الخميس 18 رمضان 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

ألا یعرف الرسمیون العرب والفلسطینیون حقیقة "أنابولیس"؟

 لم یعد خافیا حتى على غیر السیاسی أننا نحن العرب والمسلمین بإزاء مشروع أمریکی صهیونی خطیر انطلقت شرارته فی اتجاهین مع بدایة العقد الأخیر من القرن العشرین.

کان الاتجاه الأول قد بدأ فی العراق مستغلین الخطأ الفظیع الذی ارتکبه صدام حسین فی حینها باحتلاله للکویت ، لیکون ضرب العراق فاتحة لغزوه فیما بعد کما حصل فی مارس آذار 2003 ، ومن ثم لیکون هذا البلد نموذجا حقیقیا وتطبیقیا لفکرة مشروع الشرق الأوسط الکبیر أو الجدید القائم على فکرة الإقطاعیات المذهبیة والعرقیة والإثنیة . وهذا ما حاولته وتحاوله أمریکا فی العراق الیوم ، وما حاولت نقله وتحاول إلى بلدان أخرى فی المنطقة العربیة الإسلامیة ، ولعل الحرب الأمریکیة الإسرائیلیة على لبنان فی تموز العام الفائت دلیل على ذلک . وأما الاتجاه الثانی فهو تصفیة القضیة الفلسطینیة بالقضاء على أساسها وجوهرها القائم على حق العودة لثلثی الشعب الفلسطینی الذی هجر عن أرضه ودیاره وممتلکاته فی ارض فلسطین التاریخیة وکان هذا الاتجاه قد بدأ بالتزامن بفترة قریبة أیضا مع مشروع عاصفة الصحراء الأمریکی من خلال إطلاق ما یسمى بعملیة السلام ومؤتمر مدرید عام 1991  .

وقد تعثرت فکرة و واقع مشروع الشرق الأوسط الجدید أو الکبیر الذی تنادی به أمریکا من اجل إحکام السیطرة النهائیة على مقدرات المنطقة وثرواتها ، ولتکون إسرائیل هی الدولة الوحیدة الموحدة والأقوى استراتیجیا لخدمة مصالح أمریکا فیها ، ولعل هذا التعثر بدأ فی الاتجاهین السالفی الذکر. فعلى مستوى شطب القضیة الفلسطینیة بإلغاء حق العودة والحقوق الفلسطینیة فقد فشل من خلال المعارضة المستمرة بکل الوسائل لمشروع أوسلو ، وما کان لهذه المعارضة الفلسطینیة التی کانت تقودها حماس من دور فی تبصیر الفلسطینیین ابتداء بأن أوسلو لیس إلا مشروع لشرعنة الاحتلال على ما تبقى من ارض فلسطین ،وهو ما أثبتته المعطیات على الأرض لاحقا ، وهو ما أعطى هذه المعارضة من زخم وتأیید شعبی تمثل بإفراز قیادة جدیدة حقیقة للشعب الفلسطینی فی انتخابات ینایر 2006 ، رغم تواصل الادعاء من قیادة أوسلو بأنها هی الممثل الشرعی والوحید للشعب الفلسطینی ،أضف إلى ذلک مسیرة الفشل المتواصل للقضاء على المقاومة الفلسطینیة منذ أوسلو وحتى یومنا هذا .

وفی العراق تعثر بل فشل المشروع الأمریکی الإسرائیلی فشلا ذریعا ، وکانت المقاومة العراقیة بکافة أطیافها وتکویناتها لا سیما الإسلامیة منها السبب الأساس فی تسدید سهام الإصابة القاتلة للمشروع الأمریکی برمته ، والحدیث عن الفشل لهذا المشروع ینسحب على لبنان وأفغانستان وربما الصومال والسودان .

لکن لأن أمریکا وإسرائیل تعتبران ما جرى من تعثر یقع أولا فی سیاق المحاولة وثانیا لأنهما توقنان بأن فشل المشروع سببه أطراف بعینها تمانع نجاح المشروع لما یمثله فی النهایة من حالة من القضاء المبرم على أی أمل عربی إسلامی فی التحرر والتطور والتنمیة .

ولأن الأمر کذلک ، فالولایات المتحدة الأمریکیة وأداتها الإستراتیجیة فی المنطقة إسرائیل تریدان اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتکتیکات السیاسیة والدبلوماسیة بالتزامن أیضا مع التحضیرات العسکریة من اجل توجیه الضربة القاسمة والنهائیة لقوى الممانعة والمقاومة فی المنطقة العربیة الإسلامیة ، وهذه الضربة وکما تشیر المعطیات منذ فترة ربما ستبدأ بقطاع غزة لیس باجتیاحه فقط وإنما بإعلان حرب حقیقیة على المقاومة فیه مهما کلف ذلک من ثمن ، وسیکون منوال العدوان على أطراف المقاومة والممانعة بعد ذلک تلقائیا وتصاعدیا لتشمل حزب الله وسوریا وإیران ، ولذلک فإن مؤتمر أنابولیس لیس هو إلا مؤتمر سیاسی ودبلوماسی من اجل حشد دول الاعتدال العربی المتحالفة مع أمریکا وإسرائیل فی مواجهة قوى الممانعة والمقاومة . ومن اجل دعم مواقف هذه الدول شعبیا على المستوى العربی أو الفلسطینی ستحاول أمریکا وإسرائیل إعطاء الفلسطینیین بعض تسهیلات حیاتیة ومالیة فی الضفة الغربیة ، وإطلاق مفاوضات على شاکلة أوسلو بدون هدف أو جدول زمنی محدد .وأما سوریا التی وافقت على الذهاب إلى مؤتمر انابولیس بشرط إدراج الجولان على جدول أعمال المؤتمر ، فهی سرعان ما سترفض الشروط الأمریکیة والإسرائیلیة للتفاوض معها لاحقا ، فسوریا تعلن وبصوت عال أن تفاوضها مع إسرائیل یحکمه الانسحاب الکامل من جمیع أراضی الجولان، وعلى أن یکون ذلک فی إطار زمنی محدد ، وبالطبع هذا ما سترفضه إسرائیل والولایات المتحدة .

الدول العربیة الحاضرة فی أنابولیس الیوم ،بما فیها الطرف الرسمی الفلسطینی تعلم علم الیقین ما هو الغرض الأمریکی والإسرائیلی من أنابولیس ،والذی تقدمنا بشرحه والحدیث عنه آنفا . لکن هذه الدول والطرف الفلسطینی معها یعرفون أیضا تمام المعرفة أن البدیل الأمریکی والإسرائیلی بشروطه ورؤیته للمنطقة العربیة الإسلامیة ، أفضل تماما بالنسبة إلیهم من المشروع الذی تقوده أطراف وقوى عربیة وإسلامیة مناوئة للمشروع الأمریکی الإسرائیلی . ذلک کله، لأن العرب الرسمین ومعهم الوفد الفلسطینی یدرکون أن لا مکان لهم فی المنطقة إذا دبت فی الأمة أوصال الحیاة من جدید بنجاح أو انتصار القوى المقاومة والممانعة للخط الأمریکی والإسرائیلی . إنهم باختصار یعیشون على ضعف وذل العرب والفلسطینیین .

الشخصانی والفردانی الذی تحکمه مصالحه المالیة والتجاریة ، على استعداد أن یقبل بالقلیل، ولو کان مشروعا أمریکیا إسرائیلیا یحول قطره إلى إقطاعیات مذهبیة وعرقیة، لطالما أولا أن وجوده مرتبط بأصحاب المشروع ابتداء،وثانیا أن الأمل سیراوده بأن یکون له حصة من هذه الإقطاعیات الفسیفسائیة لقاء خدماته الجلیلة للمشروع الأمریکی والإسرائیلی نفسه .  

 

( المقال بقلم الباحث السیاسی والقانونی الفلسطینی  عماد صلاح الدین )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 139335







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. المخابرات الإسرائيلية: إسرائيل قد لا تكون قادرة على تدمير حماس
  2. اصابة 3 مستوطنين بعملية إطلاق نار على حافلة شمال أريحا
  3. الخارجية الإيرانية تدعو الاوساط الدولية لوقف الممارسات الجنونية للصهاينة
  4. تجمع قرآني حاشد بطهران تنديدا بالعدوان الصهيوني على غزة
  5. امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني يستقبل اسماعيل هنية وزياد النخالة
  6. خلال استقباله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.. الرئيس الإيراني: الجمهورية الاسلامية تعتز وتفخر بدعمها للقضية الفلسطينية
  7. وزارة الصحة بغزة: 32490 شهيدًا و 74889 إصابةً منذ السابع من أكتوبر
  8. في اليوم الـ 173.. قصف "عنيف" على رفح وتدمير "مكثف" للمنازل السكنية بغزة
  9. اليمن يدشن عاشر أعوام الصمود بست عمليات ضد ثلاثي الصهيونية في البحر والبر
  10. دعمًا للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة.. حزب الله يستهدف 10 مواقع للاحتلال الصهيوني بالصواريخ والأسلحة المناسبة
  11. قياديان في حركتي الجهاد وحماس: اسرائيل فشلت في العدوان / أبدينا مرونة في المفاوضات لكن لا تراجع عن ثوابتنا
  12. تحت شعار "طوفان الاحرار".. اقامة يوم القدس العالمي هذا العام
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)