الى الرئیس الأمریکی ردا  على رسالة الرئیس المصری جاء فیها ما نصه " ان الحکومة الإسرائیلیة تؤکد ان القدس هی مدینة واحدة غیر قابلة للتقسیم وهی عاصمة دولة إسرائیل الخالدة ".

 

ثانیا : تأجیل وتهوید

أجلت اتفاقیات اوسلو موضوع القدس والیة البت فیه الى  مفاوضات الحل النهائی وذلک الى جانب مواضیع وملفات حساسة أخرى کالمستوطنات واللاجئین والترتیبات الأمنیة والحدود وکان من  المفروض ان یبدأ البحث فیها حسب اتفاقیات اوسلو فی مطلع السنة الثالثة من بدء الاتفاقیة الانتقالیة للحکم الذاتی (أی فی عام 1996 ) إلا ان ذلک لم یحدث ودخلت فی نفق التسویف المبرمج القاتل الذی یخدم إسرائیل فی تهویدها للقدس .

هذا التسویف المبرمج بدأ فی مذکرة وای ریفیر التی وقعت فی 23/10/1998 حین أعطت وعدا وموعد ا جدیدا لمفاوضات الحل النهائی فی 4/5/1999 بما نصه " تستأنف الأطراف مفاوضات الوضع  الدائم (الحل النهائی) بوتیرة سریعة وسیبذلان جهدا کبیرا من اجل تحقیق الهدف المتبادل وذلک من اجل الوصول الى اتفاق بحلول یوم 4/5/1999".

ولان هذا التسویف مقصود ومبرمج  فان اختلاق مبررات جدیدة او افتعال حوادث قاهرة أمر من السهل تحقیقه فی الدبلوماسیة الإسرائیلیة والأمریکیة ولو وصل الحال الى فرض حصار جائر وظالم على من وقع اتفاقیات اوسلو ووای ریفیر نفسه وهو الرئیس یاسر عرفات  لینشغل الرأی العام العالمی والإقلیمی والمحلی وقیاداته السیاسیة والشعبیة فی کیفیة رفع الحصار عنه من اجل متابعة مفاوضات الحل النهائی ، وعندما لم یجدوا فائدة من هذا الوضع او ان الحال استنفذ إغراضه وبدى للإسرائیلیین ( حسب تقدیراتهم وأوهامهم ) إنهم قادرون على فرض حل نهائی دائم یخدم مصلحتهم کان لابد من اغتیال الرئیس عرفات بالشکل والهیئة التی رأیناها جمیعا، ولکنهم خابوا وخسروا وفشلت توقعاتهم عندما فازت حماس والشرفاء معها وقطعت علیهم الطریق .

ان  معالجة هذه الاتفاقیة لموضوع القدس بأسلوب التأجیل وما تبعه من تسویف مبرمج قد خدم استراتیجیة إسرائیل بتهوید القدس بشکل مدروس ومبرمج ترتب علیه إعطاء الوقت الکافی للمحتل الإسرائیلی لإتمام عملیة التهوید وقیامه بتثبیت السیادة الإسرائیلیة علیها؛ من الحفریات الى  مصادرة الأراضی وبناء المستوطنات وشق الطرق الالتفافیة ، وتضییق الخناق على المؤسسات الفلسطینیة العاملة فی القدس ، وفصل القدس عن بقیة الأراضی فلسطینیة . ومنع دخولها إلا بتصریح ، ومنع ممارسة أی نشاطات جماهیریة فلسطینیة او فتح مکاتب إلا بموافقة مسبقة بأذن خاص من الحکومة الإسرائیلیة بشکل أجرأ فاقت إجراءات التهوید التی کانت قائمة  قبل اتفاقیات اوسلو لأنها وجدت فی هذه الاتفاقیات فرصة کبیرة ومظلة غیر مسبوقة لمتابعة ممارساتها التهویدیة بکل أریحیة وطمأنینة .

 

ثالثا : تحسس وخلاف

تحسس منظمة التحریر الفلسطینیة من الأردن کان حاضرا فی مشاریع السلام العربیة وقد بدى هذا الخلاف واضحا حین جاء إعلان واشنطن بین إسرائیل والأردن بعد یوم واحد من إعلان اوسلو حیث وقع الأول فی 14/9/1993 ووقع الثانی فی 13/9/1993 وبعد نحو سنة وقعت اتفاقیات وادی عربة للسلام التی ترکت وضع الضفة بما فیها القدس لاتفاقیات اوسلو باعتبار منظمة التحریر الفلسطینیة الممثل الشرعی والوحید للشعب الفلسطینی(20 +21) واکتفت بالحدیث عن الأهمیة التاریخیة والدینیة والدور الأردنی الخاص على هذه ألاماکن حیث جاء ذلک فی الاتفاقیة بما نصه تحت البند  التاسع ( ألاماکن التاریخیة والدینیة )  " سیمنح کل طرف لمواطنی الطرف الأخر حریة الوصول للاماکن ذات الأهمیة الدینیة والتاریخیة ، وفی هذا المجال تحترم إسرائیل الدور الحالی للمملکة الأردنیة الهاشمیة فی ألاماکن الإسلامیة المقدسة، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائی ستعطی إسرائیل أولویة کبرى للدور الأردنی التاریخی فی هذه ألاماکن ".

ومع ان موضوع القدس کان محددا فی الجوانب المشار إلیها بالنص فی اتفاقیات وادی عربة إلا انه  أثار تحسس منظمة التحریر ترتب علیه خلاف حاد أثار حفیظة المنظمة فی بیان صدر بما نصه " یعتبر هذا البند انتهاکا صریحا من قبل إسرائیل ولیس من حقها إعطاء أی تعهد او التزام بشأن أراض متنازع علیها ومؤجلة لمرحلة التفاوض النهائی ،وان من شأن ذلک ان یضعف من الموقف التفاوضی الفلسطینی خلال المفاوضات المتوقعة حول الوضع النهائی للضفة الغربیة وقطاع غزة ".

وقد رد الأردن على ذلک فی بیان رسمی فی 28/7/1994 جاء فیه بما نصه " لم ترى الحکومة الأردنیة أی تناقض بین استرجاع السیادة السیاسیة على القدس العربیة من خلال المفاوضات الإسرائیلیة وبین استمرار الأردن القیام بدوره فی ممارسته لولایته الدینیة على المقدسات الإسلامیة فی القدس ".

رابعا : تکرار وعناد

ان ما طرحته المبادرة العربیة للسلام  فی القمة العربیة فی بیروت بخصوص القدس تکرار لا یخرج عما ورد فی بیانات سابقة ومواقف رسمیة  تم شرحها فی هذا البحث والتی تنص على ان القدس الشرقیة عاصمة للدولة الفلسطینیة المستقلة بما نصه " قبول قیام دولة فلسطینیة مستقلة ذات سیادة على الأراضی الفلسطینیة المحتلة منذ الرابع من یونیو 1967 فی الضفة الغربیة وقطاع غزة وتکون عاصمتها القدس الشرقیة ".  

ونظرا لکون المبادرة أفکار عامة لم تأخذ طریقها الى التطبیق ، وما زالت  فی حیز المناقشة ،رغم إقرارها من قبل القادة العرب ،إلا ان الطرف الاسرئیلی لم یعطی موافقة علیها واظهر عنادا ومراوغة فی قبولها لغایة ألان ، مما یفسح المجال طرح توصیات واقتراحات بخصوص القدس وقضیتها ورفعها الى المؤسسة الرسمیة العربیة من القادة العرب او اللجنة المشکلة او الجامعة العربیة بما یخدم قضیة القدس ویحافظ علیها من التهوید  .

ولان المبادرة حدیث الساعة وتتعلق بموضوع القدس ومؤتمره ولها صلة مباشرة بهذا البحث فانی أثبتها نصا کاملا ملحقا استکمالا لمتطلبات هذا البحث .

 

                    ملحق

    فی ما یلی النص الحرفی لمبادرة السلام العربیة التی أطلقت فی قمة بیروت العربیة عام 2002 والتی صادقت علیها القمة العربیة التی افتتحت فی آذار 2007 فی الریاض(20):

"ان مجلس جامعة الدول العربیة على مستوى القمة المنعقد فی دورته العادیة الرابعة عشر

- إذ یؤکد ما اقره مؤتمر القمة العربی غیر العادی فی القاهرة فی یونیو 1996 من ان السلام العادل والشامل خیار استراتیجی للدول العربیة یتحقق فی ظل الشرعیة الدولیة، ویستوجب التزاما مقابلا تؤکده إسرائیل فی هذا الصدد.

1- یطلب المجلس من إسرائیل إعادة النظر فی سیاساتها، وان تجنح للسلم معلنة ان السلام العادل هو خیارها الاستراتیجی أیضا.

2- کما یطالبها القیام بما یلی :-

أ - الانسحاب الکامل من الأراضی العربیة المحتلة بما فی ذلک الجولان السوری وحتى خط الرابع من یونیو (حزیران) 1967، والأراضی التی مازالت محتلة فی جنوب لبنان.

ب- التوصل الى حل عادل لمشکلة اللاجئین الفلسطینیین یتفق علیه وفقا لقرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة رقم 194.

ج- قبول قیام دولة فلسطینیة مستقلة ذات سیادة على الأراضی الفلسطینیة المحتلة منذ الرابع من یونیو 1967 فی الضفة الغربیة وقطاع غزة وتکون عاصمتها القدس الشرقیة .

3-عندئذ تقوم الدول العربیة بما یلی :

أ - اعتبار النزاع العربی الإسرائیلی منتهیا، والدخول فی اتفاقیة سلام بینها وبین إسرائیل مع تحقیق الأمن لجمیع دول المنطقة.

ب- إنشاء علاقات طبیعیة مع إسرائیل فی إطار هذا السلام الشامل.

4- ضمان رفض کل أشکال التوطین الفلسطینی الذی یتنافى والوضع الخاص فی البلدان العربیة المضیفة.

5- یدعو المجلس حکومة إسرائیل والإسرائیلیین جمیعا إلى قبول هذه المبادرة المبینة أعلاه حمایة لفرص السلام وحقنا للدماء، بما یمکن الدول العربیة وإسرائیل من العیش فی سلام جنبا إلى جنب، ویوفر للأجیال القادمة مستقبلا آمنا یسوده الرخاء والاستقرار.

6- یدعو المجلس المجتمع الدولی بکل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.

7- یطلب المجلس من رئاسته تشکیل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنیة والأمین العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأکید دعمها على کافة المستویات وفی مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولایات المتحدة والاتحاد الروسی والدول الإسلامیة والاتحاد الأوروبی".

 

  النتائج والتوصیات

أولا :ــ جاءت قضیة القدس فی مشاریع السلام العربیة وآلیة معالجتها على خلفیة تفاعل المواقف الفلسطینیة والعربیة الرسمیة والضغوط الأمریکیة علیها سعیا وراء موافقة إسرائیلیة مستحیلة وقد حظیت بتشجیع إسلامی ودولی رسمی  خلافا لکل المواقف الشعبیة الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة والعالمیة الحرة والشعبیة وقواها الحیة الفاعلة التی ترى ان القدس أولى القبلتین ومعراج الرسول صلى الله علیه وسلم ومهبط الرسالات وحضن الحظارات العربیة والإسلامیة وهی عاصمة فلسطین دون تنازل ومساومة وتسویف .

ثانیا : ــ قصرت مشاریع السلام العربیة فی طرح قضیة القدس وحقوق الفلسطینیین فیها وبدت عاجزة مستسلمة للقناعات الإسرائیلیة والأمریکیة بتأجیل طرحها وإخضاعها للمساومات والتسویف الى ما یسمى مفاوضات الحل النهائی مما اضعف مکانتها دولیا حین لم تعطى حق الأولویة ولم تبرز بما تستحق من مکانة دینیة وتاریخیة وحضاریة وسیاسیة واستراتیجیة فی هذه المشاریع.

ثالثا: ــ أضرت هذه المشاریع بالقدس ورسالتها حین قبلت بالتأجیل وما تبعه من تسویف مبرمج  ترتب علیه إعطاء الوقت الکافی للمحتل الإسرائیلی لإتمام عملیة التهوید وقیامه بتثبیت السیادة الإسرائیلیة علیها؛ من مصادرة الأراضی وبناء المستوطنات وشق الطرق الالتفافیة ، وتضییق الخناق على المؤسسات الفلسطینیة العاملة فی القدس ، وفصل القدس عن بقیة الأراضی فلسطینیة . ومنع دخولها إلا بتصریح ، ومنع ممارسة أی نشاطات جماهیریة فلسطینیة او فتح مکاتب إلا بموافقة مسبقة بأذن خاص من الحکومة الإسرائیلیة بشکل أجرأ فاق إجراءات التهوید التی کانت قائمة ومستمرة قبل اتفاقیات اوسلو .

رابعا : ــ أهملت اتفاقیات اوسلو وملحقاتها تثبیت مواد ونصوص تضمن الحقوق التاریخیة والدیمغرافیة والسیاسیة والدینیة  الفلسطینیة وتلزم إسرائیل عدم إحداث أی تغییرات إنشائیة او سکانیة او قرارات او مخططات من شانها تهوید مدینة القدس خلال فترة  التأجیل للمفاوضات النهائیة . وقد حصل هذا بالفعل من تهوید نتیجة هذا الإهمال. 

خامسا: ــ سلخت هذه المشاریع القدس عن بقیة الأراضی الفلسطینیة حین أرجأت التفاوض حولها فی ظرف قبلت فیه المؤسسة الرسمیة الفلسطینیة والعربیة  التنازل المتدرج والمتدحرج لموضوع القدس بمقابل تعنت وعناد إسرائیلی احتفظ بموقفه دون ان یتزحزح عنه معتبرا القدس غیر قابلة للتقسیم وتحت سیادته وهی عاصمة إسرائیل الأبدیة.

سادسا: ـــ أساءت هذه المشاریع للقدس معنویا حین أبهتت شعلتها ومست هیبة قداستها عندما قبلت المساومة علیها ، وتنازلت عن الحقوق فیها ، وجعلت منها موضوعا قابلا للقسمة وملفا مؤجلا فی الطرح کباقی الموضوعات ، وهی محط الأنظار وحشد النفوس تجمع المؤمنین فی حوضها من کل حدب وصوب ، ترخص الدماء من اجلها وإذا فرط بها او مست هیبتها أو وقعها فی القلوب فلن نجد بعدها جمعا للأمة وحفظا لهیبتها واعتصاما بثوابتها .

سابعا: ـــ لا بد والحالة هذه ان تنصب الجهود الفلسطینیة والعربیة الرسمیة والإسلامیة عموما والدولیة الصدیقة نحو الحفاظ على مدینة القدس من التهوید ودثر الهویة وطمس المعالم بکل السبل المتاحة ألان والتی یجب ان تشترط مسبقا فی أی تحرک دولی او أممی وقف کل ما من شانه تهوید مدینة القدس بنصوص قانونیة واضحة وحازمة . 

ثامنا: ــ وأخیرا لا بد من الإقرار بالحقیقة الکبرى ان القدس محل خلاف عقائدی ووجودی فضلا عن کونه ثقافی وتاریخی وسیاسی ودولی تعجز کل اتفاقیات السلام على إیجاد حل له مهما أوتیت من وقت وحیل وأفکار ولا بد ان یکون ذلک مدرکا من قبل اصحاب القرار فی الأمة یتیح لهم ان یفسحوا المجال للإعداد والاستعداد والحشد والرباط والمقاومة لتحریرها من الغاصب المحتل وبغیر ذلک سیبقى الحال فی دوامة یکسب خلالها المحتل الغاصب مزیدا من الوقت لتهوید المدینة وطمس معالمها وفرض واقع جدید علیها . 

( الدراسة بقلم الباحث الدکتور محمد احمد جمیعان )

ن/25          


| رمز الموضوع: 142482







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. القائد العام للجيش الإيراني: إيران اثبتت للعالم ان اي تهديد موجه ضدها سيواجه برد دقيق وماحق
  2. استقالة متحدثة باسم الخارجية الأمريكية بسبب الحرب على غزة
  3. باقري امام اجتماع مجموعة "بريكس": مفتاح الاستقرار واستتباب الهدوء في المنطقة يتمثل في وقف جرائم الكيان الصهيوني
  4. قائد حركة انصار الله: الأمريكي هو شريك للعدو الإسرائيلي في كل جرائمه الفظيعة ضد الشعب الفلسطيني
  5. الفصائل الفلسطينية تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح الاحتلال رفح
  6. ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة إلى 141
  7. قيادي في حماس: عملية طوفان الأقصى حققت أبعادها السياسية والاستراتيجية والإنسانية
  8. القوات المسلحة اليمنية : استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين في خليج عدن وسفينة إسرائيلية في المحيط الهندي
  9. بعد استقالة حاليفا.. "تأثير الدومينو" يلحق قيادات الجيش الصهيوني
  10. بيان إيراني باكستاني مشترك ضد الكيان الصهيوني
  11. خلال استقباله حشدا من العمال في انحاء البلاد.. قائد الثورة الإسلامية: جميع الشعوب تدعم فلسطين / الارهابيون الحقيقيون هم من يقصفون الشعب الاعزل في غزة
  12. قيادي في "حماس" : لدى الحركة نحو 30 أسيرا من الجنرالات وضباط الشاباك
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)