الجمعه 10 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

ماذا یعنی استعمال مصطلح الدولة الیهودیة

 

کثفت وکالة رویترز مؤخرا فی تقاریرها استخدام عبارة "الدولة الیهودیة" کنایة عن الکیان الصهیونی او "اسرائیل " وفی انحیاز فاضح لها، وتمکنت من تمریر هذه التقاریر على اعلامنا الذی واظب على نشرها دون تدقیق او ربما عن جهل بمضمونها الذی ینسف قضیة اللاجئین.

وفی تحول عن نهجها التحریری الذی لا یزال یثیر الشکوک، بدأت رویترز استخدام عبارة "الدولة الیهودیة" منذ اشتراط رئیس الوزراء الإسرائیلی إیهود أولمرت الاعتراف بإسرائیل "دولة للشعب الیهودی" قبل أی محادثات تتعلق بإقامة دولة فلسطینیة.

و وضع اولمرت هذا الشرط قبیل مؤتمر السلام الذی عقد اواخر تشرین الثانی فی انابولیس بالولایات المتحدة. لکن الفلسطینیین رفضوا على الفور هذا الشرط الذی من شأنه حرمان ملایین اللاجئین من حق العودة الى دیارهم التی ترکوها فی ما یعرف الان باسرائیل عقب تشریدهم منها ابان حرب عام 1948.

کما رأوا ان هذا الشرط سیعرض للخطر مصیر العرب فی اسرائیل والذین یشکلون خمس عدد السکان.

وفی الوقت الذی اعتبر شرط اولمرت مناورة سیاسیة قبیل مؤتمر انابولیس، الا ان تعهد الرئیس الامیرکی جورج بوش خلال زیارته الى اسرائیل الاسبوع الماضی بضمان امنها کدولة للیهود جاء لیؤکد غیر ذلک.

فعلى ما یبدو، اتفق الحلیفان الامیرکی والاسرائیلی على هذه المسألة باعتبارها نقطة ارتکاز استراتیجیة للمفاوضات، والتی ستتناول قضایا الوضع النهائی وابرزها حق عودة اللاجئین الذی ترفضه اسرائیل.

ومع تنامی الترویج الاسرائیلی والامیرکی لمفهوم "الدولة الیهودیة"، دخلت وکالة انباء رویترز البریطانیة على الخط لتتبناه فی تقاریرها التی تبثها حول العالم.

وکانت بدایة رویترز على هذا الصعید خجولة بعض الشئ، حیث کانت تستخدم عبارة "الدولة الیهودیة" فی عدد محدود من التقاریر التی تبثها على فترات زمنیة متباعدة نسبیا.

لکن مؤخرا راحت تکثف من استخدام العبارة فی تقاریرها، مؤکدة حقیقة ان المسألة لم تکن سقطات بریئة، بل سیاسة قررت انتهاجها فی تناقض فاضح مع میثاقها التحریری الذی تعلن فیه التزامها بالحیادیة خلال تغطیتها للنزاعات الدولیة.

وزیادة على انحیازها السیاسی، فقد وقعت رویترز فی مطب اتهامها بالعنصریة لتبنیها المفهوم الذی تسعى اسرائیل لتکریسه لنفسها باعتبارها دولة دینیة قومیة ضاربة عرض الحائط حقوق مواطنیها غیر الیهود.

ولیس واضحا بعد ما اذا کان هذا التحول فی سیاسة رویترز ناجما عن رضوخها للضغوط التی مارستها علیها بعض وسائل الاعلام الامیرکیة النافذة، ام ان له علاقة بتغیر ادارتها.

وکانت رویترز تعرضت لحملة نقد شدید قادتها وسائل الاعلام فی الولایات المتحدة والتی اتهمتها بمعاداة اسرائیل بسبب عدم استخدامها مصطلح "ارهابی" عندما یتعلق الامر بالعرب والفلسطینیین.

ومؤخرا آلت رئاسة مجلس ادارة رویترز التی اسسها الیهودی الالمانی بول جولیوس رویترز منتصف القرن التاسع عشر، الى مجموعة تومسون الاعلامیة المالیة الکندیة بقیادة دیفید تومسون، والتی اشترت الحصة الاکبر من اسهمها عبر صفقة اندماج ضخمة تجاوزت قیمتها 14 ملیار دولار.

وقد تحولت رویترز إلى شرکة مساهمة عام 1984، واشترى حصة کبیرة منها امبراطور الاعلام الاسترالی روبرت میردوخ المعروف بتعاطفه مع المحافظین الجدد.

ورغم الجدل حول الجذور الیهودیة لمیردوخ، فإن مواقفه جعلته تاریخیاً أکثر یهودیة من الیهود، کما یصفه حتى المقربون منه. وقد کتب مراسل لصحیفة التایمز التی یملکها میردوخ ذات مرة قائلا "عندما حققت سبقاً صحفیاً صغیراً بتعقب ومقابلة وتصویر تلک الوحدة فی الجیش الإسرائیلی التی قتلت محمد الدرة..طلب منی رؤسائی أن أقدم مادتی عن الوحدة الإسرائیلیة بدون ذکر (الولد المیت) کما قالوا".

بِعَجَرِهِ وَبَجَرِه

الى ذلک، فقد اتضح ان الاعلام العربی لم یکن فی معظمه واعیا للانقلاب الحاصل فی سیاسة رویترز ولم یتجاوز دوره تلقی التقاریر التی تبثها الوکالة ونشرها "بِعَجَرِهِا وَبَجَرِها" وباستسهال وانعدام تدقیق فاضح.

وخلال الشهرین الماضیین لم تقم سوى نسبة قلیلة من وسائل الاعلام العربیة سواء مطبوعة ام الکترونیة، بالتدخل فی صیاغات تقاریر رویترز بهذا الشأن.

وکانت بعض وسائل الاعلام هذه تستبدل عبارة "الدولة الیهودیة" بـ"الدولة العبریة" فی حین کانت غیرها تکتفی بوضع العبارة بین اقواس تنصیص معتقدة ان ذلک یخلیها من المسؤولیة ویلقیها على رویترز!.

اما النسبة الاعظم من وسائل الاعلام فقد اتضح ان استسهال محرریها وربما جهلهم بمدلول العبارة کان السبب وراء مرورها علیهم وایجادها طریقها الى النشر.

وفی ما یکشفه احد رؤساء التحریر فان الصحفیین العاملین خصوصا فی اقسام الشؤون العربیة والدولیة فی وسائل الاعلام العربیة وتحدیدا المطبوعة، تکاد تنعدم عند معظمهم مستویات التأهیل المطلوبة لعملهم.

یقول رئیس التحریر الذی فضل عدم نشر اسمه "معظم من عرفتهم فی تلک الاقسام لا یتجاوز عملهم ما نسمیه –تنظیف الوایر- بمعنى جمع التقاریر التی تبثها الوکالات وتغییر عبارة –الیوم- لتصبح –امس- باعتبار ان الصحیفة ستصدر فی الیوم التالی، ومن ثم ارسال التقریر الى المطبعة".

ویضیف "یقومون بذلک بکل بساطة ان لم اقل بکل استسهال وعدم اکتراث وجهل".

لکن المسألة تاخذ طابعا ینم عن تناقض صارخ فی صحف کانت تنشر مقالات لرؤساء تحریرها ولکتاب یهاجمون فیها مفهوم "الدولة الیهودیة"، فی حین ان صفحات نفس العدد تحفل بتقاریر رویترز التی تروج لهذا المفهوم.

فهذه مثلا صحیفة "العرب الیوم" الاردنیة تنشر فی عددها یوم 14 کانون الثانی/ینایر الجاری مقالة للکاتب جواد البشیتی یهاجم فیها تصریحات الرئیس الامیرکی التی تنادی بالاعتراف باسرائیل کدولة للیهود.

وفی مقاله یعتبر الکاتب "أنَّ هذا یعنی أن لیس من حقِّ أی لاجئ فلسطینی أن یعود إلى حیث تقوم "دولة الشعب الیهودی"; وقد یعنی مَنْح الحق لإسرائیل فی "مزیدٍ من النقاء الیهودی" من خلال إزالة "الشوائب غیر الیهودیة".

وفی نفس العدد الذی تضمن هذه المقالة نشرت "العرب الیوم" تقریرا لرویترز حول موافقة واشنطن على تزوید اسرائیل بقنابل ذکیة اقوى من تلک التی تعتزم بیعها للسعودیة.

وجاء فی الخبر ان الخطة الامیرکیة لبیع مثل هذه القنابل للسعودیة کانت "اغضبت ..مساندی اسرائیل فی واشنطن الذین یقولون ان نظم "جی.دی.ایه.ام" التی تستخدم الاقمار الصناعیة فی توجیه القنابل قد تستخدم یوما ما ضد الدولة الیهودیة".

وحتى فی احد موضوعات موسوعتها التی تنشرها على موقعها، فان الصحیفة تشیر الى اسرائیل بوصفها الدولة الیهودیة بکتابة مفتوحة فی حین تؤطر بعلامات تنصیص عبارة "الدولة العربیة" الواردة فی سیاق نفس موضوع الموسوعة.

وهناک ایضا صحیفة "القدس العربی" التی هاجم رئیس تحریرها عبد الباری عطوان الرئیس الامیرکی فی مقال نشر یوم 11 الجاری تحت عنوان "مغالطات الرئیس بوش".

واعتبر عطوان فی مقاله ان دعوة بوش تکشف عن رؤیة "تقوم علی التسلیم باسرائیل دولة یهودیة خالصة، وبالتالی اسقاط حق العودة/ والقبول بعلم رمزی علی المسجد الاقصی، وکل المستوطنات المحیطة به".

وفی الیوم التالی، کانت الصحیفة تنشر تقریرا لرویترز یتضمن ترویجها لاسرائیل بوصفها دولة یهودیة.

ومن وسائل الاعلام العدیدة التی وقعت فی مثل هذا المطب، والتی لا یتسع المجال لایراد امثلة عن سقطاتها، نذکر صحیفة الشرق الاوسط والشعب المصریة والرأی والدستور الاردنیتین ومواقع اتحاد الاذاعة والتلفزیون المصری والإسلام الیوم ومحیط وباب والقناة والنبأ وایلاف ومیدل ایست اونلاین.

( المقال لبسام العنتری فی موقع بوابه )

ب/ن/25


| رمز الموضوع: 139398







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. المتحدث باسم الحرس الثوري يفند مزاعم الحاق اضرار بمفاعل ديمونة جراء الرد العسكري الايراني
  2. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  3. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  4. حماس: الرد الإيراني يؤكد أن وقت عربدة الكيان الصهيوني كما يريد بلا حساب قد انتهى
  5. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  6. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
  7. الكشف عن مقبرة جماعية بغزة / قوات الاحتلال أعدمت الشهداء ودفنتهم في باحة مجمع الشفاء
  8. "الجهاد الإسلامي" تشيد بالرد العسكري الإيراني واستهداف مواقع عسكرية داخل الكيان الصهيوني
  9. في اتصال هاتفي مع وزير خارجية بريطانيا امير عبداللهيان: لو اقدمت "اسرائيل" على أي مغامرة، فإن ردنا سيكون عاجلا وأوسع وأكثر اقتدارا
  10. المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: الكيان الصهيوني سيتلقى ردا أقوى بـ10 أضعاف إذا واصل ممارساته الشريرة
  11. انعقاد ندوة "تداعيات وأبعاد معاقبة الكيان الصهيوني" الرد الإيراني العقابي على الكيان الصهيوني كان تطورا كبيرا ومصيريا وستتضح آثاره مع مرور الوقت / إسرائيل أصبحت عبئاً على الغرب وأمريكا
  12. تفاصيل رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)