الجمعه 17 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

أسباب التهرب من الخدمة فی جیش العدو

 اعتُبر الجیش “الإسرائیلی” حتى ما قبل حرب العام ،1973 بأنه بمثابة “البقرة المقدسة” التی یحرم على أی من “الإسرائیلیین” التعرض لها بأی أذى أو انتقاد مادی أو معنوی . و کان من المحظور بصورة قاطعة حتى ذلک الحین، توجیه إصبع الاتهام ولو بالإشارة فقط فی وسائل الإعلام المختلفة، إلى أی نوع من عیوب هذا الجیش وعوراته والفجوات التی قد تعتریه فی هیکلیاته التنظیمیة، أو أجهزته التنفیذیة أو أدائه العملانی.

وقد أدى هذا الحرص الشدید، حتى المغالاة، لیس فقط إلى تلمیع صورة هذا الجیش والحفاظ على معنویاته وصون سمعته الردعیة، وإنما أیضاً إلى تلمیع وتکریس صورة المؤسسة السیاسیة الراعیة له، والتی ربطت نجاحها بنجاحه، بل واستمدت منه الکثیر من القوة والمدى البشری والمعنوی والشعبی.

ومعلوم أن هذا الوضع استمر من دون إزعاج حتى صدمة حرب عام ،1973 التی شکّلت منعطفاً مهماً ومعلماً تاریخیاً فی ضعضعة أسس هذا الوضع وتبین أن الجیش الذی لا یقهر، ما هو سوى جیش عادی کسائر الجیوش، یقتُل ویُقتل.

یخضع للخدمة الإلزامیة فی “إسرائیل” کل رجل اعتبارا من سن 18-55 عاما وکل أنثى من 18-38 عاما. وتبلغ مدة الخدمة الإلزامیة للرجال 36 شهرا لمن هم فی سن 18-36 سنة. وتبلغ 24 شهرا لمن هم فی سن 27-29 سنة. وبالنسبة للنساء فإن فترة الخدمة الإلزامیة 20 شهرا. أما الأطباء رجالا ونساء فیخضعون للتجنید من 28-38 عاما. ویُستثنى کذلک “الإسرائیلیون” من أصول عربیة من الخدمة الإلزامیة إلا أن باب التطوّع مفتوح “للإسرائیلیین” العرب. ورغم ذلک سمح للدروز بالخدمة فی أسلحة معینة اعتبارا من العام 1956.

وعند الانتهاء من الخدمة یتم استدعاء الاحتیاطی للتدریب یوما کل شهر أو ثلاثة أیام کل ثلاثة أشهر، إضافة إلى فترة أخرى من أسبوعین إلى ستة حسب الرتبة والخبرة والسن والجنس. ویحق لوزیر الدفاع استدعاء الاحتیاطی کله أو بعضه لأی مدة حسب الحاجة بشرط تفسیر ذلک أمام لجنة الشؤون الخارجیة والأمن فی الکنیست.

وکانت شعبة الطاقة البشریة فی الجیش قد کشفت النقاب عن أنه فقط 5.3% من السکان یؤدون الخدمة الاحتیاطیة، وأفادت معطیات هذه الشعبة بما یلی:

5% من الذین خدموا فی الخدمة النظامیة فقط یؤدون الخدمة الاحتیاطیة الفعلیة، لفترات تزید على أربعة أیام فی السنة.

یلتحق بخدمة الاحتیاط فقط 65% من الذین یمکن دعوتهم للاحتیاط.

کما بلغ المتوسط السنوی لأیام الخدمة الاحتیاطیة نحو 29 یوماً خلال سنوات انتفاضة الحجارة، وانخفض هذا المتوسط إلى 16 یوماً حتى عام ،1999 ثم عاد وارتفع لیصل إلى 27 یوماً فی عام ،2001 وتوقعات 30 یوماً فی عام ،2003 ویذکر أن الکنیست صادق مؤخراً على استدعاء الجندی الاحتیاطی العادی فی عام 2003 لمدة 43 یوماً، مقابل 57 یوماً للضباط وذوی المناصب، حتى إن قسماً من قادة الکتائب سیخدمون أکثر من هذا.

ویستحق الذین قدموا إلى “إسرائیل” وسنهم فوق 18 سنة تسهیلات فی الخدمة العسکریة، حسب سنهم وحالتهم العائلیة. یمکن تجنید قادمین فقط بعد سنة من قدومهم. یتم تجنید القادم الذی خدم فی الجیش فی موطنه الأصلی، لفترة خدمة قصیرة. ویحصل القادمون الأفراد وذوو العائلات فی الخدمة النظامیة فی الجیش على مساعدة مالیة خاصة. ویعتبر القادمون البالغون الذین یخدمون فی فترة التأهیل المهنی (حتى أربعة شهور) جنوداً احتیاطیین ویستحقون مکافأة الخدمة الاحتیاطیة من التأمین “الوطنی”.

هنالک مجموعة من الطرق التی یمکن بواسطتها “الاستنکاف أو الامتناع أو التملص من الخدمة العسکریة” فی الدول أو الأوقات التی تکون فیها هذه الخدمة إلزامیة، مثل الولایات المتحدة إبان حرب الفیتنام أو “إسرائیل”، فی عداد “الامتناع عن الجندیة”. ویعتبر هذا الامتناع خیارًا یلجأ إلیه رافضو الخدمة العسکریة والمتهربون منها غیر المعنیین بإشهار رفضهم، والتعرّض بسبب ذلک إمّا لطائلة السجن أو لإدانة المجتمع الذی تتحکم فیه الأفکار العسکریة. وعلى سبیل الدقة یمکن التمییز بین المصطلحین: الأول الامتناع عن التجنّد والذی یشمل استغلال الطرق القانونیة المتاحة لعدم الخدمة فی الجیش. والثانی، التهرّب من التجنّد، ویشمل استغلالاً لطرق غیر قانونیة من أجل عدم الخدمة فی الجیش. وثمة توکید على أن التهرّب من الجیش هو جنحة جنائیة. کما أن الامتناع عن التجنّد فی الجیش فی “إسرائیل”، باعتبارها دولة “فی حالة حرب دائمة”، تعتبر عملاً سلبیًا فی الذهنیة “الإسرائیلیة” العامة.

ومن الطرق التی یمکن بواسطتها الامتناع أو التهرّب من أداء الخدمة العسکریة، مع مراعاة أن بعض هذه الطرق تناسب الذکور فقط وبعضها الآخر یناسب الإناث فقط، وثمة طرق تناسب الجنسین معًا:

أ- طمس القدرات الذهنیة والمادیة الحقیقیة (تخفیض “البروفیل”) ، ب - الهجرة إلى خارج البلاد، ت - الرفض العلنی للخدمة العسکریة، الزواج أو الولادة (للإناث فقط)، ث - إعفاء لأسباب دینیة (للإناث فقط)، ج- إعفاء لأسباب ضمیریة (للإناث فقط)، ح- الدراسة فی المدارس الدینیة الیهودیة (للذکور فقط)!

ومن أشکال التهرب من الخدمة الظهور بمظهر المعادی للدولة ورموزها، وهو الشکل الذی استخدمه فیلودیا فلادیمیر، وهو شاب “إسرائیلی” تجاوز الثامنة عشرة وقد حان وقت التحاقه بالجیش. سلک طریقاً مغایراً للأکثریة وقرر أن یظهر نفسه موالیاً لجهة تعتبرها “إسرائیل” عدواً لها. واحتار بین فکرتین: نقش شعار النازیة أو کتابة “الله اکبر”. وبعد تفکیر عمیق قرر أن الاقتراح الاول سیکون أکثر استفزازاً وربما تکون النتیجة ابعد من مجرد رفضه فی الجیش. عندها توجه إلى فنان ینقش الوشم على الجسد وطلب منه رسم شعار النازیة على زنده ثم حمل حقیبته وتوجه فی الیوم الأول إلى الجیش.

وکان ذلک استفزازاً بشکل کبیر وأثار غضب المسؤولین الذین قرروا اعتقاله على الفور واصطحابه مکبل الیدین إلى عائلته حیث عمدوا إلى تفتیش المنزل بحثاً عن مستندات لها علاقة بهذا الشعار. وبعد تحقیقات مع العائلة واحتجازه ساعات طویلة لم یتمکن الجنود من الحصول على مستندات تثبت توجهه النازی فأفرج عنه ولکن بشرط عدم التحاقه بالجیش. وهکذا حقق فلادیمیر هدفه.

التهرب من الالتحاق بالجیش “الإسرائیلی” بسبب الحالة النفسیة ظاهرة تتسع سنویاً. فقد بلغت النسبة فی عام 2005 واحداً من کل ثمانیة شبان “إسرائیلیین” لا یلتحقون بالجیش بسبب حصولهم على تقاریر طبیة تؤکد معاناتهم من مشاکل وأمراض نفسیة. وتشیر الإحصاءات فی الجیش إلى ارتفاع هذه النسبة 30 فی المائة مقارنة مع عام 2002. وقد أدى ارتفاعها وسهولة التعامل معها إلى خلافات بین المسؤولین وجهت خلالها اتهامات لمن یتعامل بتساهل مع هذه الشریحة من الشباب الیهود دون سن 18 عاماً .

ولقد باتت الحالات النفسیة والمرضیة ظاهرة متفشیة فی الجیش”الإسرائیلی”. ولا یقتصر الأمر على من یلتحق بالجیش للمرة الأولى، فهناک ارتفاع کبیر فی نسبة الذین یترکون الجیش بعد مضی فترة من الخدمة للأسباب نفسها. وهناک من یخدمون فی الجیش ویعانون من مشاکل وقد رفعوا دعاوى ضد وزارة الدفاع باعتبار أن ما یمرون به أثناء العملیات العسکریة یسبب لهم هذه المشاکل النفسیة. کما أن نسبة کبیرة ممن أحیلوا إلى التقاعد یطالبون بتعویضات نتیجة ما سببه الجیش لهم من مشاکل نفسیة أثناء خدمتهم فیه، خصوصاً أثناء الانتفاضتین، أو أثناء الحرب فی لبنان.

ووفق معطیات رئیس شعبة الطاقة البشریة اللواء غیل ریجف لا یلتحق بالخدمة فی الجیش نحو 34% من الشباب الذین هم فی سن الخدمة، أو یتهربون من الخدمة فی الجیش لأسباب مختلفة.

وکشفت وثیقة أعدتها شعبة القوى البشریة فی الجیش “الإسرائیلی” ونشرتها صحیفة “یدیعوت احرونوت” صورة مقلقة فی کل ما یتعلق بموضوع التجنید للجیش “الإسرائیلی” فی السنوات القریبة المقبلة، مشیرة إلى أن المعطیات تفید بأنه فی عام 2009 سیسجل انخفاض بمعدل 9 فی المائة فی عدد المتجندین للجیش “الإسرائیلی”، وفی هذه الأیام یفهمون فی شعبة القوى البشریة بأن معدل غیر المتجندین من المتوقع أن یزداد فی السنوات القریبة المقبلة.

وأضافت أن هناک أسباباً وجیهة للقلق لدى قادة الجیش “الإسرائیلی” من العبء الشدید الذی سیلقى على کاهل الجنود النظامیین، إذ سرح أخیراً أکثر من 5 آلاف ضابط وضابط صف، والإصلاحات التی بموجبها سیسرح جنود الاحتیاط منذ سن الأربعین ستضیف عبئاً شدیداً على الجنود فی الخدمة الإلزامیة.

کما أن الرئیس “الإسرائیلی” شمعون بیریز دعا، فی تعقیبه على الموضوع، إلى تغییر نظرة الشعب فی “إسرائیل” إلى الجیش. وأضاف: “إذا ما نمّینا نظرة الاستخفاف وعدم الجدیة إزاء الجیش “الإسرائیلی”، فإن ذلک سیمّس بمکانته. یجب العودة إلى فترة الإجماع التی کان فیها المجتمع “الإسرائیلی” کله یقف من خلف الجیش. ثمة حملات نقد حادّة تضرّ الجیش “الإسرائیلی” بصورة شدیدة. إننا دولة تواجه العدید من الأخطار الوجودیة ویتعیّن أن نعود إلى تنمیة مشاعر العزة الوطنیة بالخدمة العسکریة فی الجیش”.

وتشیر معطیات کشفت عنها صحیفة “یدیعوت أحرونوت” استنادا إلى تقاریر الجیش “الإسرائیلی”، إلى أن نسبة المتهربین من الخدمة العسکریة آخذة بالارتفاع، علاوة على ارتفاع نسبة من یتسربون خلال الخدمة العسکریة. وکشفت معطیات الجیش “الإسرائیلی” أن نسبة التهرب من الخدمة العسکریة فی هذا العام 2007 ستکون الأعلى، حیث تصل إلى 25% (واحد من کل أربعة “إسرائیلیین”).

وکانت نسبة المتهربین من الخدمة العسکریة قد وصلت فی عام 2004-2005 إلى 1.23%، فی حین وصلت فی عام 2005-2006 إلى 24%. وهذه الأرقام أثارت المخاوف لدى الجیش، خاصة وأن النسبة الحالیة تشکل أعلى نسبة تهرب، علاوة على أن التوقعات تشیر إلى تواصل ارتفاع هذه النسبة فی السنوات المقبلة.

وتبذل المؤسسة الأمنیة “الإسرائیلیة” مجهودات کبیرة للحیلولة دون اتساع ظاهرة التنصل من الخدمة الإلزامیة فی الجیش “الإسرائیلی” بطریق الاحتیال. بل إنها تضع خططا وبرامج لهذا الغرض، وتعمل لدى الفتیان فی المدارس الثانویة لإقناعهم بضرورة الخدمة وجدواها.

ولقد انبرى وزیر “الدفاع” الجدید القدیم، إیهود باراک، للإدلاء بدلوه فی هذه المسألة، حیث أبدى تخوفه من أن یصبح “تساهال” “جیش نصف الشعب” بحسب تعریفه، أو “جیش کل الشعب” کما یجب أن یکون. وقال باراک: “یجب أن تعود الأیام التی کان فیها التهرب من الخدمة العسکریة یعتبر وصمة عار على الجبین”.

وکان رئیس شعبة الطاقة البشریة اللواء الیعیزر شتیرن هو الذی أشار بشکل علنی إلى ظاهرة التهرب من الخدمة التی تتفشى فی دورات التجنید الأخیرة، ووصف ظاهرة عدم التجند فی جیش “الدفاع” بأنها خطر حقیقی. وقد أعرب رئیس الأرکان أیضاً غابی أشکنازی عن القلق إزاء ظاهرة التهرب من التجنید. وقال: إن هناک ظاهرة مماثلة کانت فی الماضی أیضاً. وإن الفرق بین ذلک الحین والآن هو لیس فی الأرقام فقط، وإنما فی أن المتهربین من الخدمة فقدوا حیاءهم. وقال کل من وزیر الدفاع ورئیس الأرکان، بشکل منفصل، إنه یجب العودة إلى الأیام التی التصقت فیها وصمة العار على جبین المتهربین من الخدمة، فالجندی لا ینبغی أن یشعر فی أیة حالة من الأحوال بأنه عبیط.

وتضاعفت نسبة الجندیات “الإسرائیلیات” اللاتی یهربن من الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی”، ففی حین هرب من الخدمة فی عام ،2004 38 مجندة، فإن عددهن تضاعف تماما فی عام 2006 وبلغ 81 متهربة من المجندات، فیما بلغ عددهن منذ مطلع العام الحالی 59 مجندة متهربة إضافة إلى هاربات أربع من الجیش الاحتیاطی، بحسب مصادر الجیش “الإسرائیلی” وما سجلته الشرطة العسکریة.

وبحسب معطیات الجیش “الإسرائیلی”، فإن حالات الفرار من الخدمة فی الجیش بلغت فی عام    2004 ــ  1288 حالة، ارتفعت فی عام 2005 إلى 1438 حالة، فیما هبط العدد فی عام 2006 إلى 1386 فارا، وسجلت الشرطة العسکریة منذ مطلع السنة الحالیة 906 حالات فرار من الخدمة. أما مجموع الجنود المسجلین “هاربین” من الخدمة، فبلغ 1873 فارا منهم 799 هاربا یتواجدون فی خارج البلاد حیث وجدوا لهم ملجأ.

ویمکن القول إن مسألة أو ظاهرة التهرب من الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی” شکلت قضیة جدیدة على أجندة النقاشات “الإسرائیلیة” الحافلة بقضایا تمس حاضر ومصیر “إسرائیل”. وفی هذا السیاق هناک من سلط الضوء على البعد أو الخلفیة الاقتصادیة لهذه الظاهرة والذهاب إلى الاعتقاد بأن الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی” أصبحت بالنسبة للکثیر من “الإسرائیلیین” عبئًا اقتصادیاً کبیرًا، ففی الوقت الذی تشرِّع الدولة إعفاء عشرات الآلاف من طلاب المدارس الدینیة من الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی”، یجد الکثیر من الشبان “الإسرائیلیین” أنهم یُفصَلون عن عملهم بعد أدائهم الخدمة فی الاحتیاط، هذا مع أنه کثیرًا ما یحصل طلاب المدارس الدینیة على مزایا اقتصادیة أکثر من الشبان العلمانیین الذین یقع علیهم العبء الأکبر فی الخدمة، وذلک بفعل التأثیر السیاسی الهائل لحرکاتهم السیاسیة.

ویرى تومی لابید الوزیر السابق ورئیس حزب شینوی المنحل، أنه طالما أن ظاهرة تهرّب الشبان المتزمتین من الخدمة العسکریة تبعث على الخوف والذعر، وتلحق الضرر بنا، فإن هذه الظاهرة شرعیة وقانونیة. وعندما یحتاج الزعماء العلمانیون أصوات المتزمتین فإنهم یتاجرون بأبنائهم. ووزیر الدفاع إیهود باراک الذی یتذمر الآن من ذلک بأن “نصف الشعب” یخدم فی الجیش “الإسرائیلی”، کان رئیس الحکومة “الإسرائیلیة” التی قررت تشکیل “لجنة طال”، من أجل منح التغطیة القانونیة لإعفاء شبان المدارس الدینیة من الخدمة فی الجیش.

وأشار لابید إلى أنه حتى الآن لم یحن وقت الامتحان الحقیقی، ولکنه سیأتی، إذا تقرر بالاتفاق إقامة دولة فلسطینیة تشمل الضفة الغربیة. وفی ذلک الوقت لن یدور الحدیث عن إخلاء حوالی 7000 مستوطن کما هو الأمر فی قطاع غزة، وإنما بإخلاء حوالی 000/ 200یهودی وهدم جمیع المستعمرات (ماعدا أریئیل ومعالیه أدومیم). وسیدور نضال عام قوی وشدید جداً، یمکن أن یحسم مستقبل الدولة. وربما الخلاف الخطیر جداً فی تاریخ “إسرائیل”. وتثور النفوس إلى السماء. وإذا أتى الحاخامات فی ذلک الوقت وحرضوا خریجی مدارس التسویة على المعارضة المسلحة باسم السماء، فسنجد أنفسنا على حافة حرب أهلیة تسفک فیها الدماء.

ورأت الوزیرة السابقة شولامیت ألونی (“میرتس”) أن هذه الحملة تنطوی على مظاهر فاشیة، مشیرة إلى أن المقصودین من ورائها هم رافضو الخدمة العسکریة لأسباب ضمیریة، أو الأشخاص الذین لیس فی وسعهم تأدیتها لأسباب صحیة أو نفسانیة، منوهةً بأن الکنیست أقرّ قبل أسبوعین أو ثلاثة أسابیع “إعفاء خمسین ألف شاب من الحریدیم (الیهود المتدینین المتشددین) من الخدمة العسکریة لمدة خمسة أعوام”. کما أقرّ إعفاءهم من دفع القسط الدراسی ومنحهم مخصصات ضمان الدخل. وشجبت ألونی طرد المغنی أفیف غیفن من الإذاعة العسکریة لأنه لم یخدم فی الجیش والحملة التی یجری شنّها ضد بعض نجوم الفنّ والریاضة على هذه الخلفیة.

غیر أن ناشطًا آخر من “میرتس” هو ران کوهین، عضو الکنیست من کتلة “میرتس- یاحد”، قال إن عدم الحفاظ على سیاسة واضحة ومثابرة فی تجنید جمیع المواطنین للجیش “الإسرائیلی”، من جهة والإهمال المتواصل لغایة الجیش “الإسرائیلی” فی أن یکون سورًا واقیاً ضروریاً لوجود الشعب فی “إسرائیل”، من جهة أخرى، هما ما أدیا إلى حصول تآکل آخذ فی التعاظم فی مکانة الجیش “الإسرائیلی” لدى المجتمع المدنی وفی شرعیته لدى الجمهور. وأضاف: هذا التآکل ینعکس أولاً وقبل أی شیء على الفئات التی تتهرّب من الخدمة العسکریة منذ إقامة الدولة. وهذه الفئات هی المجتمع الحریدی (الدینی المتشدد) والجمهور العربی.

ومن ناحیته اعتبر أبراهام بورغ، الرئیس الأسبق للکنیست والوکالة الیهودیة، أن “مصطلح المتهربین بات مرادفاً للیساریین من ذوی النفوس الجمیلة فی تل أبیب الکبرى” وأن من الخطأ الکبیر الانسیاق وراء المعادلة التی تمدّ جسرًا من الصلة بین هؤلاء وبین “الجنود الذین یرفضون أوامر إخلاء المستوطنین” حسبما تجلّى الأمر فی الخلیل مؤخرًا. وأضاف: “بدل أن تغمر “دولة إسرائیل” موجة قلق من جراء المواقف المتطرفة للحاخامین والمتعصبین الذین تغلغلوا مثل الخلایا السریة فی الأنسجة الرسمیة والحکومیة “الإسرائیلیة”، فقد أوجدنا معادلة المساواة بین المتهربین ورافضی تنفیذ أوامر إخلاء المستوطنین واستشطنا غضباً لیومین وشجبنا قلیلاً وواصلنا الحیاة قدمًا”.

وقالت اوریت لیبنن دغانی، عضوة فی حرکة “الأم الخامسة”، فی معرض تفسیرها وتبریرها لظاهرة التهرب من الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی”: “أنا أدعو أنفسنا، آباء الأولاد الذین یدعون إلى الخدمة، إلى أن نسأل أنفسنا ما الذی یرید أن یقوله لنا أولئک المتهربون من الخدمة. أن جزءاً صغیرا منهم یقولون بوضوح: “نحن رافضون عقائدیون. نحن نتحدى الجیش على رؤوس الأشهاد ومستعدون لدفع الثمن. الثمن الاجتماعی وثمن المکوث، الطویل جدا أحیانا، فی السجن”. نحن نفهم هؤلاء. أنهم یتلقون التندید والإبعاد، لکنهم یملکون القوة النفسیة لاحتمال نتائج سلوکهم المعلن. أنهم جماعیة صغیرة ولهذا کان أسهل أیضا تجاهلها وان یقال إنها قلة لا تعبر عن الواقع وما أشبه. وهنا یبدو انه توجد جماعة اکبر کثیرا. انها الجماعة التی لا تملک هذه القوى وتختار أن تحدثنا عن الصعوبة التی تجدها بالسلوک. ویجترئ أولئک الشبان والشابات على أن یقولوا لنا، لا على نحو مباشر، إن لدیهم شکوکا تتصل بسلوک المجتمع “الإسرائیلی” فی کل ما یتصل بتسویة النزاع “الإسرائیلی” الفلسطینی. وتوجد عندهم أسئلة. لا یجرؤون على طرحها علنا لأنهم یدرکون أنهم سیصادمون سور الأساطیر والمقررات، مثل “لا مناص” و”نحن من جهتنا نمد الید بالسلام”، ولا یملکون قوة الثبات للرد الشدید ( .... ) یطلب هؤلاء الشبان إلینا أن نفکر تفکیرا مغایرا، وان نفحص الخیارات، وان نقترح حلولا جدیة للنزاع وألا نستمر فی الشیء نفسه. أنهم مؤمنون ویریدون أن یروا دولة یمضی أبناؤها وبناتها فی سن الثامنة عشرة إلى الدراسة، والى التنزه أو العمل، لا للحرب فی حروب کان یمکن إنهاؤها منذ وقت”.

أما جدعون لیفی، المراسل المختص فی حقوق الإنسان، فیعتقد أن الشبان الذین لا یخدمون فی الجیش “الإسرائیلی” لا “یتهربون”؛ الجیش “الإسرائیلی” والدولة هما من اختار عدم تجنیدهم. باستثناء قلة قلیلة من الغشاشین الذین ینجحون فی خداع الجهاز الرسمی، وأغلبیة أولئک الشبان سُرحوا بصورة قانونیة وشرعیة. حقیقة أن عددهم قد ارتفع یجب أن تُنسب للسهولة الکبیرة التی یمکن الیوم من خلالها التسرح من الخدمة العسکریة، ولیس لأیة “قیم” بعینها.

وکتبت حنه نئمان “إن الظاهرة التی نتصارع معها لیست ظاهرة التهرب من الخدمة فی الجیش “الإسرائیلی” فقط وإنما بالتحدید ظاهرة التهرب من الدولة. والشبان الذین تطوعوا للجیش قبل عشرین أو ثلاثین عاما کانوا قلقین من المصاعب الجسدیة والنفسیة تماما مثل شباب هذه الأیام. ومع ذلک کان الواجب المفروض فی إطار ذلک مسألة بدیهیة بالنسبة لأبناء جیلی. لم یکن هناک أحد یُشکک فی أهمیة الدولة وأهمیة أداء واجباتنا المدنیة. الخدمة فی الجیش کانت تعبیرا عن التضامن المتبادل والاعتزاز بکوننا جزءا من أُعجوبة إقامة الدولة”.

وکانت اللجنة المکلفة بإعادة النظر فی الخدمة الإلزامیة قد أوصت بحصر التجنید فی الأشخاص الذین یتمتعون بإمکانات عالیة، وبزیادة الحوافز المالیة، کما أوصت بتوجیه الذین لا تنطبق علیهم المعاییر الجدیدة إلى الخدمة فی مسار بدیل، فی “الخدمة الوطنیة المدنیة”، وقد أثارت هذه التوصیات ردود فعل قویة، وأعرب بعضهم عن الاعتقاد بأن هذه التوصیات “ستحول الجیش “الإسرائیلی” من جیش شعب، إلى جیش طبقات النخبة”، وأن الجیش “سینهی دوره فی عملیة الصهر”، وحذر بعضهم من “أضرار جسیمة قد تلحق بالمجتمع “الإسرائیلی”.

وفی الوقت الذی یعانی فیه الجیش “الإسرائیلی” من ارتفاع نسبة المتهربین من الخدمة الإلزامیة فی الجیش، فان الأمر یبدو مختلفا، بالنسبة للیهود الأمریکیین، الذین یتطوع الشباب منهم، وبشکل مستمر فی الجیش “الإسرائیلی”. وقد وصل عدد من المتطوعین إلى “إسرائیل” فی وقت سابق من صیف ،2007 وتتراوح أعمار المتطوعین ما بین 18-23 عاما، ومعظمهم یتحدثون العبریة، وسیأتون إلى “إسرائیل” ضمن مشروع مشترک لوزارة الاستیعاب “الإسرائیلیة” وحرکة کشفیة یهودیة أمریکیة، ومن أبرز المشرفین على المتطوعین تسفیکا لیفی . ونحو 70 % من المتطوعین هم أبناء اسر “إسرائیلیة” هاجرت إلى أمریکا، بینما الباقی یأتون من اسر یهودیة أمریکیة. وکان عدد المتطوعین من الیهود” الأمریکیین فی الجیش “الإسرائیلی” یتراوح ما بین 90- 120 متطوعا.

ولدى وضع ظاهرة التهرب أو التملص من الخدمة الإلزامیة فی الجیش “الإسرائیلی” فی سیاق أزمات و ظواهر أخرى مثل: الفرار من الخدمة، ورفض الخدمة الاحتیاطیة فی الضفة الغربیة وقطاع غزة التی طهرت خلال انتفاضة الأقصى، وظواهر أخرى مرضیة مثل: تعاطی المخدرات والانتحار وبیع الأسلحة، فضلا عن الصراعات بین جنرالات الجیش “الإسرائیلی”، ترتسم علائم الأزمة الکبیرة التی تعصف بالجیش “الإسرائیلی”، التی وإن کانت لا تشیر حالیا إلى إمکانیة انهیار هذا الجیش إلا أنها تعبر عن تراکم الأزمات داخل هذه المؤسسة یبقی أزمة الوجود الاستعماری الصهیونی-”الإسرائیلی” فی فلسطین مستمرة وتشکل قضیة عصیة على الحل.

م/ ن/25

 


| رمز الموضوع: 140285







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. القائد العام للجيش الإيراني: إيران اثبتت للعالم ان اي تهديد موجه ضدها سيواجه برد دقيق وماحق
  2. استقالة متحدثة باسم الخارجية الأمريكية بسبب الحرب على غزة
  3. باقري امام اجتماع مجموعة "بريكس": مفتاح الاستقرار واستتباب الهدوء في المنطقة يتمثل في وقف جرائم الكيان الصهيوني
  4. قائد حركة انصار الله: الأمريكي هو شريك للعدو الإسرائيلي في كل جرائمه الفظيعة ضد الشعب الفلسطيني
  5. الفصائل الفلسطينية تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح الاحتلال رفح
  6. ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة إلى 141
  7. قيادي في حماس: عملية طوفان الأقصى حققت أبعادها السياسية والاستراتيجية والإنسانية
  8. القوات المسلحة اليمنية : استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين في خليج عدن وسفينة إسرائيلية في المحيط الهندي
  9. بعد استقالة حاليفا.. "تأثير الدومينو" يلحق قيادات الجيش الصهيوني
  10. بيان إيراني باكستاني مشترك ضد الكيان الصهيوني
  11. خلال استقباله حشدا من العمال في انحاء البلاد.. قائد الثورة الإسلامية: جميع الشعوب تدعم فلسطين / الارهابيون الحقيقيون هم من يقصفون الشعب الاعزل في غزة
  12. قيادي في "حماس" : لدى الحركة نحو 30 أسيرا من الجنرالات وضباط الشاباك
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)