qodsna.ir qodsna.ir

على هامش مؤتمراسطنبول وقبیل أنابولیس

قدسنا ــ  قسم التعلیق العربی

اختتم  قبل یومین بإسطنبول الترکیة مؤتمر عن المخاطر التى تتعرض لها مدینة القدس والمؤامرة التى تستهدف تفکیک الأقصى الشریف والسیطرة علیه من الجهات الأربع أمام أنظار أکثر من ملیار مسلم..
وینتظر الفلسطینیون، والعرب والمسلمون، مؤتمرا آخر ینعقد خلال أیام مؤتمر آخر فى الغرب بأنابولیس الأمریکیة ویهتم بمدینة القدس ولکن من زاویة ثانیة مناقضة للأولى، زاویة التفویت والتخلى عنها لفائدة الصهاینة من خلال المفاوضات والاتفاق مع سلطة فلسطینیة ضعیفة لا سند لها سوى التنازلات..
الوثیقة التى قدمها رائد صلاح زعیم الحرکة الفلسطینیة داخل الخط الأخضر، والذى ظل لفترة طویلة الصوت الذى یتجرأ على المنع والترهیب ویعلن مرارا أن القدس فى خطر، تکشف عمق المؤامرة الصهیونیة فیما یکتفى العرب والمسلمون بالمؤتمرات والبیانات والبکاء على الأطلال..
القدس لا تستردها المؤتمرات التى یشرف علیها المؤتمر الإسلامى فالصهاینة، وزعوا نص الوثیقة على یهود العالم ولعبوا على عواطفهم ویعملون بحماسة من أجل تجمیع الأموال التى یتولون من خلالها بناء النموذج الذى یریدون، أى أنهم حولوها إلى قضیة شخصیة لکل یهودى وما یعنیه من مساندة کبیرة وفعلیة للوبیات الصهیونیة خارج القدس المحتلة.
وقد انتقلوا من التلویح بالترمیم والتغییرات الجزئیة إلى الحفر والهدم من کل الاتجاهات..
هم حولوا "الحلم" إلى فعل وأعدوا ما استطاعوا من إمکانیات، أما العرب والمسلمون وللأسف فعاجزون عن فعل أى شیء إلى حد اللحظة لأنهم کفوا عن الإحساس بالانتماء إلى هویة ثقافیة مشترکة تمتلک خصائص ومعالم لا یمکن التنازل عنها وغرقوا فى المدیح الذاتى لتقود بعض الدول حملات إعلامیة مکلفة وباهظة من أجل التصویت لمدینة مهملة واختیارها واحدة من العجائب السبع العالمیة..
لماذا لم تتفتق قرائحهم عن فکرة التسویق للقدس والتصویت لها، مع أنها أهم من کل المدن القطریة مجتمعة؟
من المهم هنا وقبل أن نحبّر بیانات البکاء على القدس وعلى الأراضى التى ضاعت قبلها وبعدها، بما فى ذلک العراق، أن تعید الأمة تشکیل ثقافتها الداخلیة وترتیب الأولویات التى تجعل من فلسطین والعراق والصومال وکل الأراضى المحتلة جزءا من همومها وعلیها الوعى بضرورة التحریر والاستعداد له لیکون هدفا شریکا للتنمیة والدیمقراطیة.
فالأمة التى ترضى بضیاع أراضیها وتستمرىء الجلوس إلى أعدائها وتتفاوض معهم على التنازل الکلى عما فقدت، لا تقدر على التطویر والتحدیث فى حیاتها ولا تنتظر من أحد أن یحترم قراراتها وأحلامها فى بناء المستقبل.
لو کان العرب یمتلکون الحد المطلوب من احترام العالم ما کانت الإدارات الأمریکیة المتعاقبة تعیش على نفطهم وأموالهم وتنحاز إلى أعدائهم، بل وتنزل وزیر الخارجیة الأمریکیة رایس فى زیارة سریعة وحاسمة تأمرهم بالاشتراک فى مؤتمر أنابولیس الذى یرید منهم تنازلا جماعیا عن القدس ومساحات کبیرة من أراضیهم التاریخیة التى احتلتها العصابات الصهیونیة بدءا من 1947 وحتى 1967.
لیس هناک فارق جوهرى بین مؤتمرى اسطنبول وأنابولیس سوى أن الأول کانت فیه حماسة زائدة تدعو للتحریر وشد أزر المقاومة و ستذهب بیاناتنا إلى الأرشیف الالکترونى لحفظها، أما الثانى فینطلق لیفعل لا لیتکلم، لیتنازل البعض رغم أنوفهم  عما  جاهروا برفضه ، ثم یتهم  البعض الفلسطینیین بأنهم یخترقون الخطوط الحمر، وکأن العرب والمسلمین براء مع أنهم أصل البلیة برفضهم دعم الفلسطینیین بل والاشتراک العملى فى الحصار المفروض علیهم استجابة لرغبة أمریکا.
لو أن المال العربى کان یتدفق على الفلسطینیین بانتظام، هل کانوا یحارون فى شراء السلاح لمواصلة المقاومة؟
لو أن البنوک العربیة کسرت الحصار المالى الأمریکی، هل کان الفلسطینیون یلجأون لمد الأیدى إلى الأمریکیین الذین اشترطوا على من وهبوه المال مواجهة الشق الرافض؟
لو کانت هناک جدیة عربیة فى حدها الأدنى، هل کانت فتح أو حماس تخرجان على الخطوط الحمر فى الثوابت الوطنیة وتقتتلان من أجل سلطة قدرها أن تکون تابعة لإسرائیل وأمریکا؟
ما یزال الکثیر من الوقت على العرب کى یتحولوا إلى دائرة الانتصار إلى قضایاهم وهم لا یتقدمون أیضا باتجاه تنمیة مستقلة تحمى قضایاهم القومیة..
أملهم فى الصحوة المقاومة التى تتمسک بالسلاح وتتصدى للاحتلال الإسرائیلى الأمریکى فى فلسطین ولبنان والعراق والصومال، علها تکون الناقوس الذى یوقظ الضمائر الموات..

ن/25


| رمز الموضوع: 140798