الجمعه 24 شوال 1445 
qodsna.ir qodsna.ir

هَل سيَلعب العاهِل السُّعوديّ دَور الشَّريف حسين في صُورَة “النِّاتو العَربيّ” ضِد إيران؟

في مِثل هذا الوَقت مِن كُل عامٍ يَحرِص البِريطانيّون علي وَضعِ “البوبي”، أو وردة شَقائِق النُّعمان الحَمراء، علي صُدورِهِم تَضامُنًا مَع الجُنود الذين خَسِروا أرواحَهم في جَبَهات القِتال في الحَربِ العالميّة الأُولي.

وكالة القدس للانباء(قدسنا) كتب عبدالباري عطوان: كُنت، وما زِلت، أُشارِك في العَديدِ مِن البَرامِج التلفزيونيّة مُحلِّلًا أو مُعَلِّقًا، علي شُؤون الشرق الأوسط، وكُنت الوَحيد تَقريبًا الذي يَشُذ عَن هَذهِ القاعِدة التي يَلتَزِم بِها المُذيعون والضُّيوف، بحَيثُ باتَ هذا السُّلوك مَوْضِع تَساؤلٍ لأعوامٍ عَديدةٍ.

سألني أحَد الزُّمَلاء مِن أُصولٍ أفريقيّةٍ في إحدَي المَرّات عن أسبابِ هذا الإصرار علي عَدم ارتِداء هَذهِ الوَردَة الحَمراء، فقُلت له أنّ نِسبةً كبيرةً مِن هؤلاء الجُنود الذين مِن المُفتَرض أن أتضامَن معهم وأُخَلِّد أعمالهم، كانُوا يُحارِبوننا، ويُحتلّون أراضينا، ويَضعوها تَحتَ الانتداب الفِرنسيّ والبِريطانيّ، ويَقتَلون الآلاف مِن العَرب والمُسلِمين.

أسوق هَذهِ المُقدِّمة بمُناسَبة الاحتفالات الضَّخمة التي جَرت في باريس طِوال امس الأحد، في حُضورِ ستّين زَعيمًا مِن مُختَلف أنحاء العالم (ثلاثة منهم مِن العَرب المَغارِبة وليسَ بينهم مَشرقيًّا واحِدًا)، وعلي رأسِهم الرَّئيسيان الأمريكيّ دونالد ترامب والروسيّ فلاديمير بوتين، بمُناسَبة الذِّكري المِئويّة الأُولي لانتهاءِ هَذهِ الحَرب، وتَوقيع مُعاهَدة سلام بين الطَّرَفَين المُتحارِبَين، أي ألمانيا وفرنسا وحُلفائِهما.

الحَرب العالميّة الأُولي شَهِدَت أكبَر خَديعةً لحُكّامِنا مِن قِبَل الإنكليز والفَرنسيين الذين طالبونا بالثَّورة علي الدولة العُثمانيّة، باعتِبارنا مِن قوميّةٍ عِرقيّةٍ أُخرَي، مُقابِل أن يمنَحونا استقلالًا كامِلًا في إطارِ إمبراطوريّةٍ عَربيّةٍ مُوحَّدةٍ.

الشَّريف الحسين بن علي صَدَّق هَذهِ الأُكذوبَة وبَلَع الطُّعم البِريطانيّ، وأعلَن الثَّورة العربيّة الكُبري، ولكن بعدَ انتهاءِ هَذهِ الحَرب نَكَثَ البِريطانيّون العَهد كعادتهم، وقَسَّموا مع الفِرنسيين الإرث العُثمانيّ في المِنطَقةِ العربيّة فيما بينهم في إطارِ اتفاقيّة سايكس بيكو، وأصدَر بِلفور وعده المَشؤوم بمَنحِ فِلسطين لليَهود لإقامَة وطَنِهِم القَوميّ علي تُرابِها، وبَقيّة القِصَّة مَعروفة.

بعد مِئة عام، يُعيد التَّاريخ نفسه وتقوم الوِلايات المتحدة بالدَّور نفسه الذي قامَت بِه بريطانيا وفرنسا، وتُهَيء المَيدان لثَورةٍ عربيّةٍ كُبرَي ثانِية، وباسم الناتو السُّنِّيّ العَربيّ، للانْخِراطِ في حَربٍ مُماثِلةٍ، وهَذهِ المَرَّة ضِد إيران، وبمُشاركةٍ إسرائيليّةٍ.

الشريف الحسين بن علي أطلَق ثورته العربيّة الكُبري مِن مكّة المُكرَّمة، وخليفته، بَل خَصْمُه السعوديّ، الملك سلمان بن عبد العزيز ورُبّما نَجله الأمير محمد بن سلمان، سيَكون القائِد العربيّ لتَحرُّكٍ “سُنّي عربيّ” تحت المِظَلَّة الأمريكيّة الإسرائيليّة تحت عُنوان التَّصدي للتَّمَدُّد الإيرانيّ الذي يُهَدِّد المِنطَقة، ومِن المُفارَقة أن الأُردن سيَكون عُضْوًا في حِلف “النّاتو” العَربيّ الجَديد الذي قد يُعلَن في شهر كانون الثاني (يناير) المُقبِل في قِمّة للدُّوَل الثَّماني (دُوَل الخليج الفارسي السِّت إلي جانِب مِصر والأُردن) تُعقَد في واشنطن بِدعوةٍ مِن الرئيس دونالد ترامب إذا سارَت الأُمور وِفق المُخَطَّط المَرسوم الذي وضع خُطوطه العَريضة بنيامين نِتنياهو، وصِهر الرئيس جاريد كوشنر، أمّا وعد بِلفور الجديد فيَتمَثَّل في “صفقة القرن” التي تُعتَبر الشَّق الأساسيّ فيه، أي المُخَطَّط الأمريكيّ الإسرائيليّ المَذكور آنِفًا.

نَحنُ، وباختِصارٍ شَديدٍ، نَقِف أمام “خَديعةٍ كُبري” رُبّما تَكون أكثَر خُطورةً مِن الأُولي، تَورَّطنا في حَربٍ سنَكون نَحن كعَرب وُقودًا لها، تَستَنزِف ثَرواتِناـ أو ما تبقَّي مِنها، وتَنتهي بتَدمير مُدننا وقُرانا، وحَرقِ آبار نِفطنا، مَع فارِقٍ أساسيٍّ وهو أنّ إسرائيل التي تُحَرِّض علي هَذهِ الحَرب لن تَنجُو مِنها، وستَكون شريك بُلدان “النِّاتو العربي” في الخَراب والدَّمار، بطَريقةٍ أو بأُخرَي.

تَحوّلنا إلي “مِضحَكة” و”مَطيّة” لترامب ونِتنياهو، نُقاد إلي المَسلخ بأعْيُنٍ مَفتوحةٍ، ونَفخةٍ كاذِبَةٍ، وانقِساماتٍ غير مَسبوقة، والأخطَر مِن ذلِك تَسابُق الكَثيرين مِن أبناء جِلدتنا، وبعضهم في قِمّة السُّلطة، لتَزيين هَذهِ الخَطيئة، وتَسويقِها لشُعوب المِنطَقة.

مُعاهَدة السَّلام (فرساي) التي أنْهَت الحَرب العالميّة الأُولي لم تُعَمِّر إلا 20عامًا، وكانَت الأرضِيّة الخَصْبة لانفجارِ الحَرب العالميّة الثانية لِما ألحقته مِن ظُلمٍ وإذلالٍ بألمانيا.. ولا نَستبعِد أن يتَكرَّر السِّيناريو نفسه في مِنطَقتنا العربيّة، وتَكون إسرائيل وحُلفاؤها العَرب المُتواطِئين مع أمريكا الخاسِر الأكبَر في نِهايَةِ المَطاف.

السيِّد حسن نصر الله نَصَحَ الإسرائيليين بتَعَلُّم السِّباحة، والهَرب مُبْكِرًا لأنّه إذا اندَلعت الحَرب، لن يَجِدوا الوَقت للهُروب، وسَيكونون وقودها، ولا نَعرِف بماذا ننصَح حُلفاءهم العَرب، تخزين الماء مَثَلًا “تَحوُّطًا” لتَجَنُّبِ المَوت عَطَشًا؟ أم النُّزوح إلي دُوَلٍ مِثل العِراق وسورية واليمن التي رُبّما تَكون المَلجَأ الأكثر أمانًا؟ لن يَكون مُفاجِئًا بالنِّسبةِ إلينا إذا صَدَقَت نُبوءَة السيِّد نصر الله.. والأيّام بَيْنَنَا.

راي اليوم، عبدالباري عطوان




محتوى ذات صلة

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

ما هو الثمن الذي حصلت عليه السلطة مقابل سحب دعوى ضد أمريكا بشأن القدس؟

اعتبر رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي سحب السلطة عن شكوى تقدمت بها إلى محكمة العدل الدولية بشأن اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة للاحتلال بأنها خيانة وطعنة في الظهر.

|

إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين
إدارة بايدن تنوي تقديم خطة جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل"..

محللون فلسطينيون: الدور الأميركي ليس نزيها و أي مبادرة اميركية ستهدف إلي إدارة الأزمة وواشنطن تريد نقل معظم اهتمامها للصراع الصين

أكد خبراء و محللون سياسيون فلسطينيون لـ«قدسنا» أن الولايات المتحدة الأميركية تمارس الخداع السياسي تحت مسمى مبادرات السلام، فأي خطة أميركية جديدة للسلام بين الفلسطينيين و "اسرائيل" ستهدف إلي إدارة الأزمة في المنطقة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

|

دبلوماسي ايراني: اغتيال الشهيد سليماني ارهاب دولة

دبلوماسي ايراني: اغتيال الشهيد سليماني ارهاب دولة

وصف سفير ومندوب الجمهورية الاسلامية الدائم لدى مكتب منظمة الامم المتحدة في فيينا اسماعيل بقائي هامانة اغتيال قائد قوة "القدس" التابعة للحرس الثوري الشهيد الفريق قاسم سليماني بانه كان ارهاب دولة.

|

المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. الأمم المتحدة: الدمار في غزة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية
  2. طوفان مليوني متجدد في صنعاء نصرة لغزة تحت شعار "وفاء يمن الأنصار لغزة الأحرار"
  3. حركة النجباء : لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يجري في غزة
  4. طهران تندد بالصمت الغربي المطبق ازاء استشهاد اكثر من 140 صحفيا فلسطينيا على يد الصهاينة
  5. القوات اليمنية تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد باستهداف السفن الإسرائيلية
  6. المقاومة الاسلامية في العراق تستهدف اهدافا حيوية في الاراضي المحتلة
  7. السيد الحوثي: نحضّر لجولة جديدة من التصعيد في حال استمرار العدوان على غزة
  8. سفير وممثل إيران الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة: ايران تحتفظ بحقها الطبيعي في الرد على أي أعمال عدوانية ضد سيادتها وأمنها ومصالحها القومية
  9. الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 34 ألفا و596 شهيدا
  10. قيادي في حماس: إذا أقدم العدو على عملية رفح فسيتم وقف التفاوض
  11. ردا على المجازر الصهيونية في غزة.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف هدف حيوي في ايلات "أم الرشراش"
  12. ايران تفرض عقوبات على أفراد وكيانات أمريكية وبريطانية لدعمها الكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)