قطاع غزة.. الأخطار والتحدیات

الأوضاع الخطیرة فی قطاع غزة، لها أسبابها وتداعیاتها، وستتحول الى جرح نازف دام فی الجسد الفلسطینی اذا لم یتحرک الفلسطینیون اولا لمواجهة هذا التحدی الرهیب.

ان قطاع غزة یمثل عنوان المقاومة الابرز فی الساحة الفلسطینیة، وهو الذی اجبر اسرائیل على الانسحاب منه من جانب واحد، للتفرغ لقضایا ومهام وتحدیات اخرى ضد الساحة الفلسطینیة وساحات اخرى فی الخارج، غیر انها فوجئت باستمرار المقاومة التی باتت تشکل تهدیدا استراتیجیا لها، ولهذه المفاومة مشروعیتها ، فالاحتلال لم ینهی احتلاله للعراق وقام بتعزیز احتلاله فی الضفة الغربیة، وکلاهما القطاع والضفة وحدة جغرافیة واحدة مستهدفة من جانب اسرائیل بشریا  وجغرافیا ووحدة شعب.

وجاءت احداث غزة فی حزیران من العام الماضی وسیطرة حرکة حماس على القطاع لتزید من قلق اسرائیل، فهذه الاحداث لم توقف المقاومة الفلسطینیة ولم تنل منها کمىا تمنت وتوقعت اسرائیل التی لجأت الى تکثیف الحصار والضغوط على اهل القطاع عسکریا وسیاسیا واقتصادیا، وزادت من حدة استعداء اطراف عدیدة ضد الممسکین بزمام الامور فی القطاع، وقدمت الادارة الامریکیة کل الدعم لاسرائیل لتواصل عملیات الاغتیال والتقتیل واحکام الحصار بشکل کامل ومؤلم وتعمیق الانقسام ومن ثم الانطلاق الى ساحات اخرى حربا واشعال فتن.

وجاء رد مواطنی غزة سریعا على هذا الحصار من خلال اقتحام معبر رفح بحثا عن کل ما من شأنه الابقاء على صموده وتعزیزه فی مواجهة عملیة التطهیر العرقی التی تقوم بها اسرائیل على مسمع من العالم وبصره وللتأکید على رفض اهل القطاع للقهر والظلم والحصار.

ومع ذلک استمرت الازمة فی الساحة الفلسطینیة، وکما نتمنى ان تساهم مآساة غزة وعدوانیة اسرائیل على اهلها فی تقریب وجهات النظر ورأب الصدع بین السلطة وحرکة حماس والوصول الى موقف مشترک مدروس قادر على مواجهة التهدیدات والتحدیات وافشالها، غیر ان هذا لم یحدث واستمر عناد الجانبین ، واسباب ذلک کثیرة تستدعی من الامتین العربیة والاسلامیة التحرک على عجل لوقف هذا التدهور القاتل وانهاء الازمة التی تهدد القضیة الفلسطینیة برمتها . ان الجانب الفلسطینی هو الأضعف فی مفاوضات الحل النهائی واسرائیل تلعب على ورقة الخلاف بین السلطة وحماس وتدفع باتجاه تمزیق وحدة الشعب والارض وفرض حلول عرجاء لاقدس قضیة عرفتها البشریة.

هذه الازمة فی الساحة الفلسطینیة والتی استغلتها اسرائیل وما زالت تتواصل فی ظل ضعف القیادتین الامریکیة والاسرائیلیة ووسط اجواء انتخابیة تنافسیة  وذلک من شأنه ان تدفع واشنطن وتل ابیب باتجاه تحقیق انجاز سیاسی یخدم استراتیجیتهما ویتعوض عن فشلهما فی العراق ولبنان وافغانستان . لذلک ما نخشاه ان یکون هناک انزلاق فلسطینی الى القبول بحل للصراع الفلسطینی الاسرائیلی لا یخدم طموحات وتطلعات شعبنا. وهذا ما یجعلنا نواصل التحذیر من استمرار الخلاف فی الساحة الفلسطینیة .

هذه الصورة بکامل عناصرها الواضحة تضع الجانب الفلسطینی امام مسؤولیاته مع التأکید أن الجناحین المتصارعین فتح وحماس یخسران الکثیر من قواعدهما کلما استمرت الازمة ولا بد لهما من التلاقی والحوار بعیدا عن الاحقاد والتصلب فی المواقف . اما ازمة المعابر فهی لیست القضیة الاساس او الاهم هناک مسائل عدیدة لا بد من حلها من خلال حوار عاجل وبناء تتحمل مسؤولیة عدم انعقاد الحرکتان المتصارعتان لأن فی ذلک اضرار لفلسطین قضیة وشعبا.

ان کل محاولات جمع الجانبین على طاولة المفاوضات باءت بالفشل والازمة تتعمق وتداعیاتها باتت خطیرة للغایة ولم یعد الفلسطینیون یحتملون استمرارها خاصة وان قادة اسرائیل المتنافسین یرون فی الساحة الفلسطینیة وقطاع غزة تحدیدا المسرح لهذا التنافس وهم اعتادوا على ان یدفع الفلسطینیون ثمن فوز هذا التیار السیاسی او ذاک فی اسرائیل.

صحیح ان هناک عقبات وعراقیل وظروف صعبة تحول دون التقاء السلطة وحماس من اجل حوار هادىء ینهی الصدع فی الساحة الفلسطینیة ولکن فی مواجهة ذلک لا بد من تحرک سریع جاد من جانب دول عربیة واسلامیة للضغط على الطزفین من اجل التحاور واستعادة الوحدة الوطنیة بعیدا عن التعنت فی المواقف الذی یبعد الحوار ولا  یساهم فی انجازه .

وخلاصة القول ، ان الشعب الفلسطینی یمر فی مرحلة مفصلیة وحرجة ، واستمرار القطیعة والخلاف فی الساحة یضعف المقاومة وتدفع بالمفاوض الفلسطینی الى دائرة التنازل والهلاک، وبالتالی المطلوب استعادة الوحدة الوطنیة والتوافق على اشکال مواجهة التحدی قبل فوات الاوان.

( المقال للسید اسماعیل عجوة )

ن/25