نصرالله یقود أضخم مناورة للمقاومة

فی خطوة لا سابق لها من حیث نوعیتها وأهدافها،  نفذ الآلاف من عناصر المقاومة الإسلامیة خلال الأیام الثلاثة الماضیة أضخم مناورة عسکریة فی تاریخ حزب الله. وقد تم الأمر تحت أعین قوات الاحتلال الاسرائیلی وقوات الطوارئ الدولیة العاملة فی الجنوب، وقد تولى الأمین العام لحزب الله السید حسن نصر الله الإشراف شخصیاً على المناورة التی شارکت فیها جمیع القطع العسکریة والأمنیة واللوجستیة العاملة فی المقاومة.
وکشفت مصادر مطلعة لـ " المنار اللبنانیة "  أنه منذ تعاظم التهدیدات الاسرائیلیة ومشارکة نحو خمسین ألف جندی إسرائیلی فی مناورات واسعة وکبیرة فی الجولان ثم فی الجلیل المقابل للحدود مع لبنان، وبقاء غالبیة هذه القوات فی هذه الأماکن حتى بعد انتهاء المناورات، فإن قیادة حزب الله درست الخطوات الواجب اتخاذها لردع العدو عن القیام بأی مغامرة تجاه لبنان، ولرفع مستوى الجهوزیة عند مجموعات المقاومة. ویبدو أن الکلام الذی أطلقه السید نصر الله قبل مدة عن قدرة الحزب الصاروخیة وعن «المفاجأة الکبرى» لم یلجم قیادة العدو کفایة، فاضطرت قیادة المقاومة الى اتخاذ القرار بخطوة من نوع مختلف لا سابق له فی تاریخ عملها. وانتهى الأمر عند قرار بإجراء هذه المناورة الکبرى التی جرت جنوبی نهر اللیطانی.
وحسب المعلومات، فإن المناورة حاکت عملیة دفاعیة شاملة بوجه حرب إسرائیلیة شاملة على لبنان، کما حاکت ارتفاع منسوب الخطر على لبنان إذا ما شنّت إسرائیل عدواناً على سوریا. وأخذت بالاعتبار مجموعة من الأمور بینها:
أولاً: الانتشار العسکری الجدید لقوات الاحتلال، الذی أعقب توقف العملیات العسکریة فی آب من العام الماضی، وکذلک الانتشار الکثیف لقوات الطوارئ الدولیة جنوبی نهر اللیطانی، ولآلاف الجنود من الجیش اللبنانی.
ثانیاً: وجود نشاط أمنی استخباری لعدد کبیر من الاجهزة الامنیة المحلیة والخارجیة، التی یعمل بعضها على مساعدة العدو على امتلاک صورة أکثر وضوحاً عن حرکة المقاومة وانتشارها وطریقة عملها بعد فشل عدوان تموز.
ثالثاً: تقدیم تجربة أداء جدیدة بعد المراجعة الشاملة التی أجرتها المقاومة لتجربتها فی صد عدوان تموز 2006، والاستفادة من أخطاء کثیرة ارتکبها العدو خلال هذا العدوان، وسد کل أنواع الثغر التی برزت فی حرکة المقاومة خلال هذه الحرب، بما فی ذلک النظر بطریقة جدیدة الى العمل فی هذه المنطقة حیث توقفت العملیات العسکریة التقلیدیة للمقاومة فی منطقة مزارع شبعا المحتلة، وحیث اختفت کل أنواع الظهور المسلح لعناصر المقاومة.
 وتکشف المعلومات أن أمر العملیات ببدء المناورة اتخذ قبل نهایة الأسبوع، وبدأ تنفیذها على مراحل منها الحشد السریع والمکثف للقوات فی نقاط انتشار خاصة تأخذ بعین الاعتبار اندلاع مواجهة شاملة، وکان مفروضاً على المقاومین من کل الوحدات التحرک بسریة کاملة ودون أی نوع من أنواع الظهور المسلح، ثم جرت مباشرة المناورة الدفاعیة الواسعة التی امتدت جغرافیاً من رأس الناقورة عند الحدود الغربیة حتى سفح جبل الشیخ شرقاً، وکذلک من الحافة الأمامیة عند السیاج الفاصل بین لبنان وفلسطین المحتلة حتى العمق الجنوبی لعشرات الکیلومترات. وقد تم إشراک قوات المشاة التی قامت باختبار مواجهة مباشرة مع قوات إسرائیلیة من الفرق المدرعة والمشاة. وجرى اختبار جهوزیة الأسلحة المناسبة المضادة للدروع والقدرات القتالیة الخاصة عند المقاومین، کذلک اشترکت الوحدات العاملة فی سلاح الهندسة التی قامت بعملیة تغطیة لکل المناطق التی یمکن العدو أن یعبرها وذلک تحت تغطیة خاصة من وحدة الدفاع الجوی، فیما کانت وحدة الإسناد الناری تقوم بدورها الخاص بالقصف المدفعی لکل المواقع الاسرائیلیة حتى عمق متقدم داخل فلسطین المحتلة، وصولاً الى القوة الصاروخیة التی کانت الأکثر حضوراً فی مشارکة العدد الأکبر من الصواریخ التی تم التثبت من جهوزیتها لکی تعمل وفق آلیة منسّقة بحیث تقدر على إصابة أی نقطة على کامل مساحة فلسطین التاریخیة. وجرى التنویه بقدرة الأفراد المشرفین على عمل هذه القوة لناحیة ضمان تحقیق إصابات دقیقة فی کل النقاط المستهدفة.
وبالإضافة الى ذلک، اشترکت الوحدات الاخرى العاملة فی المقاومة، من الإسعاف والإعلام الحربیین الى فرق الإمداد على اختلافها الى وحدة الاتصالات الخاصة الى وحدات الدعم اللوجستی المنتشرة فی کل لبنان.
 وکانت المناورة التی جرت بطریقة سریة للغایة، قد أذهلت قیادة القوات الدولیة العاملة فی الجنوب، التی أصیبت بصدمة کبیرة إزاء طریقة عمل المقاومة فی کل منطقة جنوبی نهر اللیطانی، التی جاءت مخالفة للتوقعات، وکان البارز أن المناورة تمت بطریقة لمس المراقبون فاعلیتها من أکثر من ناحیة، عدا عن أنه لم یکن بالإمکان مشاهدة أی عناصر مسلحة. وقال ضباط فی القوات الدولیة: کنا نشعر بحرکة مریبة ونفهم أن لدى حزب الله أمراً ما. لکن الصورة لم تکن واضحة إلا فی اللحظات الاخیرة.
أما من جانب قوات الاحتلال، وبرغم الصمت الذی کان قائماً حتى لیل أمس فی مختلف وسائل إعلام العدو بما فیها المراسلون العسکریون، فإن سلاح الجو الاسرائیلی کان قد مارس نشاطاً غیر مسبوق فوق کل القطاعات فی الجنوب، وظلت طائرات العدو فی حرکة دائمة لیل نهار تراقب ما یحصل، وتحاول الحصول على صورة واضحة، وخصوصاً أن أجهزة الرصد الإسرائیلیة کانت تسجل اتصالات وأوامر عملیات صادرة عن قیادة المقاومة، ولا سیما تلک الخاصة بإصابة أهداف متنوعة بالصواریخ على اختلاف أنواعها.
 وفی ختام المناورة التی کانت تجری تحت إشراف السید نصر الله یعاونه أعضاء القیادة العسکریة فی المقاومة ومختلف الاجهزة التابعة لها، تحدث نصر الله الى الآلاف من المشارکین فی المناورة مهنئاً على ما قاموا به، وآملاً أن «یفهم العدو والصدیق أن جهوزیة المقاومة کاملة لمواجهة کل أنواع التهدیدات الاسرائیلیة».
ومن المفترض أن یلقی نصر الله فی الحادی عشر من الشهر الجاری خطاباً خاصاً عن المقاومة وشهدائها لمناسبة «یوم الشهید»، یُنقل الى جمهور کبیر بواسطة الشاشات الکبیرة، ویضمّنه عرضاً للوضع فی لبنان والمنطقة ویتحدث فیه عن هذه المناورة.

انتهى / ب / 25