الجمعه 24 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

عن أی سلام یتحدثون

 

ما یحصل فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة من تکثیف لعملیات الاستیطان ومصادرة الأراضی یبرهن على أن اسرائل ورغم تظاهرها الشکلی بحرصها على فتح آفاق الحوار إلا أنها بخطواتها الکارثیة هذه تنسف أیة فرصة للحوار وتسد طرق السلام بجدران المستوطنات الصهیونیة التی تقام على مرأى ومسمع من العالم وخاصة الدول الراعیة لعملیة السلام.

 

لم یمض شهر على انفضاض لقاء انابولیس بصیغة المتعددة حتى بدأ البلدوزر الإسرائیلی بتجریف آلاف الدونمات التابعة للمواطنین الفلسطینیین بهدف بناء المستوطنات علیها أما الهدف الغیر معلن یبقى أکبر من مجرد عملیات توطین وتوسیع لیصل إلى حدود فرض واقع دیموغرافی استیطانی یُصَّعب عملیة الإخلاء مستقبلا فیما لو تم التوصل إلى اتفاقات نهائیة بین الأطراف وعلیه قد تتمکن إسرائیل من الحفاظ على بؤرها الاستیطانیة التی ستکون بمثابة (مناطر) إسرائیلیة مستقبلیة بقلب الکیان الفلسطینی.

إن ما حذرنا منه سابقا ودائما وهو عدم جدیة الطرف الإسرائیلی فی إیجاد مخرج للوضع القائم یبدو الآن جلیا للعیان من خلال إخلال إسرائیل بالمبادئ الأساسیة لأیة حوار ومفاوضات حول الحل النهائی ،إذ لا یمکن الحدیث حول مفاوضات سلمیة فی الوقت الذی تقوم فیه إسرائیل بزرع أشواک المستوطنات على طریق المفاوضات وفی الوقت الذی تهدد فیه باجتیاح قطاع غزة وإبقاء الحصار على ما هو علیه .

إن سیاسة التجویع والترویع التی تنتهجها إسرائیل ضد شعبنا الفلسطینی یجعل مجرد الحدیث عن السلام أمر مضحک وغیر واقعی.. فأی سلام یجب أن یسبقه إبداء حسن نوایا وإیقاف کل المظاهر التی تکرس الاحتلال مثل الاستیطان والحصار والتهدید والوعید ! وما هو ظاهر على الأرض الفلسطینیة یقطع الشک بالیقین بان إسرائیل غیر ذاهبة نحو السلام والمفاوضات بل نحو تکریس السیطرة على الأراضی الفلسطینیة وشحن الأجواء فی المنطقة واستفزاز الطرف الفلسطینی دون رقیب أو حسیب !

إسرائیل تسعى من خلال تکثیف الاستیطان إلى قطع الطریق أمام إقامة الدولة الفلسطینیة المستقلة وهی لن تدخر جهدا فی سبیل إفشال کل محاولات العودة إلى طاولة المفاوضات فی ظل غیاب المطالبة العربیة والدولیة بتنفیذ ما تم الاتفاق علیه فی لقاء انابولیس .

لقد کان واضحا منذ البدایة على أن الطرف الإسرائیلی یسعى جاهدا إلى جر العالم العربی إلى التطبیع معها دون قید أو شرط.. وحتى لو تم التطبیع فلیس هناک ما یلزم إسرائیل على دفع استحقاقات العملیة السلمیة کونها لا تجنح للسلام الحقیقی بل تنادی بسلام جزئی مشروط بفتح العواصم العربیة أمامها.

إن الرؤیة الإسرائیلیة للسلام لا تتعدى إقامة حکم ذاتی فلسطینی لا یشمل القدس وحق العودة بالمقابل إقامة علاقات دبلوماسیة واقتصادیة مع العالم العربی وإغلاق ملف القضیة الفلسطینیة نهائیا..لذا فهی معنیة ببقاء حالة الانقسام الفلسطینی ... معنیة بوجود کانتونات فلسطینیة لا أکثر ... محافظات مقطعة الأوصال لا تتمتع بشرایین الحیاة وغیر موصولة بأی عالم آخر ! هذا هو التوجه الإسرائیلی للسلام والحل.

إن الرهان على الولایات الأمریکیة وإسرائیل هو رهان فاشل.. إذ لا یمکن الانتظار بان تتنازل إسرائیل عن القدس وتسمح بعودة لاجئی شعبنا إلى دیارهم.. فقد أعلنها أکثر من مسؤول إسرائیلی بان الحل الجذری لقضیة الشعب الفلسطینی لا یتعدى منح القیادة الفلسطینیة صلاحیات إدارة بلدیة کبیرة أو محافظة على حد تعبیرهم وبالنسبة لقضیة اللاجئین فمن الأفضل وحسب تعبیر المسؤولین الإسرائیلیین القبول بالتعویض وتوطینهم داخل الدول العربیة !! هذه هی الرؤیة الإسرائیلیة الشاملة للحل.

إسرائیل ترید التخلص من العبء الثقیل التی تشکله الضفة وغزة فهی تسعى لرمی هذا العبء عن کاهلها من خلال منح السلطة الوطنیة حکم ذاتی إداری لا أکثر وهی تحاول استحداث قیادات مهادنة تسیر فی رکب المحتل کما کانت روابط القرى فی السبعینات .. ترید التخلص من العبء الاقتصادی الذی تشکله الضفة وقطاع غزة لذا تسعى وبکل الوسائل إلى تفعیل الدبلوماسیة العالمیة والعربیة لإقناع الطرف الفلسطینی للقبول بما تطرحه من حلول هشة لا تلبی أدنى ثوابت الحق الفلسطینی .

إن ما نخشاه بأن تتبنى بعض الأطراف العربیة الرؤیة الإسرائیلیة للحل وتقوم بتفعیل ضغوطاتها على الطرف الفلسطینی .. وما نخشاه أکثر أن تقبل بعض الأطراف الفلسطینیة ما تطرحه إسرائیل فی إطار صفقة تطیح بحق العودة والقدس الأمر الذی سیشعل الشارع الفلسطینی من جدید ویعزز حالة الانقسام القائمة !

فی ظل الحراک الدبلوماسی القائم والهادف إلى نسف ما تبقى من ثوابت الحق الفلسطینی مطلوب من الإخوة فی حرکتی فتح وحماس تجاوز کل الخلافات القائمة واللجوء إلى طاولة الحوار الأخوی النابع من المصلحة الفلسطینیة العلیا لتفویت الفرصة على المآرب الإسرائیلیة التی تحاک وبمشارکة بعض الأطراف العربیة .. ودون ذالک سنجد أنفسنا فی بحر من المؤامرات والضیاع... سیکون من السهل على إسرائیل ضرب أرکان الحل والتهرب من دفع استحقاقات العملیة السلمیة المزعومة .

إن استمرار الوضع الفلسطینی المنقسم على ما هو علیه سیجعل إسرائیل تستسهل ابتلاع الحق والإتیان بحلول هشة تتجاوز الحقوق الفلسطینیة وتقفز عن ثوابتنا الوطنیة .. وحدة الشارع الفلسطینی من شأنها أن تصّعب مهمة إسرائیل وقد تجعلها عاجزة عن إجتیاح قطاع غزة ... من هنا فان ما هو مطلوب فورا تدخل کل الفصائل الفلسطینیة لإنهاء حالة الانقسام السائدة وإعادة المیاه إلى مجاریها... فشعبنا لم یعد یحتمل المعاناة والحصار المفروض والذی یزداد یوما بعد یوم.

إننا نخشى أن یصل المواطنین المحاصرین فی غزة إلى التمنی بعودة الاحتلال.. لا حبا بالاحتلال بل بحثا عن تأمین لقمة العیش والخروج من الحصار المفروض ولألا یصل المواطن لهذه المرحلة .. على قیادة شعبنا أن تسعى لفک الحصار المفروض.. وهذا الأمر لن یحصل إلا إذا عادت اللحمة إلى أبناء شعبنا.

( المقال للکاتب الفلسطینی  الدکتورعدنان بکریه )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 140854







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. الأمم المتحدة: الدمار في غزة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية
  2. طوفان مليوني متجدد في صنعاء نصرة لغزة تحت شعار "وفاء يمن الأنصار لغزة الأحرار"
  3. حركة النجباء : لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري في غزة
  4. طهران تندد بالصمت الغربي المطبق ازاء استشهاد اكثر من 140 صحفيا فلسطينيا على يد الصهاينة
  5. القوات اليمنية تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف السفن الإسرائيلية
  6. المقاومة الاسلامية في العراق تستهدف اهدافا حيوية في الاراضي المحتلة
  7. السيد الحوثي: نحضّر لجولة جديدة من التصعيد في حال استمرار العدوان على غزة
  8. سفير وممثل إيران الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة: ايران تحتفظ بحقها الطبيعي في الرد على أي أعمال عدوانية ضد سيادتها وأمنها ومصالحها القومية
  9. الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و596 شهيدا
  10. قيادي في حماس: إذا أقدم العدو على عملية رفح فسيتم وقف التفاوض
  11. ردا على المجازر الصهيونية في غزة.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف هدف حيوي في ايلات "أم الرشراش"
  12. ايران تفرض عقوبات على أفراد وكيانات أمريكية وبريطانية لدعمها الكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)