مأساة الأسیرات الفلسطینیا ت فی سجون الاحتلال

"أمل أن أرى أخی قبل أن أموت أو یموت"… کلمات غلفتها دموع حنان البرغوثی من قریة کوبر شمال مدینة رام الله، أثناء شهادة حیة قدمتها خلال مؤتمر صحافی عقد فی المدینة، حول واقع النساء فی المجتمع الفلسطینی وحقوق الإنسان.

الاحتلال الإسرائیلی اعتقل نائل البرغوثی شقیق حنان ، منذ ما یزید عن ثلاثین عاما، لتجد نفسها تخوض معترک الحیاة وحیدة، حیث تقول: عندما تزوجت لم أجد أحد من إخوتی یقف إلى جانبی، حیث تم اعتقال أخی الثانی عمر لیزج فی الاعتقال الإداری بدون تهم.

وأضافت، خلال المؤتمر الذی نظمته جمعیة المرأة العاملة الفلسطینیة:" توفی والدی ووالدتی، وهم یأملون أن یحضنوا نائل یوما.أردفت :" ویرفض الاحتلال أن یسمح لی زیارة نائل

.الاحتلال اعتقل نائل عندما کان عمر حنان 12 عاما، لیخلف أثارا نفسیة کبیرة داخل أسرتها.مسلسل الاعتقال بحق عائلة البرغوثی طال أیضا زوجها، الذی هدده الجیش الإسرائیلیة باعتقالها واغتصابها إذا لم یستحب مع المحققین،

وقالت البرغوثی: اعتقل جیش الاحتلال ابنی "عماد"، فلم أجد أحدا لأبکی فی حضنه، وأفرغ عما یجول فی صدری من ألم.ولم تقتصر الاعتقالات على أخوة وزوج وابن حنان البرغوثی، فقد طالها نصیب من ذلک، لتجد نفسها فی سجن المسکوبیة، وتمضی أربعة أیام.

بعد تعرضها للضرب من قبل جنود الاحتلال.معاناة البرغوثی، التی حرمها الاحتلال من استکمال دراستها الثانویة، تحاول إزالتها من خلال دعم أبنائها فی الحصول على شهادات علیا.

أما عبیر أبو خضیر التی تقطن منطقة شعفاط، فکان لها تجربة اعتقال مریرة فی سجون الاحتلال، فبعد أن أختطفها الجیش الإسرائیلی من أحضان أبنائها الخمسة فی الحادی والعشرین من شهر شباط عام 2001 ، وجدت نفسها فی أحد الغرف الضیقة بسجن المسکوبیة.

قالت: اعتقلت وزوجی بعد أن داهمت المخابرات الإسرائیلیة منزلنا، ومن ثم اقتادونی إلى غرفة رقم 4 فی معتقل "المسکوبیة"، وبعدها نقلت إلى غرفة رقم 20 فی قسم تابع لجهاز المخابرات الإسرائیلیة "الشاباک".

وأضافت: احتجزت مکبلة بکرسی حدیدی لمدة ستة أیام فی غرفة صغیرة ذات إنارة ضعیفة. مشیرة إلى أن المحققین نعتوها بالإرهابیة وبحجة وجود ملف سری یؤکد ذلک.وبعد ستة أیام، نقلت أبو خضیر إلى زنزانة صغیرة، وفی الیوم الثامن تعمد المحققون إطفاء النور، تقول: لم استطع رؤیة إصبعی.

نقلت أبو خضیر بعد انتهاء الیوم الثامن إلى غرفة أخرى، تواجدت فیها أحدى "النساء العربیات المتعاونات" مع المحققین الإسرائیلیین، فی محاولة أخرى للحصول على معلومات، تقول : خلال 13 یوما فی الاعتقال، شاهدت 15 محققا، وطبیب نفسی.وبعد زهاء 13 یوما،نقلت أبو خضیر إلى زنزانة صغیرة، تصفها: کانت قذرة للغایة وملیئة بالصراصیر، مکثت فیها ثلاثة أیام.سجن "عسقلان" ، کان المحطة الجدیدة لأبی خضیر، حیث تقول: وضعت بغرفة فی سجن عسقلان یتواجد فیها نساء متعاونات مع الاحتلال، حاولن استدراجی والحصول على معلومات.

وتصف أبو خضیر النساء: کن یضعن العطور والمناکیر على أظافرهن، فیما کانت رائحتی لا تطاق.زار الصلیب الأحمر أبی خضیر بعد 21 یوما من الاعتقال، وبعدها تم إطلاق سراحها لعدم وجود أدلة تدینها، فیما تم تحویل زوجها إلى الاعتقال الادرای لیطلق سراحه فیما بعد، ویعتقل مرة أخرى.

واستمع الحاضرون فی المؤتمر الصحافی إلى شهادة جیهان عقیلة من قریة بیت لقیا غربی مدینة رام الله، التی فقدت ابنتها "رفیدة ثائر بدر"، أثناء زیارتها إلى زوجها ثائر بدر.قالت عقیلة: قبل ثلاث سنوات اعتقال زوجی، وبتاریخ 23-4-2006 ، اصطحبت ابنتی رفیدة لزیارة زوجی فی سجن نفحة.

وأضافت : انطلقت الحافلات من رام الله إلى بوابة سجن عوفر بالقرب من مدینة بیتونیا الساعة الثالثة صباحا، ومکثنا هناک قرابة الثلاث ساعات، قبل السماح لنا بالدخول.

وتابعت: بعد ذلک، توجهت الحافلات إلى حاجز "مداعین"، لنمکث فترة طویلة فی داخلها، ونتیجة للملل نزل الأطفال للعب بالقرب من بوابة الحاجز، ومعهم ابنتی رفیدة، وهنا وقعت الکارثة.

الجندی الإسرائیلی القریب من الحاجز أغلق البوابة على جسم رفیدة الصغیر ما أدى إلى نقلها إلى المستشفى فی حالة خطرة، وتمضی أربعة أیام فی حالة موت سریری، واستشهادها.

حادثة استشهاد الطفلة رفیدة البالغة من العمر عامان ونصف، ألقت بظلالها على کافة أفراد عائلة ثائر بدر، التی أصیب أحد أبنائها بمرض نفسی، فیما أصیب طفل أخر بالشیب، وتراجع أداء أحد طفلاتها فی المدرسة.

بعد الاستماع لشهادات النساء، طرح مختصون فی الشؤون القانونیة وحقوق الإنسان أرائهم فی کیفیة محاسبة الجیش الإسرائیلی على جرائمه.

ودعا هانی الدیک ممثل مکتب مفوضیة حقوق الإنسان فی منظمة الأمم المتحدة، للتوجه إلى ما یعرف بالمقررین الخاصین فی الأمم المتحدة، الذی یبحثون فی الجرائم التی ترتکب بحق الإنسانیة.

وأوضح أن المقررین یعتبرون أشخاص مستقلین داخل أطار منظمة الأمم المتحدة، یبحثوا فی الشکاوى التی یتقدمها الأفراد ضد الحکومات أو غیرها، مشیرا فی ذات الوقت إلى أن المقررین ینفذون زیارات میدانیة لإجراء معاینات حول الجرائم التی تنفذ بحق الضحایا.

ولفت إلى أن المقررین یقدمون تقریر للأمم المتحدة حول الانتهاکات التی یتعرض لها المواطنین فی الدول، مؤکدا فی ذات الوقت أن المعلومات التی یحصل علیها المقررین تبقى سریة.

وبدوره، أشار الناشط فی حقوق الإنسان المحامی ناصر الریس، إلى وجود مشکلة فی التوجه لمحکمة الجنایات الدولیة، موضحا أن دستورها یسمح لأی دولة بتأجیل البحث فی أی قضیة لمدة سبع سنوات.

وأکد أن الشهادات التی عرضتها النساء تعتبر انتهاک صارخ بحق القانون الدولی، بالإضافة إلى جریمة بناء جدار الفصل العنصری، ومنع حریة التنقل، وتدمیر الأراضی الزراعیة، وخلق جو من المعاناة.

واقترح الریس جمع الشهادات وترجمتها، ونشرها للرأی العام الدولی، واستخدامها فی ملاحقة الإسرائیلی من خلال "المحاکم الجنائیة الداخلیة للدول"، کالمحکمة البلجیکیة التی لاحقت رئیس الوزراء الإسرائیلی الأسبق أرئیل شارون بتهم ارتکاب مجازر فی مخیمی صبرا وشاتیلا.

وفی ذات السیاق، شددت لمى الحورانی الناشطة فی مجال حقوق الإنسان، على أهمیة توثیق المشاهدات، وتقدیم الدعم النفسی للمرأة الفلسطینیة.وأکدت سماح حمدان منسقة برنامج تمکین المرأة فی صنع القرار الجهة الداعمة للمؤتمر الصحافی، أن الهدف من المؤتمر نقل معاناة النساء للعالم، وفضح الجرائم الإسرائیلیة وتوثیقها.

ن/25