الحرب الإسرائیلیة ضد قطاع غزة.. ملاحظات أساسیة

 منهجیاً لا یجب أن تثیر الجرائم الإسرائیلیة الأخیرة فی فلسطین المحتلة أی علامات استفهام أو استغراب فهذا الکیان قائم على حد السیف ولا یستطیع أن یغمده کما قال ذات مرة موشیه دایان ولیس مفاجئاً أن تلجأ قوة الاحتلال إلى القمع المستمر والقبضة الحدیدیة فی مواجهة الشعب الخاضع للاحتلال لإجباره على الرضوخ للأمر الواقع المفروض بالقوة الجبریة والقهریة المسلحة، غیر أن الحرب المفتوحة الأخیرة ضد قطاع غزة ومع إدراجها وخضوعها للسیاق السابق إلا أنها تختزل أو تستبطن عدید الملاحظات الأساسیة التی یمکن أن نوردها على النحو التالی:

أولاً: الحرب المفتوحة ضد قطاع غزة تزداد ضراوة کلما اقتربنا من موعد نشر تقریر فینوغراد النهائی المفترض صدوره فی الثلاثین من کانون الثانی ینایر الحالی، نحن أمام السیاسة فی أبشع صورها وأمام الاحتلال فی أکثر اوجهه سفورا ,اهود اولمرت الباحث عن النجاة من التقریر بأی وسیلة.

یوغل فی الدم الفلسطینی عمیقاً ویمارس القاعدة الإسرائیلیة التقلیدیة کلما استحکمت الأزمة الداخلیة لزعیم أو لحکومة فالطریق الأقصر للهروب تمثل فی تشدید القبضة وزیادة الضربات وعد مزید من الجثث فی صفوف الفلسطینیین والعرب.

ثانیاً: لیس فقط اولمرت من یبحث عن النجاة من مقصلة الجمهور الإسرائیلی فوزیر دفاعه اهود باراک یفعل الشیء نفسه مستر امن یرید أن یستعید شعبیته فی الشارع الإسرائیلی ویعتقد أیضاً أن أقصر الطرق لتحقیق ذلک هی قتل المزید والمزید من الفلسطینیین وهنا یجب تذکر التصریح الشهیر لاهود باراک إبان الحملة الانتخابیة التی أوصلته لرئاسة الوزراء فی العام 1999 عندما تباهى بقتل القادة الفلسطینیین الثلاثة فی  فردان فی العام 1973 باراک قال بالحرف الواحد رایت بیاض عیونهم یتطایر على قبعتى

ثالثاً: درجة وحدة الحملة الإسرائیلیة تترجم وتعبر عن حالة یأس والإحباط فی صفوف القادة الإسرائیلی السیاسیین والعسکریین على حد سواء فرغم التنکیل والقمع وجرائم القتل والحصار والعزل إلا أن الصواریخ ما زالت تسقط على المستوطنات الإسرائیلیة وبالعکس فهی تتناسب طردیا کما ارتفاع وتیرة الجرائم الإسرائیلیة ضد قطاع غزة.

رابعاً: یمکن الحدیث عن عدة أمور سیاسیة اخرى یمکن القول أنه الوحشیة الإسرائیلیة تستغل زیارة بوش الأخیرة والتغطیة التی قدمها على المستوى الشخصی والسیاسی لاهود اولمرت وحکومته کدافع لإسرائیل للمضی قدماً فی سیاتها العدوانیة یمکن الحدیث کذلک عن المفاوضات الدائرة الان مع الرئاسة الفلسطینیة وحکومة السید سلام فیاض إسرائیل تستغل عملیة التسویة للظهور بمظهر الباحث عن السلام وان ما یجری فی غزة لیس أکثر من دفاع مشروع عن النفس من حکومة منخرطة وتدفع ثمن داخلی من أجل المفاوضات النهائیة مع الفلسطینیین یمکن الحدیث أیضاً عن الانشغال العربی عن فلسطین امین عام الجامعة العربیة إبان مغادرته القاهرة قبل توجهه إلى لبنان منذ أیام قال لولا انشغاله بالملف اللبنانی لدعا إلى اجتماع طارئ للجامعة العربیة على مستوى المندوبین أو وزراء الخارجیة للاسف فإن الأمین العام لم ینتبه إلى أن ما یجری فی فلسطین یحتاج إلى قمة عربیة جدیة على مستوى القادة لیس أقل من ذلک بما ان قرار وقف المفاوضات مع إسرائیل هو قرار عربی کما قال الی نبیل أبو ردینة المستشار الاعلامى للرئیس محمود عباس.

خامساً: وفی السیاسة لعل أهم ما تبحث عنه إسرائیل هو تخفیض السقف الفلسطینی أو بالأحرى السقف السیاسی للحکومة المقالة برئاسة إسماعیل هنیة فی الفترة الأخیرة تم الحدیث عن صفقة شاملة تتضمن الهدنة أو التهدئة التی  تشمل وقف اطلاق الصواریخ مقابل وقف التوغلات والاجتیاحات والاغتیالات الاسرائیلیة کذلک  تتضمنعملیة تبادل الأسرى ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة وإعادة فتح المعابر خاصة معبر رفح – الحکومة الإسرائیلة لا تخفى أن حرب الاستنزاف التی تشنها ضد قطاع غزة تستهدف وقف إطلاق الصواریخ أولاً ثم بعد ذلک تتوقف العملیات العدوانیة الإسرائیلیة دون أی التزام برفع الحصار و استمرار سیاسة العزل والقتل البطیء المفروضة على قطاع غزة بشکل عام وحماس وحکومتها بشکل خاص.

سادساً: وأخیراً یجب قول ما عن الأداء السیاسی والمیدانی الفلسطینی الجرائم الاسرائیلیة الأخیرة وسیل الدماء من الشهداء الابرار یجب أن تشکل حافزا ودافعاً لانهاء الانقسام السیاسی الفلسطینی وعودة الوحدة الوطنیة ولو فی حدها الأدنى اتفاق مکة وحکومة الوحدة الوطنیة وذلک لا یخفى  ضرورة فتح حوار وطنی ولو فی الغرف المغلقة  عن إستراتیجیات النضال والمقاومة الذی یجب أن لا تقتصر على العمل العسکری بل تطال کافة مناحى الحیاة المختلفة وأهم من ذلک النظر إلى الحرب مع إسرائیل فی سیاقها الاستراتیجى والتاریخی الطویل  ولیس فی سیاقها الفئوی والتکتیکی القصیر والمحدود.

( المقال لماجد عزام مدیر مرکز شرق المتوسط للدراسات والإعلام- بیروت )

ن/25