الجمعه 10 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

سیف عربی مذهّب لبطل إرهاب العرب .. بلبنان

لم یکن ینقص اللبنانیین هذا التحریض الوقح والمسموم لإخوتهم علیهم، ولبعضهم ضد البعض الآخر، یطلقه «ضیفهم» الکبیر الرئیس الأمیرکی جورج  بوش، من قلب بعض العواصم العربیة، وفی حضور حکّام عرب یفترض أنهم مؤتمنون على مستقبل بلادهم وأهلهم... ولبنان منهم!

ومع أن سجل جورج بوش فی التحریض على الفتنة فی لبنان حافل (وآخر مآثره الدعوة إلى انتخاب الرئیس الجدید بمن حضر!!) غیر أن مواصلة حملة التحریض هذه فی حفل رسمی وبخطاب مکتوب، وأمام حشد من المسؤولین، وفی قلب عاصمة عربیة یحفظ اللبنانیون لبانیها الراحل الشیخ زاید بن سلطان آل نهیان الکثیر من الإعزاز والتقدیر، أمر لا یمکن قبوله، کائنة ما کانت المعاذیر أو التبریرات...

یکفی اللبنانیین ما هم فیه من بلاء بین أسبابه المعلنة الخلافات العربیة ـ العربیة التی یفاقم منها التحریض الأمیرکی المکشوف، فیمتنع علیهم انتخاب الرئیس الجدید لجمهوریتهم المتهالکة، برغم توالی المبادرات العربیة مبتورة أو غامضة أو حمّالة أوجه، بحیث تزید من الشقاق وتعطیه حیثیات تتجاوز ما هو سیاسی إلى ما هو طائفی بل ومذهبی، بما یجعل التلاقی أصعب وأصعب ویُبعد الحل عن مدى القدرة.

اللافت أن التحریض الأمیرکی المکشوف الذی اعتمدته إدارة جورج بوش منذ ما قبل احتلالها العراق، ثم صعّدت نبرته لتغطیة الاحتلال وتبریره، قد بلغ ذروته مع جولته الحالیة فی منطقتنا، بعنوانها الإسرائیلی المعلن، بغیر تهیّب أو مراعاة لمضیفیه... ناهیک عن التحسّب من مغبة تذکیرهم بمئات ألوف العراقیین الذین سقطوا وما زالوا یسقطون یومیاً فی أرض الرافدین، والذی یرید بوش أن یقنع إخوتهم بأنه إنما قتلهم لیحمیهم منهم!!

فمنذ أن نزل الرئیس الأمیرکی فی الأرض الفلسطینیة المحتلة لیعلن «حق» إسرائیل فی تحویلها إلى «دولة الیهود» وهو یحرّض العرب ضد العرب: بدأ بتحریض الفلسطینیین ضد الفلسطینیین، بینما هو «یجیز» لإسرائیل شطب حق العودة، ثم التفت إلى اللبنانیین یحرّضهم ضد بعضهم البعض، وضد سوریا، وضد الفلسطینیین (حق العودة مجدداً)!.. قبل أن ینتقل إلى الخلیج لیحرّض أهله عموماً ضد جیرانهم الدائمین (وشرکائهم فی المصالح والأمن والاستقرار)... ثم لیخص المقاومة فی لبنان وفلسطین بحملته المسمومة، فی حضور وعلى مسمع قیادات عربیة مسؤولة، کان الأمل أن تحرص على سلامة لبنان (هل نقول: ما تبقى منه) واللبنانیین، وسلامة القضیة الفلسطینیة، أو ما تبقى منها، ومن الفلسطینیین، طالما تعذرت حمایة الکل!

کان ینقص ذلک المشهد الکاریکاتوری الأسود فی المنامة لتتکامل المأساة التی یعیشها «العرب» فی لحظتهم الراهنة: تسلیم آخر «سیوفهم» إلى بطل مقتلتهم المعاصرة...

المشهد خرافی فی سادیته: شیخ الجزیرة التی کانت قاعدة للاستعمار البریطانی، والتی تحولت إلى مرکز قیادة لقوات الاستعمار الأمیرکی الجدید، یستقبل ضیفه الاستثنائی جورج .و. بوش برقصة «العرضة»، ثم یسلمه السیف المذهّب، عربون ولاء وخضوع على طریقة: إذبحنی یا مولای، إن کان موتی یرضیک!

الشیخ الذی نصّب نفسه ملکاً على الجزیرة الصغیرة بالتاریخ النضالی لشعبها الذی کان طلیعة لعموم أهالی الجزیرة العربیة وخلیجها، علماً وثقافة وأخذاً بالحضارة، یقدم «السیف» لبطل احتلال العراق الذی کانت طائراته «ب ـ 11» فی تلک الساعة بالذات تلقی قذائفها ذات الطاقة التدمیریة المهولة على بعض المدن والقرى العراقیة فی منطقة «الجبور»، کأنما یحرّضه على المضی فی سیاسة اغتیال الضوء فی بلاد الرافدین وإغراق العراقیین بدمائهم کخطوة حاسمة فی الهیمنة المطلقة على الإرادة وعلى الثروة وعلى القرار العربی... إن کان ثمة قرار!!

برغم کل هذه الفضائح السیاسیة العربیة المعلنة، والتی «تفرّج» علیها العالم أجمع، فإن اللبنانیین ما زالوا یتطلعون إلى «الکبار» من إخوتهم العرب، الذین یدرکون أنهم یتحملون مسؤولیة تاریخیة عن هذا الوطن الصغیر، الذی طالما اعتزوا به ورأوا فیه «نوّارتهم».

لقد تمت خطوة مهمة فی القاهرة، على هامش الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجیة العرب، حین اتفق «المختلفون» على الخطوط العریضة لمبادرة حملها إلى بیروت الأمین العام لجامعة الدول العربیة، عمرو موسى، الذی بات خبیراً محلّفاً بالشؤون اللبنانیة، بل بالقادة اللبنانیین، وأمزجتهم وأحوالهم العائلیة، وارتباطاتهم، وطموحاتهم، وألاعیبهم، وشطاراتهم القادر على کشفها باعتباره لا یقل شطارة عنهم...

لکن الاتفاق على العناوین لا یکفی... فالشیاطین تکمن فی التفاصیل، وهناک تتوالد، فإذا الصح یصیر غلطاً، وإذا الوطنیة تصبح عیباً إذ هی تعنی «التطرف»، وإذا العروبة تصیر خروجاً على النظام، وإذا المقاومة تصیر استدعاءً لـ«الإرهاب»، خاصة فی زمن «السلام الإسرائیلی» (ألف قتیل فلسطینی فی الغارات الإسرائیلیة خلال السنتین الماضیتین... أما الأسرى فهم یتزایدون کل یوم، وهم الآن یقاربون 12 ألفاً!!).

کذلک فإن تلویح الرئیس المصری حسنی مبارک بترک اللبنانیین لمصیرهم، لأن العرب قد تعبوا من خلافاتهم، قد یعبّر عن لحظة غضب أو تعب، لکن لبنان یستحق أکثر من بعض ساعات العمل لإنقاذه...

وإذا کان الهدف المعلن للرئیس الأمیرکی من جولته التی ستدر علیه ـ وهو البطة العرجاء فی هذه اللحظة الانتخابیة ـ ملیارات الملیارات من الدولارات، هو تحریض العرب على جارهم الإیرانی وتصویره وکأنه «الشیطان الأکبر والوحید»، وجرّهم إلى الوقوف مع إسرائیل «ضد الإرهاب»، کأنما ثمة ما یفوق الإرهاب الإسرائیلی من خطر على المنطقة، فإن مسؤولاً عربیاً عاقلاً کالأمیر سعود الفیصل قد رد علیه الرد المناسب مؤکداً إن إیران ستبقى الصدیق والشریک والجار الدائم لأقطار الجزیرة والخلیج.

والختام: تذکیر بل إلحاح فی تذکیر القادة العرب بأن لبنان کان وما زال وسیبقى مسؤولیة عربیة، وستظل دماء اللبنانیین، کما نظامهم، أمانة فی أعناق المسؤولین العرب، فی الحال والاستقبال...

مع التذکیر بأننا لا نطلب سیوفهم الملکیة، بل نتوجه إلى أخوَّتهم وإلى مسؤولیتهم عن أقطارهم، فالنار اللبنانیة التی یخافون منها لن ینفع فی إطفائها من أشعلها... ولا أحد یتقدم فی المسؤولیة عن هذه النار على الضیف الکبیر الرئیس الأمیرکی الخطیر: جورج .و. بوش.

( المقال للکاتب طلال سلمان )

( المقال یعبرعن رأی الکاتب ولا یعبر بالضرورو عن رأی وموقف الموقع )

ن/25

 

 

 

 


| رمز الموضوع: 139390







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. المتحدث باسم الحرس الثوري يفند مزاعم الحاق اضرار بمفاعل ديمونة جراء الرد العسكري الايراني
  2. تعقيبا علي الهجوم المركب بالصواريخ الموجّهة ‏والمسيّرات الانقضاضية إعلام الاحتلال يقر بصعوبة تعامل جيش الاحتلال مع مسيّرات حزب الله
  3. حزب الله يستهدف مقر قيادة في "عرب العرامشة".. والاحتلال يعترف بإصابات بالغة
  4. حماس: الرد الإيراني يؤكد أن وقت عربدة الكيان الصهيوني كما يريد بلا حساب قد انتهى
  5. الرئيس الايراني خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي: سنرد على أي عمل ضد مصالح إيران بقوة أكبر وأوسع وأكثر ايلاما مقارنة بردنا السابق
  6. المرجع الديني آية الله جوادي آملي يشيد بعملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
  7. الكشف عن مقبرة جماعية بغزة / قوات الاحتلال أعدمت الشهداء ودفنتهم في باحة مجمع الشفاء
  8. "الجهاد الإسلامي" تشيد بالرد العسكري الإيراني واستهداف مواقع عسكرية داخل الكيان الصهيوني
  9. في اتصال هاتفي مع وزير خارجية بريطانيا امير عبداللهيان: لو اقدمت "اسرائيل" على أي مغامرة، فإن ردنا سيكون عاجلا وأوسع وأكثر اقتدارا
  10. المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: الكيان الصهيوني سيتلقى ردا أقوى بـ10 أضعاف إذا واصل ممارساته الشريرة
  11. انعقاد ندوة "تداعيات وأبعاد معاقبة الكيان الصهيوني" الرد الإيراني العقابي على الكيان الصهيوني كان تطورا كبيرا ومصيريا وستتضح آثاره مع مرور الوقت / إسرائيل أصبحت عبئاً على الغرب وأمريكا
  12. تفاصيل رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار في غزة
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)